COAIM 1/2


مايو \ أيار 2000





المشاورة الأولى بشأن ادارة المعلومات الزراعية

وثيقة عمــل

روما، 5 - 7/6/2000

تحسين سبل الحصول على المعلومات الزراعية

أولا - دور المعلومات فى التنمية الزراعية والأمن الغذائى

1 - ثمة اتفاق عام فى الآراء لدى المجتمع الدولى بأن تبادل المعلومات والمعارف من قبل الأفراد والمجتمعات، سواء محليا أو عالميا، اعتمادا على تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة، سيلعب دورا جوهريا فى تحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائى فى القرن الحادى والعشرين(1). وهناك نماذج كثيرة لتوضيح هذه الملاحظة، مثل قدرات الحكومات على التنبؤ بمناطق انعدام الأمن الغذائى والتعرض لنقص الأغذية، مستخدمة فى ذلك أدوات المعلومات والبرامج الحاسوبية الملائمة كى يتسنى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتلافى، أو تقليل، احتمالات نشوء حالات طوارئ. وبقول صريح، فان المعلومات التى يستفاد منها على نحو سليم حرية بأن تنقذ الأرواح وتحسن سبل المعيشة.

2 - فالمعلومات لا تصبح قوة فعالة سوى فى أيدى من تتوافر لهم فرص الحصول عليها. واذا تركنا جانبا وسائل الاعلام الجماهيرى، مثل الاذاعة والتليفزيون، فان العادة جرت على نشر المعلومات فى شكل ورقى؛ وتسلم ماديا لمن سيستخدمها. وفى الآونة الأخيرة، باتت وسائل الاعلام الرقمية، مثل الأقراص وأقراص CD-ROM، الأداة المستخدمة فى وظائف بعينها من وظائف نشر المعلومات. وسرعان ما أفضت هذه التكنولوجيا الرقمية المبكرة إلى نشوء الرابطة التى تغطى مساحة واسعة بفضل شبكة الانترنت، متغلبة بذلك على قيود برامج نشر المعلومات الورقية. وهيأ استغلال ثورة التكنولوجيا اتاحة المعلومات المتعلقة بالزراعة فى كل مكان وجعلها فى متناول الطلب. وعلى صعيد منظمة الأغذية والزراعة، شهدت الثمانينات، كل عام، تقدم زهاء 000 1 مستخدم للمعلومات من قاعدة البيانات الاحصائية المدمجة لدى المنظمة عندما كانت مخزنة فى الحاسوب الرئيسى، بينما يستفيد قرابة 000 60 مستخدم شهريا، حاليا، من صيغة شبكة الانترنت المتاحة من خلال المركز العالمى للمعلومات الزراعية.

3 - ووفقا للتقديرات الحالية هناك زهاء 5 ملايين موقع على شبكة الانترنت، و1.6 مليار صفحة أساسية على الشبكة(2). وتزايد الطلب من المستخدمين بذات القدر الذى تراكمت فيه المعلومات فى الانترنت، كما أن الاحصاءات(3) توضح بصورة جلية المدى الذى وصل اليه استخدام الانترنت على نطاق العالم فى زمن لا يتجاوز العشر سنوات من ظهورها لأول مرة. كما أن هذا النمو، علاوة على ذلك، يتصاعد بوتيرة سريعة فى البلدان النامية عنه فى أى مكان آخر. ومن المنتظر لعدد مستخدمى الانترنت فى أفريقيا، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبى، وشرق ووسط أوروبا أن يتضاعف أربع مرات بنهاية عام 2001، وأن ينمو معد الاستخدام بأكثر من ذلك فى اقليم آسيا والمحيط الهادى. كما ستتحسن امكانيات الوصول الى الشبكة فى المناطق الريفية المعزولة بعد أن هيأت الاتصالات عبر الأقمار الصناعية ربط الهواتف فى المناطق الريفية بأطوال موجات مناسبة وبتكلفة مقبولة.

