بسم الله الرحمن الرحيم

معالي الرئيس،
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،
أصحاب المعالي،
الحضور الكريم

إنه لكبير شرف أن أنقل لجمعكم هذا تحيات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم سلطان عمان يحفظه الله وأمانيه الطيبة لمؤتمركم ورسالته الإنسانية النبيلة بالتوفيق وللحكومة الإيطالية الصديقة التقدير لكل ما تبذله من جهود مشكورة لإنجاح هذا المؤتمر مؤكدين تقدير السلطنة للجهود المستمرة التي تبذلها الأمم المتحدة وينهض بها أمينها العام السيد كوفي عنان في محاربة الفقر والجوع وتخفيف معاناة الجنس البشري من سكان العالم. كما نخص بالتقدير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على جهودها المتواصلة المميزة سعيا إلى مساعدة الأمم لتوفير الغذاء بتطوير الزراعة نوعا وكما. ويأتي مؤتمرنا هذا ثمرة من ثمار جهود هذه المنظمة في خطوة جادة تجمع أصحاب القرار وتخلق الشراكة والتكامل في الجهد الخير للإنسان ومقاصده في دفع خطر نقص وسوء التغذية وسد الفجوة بين طموح الإنسان وحقه المشروع في الغذاء وقصور الواقع في كثير من بقاع الأرض.

معالي الرئيس، إن الأمن والأمان وتوازن المصالح عوامل مؤثرة في رخاء الإنسان وتوفير أمنه الغذائي. فكلنا يعلم كيف كانت الحروب عاملا من عوامل الفقر والتأخر وغير ذلك من الكوارث التي تؤثر فيما يزرعه الإنسان وما ينتجه. وإذا شئنا بناء سعادة الإنسان، علينا أن نعمل معا على بناء السلام والأمن وأن نوجه طاقاتنا كلها لتبقى في محاربة التخلف بكل أنواعه. ولقد حدد مؤتمركم السابق إزالة الفقر والجوع والمرض عن 20 مليون نسمة سنويا كحد أدنى بحلول عام 2015 ولئن كان ما تحقق دون ما حدد فمازالت دعوتنا إلى الوفاء بما كنا نطمح إليه دعوة ثابتة.

ويشرفني أن أسجل هنا أن حكومة سلطنة عمان قد قامت بمجهودات كبرى تترجم التزامات المؤتمر السابق من أهمها تحقيق قدر أكبر في مجال التنمية البشرية والتي نعول عليها كثيرا باعتبارها المؤثر الأول في العوامل والمدخلات الزراعية وترشيد استخدامها. كما أخذنا ببرامج الإرشاد لرفع كفاءة أداء العمل والإنتاجية وبما يعود بالدخل المناسب ليساعد في رفع مستوى معيشة الأسرة واستقرارها، فحققنا في مجال الميزان الغذائي للإنسان العماني ما نسبته 65 في المائة من قيمة الغذاء وبما نسبته 69 في المائة من العلف الحيواني وذلك من خلال الاهتمام بتنمية مصادر المياه واستصلاح الأراضي وجهود المراكز البحثية في استنباط واستزراع سلالات جديدة وغير ذلك من الجهود التي تشارك في تطوير هذا القطاع الهام مما يسهم في استدامة الموارد الطبيعية وتنميتها وحسن التعامل معها لتبقى لكل الأجيال. وهذا ما عبر به إعلان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في أن يكون أول عام في الألفية الثالثة عاما للبيئة وهي خطوة غير مسبوقة في كثير من دول العالم انطلاقا بأن الحفاظ على البيئة يعتبر أحد المرتكزات الهامة التي تسهم في مختلف مجالات التنمية وخاصة تنمية البشرية.

الحضور الكريم، إن التنمية التي تعيشها بلادي قد ارتقت بمستويات الخدمات الصحية لدرجة عالية لتبقى بين الدول العشر الأولى في العالم الأكثر تميزا في الخدمات الصحية. كما وجهت عنايتها للتعليم وأفرزت برامج خاصة بالمرأة والطفولة مما كان له آثاره الإيجابية على المجتمع العماني، وستبقى بلادي تستثمر في تنمية البنية التحتية للبحوث العلمية والعملية في كافة المجالات لخير الإنسان. ونحن نعلم أن التطور العلمي والتقني متوفر بشكل أكبر في الدول المتقدمة، ومن هنا نرى أن يحدد المؤتمر آليات وقنوات علمية وعملية تتيح فرص الانتفاع من التقدم العلمي والتقني ويخرج حيزا مناسبا لمعالجة مشاكل الأقطار النامية. وفي الوقت الذي تجتمع فيه قيادات العالم في هذا المكان من أجل تكامل الجهد وتضافر الإرادة الخيرة في رفع معاناة الإنسان وتوفير عيشه الكريم، نرى هناك من يعبث بإرادة الحياة وقيم الإنسان ويقطع الشجر ويمنع الطعام ويهلك الحرث مستعملا كل وسائل البطش دون ما رعاية لحق الحياة. وإن المجتمع الدولي مطالب بوضع حد للتمييز بين حقوق الإنسان وأن يقدم الإعانة لجهود الشعب الفلسطيني المسالم في بناء غذائه وصحته وقدراته وأن يعيش كريما شأنه شأن كل شعوب الأرض وأممها.

ختاما، نأمل في هذا المؤتمر مراجعة ما تم تنفيذه من توصيات وقرارات المؤتمر السابق حتى يتسنى تحويل ما يصل إليه هذا المؤتمر إلى واقع ملموس يخدم الإنسان في العالم. ولاشك أن الإنسان في كل مكان ينتظر من مؤتمركم هذا عملا يزيل بعضا من معاناته. إننا لعلى ثقة من قدرة هذا المؤتمر على الوصول إلى حلول عملية لمعالجة مشاكل وأسباب الفقر والجوع والمرض، خاصة إذا ما تحملنا مسؤوليتنا تجاه الإنسانية دون تمييز سائلين الله أن يأخذ بأيديكم ويبارك جهودكم مؤكدين أهمية العمل على تحقيق آمال الإنسانية.

فليبارك الله الإنسان ويحفظ جهودكم جميعا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.