STATEMENTS IN ARABIC IN ORDER OF DELIVERY

كلمة فخامة رئيس جمهورية السودان
معالي عمر حسن أحمد البشير



بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الرئيس،
أصحاب الجلالة والفخامة ملوك ورؤساء دول وحكومات،
رؤساء الوفود الأخ الكريم المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة،
السيدات والسادة أعضاء الوفود، الحضور الكريم

يسعدني أن أخاطبكم باسم شعب السودان وحكومته وأن أهنئكم أخي الرئيس على اختياركم المستحق رئيسا لهذا المؤتمر الذي يشكل علامة بارزة في تاريخنا المعاصر. والتهنئة مقرونة بأسمى آيات الشكر والعرفان لمنظمة الأغذية والزراعة ولمديرها العام الدكتور جاك ضيوف على الفكرة الإنسانية الصائبة التي تجسدت اليوم قمة عالمية لاستعراض التقدم في تنفيذ خطة عمل مؤتمر القمة العالمي للأغذية قبل خمس سنوات والذي قصد منه القضاء على الفقر والجوع وسوء التغذية وتأمين الغذاء لكل إنسان في العالم والشكر والتقدير إلى حكومة إيطاليا وشعبها الصديق لاحاطة هذا المنتدى بالرعاية الكريمة ومشاعر الود والاهتمام.

الأخ الرئيس، الإخوة المشاركون،

نلتقي اليوم للتأكيد مرة أخرى على التزامنا الجماعي بتحقيق الأمن الغذائي لكل البشر كأولوية أولى في الأجندة السياسية العالمية بحسبان ذلك أعظم التحديات على من يقودون شعوبهم لصنع التاريخ في هذه الحقبة الفريدة في هذا الزمان. إن تحرير نحو 800 مليون إنسان من الفقر والجوع ونقص الغذاء لهو التحدي الأعظم والمسؤولية التاريخية والسياسية والإنسانية والأخلاقية التي لا يمكن الوفاء بها إلا بالتزام صادق وتدابير توفر الحلول الناجعة لهذا التحدي. ومن هذا المنبر أرحب بإعلان الألفية للأمم المتحدة الذي تبنى هدف قمة غذاء العالم 1996 بتخفيض عدد ناقصي الأغذية في العالم إلى النصف في عام 2015 ميلادية.

سيدي الرئيس، الأخوة المشاركون،

ما كان الجوع ونقص الغذاء مرده ندرة موارد العالم فهي فيما تعلمون وفيرة ومتنوعة ولكن واقع فرض على العالم حال دون ترشيد استثمارها خاصة في الدول النامية ولأسباب لعل من أهمها قلة الموارد المائية اللازمة لإنتاج الغذاء الافتقار للتقانة الحديثة المتطورة عبء الديون الخارجية وخدماتها، غياب الرؤية الاقتصادية الكلية الصحيحة القادرة على تفجير طاقات المجتمع للتنمية، وحرص النشاط الاقتصادي في جهد الدولة المحدود وتحجيم حركة المجتمع، انعدام الاستقرار السياسي والأمني وتفشي النزاعات، موجات الجفاف والتصحر والفيضانات خاصة في أفريقيا.

إن اجتياز هذه العقبة ليفرض على الأسرة الدولية تأسيس شراكة فاعلة، والتحلي بمسؤولية جماعية تحقق الاستقرار السياسي والأمني في أنحاء العالم كافة، وتسهم في حل النزاعات الداخلية والإقليمية سلميا، ومواصلة السعي لتحقيق هدف قمة الغذاء عام 1996 يستوجب علينا أن نتفق على الإبقاء على هذا الالتزام في موعده وإن أمكن التسريع به قبل عام 2015 وهذا لا يتأتى إلا بالإصرار على القرارات، والتدابير والسياسات والالتزامات المعلنة في إعلان روما 1996، وخطة العمل المنبثقة عنه التي ثبتت ذروتها التاريخية.