4 - وتتناول هذه الوثيقة القضايا والمشكلات الحالية المرتبطة بامكانية الوصول الى المعلومات والمعارف المتعلقة بالتنمية الزراعية والأمن الغذائى التى أتاحتها الثورة الرقمية. وهى، فى المقام الأول، ثورة تتعلق بادارة المعلومات عوضا عن تكنولوجيا المعلومات، وأن تكن المنظمة تقر، مع ذلك، بأن هناك الكثير من التحديات التى تكتنف تحسين امكانية اتاحة تكنولوجيات المعلومات والمعارف الجديدة. وتتناول أوراق عمل أخرى، وبالتحديد "تعزيز قدرات ادارة المعلومات والمعارف" COAIM 1/3 و"المعايير والخطوط التوجهية COAIM 1/4 " بعض القضايا الرئيسية لادارة المعلومات بقدر أكبر من التفصيل. وتقترح هذه الورقة آلية تكفل للمنظمة ومجتمع التنمية الدولى تحسين فرص الوصول الى المعلومات من خلال ادارة أفضل تعترف بالحاجة الى ربط القطاعات بعضها بالبعض، بالنظر الى تنوع التخصصات ذات الصلة.

ثانيا - تحليل المشكلات المرتبطة بالحصول على المعلومات

5 - أفرزت قدرة الانسان الآن على نقل المعلومات وعرضها فى شكل رقمى مشكلات جديدة لابد من حلها اذا أريد تحقيق كامل امكانيات هذا الوسيط.
الف - الفجوة الرقمية

6 - من الجلى أن امكانية الربط بشبكة الانترنت لن تكفى وحدها لحل قضايا التنمية. فالسبيل الى ذلك يكمن فى المشاركة النشطة والمساهمة فى بنك المعارف الرقمية العالمية التى تنمو باطراد، وتنطوى على امكانيات التثقيف والاصلاح فى الكثير من القطاعات مثل التجارة، التعليم، الزراعة والصحة. ولقد أصبحت الانترنت شبكة عالمية هائلة تتسع باستمرار، يستخدمها البشر فى الحديث فيما بينهم، وفى النقاش، والاجتماعات، والتعليم والتعلم، والشراء والبيع، والمشاركة فى كل ما يستوعبه العقل من كل ضرب من ضروب المعلومات. ووفقا لمجموعة جارتنر "Gartner Group، فان صفقات التجارة الالكترونية بين قطاعات الأعمال التجارية (B2B) سترتفع الى مدار جديد فى قيمتها، من 145 مليار دولار فى 1999 الى 7.29 تريليون بحلول عام 2004.(4). وشبكة الانترنت، مثلها مثل الكثير من تكنولوجيات الاتصالات التى سبقتها، تنطوى على امكانيات تلقى المجتمعات المحلية الريفية للمعلومات والمعارف الخارجية التى تكون عاملا حافزا للتنمية. بيد أنه أشير كذلك الى أن الانترنت، على خلاف وسائل الاعلام الأخرى (مثل الاذاعة والتليفزيون) تتيح لكل مستخدم امكانية أن يكون راسلا للمعلومات أو متلقيا لها. وتتيح فرصا جديدة للاتصالات التفاعلية والافقية المزدوجة فى اتجاهين. وفى اعتقاد بعض المراقبين أن الانترنت يمكن أن تصبح وسيطا فعالا لتوضيح احتياجات ومنظورات التنمية.

7 - غير أن الوصول الى شكبة الانترنت سيكون، فى الأرجح، متاحا لنسبة صغيرة من السكان فى أشد البلدان فقرا فى المستقبل المنظور، وستبقى المناطق الريفية وفئات معينة داخل المناطق الريفية (مثلا النساء)، فى هذه البلدان فى المؤخرة أكثر فأكثر. وأطلق على هذه الظاهرة اسم "الفجوة الرقمية". وهناك اعتراف واسع النطاق بأن البلدان النامية، على الأخص، تحاول اللحاق بهدف متحرك، لاسيما وأن البلدان الصناعية ذات الدخل المرتفع تظل تدفع باستمرار حدود المعارف أبعد فأبعد. وهناك جيل جديد من التطبيقات الحاسوبية فى مجال الزراعة، بحيث زاد ظهور هذه الابتكارات من اتساع الفجوة التكنولوجية بين البلدان الغنية والفقيرة. والواقع أن النقص فى القدرات على استخلاص المعارف فى شكل رقمى، هو أكبر من الفجوة فى المعارف. والاختلافات بين البلدان الغنية والفقيرة فى بعض التدابير الهامة لتوليد المعارف، هى أكبر بكثير من الاختلافات فى الدخل.

