CCP: ME 02/3
آب / أغسطس 2002





لجنة مشكلات السلع

الجماعة الحكومية الدولية المختصة باللحوم ومنتجات الألبان
الدورة التاسعة عشرة

روما، من 27 الى 29 أغسطس/ آب 2002

الأمراض الحيوانية: تأثيرها على التجارة العالمية في اللحوم

أولاً - مقدمة
ثانيا- معلومات أساسية
ثالثا- تحليل دراسات الحالات


رابعاً – الاستنتاجات والتوصيات

أولاً- مقدمة

1 - أظهرت الأوبئة الأخيرة، أي مرض الحمى القلاعية، ومرض التهاب الدماغ الإسفنجي (جنون البقر) وحمى الخنازير المألوفة، الخسائر الفادحة التي يمكن أن تلحق ببلد مصدر بسبب انتشار الأمراض الحيوانية أو بسبب تغير حالة مرض في البلد. وقد طلبت الجماعة الحكومية الدولية المختصة باللحوم، في دورتها السابعة عشرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1998، أن ترصد الأمانة أعمال الحكومات ومؤسسات البحوث بشأن التأثير المحتمل لانتشار الأمراض الحيوانية الرئيسية في البلدان المصدرة، وأن تقدم تقريرا عن ذلك. والوثيقة الحالية تلخص بإيجاز المعلومات التي أمكن جمعها من المسوحات القطرية، ومن استعراض الكتابات التي تناولت الأعباء المالية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على انتشار الأمراض في الفترة الأخيرة في عدد من البلدان، وتأثيرها على أنماط التجارة العالمية في اللحوم، واستجابة السياسات للتغلب على هذه التأثيرات.

2 - وشملت الدراسات حالة ستة بلدان متقدمة ونامية، وتناولت أزمة جنون البقر في المملكة المتحدة في 1996/1997، وحمى الخنازير الأفريقية في هولندا في 1997/1998، وظهور مرض الحمى القلاعية في مقاطعة تايوان الصينية عام 1997 وفي جمهورية كوريا واليابان عام 2000، وفي أوروغواي عام 2000 و2001 وفي المملكة المتحدة عام 2001. ويعرض القسم "ثالثا" ملخص الاستنتاجات من دراسات هذه الحالات. وأما الاستنتاجات وتوصيات التقرير فهي واردة في القسم "رابعا".

ثانيا- معلومات أساسية

3 - يؤدي قطاع الحيوان والدواجن دورا كبيرا في التنمية الاقتصادية في كثير من البلدان في مختلف أنحاء العالم؛ فإنتاج اللحوم وغيرها من المشتقات الحيوانية مورد كبير للدخل والعمالة والنقد الأجنبي. وينطبق هذا بوجه خاص على كثير من البلدان النامية التي تساهم فيها الزراعة مساهمة كبيرة نسبيا في عملية التنمية الاقتصادية. ومنذ أوائل الثمانينات، حدث توسع كبير في الإنتاج العالمي من اللحوم وفي استهلاكها وتجارتها، وخصوصا لحوم الدواجن والخنازير. وكانت هذه الاتجاهات ترجع إلى تزايد السكان، وارتفاع الدخل، وسرعة نمو المدن، وتغير العادات الغذائية، وفتح الأسواق الدولية. والمحتمل أن تستمر هذه الاتجاهات وأن يرتفع الاستهلاك العالمي من اللحوم سنويا بنسبة تقدر بـ 2 في المائة حتى عام 2015 (الجدول 1). وستحدث أكبر زيادة في البلدان النامية التي يتوقع أن ينمو الاستهلاك فيها بنسبة 2.7 في المائة في السنة مقابل 0.6 في المائة في السنة في العالم المتقدم.

