STATEMENTS IN ARABIC IN ORDER OF DELIVERY

كلمة معالي السيد عبد الرحمن شلقم،
وزير الشؤون الخارجية - الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية



بسم الله الرحمن الرحيم

أتقدم بالشكر في البداية والتقدير للحكومة الإيطالية على هذا الاستقبال وهذا الترتيب، كما يسرني سيادة الرئيس أن نهنئكم باختياركم رياسة هذه الجلسة. السيد الرئيس، إن إعلان روما بشأن الأمن الغذائي العالمي وخطة عمل مؤتمر القمة العالمي للأغذية لعام 1996 يضع الإرادة السياسية للمجتمع الدولي في المحك العملي لتحقيق الأمن الغذائي للجميع ورصد الجهود المتواصلة لاستئصال الجوع في جميع البلدان، خاصة النامية منها وإعطاء كل فرد الحق في الحصول على غذاء سليم والتحرر من الفقر والمعاناة، خاصة وأن 70 في المائة من الذين يعانون الجوع يوجدون في المناطق الريفية ويعتمدون اعتمادا كليا على الزراعة في معيشتهم وعلينا والوضع هكذا أن نضاعف جهودنا وجهود المجتمع الدولي خاصة الدول المتقدمة لتحقيق مستهدفات إعلان قمة الألفية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2000.

سيدي الرئيس، إن ما يتوخاه المجتمع الدولي من أهداف ذات أولوية عليا تتمثل في القضاء على الفقر الذي يعاني منه أكثر من ملياري شخص، أي ما يقارب نصف عدد سكان العالم بالإضافة لما يسببه من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية تقود إلى العنف والنزاعات والصراعات والجريمة ومختلف أشكال الإرهاب والاتجار بالمخدرات وانتشار الأمراض القاتلة مثل مرض فقدان المناعة المكتسبة والهجرة المتنامية وبأعداد كبيرة، والأهالي الذين يقعون تحت وطأة الفقر والتخلف الاقتصادي والاجتماعي وكذلك الصعوبات والمشاكل التي تواجه البلدان الأقل نموا وبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض والدول الجزرية النامية الصغيرة والبلدان المتضررة من الحروب الأهلية والنزاعات العنيفة أو تلك المعرضة للكوارث الطبيعية أو تلك البلدان التي كانت أراضيها مسرحا للحربين العالمية الأولى والثانية وما خلفته الأخيرة من إرث مميت باهظ الثمن مثل الألغام ومخلفات الحروب التي تعاني منها بلادي منذ أربعة عقود وتشكل مصدر تهديد لسلامة وأمن المواطنين الأبرياء وخطر محدق على أرواحهم وممتلكاتهم وتعطل استصلاح وزراعة وتعمير هذه الأراضي.

إن إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشاكل والصعوبات التي تواجه البلدان النامية وتعترض سبيل التنمية المستدامة تتطلب تضافر الجهود الدولية وتوافر الإرادة السياسية لدى البلدان المتقدمة من أجل خلق بيئة دولية مواتية لتحقيق التنمية تدعمها بيئة محلية ملائمة يتمكن من خلالها كافة أفراد تلك المشروعات من المشاركة الفعلية في وضع وتنفيذ سياساتها الاقتصادية والاجتماعية العامة وفق هيكل تنظيمي يكفل احترام حقوق كافة فئات المجتمعات بما في ذلك حقها في التنمية وإقامة مجتمعات ديمقراطية عادلة تعزز بدورها الأمن والسلام الدوليين دونما تمييز وبصرف النظر عن عامل الجنس أو اللغة أو الدين ووضع آليات لحل الصراعات والمشاكل الدولية والاقتصادية والاجتماعية وفقا لميثاق الأمم المتحدة والأعراف والقوانين الدولية ذات العلاقة.