8 - ولن يكون سد هذه الفجوة الرقمية أمرا سهلا، خاصة فى السياق الأوسع للبيئة الريفية. وفيما يتعلق بفرص المرأة فى الوصول الى شبكة الانترنت، فان "التقديرات تشير الى أن النسبة بين الجنسين فيما يتعلق بالانترنت على المستوى العالمى ظلت ثابتة لعدد من السنوات، حيث يشكل الرجال نحو 63 فى المائة من المستخدمين للشبكة، وتمثل المرأة 37 فى المائة من المستخدمين. أما التقديرات الأقل تفاؤلا فهى ما ادعته "رابطة الاتصالات التقدمية" بأن هيمنة الرجال على شبكات الحاسوب "تصل الى 95 فى المائة"(5). ويشدد مطبوع صدر مؤخرا عن المنظمة(6) على أهمية تحسين نوعية البنى الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتيسير وصول المرأة الريفية اليها، ولكنه يؤكد أيضا تعزيز ارتباط المعلومات (المضمون) باحتياجات المرأة الريفية وتدريبها على المهارات الحاسوبية.والمفارقة تكمن فى أن ثورة المعلومات العالمية يمكن أن تصبح أداة لقدر أكبر من عدم المساواة وتزايد الفقر فى البلدان النامية.

باء - الموارد البشرية وبناء القدرات

9 - من المعوقات التى تحول دون تحقيق الهدف المنشود فى زيادة امكانيات الوصول، الضعف النسبى لقدرات بعض من أصحاب الشأن الرئيسيين للاسهام فى مجتمع المعارف. وغنى عن القول أن هذا المجال يستوجب تنمية كبرى، اذ أن بناء القدرات واحدة من أهم عمليات تدعيم امكانيات الوصول الى المعلومات، ولا بد من صياغة اطار سياسات خاصة بها. وتتناول ورقة عمل رئيسية أخرى COAIM 1/3 هذا المجال الهام.

جيم - المجاعة فى ظل الوفرة

الحاجة الى معايير واجراءات للتحكم فى فيض المعلومات

10 - نمت شبكة الانترنت، وتظل تنمو، بصورة تفوق التصور. ولقد تبنت طائفة هائلة من المنظمات هذا الوسيط تبنيا تاما، مضيفة المعلومات فى شتى الأشكال لكل جمهور محتمل، ومن ثم يبدو الطريق مفتوحا أمام الانترنت لكى تصبح أهم منبر للنشر وافضاض المعلومات والمعارف. بيد أن شبكة الانترنت أضحت، فى بعض جوانبها، ضحية لنجاحها بالنظر الى قضايا التجوال واستخراج البيانات فى بيئة هلامية ومختلطة بصورة متزايدة. ومستخدمى الشبكة يقومون بالبحث عن المعلومات مستعينين بأدوات قاصرة تماما، لا سيما وأن فهارس غالبية ما يسمى "آلات البحث" الكبرى لا تبين سوى نسبة ضئيلة جدا من المواقع ذات الصلة فى شبكة الانترنت. ووفقا لشتى دراسات الاستقصاء المستقلة التى أجريت مؤخرا، فان هذه التسهيلات لا تغطى أكثر من 2 الى 16 فى المائة من الجزء القابل للبحث فى شبكة الانترنت. ومن القضايا الأخرى ذات الصلة أن الشبكة تفتقر الى أى شكل من أشكال الرقابة على نوعية المواد، وليس أمام المستخدم من سبيل الى تقييم المواد التى تضمها فهارس آلات البحث الكبرى. وأصبحت قضية الاسترجاع الدقيق للمعلومات هى الأولوية الأولى للعالم الرقمى، وبالتالى فهناك حاجة الى أساليب جديدة. ويدرك جميع أصحاب الشأن المعنيين بتبادل المعارف لأجل التنمية أنه لا بد من حدوث تغيير كبير فى بيئة الانترنت اذا أريد لها أن تحقق امكانياتها كاملة. وهو ما يمثل، فى نواحى كثيرة، ذروة القضايا السابقة التى ناقشتها هذه الوثيقة فى المستهل.