الجدول 1: استهلاك اللحوم الفعلي والاسقاطات بحسب نوع اللحوم

 

الاستهلاك

 

1997- 1999

1969- 1999

1979-1999

1989-1999

1997/1999-2015

2015-2030

 

بآلاف الأطنان

معدلات النمو بالنسبة المئوية سنويا

العالم

 

 

 

 

 

 

الأبقار

57888

1.4

1.2

0.7

1.4

1.2

المعز

10706

1.9

2.2

1.4

2.1

1.8

الخنازير

86392

3.2

2.9

2.7

1.4

0.8

الدواجن

60809

5.2

5

5.2

2.9

2.4

مجموع اللحوم

215795

2.9

2.8

2.7

1.9

1.5

العالم النامي

 

 

 

 

 

 

الأبقار

28074

3.4

3.5

4.1

2.3

2.0

المعز

7625

3.5

3.8

3.7

2.7

2.2

الخنازير

49522

6.1

6

5.8

2.1

1.2

باستثناء الصين

11393

3.6

3.2

3.7

2.7

2.4

الدواجن

31920

7.8

8

9.4

3.9

3.1

مجموع اللحوم

117141

5.3

5.6

6.1

2.7

2.1

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة، الزراعة عام 2015/2030.

4 - والمتوقع أن يزيد الإنتاج العالمي من اللحوم بمعدل مماثل لمعدل زيادة الطلب وأن التخفيضات التدريجية في حواجز التجارة ستؤدي إلى زيادة مماثلة في تجارة اللحوم ومشتقاتها. ولكن زيادة حجم التجارة والتحسينات في وسائل النقل والبنية الأساسية والتكنولوجيا تنطوي على أخطار انتشار الأمراض الحيوانية بسرعة في جميع أنحاء العالم. ويحتاج واضعو السياسات إلى معلومات عن مدى الخسائر المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تحدثها هذه الأمراض، وعن العوامل التي تؤثر على ضخامة هذه الأعباء، وعن طبيعة وتكاليف التدابير الوقائية، حتى يستطيعوا أن يتوصلوا إلى الخيارات القائمة على أساس سليم. ولكن لا يوجد إلا القليل من التقديرات الدقيقة عن مدى هذه الخسائر. يضاف إلى هذا أن الأعباء التي تذكر في التقارير تكون دائما مختلفة عن الأعباء الإجمالية المترتبة على المرض بل أعباء عنصر واحد من عناصر المرض أو عدة عناصر، مما يعني أنها تكون أقل من الأعباء الحقيقية للأمراض الحيوانية.

ثالثا- تحليل دراسات الحالات

5 - يتبين من استعراض الأمراض والأوبئة الحيوانية في الفترة الأخيرة مدى ضخامة الخسائر المالية والاقتصادية التي يمكن أن تتحملها البلدان المتقدمة والنامية بسبب ظهور مرض حيواني عابر للحدود. وقد أمكن التعرف على العاملين التاليين بوصفهما عاملين مهمين عند تحديد مدى هذه الخسائر:

  1. التغيرات في مدى انتشار وتوزع المرض، وهي تتأثر بمدى ضراوة المرض ومدى اختصاصه بفصيلة معينة، مما يحدد أيضا مدى تأثر بقية قطاعات الاقتصاد؛
  2. الإسراع في تنفيذ تدابير المكافحة ونوع هذه التدابير؛ فالبلدان التي حدثت فيها أكبر خسائر هي البلدان التي ظل فيها المرض موجودا دون اكتشافه لمدة من الزمن، ثم لم تكن الموارد كافية لاحتوائه بعد اكتشافه.

ألف- الأعباء المترتبة على انتشار الأمراض الحيوانية في الفترة الأخيرة

6 - في المملكة المتحدة، بلغ مجموع أعباء مرض الحمى القلاعية 9.2 مليار دولار مقابل 6.6 مليار في مقاطعة تايوان الصينية و433 مليون دولار في جمهورية كوريا، و80 مليون دولار في أوروغواي، و15 مليون دولار في اليابان (الجدول 2). أما أعباء جنون البقر في المملكة المتحدة في 1996/1997 فقد وصلت إلى 3.8 مليار دولار. وبلغت أعباء حمى الخنازير المألوفة في هولندا 2.3 مليار دولار. وحتى يتبين مغزى هذه الأرقام بالنسبة للبلدان التي توافرت عنها معلومات كاملة نسبيا عن الأعباء، نلاحظ أن الخسارة الفعلية في إجمالي الناتج المحلي بسبب انتشار الأمراض الحيوانية كانت تتراوح بين 0.2 في المائة و0.75 في المائة(1).