إن الالتزام الصادق في إنشاء صندوق خاص لبرامج الأمن الغذائي للدول الأقل نموا والصادر من المؤتمر الدولي بهذا الشأن في بروكسيل عام 2002 والالتزام الصادر من قمة جنوة السبعة الكبار، والتأييد الكامل لالتزامات قمة مونتييري بالمكسيك لتمويل التنمية، والشراكة الموقعة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الأفريقية والكاريبية والباسيفيكية ACP ضمن اتفاقية كوتونو، والشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا نيباد تشكل في مجموعها مبادرات هامة تجعل تحقيق الهدف ممكن.

سيدي الرئيس، الأخوة الرؤساء المشاركون،

توفر للسودان استقرار سياسي هيأ مناخا ملائما وانتقلنا إلى اقتصاد السوق بغرض إطلاق طاقات المجتمع وتمكينها من قيادة النشاط الاقتصادي ونفذنا برنامجا للإصلاح الاقتصادي حرر الزراعة إنتاجا وتجارة وعزز ذلك الاعتماد على الذات، وتصاعد الإنتاج الزراعي مما انعكس زيادة في مقدرة الناتج المحلي الإجمالي وتحقق الاكتفاء الذاتي في معظم المحاصيل رغم الجفاف والفيضانات في بعض الأعوام. كما زاد حجم الصادرات بدخول البترول والثروة المعدنية وتمكنا من كل ذلك في ظروف صعبة أنجزت خلاله إعادة هيكلة اقتصاد البلاد بكل تبعاتها وربما شكل هذا تحديا عظيما جسد قدرتنا على الاعتماد على الذات وزاد من ثقتنا في إمكاناتنا البشرية والطبيعية، أعاننا في ذلك عزم شعبنا على تحرير إرادته واستقرار قراره الوطني ونهج قام على صون كرامة الإنسان وضمان حريته وحفظ حقوقه الكاملة وتمليك السلطة للمواطنين والجامعات بتطبيق النظام الاتحادي وإتباع نظام سياسي مؤسس على التعددية وديمقراطية المشاركة السياسية المتساوية منها والاجتماعية لكل أبناء السودان، أثر كل ذلك إيجابا في دفع عملية السلام في الوطن، ذلكم السلام الذي لا يتحقق إلا بالصبر على الحوار وبالعدل والمساواة المؤسسة على حق المواطنة. ومن ثمرات ذلك توقيع اتفاقية جبال النوبة للسلام.

وقد أعطت البلاد اهتماما متزايدا بمناطق النزاعات والتخوم النائية ووفرت ما يزيد عن 35 مليون دولار من عائدات البترول للصرف على مناهضة الفقر وأكثر منها للبرامج الإسعافية في الجنوب ومناطق العوز الغذائي في الغرب والشرق ونحن الآن في المراحل الأخيرة لاستكمال استراتيجية مكافحة الفقر.

سيدي الرئيس،
الأخوة الرؤساء،
وأعضاء الوفود المشاركون،

إن التغييرات الجذرية التي ميزت العالم في السنوات الأخيرة تفرض تحديات ورهانات جديدة على المجتمع الدولي تملي علينا بإلحاح تجسيد الالتزامات الدولية السابقة فيما يتعلق بمكافحة الجوع وسوء التغذية. ولذا ينبغي لجلسات مؤتمرنا هذا أن تجدد هذه الالتزامات وأن تقر سبل تجسيدها الحقيقي والشامل ميدانيا وذلك بالتركيز على عون الدول النامية على الانتقال إلى اقتصاد السوق دون آثار اجتماعية سالبة وتوجيه مؤسسة التمويل الدولية لأداء دورها بمنأى عن الضغوط والشروط السياسية الظاهر منها والمستتر، توفير الموارد المالية الإضافية اللازمة للاستثمار في التنمية الزراعية في الدول النامية خاصة تلك التي اجتهدت لتهيئة مناخ للاستثمار وانتشار آلية من المنظمات الدولية ذات الصلة بتنسيق الجهود في هذا المجال، اتخاذ خطوات جريئة وعاجلة لرفع الديون عن كاهل الدول النامية، الالتزام بتوفير التقانة الزراعية المناسبة في الدول النامية، تشجيع مشروعات الاستثمار في الأمن الغذائي على المستوى الإقليمي بمساعدة الدول النامية في رفع كفاءة الإنتاج الزراعي وتنويع قاعدتها الاقتصادية مما يطور قدرتها التنافسية في السوق العالمي المتجه إلى العولمة وتحرير التجارة، رفع الحصار الجائر تحت أي مسميات عن كاهل الدول والشعوب باعتباره انتهاكا لحقوقها في التنمية والطعام والغذاء، وباعتباره تعميقا للفقر والجوع، وتعطيل قدرات الدول في مجال إنتاج الغذاء، الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب والعمل معا لمكافحته بكافة السبل ومحاصرة منابعه. وقد اتفقت المجموعة الإقليمية التي ننتمي إليها دول الإيجاب على إعلان الخرطوم لمكافحة الإرهاب.