11 - وترى المنظمة أن هناك منهجين رئيسيين لمعالجة المشكلة المعقدة التى ينطوى عليها استرجاع المعلومات. الأول ينصب فى صياغة دور المعايير والاجراءات، أما الثانى فيركز على استحداث أدوات وتطبيقات برامجية حاسوبية مبتكرة فى نطاق الملكية العامة، تشكل أساسا لثورة الوصول الى الشبكة. وتعالج ورقة العمل الرئيسية COAIM 1/4 عن "المعايير والخطوط التوجيهية" هذه الموضوعات بصورة أساسية، حيث تركز على الدور المعيارى(7) للمنظمة، وان تكن هذه الورقة تعالج أيضا فى جزء متأخر منها المنهج الثانى.

ثالثا - مجالات عمل المنظمة

12 - ان المادة الأولى من دستور المنظمة(8)، هى اقرار جلى بأن المعلومات جزء جوهرى من الأنشطة التى تضطلع بها المنظمة. ومن المهم وضع دور المنظمة فى مجال تبادل المعلومات والمعارف فى سياق ما يمكن للمنظمة أن تقوم به، وما تقوم به بالفعل، فى ظل الاتجاهات فى مضمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن الواضح أن المنظمة تتمتع بأوجه قوة فى بعض المجالات، فى حين تضطلع منظمات أخرى بأدوار رئيسية فى مجالات أخرى.

13 - وينصب اهتمام المنظمة فى معظمه على العمل مع الوسطاء الذين يتمتعون بمركز يتيح لهم ايصال المعلومات الى المزارعين وسكان الريف الآخرين وتبادلها معهم بأكبر قدر من الفعالية. ويشمل ذلك، فى المقام الأول، خبراء المعلومات فى القطاع العام، والباحثين العلميين، وموظفى الارشاد، والعاملين فى حقل التعليم وغيرهم ممن يقدمون خدمات معاونة فى المناطق الريفية. وتسلط الأقسام الأربعة التالية الضوء على المجالات التى تسعى المنظمة الى وضع برنامج عملها فيها مع الشركاء لأجل تحسين فرص الوصول الى المعلومات.

ألف - الاستراتيجية والسياسات

تهيئة البيئة المواتية للتجديد ولحرية تدفق المعلومات

14 - بغية تعزيز امكانية وصول الجميع الى المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لا بد للمجتمع الدولى من الاهتمام بمجالات السياسات الواسعة المتمثلة فى مساعدة البلدان النامية على وضع وتنفيذ استراتيجيات للمشاركة فى اقتصاد المعلومات. ويجب الاعتراف بأوجه القصور التى وسمت الاستراتيجيات القديمة للرقابة المركزية على المعلومات. وينطوى ذلك على توجيه رسائل واضحة لا غموض فيها، الى صانعى القرارات بشأن التكاليف والمنافع لنشر المعلومات عند تبنيهم للتكنولوجيات الجديدة، وخطر تخلفهم عن الركب، وحتمية التدفقات العالمية للمعلومات. كما ينطوى على اعلان الآليات والطرق التى يتأسس عليها اصلاح السياسات التى تهدف الى (أ) تشجيع نمو اقتصاد المعلومات، (ب) اتاحة التدفق المتعدد الاتجاهات للمعلومات والمعارف بلا قيود، داخل البلدان وفيما بينها، (ج) وزيادة فعالية تنسيق جهود التدريب وبناء القدرات للبلدان الأعضاء فى مجالات السياسات. ويجب ايلاء اهتمام أكبر لبناء قدرات المجموعات غير الحكومية فى البلدان النامية، بما فيها القطاع الخاص، لتضطلع بدور نشط فى تهيئة البيئة المواتية لاقتصاد المعلومات، وأن تؤكد أيضا حقوق ومبادئ الوصول الشمولى الى المعلومات والمعارف. وينبغى أن يتركز جزء من دور القطاع غير الحكومى على تعزيز قيام بيئة تتميز بقدر أكبر من المساءلة والشفافية فى مجال السياسات المتعلقة بالوصول الى المعلومات.