المرض

جنون البقر

المملكة المتحدة 1996/1997

الحمى القلاعية

مقاطعة تايوان الصينية 1997

حمى الخنازير المألوفة

هولندا 1997/1998

الحمى القلاعية

أوروغواي 2000 و2001

الحمى القلاعية

المملكة المتحدة 2001

الحمى القلاعية جمهورية كوريا 2000

الحمى القلاعية اليابان

2000

الأعباء المباشرة

 

 

 

 

 

 

 

- تعويضات

2,433

188

1,183

 

2,223

377

0.5

- تدابير المكافحة

 

66

138

20

1,335

66

14.5

المجموع الفرعي

2,433

254

1,321

20

3,558

433

15

الأعباء غير المباشرة

 

 

 

 

 

 

 

- القطاع الزراعي

 

2,202

423

 

489

 

 

- الصناعات المتصلة

 

3,212

596

60

267

 

 

- غير ذلك

 

949

 

 

4,890

 

 

المجموع الفرعي

1,395

6,363

1,019

60

5,646

غير متوافر

غير متوافر

مجموع الأعباء

3,828

6,617

2,340

80

9.204

433

15

 

 

 

 

 

 

 

 

تأثيرها على إجمالي الناتج المحلي

-0.4%(1)

-0.64%

-0.75%

غير متوافر

-2.0%2

غير متوافر

غير متوافر

تكاليف تحملها القطاع العام

63.5%

3.8%

43.5%

25.0%

38.6%

 

 

تكاليف تحملها القطاع الخاص

36.5%

96.2%

56.5%

75.0%

61.4%

غير متوافر

غير متوافر

(1) – 0.1 إلى -0.2 في المائة عند استبعاد تكاليف التعويضات التي تبلغ 64 في المائة من مجموع الأعباء.

(2) كان التأثير على إجمالي الناتج المحلي في المملكة المتحدة منخفضا نسبيا لأن إلغاء الحجوزات السياحية والرحلات الترفيهية إلى الريف (53 في المائة من مجموع الأعباء) قابلته زيادة في الإنفاق الاستهلاكي في قطاعات أخرى من اقتصاد المملكة المتحدة (Thompson, 2001).

(1) – 0.1 إلى -0.2 في المائة عند استبعاد تكاليف التعويضات التي تبلغ 64 في المائة من مجموع الأعباء. (2) كان التأثير على إجمالي الناتج المحلي في المملكة المتحدة منخفضا نسبيا لأن إلغاء الحجوزات السياحية والرحلات الترفيهية إلى الريف (53 في المائة من مجموع الأعباء) قابلته زيادة في الإنفاق الاستهلاكي في قطاعات أخرى من اقتصاد المملكة المتحدة (Thompson, 2001).

باء- الأعباء المباشرة المترتبة على ظهور الأمراض الحيوانية في الفترة الأخيرة

7 - كان هناك فارق كبير بين الأعباء المباشرة لظهور الأمراض والتدابير التي اتخذت لمكافحتها. فمثلا في اليابان وجمهورية كوريا أمكن احتواء مرض الحمى القلاعية بنجاح في مساحة محدودة. وعلى عكس ذلك، أصيبت أجزاء كبيرة من كل من المملكة المتحدة ومقاطعة تايوان الصينية، رغم أن الحالات الرئيسية كانت مركزة في مناطق الإنتاج الحيواني الرئيسية. وبصفة عامة كانت الأعباء المباشرة أقل بكثير من الأعباء غير المباشرة في كل من البلدان المتقدمة والنامية(2). وكان هناك أيضا فارق كبير بين الأعباء المباشرة لمكافحة المرض وخسائر القطاع الخاص المترتبة عليه. وقد أبرزت دراسات الحالة أن التبكير في الكشف عن المرض ورد الفعل السليم لهما أهمية كبيرة في تقليل الخسائر المترتبة عليه. فقد أمكن التعرف بسرعة على ظهور مرض الحمى القلاعية في اليابان وجمهورية كوريا، وأمكن احتوائهما واستئصالهما بطريقة فعالة مما قلل من الخسائر (الجدول 3)(3). ولكن الأعباء كانت عالية نسبيا في عدد من الحالات التي تأخر فيها الكشف عن المرض كما يلي:

8 - يضاف إلى هذا، أن الفوارق في الأعباء توحي بأنه كان من الممكن استخدام مزيد من الموارد في مرحلة مبكرة لمكافحة المرض واستئصاله. وكثيرا ما يضيع الوقت الثمين بسبب عدم سلامة رد الفعل الأولي من جانب السلطات كما أن فعالية تدابير المكافحة يمكن أن تتأثر بصعوبات النقل والتموين. فمثلا:

الجدول 3: موجز حالات ظهور الأمراض الحيوانية في الفترة الأخيرة

المرض

جنون البقر

الحمى القلاعية

حمى الخنازير المألوفة

الحمى القلاعية

الحمى القلاعية

الحمى القلاعية

الحمى القلاعية

 

المملكة المتحدة 1996/1997

مقاطعة تايوان الصينية 1997

هولندا 1997/1998

أوروغواي (2000/2001)

المملكة المتحدة 2001

جمهورية كوريا 2000

اليابان

2000

تأكيد وجود المرض

1986

20/3/1997

4/2/1997

24/4/2001

20/2/2001

2/4/2000

4/4/2000

مدة استمراره

مازال موجودا

4.5 شهر

18 شهرا

4 شهور

7.5 شهر

شهر

شهر

عدد الحالات

271 6

6.147

429

5.057

2.033

15

3

سياسة المكافحة

ذبح الحيوانات

ذبح الحيوانات والتحصين على نطاق واسع

ذبح الحيوانات

ذبح الحيوانات في بداية الأمر ثم بعد ذلك التحصين على نطاق واسع

ذبح الحيوانات

ذبح الحيوانات والتحصين فى دوائر جغرافية

ذبح الحيوانات

عدد الحيوانات المذبوحة

 

 

 

 

 

 

 

حيوانات مريضة

271 6

4.03 مليون

0.7 مليون

20.406

1.30 مليون

 

 

ذبح وقائي

 

 

1.1 مليون

 

 

 

 

الرعاية  الاجتماعية

 

 

9.2 مليون

 

 

 

 

المجموع

271 6(1)

 

11.0 مليون

20.406

6.24 مليون

2.216

740

(1) الرقم لا يشمل الحيوانات المفروزة للذبح التي جاوزت ثلاثين شهرا، والعجول الداخلة في خطة تجهيز العجول.

(1) الرقم لا يشمل الحيوانات المفروزة للذبح التي جاوزت ثلاثين شهرا، والعجول الداخلة في خطة تجهيز العجول.

9 - ويمكن أن يصبح توقيت التجاوب مع انتشار الأمراض والأوبئة الحيوانية ونشر الموارد المناسبة أمرا سهلا من خلال وضع خطط للطوارئ تتضمن نظاما يشمل جميع جوانب العاملين والمختبرات والتمويل الطارئ. كما أن وجود بنية واضحة لاتخاذ القرارات وتوزيع المسؤوليات في حالة الطوارئ أمر حاسم لتعزيز سرعة الاستجابة المبكرة عند ظهور الأمراض (Burrell).

جيم- الأعباء غير المباشرة المترتبة على ظهور الأمراض الحيوانية في الفترة الأخيرة

10 - إن ضخامة الخسائر المترتبة على الأمراض الحيوانية تلقي الضوء على التأثير السلبي الخطير للأمراض الحيوانية على الاقتصاد بأكمله، وبالتالي على عملية النمو الاقتصادي في كل من البلدان المتقدمة والنامية. وقد كان من المعروف دائما أن الزراعة تساهم مساهمة كبيرة في توليد الدخل وفرص العمل في الصناعات الأخرى. ولكن مدى الارتباط بينها وبين سائر القطاعات لم يبرز إلا بعد انتشار الأمراض في الفترة الأخيرة. فمثلا وصل التأثير السلبي لظهور مرض الحمى القلاعية عام 2001 على السياحة وقطاع الترفيه في المملكة المتحدة (وهذا عنصر آخر من عناصر الأعباء غير المباشرة) إلى ما مجموعه 4.9 مليار دولار بسبب القيود على الدخول إلى المناطق الريفية، وكان ذلك المبلغ يجاوز نصف مجموع الأعباء. وبالمثل في البلدان الأخرى التي شملتها دراسات الحالة أي في مقاطعة تايوان الصينية وهولندا وأوروغواي، كانت الصناعات السابقة واللاحقة الداخلة في سلسلة الإمدادات الزراعية هي التي تحملت أكبر الخسائر.

