STATEMENTS IN ARABIC IN ORDER OF DELIVERY

كلمة معالي الشيخ فهد سالم العلي الصباح،
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام، الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، دولة الكويت



بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الفخامة الرؤساء،
معالي رئيس مجلس وزراء إيطاليا،
رئيس المؤتمر،
أصحاب المعالي رؤساء الوفود،
معالي مدير عام منظمة الأغذية والزراعة الدولية.

السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنقل لكم تحيات حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الذي شرفني بالحضور نيابة عنه مع تمنياتي لهذا المؤتمر بالتوفيق والنجاح نحو تحقيق أهدافه. كما يسعدني باسم دولة الكويت أميرا وحكومة وشعبا أن أتقدم بعظيم الشكر والتقدير للجمهورية الإيطالية الصديقة لاستضافتها هذه القمة وعلى حسن الاستقبال والتنظيم. ويسرني أن أرفع لصاحب الفخامة رئيس الجمهورية الإيطالية وإلى معالي رئيس مجلس الوزراء الإيطالي خالص التقدير على اهتمامهم بهذا المؤتمر الذي يعكس التفاف المجتمع الدولي واهتمامه بواحد من أهم القضايا الدولية والمتمثلة في الأمن الغذائي العالمي.

كما يطيب لي في هذا المجال أن أشيد بجهود المنظمة في التحضير لهذا المؤتمر وعلى رأسها مدير عام منظمة الأغذية والزراعة الدولية الدكتور جاك ضيوف الذي لم يأل جهدا في تحقيق إنجازات هامة وحيوية في سبيل النهوض بالمنظمة والعمل على تحقيق أهدافها السامية.

سيدي الرئيسي، السيدات والسادة، إن الهدف الأساسي لمؤتمرنا هذا هو تجديد التزام قادة العالم في مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996 ميلادية باستئصال الجوع وسوء التغذية وتحقيق الأمن الغذائي الدائم للجميع من خلال تبني سياسات وإجراءات متسقة على كافة المستويات العالمية والإقليمية والقطرية، والعمل على تحقيق ما حثت عليه جميع الشرائع السماوية من أهمية التكافل ومد يد العون والمساعدة للمحتاجين وتوفير العيش الكريم وتحقيق الرخاء والسلام الاجتماعي لكل شعوب العالم. وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة ومنذ إنشائها تعتبر حصول الفرد على احتياجاته وطلباته من غذاء مسؤولية جماعية وحقا من حقوقه كإنسان، إضافة إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها الدول والحكومات على مدى العقود الأخيرة وبرغم ما يملكه العالم الحديث من تقنيات وإمكانيات وما تقدمه منظمة الأغذية والزراعة الدولية والمنظمات المعنية الأخرى من مساعدات فنية وتنموية في شتى المجالات، إلا أن تلك الغاية حتى يومنا هذا تبدو بعيدة المنال لكثير من الدول والشعوب. ويزيد من تفاقم تلك الأوضاع السيئة ما يشهده العالم الآن من زيادة سكانية ملحوظة وما يتعرض له كوكبنا من استغلال جائر لموارده البحرية وتدمير أشجاره وغاباته وتدهور موارده المائية وتصحر مناطق شاسعة من أرجائه وما حل بالعالم من حروب وما وقع له من كوارث طبيعية، فقد أدى كل ذلك إلى انعدام الاستقرار في مسيرات التنمية لكثير من دول العالم واستنزاف كافة الموارد الطبيعية على حساب الأجيال القادمة، الأمر الذي ينذر بمزيد من الفقر والجوع.

إن ما يعانيه الشعب الفلسطيني، خاصة الأطفال والنساء منهم، بسبب ما يتعرض له من حروب مدمرة وتهجير الأراضي الزراعية وما خلفته من جوع وفقر لهو خير مثال على ما تعانيه الشعوب بسبب هذه الحروب. ومن أجل ذلك فإن حسن إدارة الموارد الطبيعية الأساسية المتعلقة بالتنمية الزراعية القابلة للاستمرار يجب أن تكون على رأس أولويات المنظمة من خلال التعاون المثمر والبناء مع جهاز الأمم المتحدة وكافة المنظمات المتخصصة وكذلك مختلف التنظيمات الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية في كل الدول الأعضاء.