السيد الرئيس،
أيها الأخوة المشاركون،

إن الشراكة الجديدة لقمة أفريقيا إلى جانب مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة نحو استراتيجية طويلة المدى لمكافحة العجز الغذائي ومناهضة الفقر في القرن الأفريقي والوسائل الصادرة عنها التي انصبت بالشمول يمكن أن تشكل قاعدة أساسية لوضع استراتيجية مناسبة للتصدي لتدني إنتاجية الغذاء في أفريقيا وعلى الأخص دول جنوب الصحراء ودول الجنوب الأفريقي.

إن ترتيبات العولمة العاجلة المفيدة للمجتمع تقتضي التعاون وإتباع الأصول الوراثية والالتزام بما جاء في الاتفاقية الدولية للموارد الوراثية للزراعة والأغذية والتي أجمع عليها المجتمع الدولي حيث تشير استخدام الأصناف الجيدة من المحاصيل الغذائية والتقانات المتصلة بها لمصلحة المزارعين وتغيير الغذاء في العالم.

سيدي الرئيس، إن المنابر المعنية والعاملة في قضايا التنمية وتوفير الأمن والاستقرار الاجتماعي وبناء عالم أفضل للبشرية يجب أن ترفع صوتها عاليا من أجل السلام والعدالة وتهيئة المناخ العام المواتي لتحقيق أهدافها العظيمة والتي تخدم الإنسانية جمعاء. وعلينا أن نسأل أنفسنا إلى أين تذهب هذه الآمال العظيمة وهذه الجهود الكبيرة كالتي نعكف عليها الآن وإن ظلت النزاعات والحروب الأهلية والدولية تهدم كل ما نبني وتقتل آمال الأجيال القادمة.

سيدي الرئيس، هنا نرفع صوتنا عاليا ونطالب بحل حاسم لهذه المشاكل والتي هي من صنع البشر وذلك في نفس الوقت الذي نرسي فيه قواعد التعاون من أجل تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع.

سيدي الرئيس، الأخوة الرؤساء ننتهز هذه الفرصة ونحاول أن نقترح من هذا المنبر الجامع خطوة عملية في سياق تحقيق أهداف هذه القمة وتعزيز الإنجاز المطرد لحق الجميع في الحصول على غذاء كاف ولاختيار مناطق الإنتاج الغذائي في العالم والتركيز عليها حتى تفيض خيرا على الإنسانية كلها. وعليه، نطرح السودان كواحد من تلك المناطق التي وفرت إمكاناته الطبيعية والبشرية وما يتهيأ لنا من خطط وبيئة مواتية للاستثمار والتنمية لتحقيق زيادة كبيرة في الإنتاج الزراعي تسهم في تأمين الغذاء لإنسان اليوم والمستقبل إذا ما وجدت الدعم اللازم بوسائل التمويل الدولية والإقليمية والمساهمة الفاعلة في القطاع الخاص المحلي والأجنبي.

وفي الختام، نؤكد التزامنا بهذه الخطوة العملية ورعايتها ودعمها بغير حدود وفقنا الله وإياكم والسلام عليكم ورحمة الله.

Top Of Page