11 - ومن المحتمل أنه كلما زاد ثراء البلدان، وأصبحت تنفق نسبة متزايدة من دخلها على المنتجات الغذائية ذات القيمة المضافة، وتخصص مزيدا من وقتها للسياحة وأنشطة الترويح في المناطق الريفية، ستعاني هذه القطاعات بنسبة أكبر من نسبة معاناة القطاع الزراعي في حالة ظهور مرض وبائي حيواني. كما أن المنتجين كثيرا ما يحصلون في البلدان المتقدمة على تعويضات تغطي تكاليف الحيوانات الواجب ذبحها مما يقلل من التأثير السلبي على قطاعات الإنتاج الزراعي. لكن هذه التعويضات لا تغطي الخسائر المترتبة على بقاء الموارد الإنتاجية عاطلة بعد انخفاض عدد القطيع، ولا تعوض عن فوات الكسب من الإنتاج الذي كان من الممكن تحقيقه لولا وجود المرض، وهو ما حدث في حالة مرض الحمى القلاعية في المملكة المتحدة.

12 - يضاف إلى ذلك، أن هناك أعباء مستترة وراء الأمراض الوبائية الحيوانية. فقد بلغ عدد الحيوانات المذبوحة في مقاطعة تايوان الصينية وهولندا والمملكة المتحدة 4.03 مليون و11.0 مليون و6.24 مليون حيوان على التوالي. والتخلص من الذبائح له انعكاسات بيئية هائلة؛ وأثناء الأسابيع الستة الأولى من ظهور مرض الحمى القلاعية في المملكة المتحدة أدى حرق الذبائح إلى إطلاق الديوكسين في الغلاف الجوي بنحو 18 في المائة من الانبعاثات السنوية في المملكة المتحدة، واقتضى الأمر إعادة حفر موقع من مواقع الدفن بسبب القلق من أن الذبائح المدفونة تلوث طبقة المياه الجوفية. كما أن ذبح الحيوانات بأعداد كبيرة أدى إلى فقدان التنوع البيولوجي بين أعداد الحيوانات المحلية، وأصبحت بعض السلالات معرضة له بدرجة كبيرة بعد ظهور الحمى القلاعية في المملكة المتحدة (Alderson, 2001).

دال- تأثير الأمراض الحيوانية على التجارة العالمية في اللحوم

13 - من منظور التجارة الدولية، كان لظهور الأمراض العابرة للحدود في الفترة الأخيرة وفرض قيود على التصدير بسبب هذه الأمراض تأثير فوري على التجارة العالمية في اللحوم. فتجارة اللحوم لم تشهد إلا نموا جزئيا فحسب عام 2001 وكان هو أبطأ نمو على مدى 13 عاما وذلك بسبب انقطاع التجارة عند إغلاق الأسواق مؤقتا وبسبب تغير تفضيلات المستهلكين الراجع إلى اعتبارات سلامة الأغذية. وانخفضت تجارة اللحم البقري بوجه خاص بنسبة 4 في المائة متأثرة بظهور حالات الحمى القلاعية وتزايد التقارير عن وجود حالات جنون البقر خارج أوروبا. ولكن من الصعب التمييز بين التأثير الذي يحدثه كل مرض من الأمراض بسبب تعقيدات التعرف على التطورات التجارية التي كان يمكن أن تحدث عند عدم ظهور المرض. بيد أن دراسة الحالات أظهرت أن ظهور الأمراض الحيوانية في كبرى البلدان المصدرة للحوم يبدو أنه:

14 - وفي حالة أزمة جنون البقر في المملكة المتحدة في 1996/1997 كان تأثير الأزمة على صادرات الأبقار واللحوم الحمراء خارج الاتحاد الأوروبي تأثيرا محدودا لأن المملكة المتحدة لم تكن مصدرا كبيرا خارج الاتحاد الأوروبي. ولكن الأزمة سببت انتقال الطلب العالمي على اللحم البقري إلى مشتقات لحوم أخرى بسبب القلق من سلامة لحوم البقر. وفي عام 1997، أدى ظهور حمى الخنازير المألوفة في الاتحاد الأوروبي إلى تأثير كبير في التجارة بهذه اللحوم داخل الاتحاد لأن هولندا كانت مصدرا رئيسيا للحوم الخنازير والخنازير الحية داخل الاتحاد. ولكن التجارة العالمية في لحوم الخنازير لم تتأثر بدرجة كبيرة لأن هولندا، شأنها شأن ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا، لم تكن من كبار مصدري لحوم الخنازير خارج الاتحاد الأوروبي. يضاف إلى هذا أن إنتاج لحوم الخنازير في الاتحاد الأوروبي وقت ظهور المرض كان يتزايد استجابة لارتفاع الطلب عليها (وارتفاع الأسعار المحلية) نتيجة لأزمة جنون البقر في السنة السابقة.