باء - المبادرات المرتكزة على المجتمعات المحلية

15 - من الاسهامات الكبرى التى بوسع المنظمة وبلدانها الأعضاء تقديمها لأجل زيادة امكانيات المجتمعات المحلية الريفية والمجتمعات المحرومة فى الوصول الى المعلومات، هى من طريق المساعدة على ايجاد حلول خلاقة لتلبية الطلب فى المجتمعات المحلية الريفية والتى تنقصها هذه الخدمات. ويمكن تحقيق ذلك من طريق أداء دور المحفز لجمع الشركاء فى الاستثمار معا لدعم هذه الفرص، بما فى ذلك القطاع العام، القطاع الخاص والمجتمع الدولى.
16 - وكما ذكر آنفا، فان التكنولوجيا هى مجرد وسيلة للوصول الى المعلومات، ومع ذلك فقد ركزت الكثير من مبادرات التطوير، وبصورة مكثفة، على توفير عملية الربط بالشبكة والتزويد بأجهزة الحاسوب. وغنى عن القول أن قلة المعرفة بالحاسوب تشكل عائقا ضخما، ولكن يجب تكريس جهود كبيرة لتوليد المضمون الهادف. ولقد أظهرت الخبرات فى الآونة الأخيرة أنه عندما تزود المجتمعات المحلية الريفية بامكانيات الوصول الى مصادر معلومات موثوق بها اعتمادا على استخدام التكنولوجيات الجديدة، فسرعان ما تألف معظم مجموعات المستخدمين هذا الوسيط. ويتمثل عامل التغيير فى توفير مضمون لم يكن متاحا من قبل، وخاصة عندما ترتبط هذه المادة بالأمن المالى فى شكل معلومات عن السوق (المدخلات والمخرجات)، اقامة الشبكات فيما بين الأنداد (مجموعات مصالح صغار المزارعين)، والمعلومات عن الجوانب الفنية للانتاج الأولى. علاوة على ذلك، يكون من الميسور حل النزاعات المتعلقة باستخدام الأراضى والمياه عندما تتاح لأصحاب الشأن معلومات ذات صلة وموثوق بها.

17 - وفى ظل الانخفاض الشديد والمطرد فى تكاليف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يصبح تبادل المعارف أكثر فعالية وكفاءة عما قبل، خاصة عندما يجتمع ذلك مع تقنيات تقليدية أخرى مثل وسائل الاعلام الجماهيرى فى شكل اذاعة ريفية ومواد مطبوعة وغيرها. وفى ضوء هذه الانجازات تبدو الساحة مهيأة لتضييق الفجوة فى المعارف على نحو سريع وحدوث انتعاش باهر فى النمو الاقتصادى والرفاه الانسانى. وتستلزم مهمة توفير الفرص للمحرومين للوصول الى المعلومات، وكذلك اقامة البنى الأساسية الاجتماعية اللازمة لتحقيق قوة شرائية مستدامة، ارساء شراكة بين القطاعين العام والخاص لوضع الاطار التشريعى والتنظيمى الضرورى لتحفيز التغيير وتكنولوجيا المعارف والاتصالات ومضمونها. وينتظر من مجتمع مساعدات التنمية أن يضطلع بدور حاسم فى احداث عملية التغيير لصالح الفقراء فى العالم، وفى توفير المضمون والنظم ذات الصلة.