سيدي الرئيس، إن الشراكة الدولية الموسعة في نظر الجماهيرية تكتسي أهمية بالغة في تنفيذ خطة عمل مؤتمرنا هذا الذي يدعو كافة المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة والمؤسسات المالية مثل بريتون وودز والمصرف الدولي وغيرهما إلى وضع آليات يتسم عملها بالوضوح والشفافية من خلال تقديم القروض الميسرة وإلغاء أو تخفيف الديون على الدول النامية التي أثقلت كاهلها ويحث البلدان المتقدمة على انتهاج سياسات تدعم الإصلاحات في النظام الاقتصادي الدولي خاصة في مجال الزراعة وضمان وصول المنتجات الزراعية للبلدان النامية إلى أسواق تلك الدول ورفع القيود والحواجز الجمركية والتخلي عن سياسة الحماية التي تفرضها بعض الدول المتقدمة على منتجات الدول النامية ومنحها معاملة خاصة وتفضيلية تستطيع من خلالها هذه البلدان التنافس على قدم المساواة للحصول على مزيد من الموارد لتمكن السكان القاطنين في الأرياف من مواجهة حالات انعدام الأمن الغذائي وتحسين مستويات معيشتهم وتنميتهم إعمالا لما تمخض عنه الاجتماع الوزاري الرابع للمنظمة العالمية، الذي انعقد في الدوحة سنة 2002.

السيد الرئيس، إدراكا من ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة منذ قيامها عام 1969 بأن استقلال ليبيا السياسي وسيادتها الوطنية وأمنها واستقرارها الداخلي يرتبط ارتباطا وثيقا بضمان أمنها الغذائي فقد بادرت منذ بدايتها إلى استصلاح وتعمير مساحات شاسعة من أراضيها وتحويلها إلى مزارع إنتاجية توفر لكافة مواطنيها العيش الرغد والرفاهية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي في ظل نظام اشتراكي عادل يؤمن للمواطن الليبي بيتا خاصا به ويجعله شريكا فيما ينتجه متحررا من قيود الأجرة وكافة ظواهر الاستغلال وخصص جزءا كبيرا من الميزانية العامة لدعم السلع الغذائية الأساسية بأسعار رخيصة تكون في متناول الجميع، بالإضافة إلى مجانية الخدمات الصحية والتعليم وصولا إلى بناء مجتمع صحي خالي من الأمراض ومن الأمية.

ومن أجل القضاء على التصحر وآثاره السلبية على التنمية الزراعية، فقد بادرنا إلى تنفيذ العديد من المشاريع الهامة ويذكر منها على سبيل المثال مشروع النهر الصناعي العظيم الذي يهدف عبر الأنابيب الضخمة إلى نقل 6 ملايين متر مكعب من المياه العذبة يوميا من أعماق الصحراء في الجنوب إلى مناطق الشمال حيث الأرض الزراعية الخصبة التي تزيد على 000 200 هكتار تم بموجبها توطين واستقرار أكثر 000 35 مزارع.

وإعمالا لتوصيات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة قامت بلادي بإعداد استراتيجية التنمية، آفاق 2010 بهدف تعزيز وتوفير الأمن الغذائي لكل المواطنين واستحداث مجلس للتخطيط العام بهدف وضع برامج تنموية واقتصادية واجتماعية. بيد أن ما يعرقل الخطط والبرامج الزراعية والصناعية في بلادي انتشار حقول واسعة من الألغام زرعت إبان الحرب العالمية الثانية ونطالب في هذا المقام الدول التي كانت سببا في زرع هذه الألغام أي إيطاليا وبريطانيا وألمانيا أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية والعمل على إزالتها وإعادة تأهيل الأراضي الزراعية المتضررة من هذه الألغام مع الاحتفاظ الكامل بحقنا في التعويض عما لحق بنا من أضرار مادية وبشرية جسيمة لا زلنا نعاني من آثارها.

سيدي الرئيس، مرة أخرى نؤكد أهمية هذا الموضوع الذي نلتقي من أجله لأنه ليس ذا طابع اقتصادي أو اجتماعي بقدر ما هو طابع إنساني. وإذا كنا جميعا أعلنا الحرب على الإرهاب وقامت أمريكا بشن حروب بسبب الإرهاب ونحن ضد الإرهاب فلنتحالف ضد الفقر ونشن الحرب على الفقر. وفي هذه المناسبة أرجو أن نرفع نداء إلى كل من الهند وباكستان بأن يعملا من أجل تجنب الحرب لأنها ستكون كارثة على الجميع وستزيد المعاناة وتسبب الفقر والأمراض لتلك المنطقة الهامة والحساسة من العالم.

والسلام عليكم ورحمة الله.

Top Of Page