15 - وفي مقاطعة تايوان الصينية، كان رد الفعل أمام ظهور مرض جنون البقر هو انخفاض إنتاج لحوم الخنازير بنسبة 19 في المائة عام 1997 وبنسبة 13 في المائة عام 1998، وبنسبة 8 في المائة عام 1999. وإلى جانب ذلك، انخفضت صادراتها من هذه اللحوم، التي كانت تقدر عام 1996 بمبلغ 1.6 مليار دولار إلى 234 مليون دولار عام 1997. وكان من الممكن في غياب هذا المرض أن تصل القيمة التجميعية لصادرات لحوم الخنازير حتى عام 2001 إلى مبلغ 7.8 مليار دولار مقابل القيمة التجميعية الحالية لتلك الصادرات التي لا تصل إلا إلى 245 مليون دولار. وكان لهذا المرض تأثير أوسع هو إعادة توزيع كبيرة لمصادر لحوم الخنازير المتجهة إلى السوق اليابانية، إذ انخفضت تحركات هذه المنتجات من مقاطعة تايوان الصينية وتوسعت من كل من الولايات المتحدة والدانمرك وكندا وجمهورية كوريا.

16 - ولكن ظهور الحمى القلاعية في جمهورية كوريا عام 2000 أنهى التوسع الذي كان قد حدث منذ وقت قريب في تجارتها مع اليابان التي كانت تبلغ 300 مليون دولار، واستطاع مصدرون رئيسيون آخرون أن يزيدوا حصتهم في السوق اليابانية. ومع ظهور حالات مرض جنون البقر في الاتحاد الأوروبي وحالات مرض الحمى القلاعية في المملكة المتحدة وأوروغواي والأرجنتين وجمهورية كوريا، تباطأت التجارة العالمية في اللحوم في عامي 2000 و2001 وتغيرت أنماط الاستهلاك بين مختلف أنواع اللحوم بسبب ارتفاع أسعار اللحوم الأخرى غير لحوم الأبقار. وتقدّر الخسائر في أوروغواي والأرجنتين بـ 178 مليون دولار و440 مليون دولار على التوالي.

17 - ولا يبدو أن هذه الأمراض الوبائية الحيوانية أدت إلى اختلالات طويلة الأجل في الأسواق. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الاستجابة السعرية لنقص إمدادات التصدير من أحد البلدان المنتجة كان يؤدي في العادة إلى زيادة الإمدادات في مكان آخر. وقد أمكن وضع تقدير كمي لتأثير مرضي الحمى القلاعية وجنون البقر على الإنتاج والاستهلاك والتجارة والأسعار العالمية لمختلف أنواع اللحوم، ومقارنته بإسقاطات خط الأساس الفعلية، وذلك بالاعتماد على نموذج الأغذية العالمي الذي وضعته منظمة الأغذية والزراعة. وقد قدمت النتائج إلى الدورة السابعة عشرة للجماعة الحكومية الدولية المختصة باللحوم في يوليو/ تموز 2001. وأظهرت أن المستهلكين يعانون، إلى جانب المنتجين من أزمات مرض الحمى القلاعية في البلدان المصدرة للحوم. والمقدّر أن تأثير حالات ظهور هذا المرض في الأجل القصير في البلدان المصدرة الرئيسية هي:

18 - والواقع أن السوق العالمية للحوم شهدت في عام 2001 انخفاضا بنسبة 4 في المائة في تجارة اللحم البقري وارتفاع الطلب والأسعار بالنسبة للحوم الأخرى، وخصوصا لحوم الدواجن، في أعقاب انتشار الأمراض الحيوانية التي أغلقت الأسواق. وكانت هذه المكاسب السعرية للحوم الأخرى يقابلها انخفاض مستمر في الأسعار الدولية للحم البقري التي انخفضت بأكثر من 4 في المائة بسبب انخفاض الطلب في المناطق المصابة بمرض الحمى القلاعية وفي آسيا في أعقاب أول تقرير عن حالات جنون البقر في اليابان.