18 - وستبحث حلقة عملية فنية تنظم كمناسبة تابعة للمشاورة، أفضل السبل الى قيام هذه المبادرات. وستتدارس الشواهد الموجودة بالفعل لتوضح أن الأساليب المرتكزة على تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة يمكن أن تعين البلدان النامية على التحول سريعا من مجتمعات زراعية الى مجتمعات معارف ريفية. وهناك ادراك متزايد بامكانية تبادل المعارف فى شكل رقمى من خلال المرافق الموجودة على مستوى المجتمعات المحلية فى البلدان الفقيرة. وأظهرت التجربة أنه لا بد من بعض خطوات أساسية اذا أريد ضمان استدامة هذه المشروعات، وهو ما تعالجه ببعض التعمق ورقة العمل COAIM 1/3 بشأن "تعزيز قدرات ادارة المعلومات والمعارف". وأخيرا، من المهم الاقرار بأن المشروعات الخاصة لها دورها الكبير فى تحويل الظروف المحلية، بالنظر الى الدور الجوهرى لموردى الاتصالات السلكية واللاسلكية، ومصادر التمويل (المصارف وروابط القروض والائتمان) والصناعات الزراعية (ومصنعى الأسمدة والبذور والكيميائيات الزراعية)، وقطاعى تسويق الأغذية وتجارة التجزئة. ومن المؤكد أن الشراكة ما بين المجتمعات المحلية والقطاع الحكومى والقطاع الخاص، ووكالات مساعدات التنمية الدولية، هى الأنسب لانشاء نظم مستدامة قائمة على التكنولوجيا لتحقيق الوصول الى المعارف وتبادلها فى البنيات الريفية.

جيم - تنوع تدفقات المعلومات/المعارف العالمية

19 - ان جهدا دوليا منسقا وناجحا للغاية يهدف الى تعزيز الوصول الشمولى الى المعلومات، لن يكون عونا على التوصل الى الهدف الأصلى المنشود فى التنمية المتكافئة والمستدامة، اذا اقتصر فقط على ضمان الوصول الى المعلومات التى تولدها الاقتصاديات المتقدمة والوكالات الدولية. اذ لا بد للمنظمة ولدولها الأعضاء والشركاء الآخرين العمل متكاتفين لايجاد الفرص لاستخلاص المعلومات والمعارف من شتى المصادر ونشرها وبلغات مختلفة، تمثل مختلف وجهات النظر والتقاليد. وتعد الانتقائية والتركيز، فى هذه الحالة، عوامل جوهرية لضمان النجاح. كما ينبغى أن يكون الهدف، علاوة على ذلك، صوب دعم الطاقات الأصلية وتهيئة الظروف لجهد أكثر فعالية لاستخلاص ونشر المضمون.

20 - ومن الجلى أن استمرار استحداث تكنولوجيات زراعية جديدة واستغلال تلك الموجودة حاليا أمر أساسى للحيلولة دون تعرض العدد المتزايد من سكان العالم لزيادة مطردة فى معدل سوء التغذية. ومع ذلك، فمن المسلم به عموما أن الكثير من العلماء الزراعيين فى البلدان النامية يتعذر عليهم نشر بحوثهم العلمية، بحيث بات معدل نصيب الفرد من المطبوعات يقل كثيرا عن مقابله فى البلدان المتقدمة، مما أدى بدوره الى نقص مقابل فى التمثيل فى الأدبيات العلمية الكبرى فى العالم. وتعوق هذه الظاهرة نشر التكنولوجيات الهامة والدروس المستفادة. وترتبط الأسباب وراء هذه الظاهرة، فى بعض جوانبها، بالتناقص التدريجى فى مخرجات البحوث تبعا للانخفاض فى ميزانيات التشغيل للادارات الحكومية فى بعض أنحاء العالم. وهناك سبب جوهرى آخر يرتبط بالمعايير التى تتبناها معظم الدوريات الرئيسية المعروفة التى ترفض المطبوعات التى تستند الى البحوث التكييفية، بل وترفض النتائج السلبية. ولن يتسنى الخروج من هذا الطريق المسدود سوى باتباع منهج جديد يقوم على نظام مفتوح يقبل طائفة واسعة من المضمون والصيغ التى تحافظ على بعض المعايير التحريرية الأساسية، والتى تكفل فى ذات الوقت امكانية استرجاع هذه المواد بصورة ميسورة. وستتم دراسة هذا المنهج باعتباره جزءا من خطة جديدة للنظام الدولى للاعلام عن العلوم والتكنولوجيا الزراعية (أجريس)، مع منهجيات لادارة المعلومات تتفق بقدر أكبر مع الاحتياجات المحلية، كما ستتولى حلقة عملية فنية، تعقد مخصصا أثناء المشاورة، بدراسة نظام أجريس.