سيدي الرئيس، السيدات والسادة، لقد آن الأوان لقيام ائتلاف دولي لمكافحة الفقر والجوع في العالم. إذ أن ذلك لا يقل أهمية عن الائتلاف العالمي الذي تشكل لمواجهة الإرهاب الدولي، ولاشك أن ذلك تطلب بالضرورة وجود نظام تجاري عالمي متعدد الأطراف يتسم بالانفتاح والشفافية وعدم التميز، ويرتكز على مبادئ وقواعد القانون الدولي التي تحفظ لجميع الدول حق الحصول على مردود مناسب من العوائد والفوائد الناشئة عن تدفق السلع والخدمات وفقا للنظام العالمي الجديد الذي نأمل أن ترعاه منظمة التجارة العالمية على نحو يؤمن احتياجات الدول النامية من غذاء بتكلفة اقتصادية مناسبة، هذا مع التأكيد على أهمية إجراء إصلاحات على مستوى التجارة الدولية للمنتجات الغذائية وإزالة كافة التعريفات الجمركية وغير الجمركية للمنتجات الزراعية والغذائية التي تواجه صادرات الدول النامية.

وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى الارتباط الوثيق بين ما يمكن إحرازه من تقدم في خطة العمل المستهدفة لمؤتمر القمة العالمي للأغذية وحجم الاستثمارات والمخصصات المالية في الموازنات الحكومية لصالح قطاع الزراعة والتنمية الريفية وكذلك أسلوب إدارتها واستخدامها بطريقة فعالة.

ومن ناحية أخرى، فإن حل مشكلة الجوع لا يمكن أن يكون بذات إنتاج الأغذية فحسب، غير أن هذه المشكلة ترتبط ارتباطا وثيقا بارتفاع معدلات تضخم البلدان النامية. لذلك فإننا نعتقد أن الأمن الغذائي يكون معبرا عن قياسه بملايين الوظائف التي تخلق وليس أطنان الأغذية التي تنتج.

سيدي الرئيس، السيدات والسادة، على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها دولة الكويت بالأمس غير البعيد والتي مازالت تعاني منها من خلال وجود عدد كبير من أبنائنا في الأسر، إلا أنها لم تتخل عن دورها في المجتمع الدولي الذي تمارسه منذ عشرات السنين. فقد كانت ومازالت سباقة في سبيل مساعدة البلدان الفقيرة والتخفيف من عبء الديون التي تقع على كاهلها.

ولقد كان لبعد النظر الذي تميز به حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير البلاد في سنة 1990 بمبادرة إلى إلغاء كافة فوائد القروض ومراجعة كافة الديون المستحقة تجاه الدول الأشد فقرا أثرها الواضح وانعكاساتها الطيبة.

ولقد رسخت الكويت منذ عشرات السنين انطلاقا من دستورها ومبادئها المستمدة من شريعتنا السمحاء وتحقيقا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعانا وجاره جوعان إلى جانبه"، مبدأ التعاون بين الدول وتخفيف معاناة الشعوب عندما أسس عام 1961 الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمساعدة الدول النامية في تطوير اقتصادياتها ومدها بالقروض والمساعدات والمعونات الفنية لتنفيذ برنامج التنمية والمساهمة في رأسمال مؤسسات التمويل الإنمائي فيها. ففي خلال الفترة من عام 1996 إلى عام 2001 ميلادية بلغ عدد منح الصندوق 48 منحة موزعة على 37 دولة وقدرت قيمتها بحوالي 113 مليون دولار أمريكي. أما القروض الميسرة طويلة المدى فقد بلغ عددها 141 قرضا موزعة على 48 دولة قدرت قيمتها الإجمالية بما يقارب 3 مليارات دولار أمريكي.

إن ما تقدمه دولة الكويت من مساعدات وقروض يشكل نسبة 2 في المائة تقريبا من إجمالي الناتج القومي لدولة الكويت، وهو يفوق ما يحث عليه إعلان روما لعام 2002 ميلادية في المادة 29 والذي يطالب الدول المتقدمة أن تخصص نسبة 0.7 في المائة من دخلها القومي و0.5 إلى 0.20 من دخلها للدول الأقل نموا.

ومن هذا المنطلق، فإننا نطالب ونناشد المجتمع الدولي، وخاصة المؤسسات والصناديق المالية والدولية والإقليمية، لزيادة مساعداتها الفنية المالية للدول الفقيرة وتلك التي تمر اقتصادياتها بمرحلة انتقالية بهدف تعزيز أمنها الغذائي، كما أننا نناشد الدول المتقدمة تنفيذ التزاماتها نحو دعم قطاع الزراعة كمحور أساسي لوضع الأمن الغذائي والتنمية الريفية في مركز الصدارة في استراتيجية تخفيف حدة الفقر، خاصة في المناطق التي تعاني من العجز الغذائي.

سيدي الرئيس، السيدات والسادة، لا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أتمنى لمؤتمرنا هذا التوفيق في أن يخرج بقرارات وتوصيات حاسمة من شأنها معالجة قضايا الأمن الغذائي في كل أرجاء العالم دون استثناء أو تمييز وتبني سياسات استراتيجية ملائمة على كافة المستويات القطرية والإقليمية والدولية.

والله يوفقنا لما فيه خير البشرية جمعاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Top Of Page