دال - التطبيقات وتطوير النظم

21 - تتمتع المنظمة بمركز استراتيجى على الصعيد العالمى، فيما يتعلق بتنفيذ ودعم استخدام أدوات وتطبيقات متخصصة لتسليم المعلومات وللاتصالات فى مجالات الأمن الغذائى والتنمية الزراعية، وعلى الأخص فى سياق الدور المعيارى للمنظمة. كما ينبغى أن تساهم المنظمة، علاوة على ذلك، فى ظهور تطبيقات ترتبط باحتياجات البلدان الأعضاء والفقراء، بدعمها للمبادرات التى تعزز من قيام بيئة محلية للتجديد والاستثمار، وكذلك بالمساعدة على ظهور مبتكرين ومجددين من الأهالى الأصليين.

22 - وسيتم تطوير وتنفيذ نظم للمعلومات فى نخبة من المجالات المختارة فى برنامج المركز العالمى للمعلومات الزراعية (وايسنت)، فى شراكة مع الدول الأعضاء فى أغلب الأحيان. وتناقش ورقة العمل COAIM 1/3 عن "تعزيز قدرات ادارة المعلومات والمعارف" الخدمات الميدانية المقدمة للبلدان. وتقوم استراتيجية وايسنت فى مجال تطوير النظم، على ضرورة أن تتميز المخرجات بالسمات التالية:

(أ) القدرة على أن تعمل فى شتى بيئات تكنولوجيا ونظم المعلومات.
(ب) الالتزام بمعايير(9) غير تمليكية رئيسية، ليتسنى نموها وتكيفها مع التغيرات التكنولوجية، وتكون قادرة على استيعاب منتجات أخرى تقوم على معايير مماثلة، حيثما كان ملائما. (أنظر الفقرة 11).
كما ينبغى، من الوجهة المثلى، أن تكون هذه النظم:

(جـ) لامركزية، مع بقاء البيانات تحت توجيه البلدان الأعضاء والشركاء الآخرين، حرصا على احترام حقوق الملكية، واستكمال الموارد والمحافظة على النوعية.

(د) سلعا عامة، تسمح بتوزيع المطبوعات على الشركاء والمستخدمين بغير حدود، وبدون ترخيص أو تكاليف جعل الملكية.

23 - ومعظم القضايا التى ستتم معالجتها فى سياق التنمية المستدامة والأمن الغذائى تستلزم معلومات من تخصصات عديدة، مما يقتضى امكانية الوصول الى أنماط كثيرة من مصادر المعلومات. ولقد أتاحت أحدث التطورات فى ادارة المعلومات على المستوى العالمى، انشاء شبكات قواعد بيانات ومضمون موزعة تفى بالمتطلبات المذكورة أعلاه، وتعزز امكانيات الوصول الى ذخيرة المعلومات المتاحة. كما أن التكنولوجيات الجديدة تزيد من فعالية البحث واسترجاع البيانات والمعلومات ذات الصلة فى كل الشبكات الموزعة.

24 - ويعالج وايسنت، بالفعل، استحداث منهج جديد للوصول الى المعلومات ويمكن أن تكون له تطبيقات كبرى على الصعيد الدولى. ويجرى تطوير نظام لادارة المعلومات/المعارف ويرتكز على شبكة الانترنت، بهدف انشاء أداة وصل شبكية متخصصة. وسيوفر النظام اطارا بمجموعة شاملة من الوظائف التركيبية المرتكزة على الانترنت بهدف الاستعانة بها فى الادارة والتنظيم والفهرسة والمراجعة المتقاطعة وتحميل واسترجاع المعلومات، فى شبكة عالمية قائمة على اللامركزية والمشاركة. ومن شأن المنهج التركيبى أن يعظم من امكانيات التدرج والنقل، ويتيح ادراج سمات اضافية فى النظام أو اعادة استخدام النماذج، مثل نظم وضع الخرائط التى استحدثتها المنظمة لأغراض أخرى.

رابعا - طريق المستقبل أمام المنظمة ودولها الأعضاء

25 - حددت المنظمة مجالات رئيسية تتبدى فيها الحاجة على أشدها، وتنطوى على أعظم الفرص، لقيام تعاون فعال مع الدول الأعضاء ومع المجتمع الدولى لتيسير التقدم صوب الهدف المنشود فى وصول الجميع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على نحو مستدام ومجد اقتصاديا. وتتفق هذه المجالات، على نحو طيب، مع القضايا الرئيسية المرتبطة "بالوصول" التى حددتها قمة العمل الثانية بشأن المعارف العالمية (الملحق 1). وينتظر من المشاورة أن تبحث هذه القضايا والفرص، وأن تضع المنظورات القطرية والاقليمية لتوجيه قيام المنظمة بمزيد من الأنشطة. وعلى وجه الخصوص، يرجى التوجيه بشأن القضايا والمقترحات التى لها انعكاسات مباشرة على أنشطة المنظمة الحالية والمرتقبة فى هذا المجال.

26 - وقد تود المشاورة أن تسترعى انتباه الدول الأعضاء الى أن الوصول الى المعارف والمعلومات جوهرى لتحقيق التنمية المستدامة، ولعناصرها ذات الصلة بالمنظمة، وهى على وجه التحديد الانتاجية الزراعية، الأمن الغذائى وحماية البيئة.

27 - وقد تود المشاورة أن تبحث مسألة اسناد الأولوية الى تحسين الوصول الى المعلومات فى اطار عمل المنظمة مع الدول الأعضاء وأصحاب الشأن الآخرين من خلال وايسنت، مع الاستفادة الكاملة من الفرص التى يوفرها الجيل الجديد من تكنولوجيات المعلومات والاتصالات. كما قد تود المشاورة فى أن تقدم التوجيه للمنظمة بشأن أهمية تعزيز سلطات المجتمعات المحلية الريفية والأفراد بتوفير المعلومات والاتصالات ومن خلالها، مركزة بوجه خاص على الفئات المعرضة للتقلبات، مثل النساء والشباب.

28 - وبغية عكس الطابع القطاعى العام المتأصل فى ادارة المعلومات، فقد تود المشاورة أن تبحث دورها المرتقب فى تنسيق برنامج شامل للمنظمة يغطى الجوانب الهامة من مسألة الوصول الى المعلومات والمعارف.

الملحق 1

مقتبس من:

خطة عمل الشراكة العالمية في المعارف التى وضعت خلال قمة العمل الثانية بشأن المعارف العالمية

10 مارس/آذار 2000، كوالالمبور، ماليزيا

كانت العديد من بنود العمل أنشطة حظيت باهتمام واسع، واعراب مبدئى عن الالتزام من جانب قسم من الشركاء فى الشراكة العالمية في المعارف. ويتوقف تنفيذ أى من هذه البنود على ما يخصصه الشركاء فى مجتمع التنمية الدولى من الموارد الضرورية للقيام بهذه الأنشطة. كما أن معظم البنود، حسب عرضها هنا، تستلزم قدرا أكبر من التحديد لكى تصبح ممكنة عمليا.


(1) البنك الدولى، "المعارف لخدمة التنمية"، تقرير التنمية فى العالم 1998/1999.

(2)مكتب البحوث - مركز المكتبة الحاسوبية المباشرة.

(3) هناك قرابة 3 ملايين مستخدم من أفريقيا، مليونين من الشرق الأدنى، 11 مليون من أمريكا الجنوبية، 65 مليون من اقليم آسيا والمحيط الهادى، 85 مليون مستخدم من أوروبا و120 مليون من أمريكا الشمالية. تقرير تقويم صناعة الحاسوب - ديسمبر/كانون الأول 1999 "Computer Industry Almanac".

(4) http://www.una.ie/surveys/

(5) The Internet and Poverty: real help or real hype, Panos Media Briefing No.28,1998.

(6) الدعوة الى التغيير - المرأة الريفية والاتصالات، 1999. Voices for change - rural women and communication, 1999

(7) معيارى: وضع القواعد والمعايير.

(8) تنص المادة 1 من دستور المنظمة على أن "تتولى المنظمة جمع المعلومات المتعلقة بالتغذية والأغذية والزراعة وتحليلها وتفسيرها ونشرها".

(9) مثلاXML,Java