19 - ويؤدي تحول وجهة التجارة وتغير الحصص السوقية بين مختلف البلدان المصدرة إلى أعباء كبيرة على الموارد. فنفقة الفرصة في حالة "سوء تخصيص" الموارد العالمية وعدم مواصلة التجارة استنادا إلى المزايا المقارنة، إلى جانب نفقات التكييف الراجعة إلى توريد كميات ونوعيات جديدة من المنتجات المطلوبة، هي نفقات كبيرة. فمثلا بعد أن خرجت مقاطعة تايوان الصينية من السوق اليابانية اضطرت شركات التجهيز الموجودة في البلدان الأخرى إلى تحمل أعباء كبيرة للاستثمار في خطوط الإنتاج المناسبة ولإعادة تدريب العاملين على إنتاج لحوم الخنزير بحسب المواصفات المطلوبة في تلك السوق. وفي حالة شركات التجهيز في جمهورية كوريا كان هذا الاستثمار قصير العمر لأن مرض الحمى القلاعية ظهر بعد ذلك وضاعت سوق التصدير إلى اليابان بعد ثلاث سنوات.

20 - وتطبق البلدان المصدرة تدابير وسياسات محلية متنوعة في أعقاب ظهور أمراض عابرة للحدود، وهذه التدابير تؤثر على التنافسية في المستقبل وعلى مدى توافر الإمدادات للتصدير. وتقوم هذه التدابير على ضرورة تقليل السلسلة التي ينتشر بها المرض. وقد طبقت مقاطعة تايوان الصينية وهولندا تدابير بتخفيض قطيع الخنازير الأهلي في حين أن المملكة المتحدة أخذت في تقليل قطيع الأغنام. كما أن نظام تسويق الأغنام في المملكة المتحدة سيتغير لتقليل نطاق تحركات الحيوانات وتقليل احتمالات التلوث المتقاطع مع تحسين التعرف على الإصابات وتتبعها.

رابعا- الاستنتاجات والتوصيات

21 - أكدت دراسات الحالات حدوث خسائر كبيرة اجتماعية واقتصادية لكل من البلدان المتقدمة والنامية عند ظهور مرض عابر للحدود. ويتوقف نطاق هذه الخسائر أساسا على مدى انتشار المرض وسرعة تنفيذ تدابير المكافحة وأنواع هذه التدابير. ولوحظ في هذا الخصوص أن البلدان التي تحملت أكبر الخسائر هي البلدان التي ظل المرض فيها غير مكتشف لمدة أسابيع، والتي لم توفر موارد كافية لمكافحته بعد اكتشافه.

22 - ومن زاوية التجارة العالمية، يبدو أن ظهور الأمراض الحيوانية في البلدان الرئيسية المصدرة للحوم قد أحدث تحولا في اتجاه التجارة، وتغيرا في الحصص السوقية بين مختلف مصدري نفس المنتجات، إلى جانب تعجيل انتقال الاستهلاك من اللحوم الحمراء إلى لحوم الدواجن. ورغم أن هذه التغيرات ربما لا تكون لها آثار باقية لأجل بعيد، فإن الأعباء الراجعة إلى سوء تخصيص الموارد كانت كبيرة رغم ضآلة المعلومات المعروفة. وكانت هناك حدود بوجه خاص على معرفة الأعباء غير المباشرة المترتبة على الأمراض الحيوانية وخصوصا في اليابان و جمهورية كوريا وأوروغواي.

23 - والقول بأن الأمراض الوبائية الحيوانية هي أساسا مشكلة تخص القطاع الزراعي فيه تهوين من شأن الأعباء الحقيقية التي يتحملها المجتمع. فبدون توافر معلومات مناسبة عن الأعباء، قد يؤدي التحليل الاقتصادي إلى عدم فهم من جانب واضعي السياسات للعلاقات المعقدة والخسارة المحتملة من مختلف خيارات مكافحة المرض وتأثيراتها على تخصيص الموارد والقيمة التي يمكن أن تتحقق للمجتمع من هذا النوع من تخصيص الموارد.

24 - ولهذا يحتاج الأمر إلى مزيد من الموارد، وخصوصا في البلدان النامية، لجمع وتحليل المعلومات التي يمكن أن تستند إليها قرارات السياسات. ولكن من المهم أن تكون السياسات التي ستتبع لمكافحة ظهور الأمراض هي سياسات تقلل الأعباء الاقتصادية في جميع مستويات المجتمع المتأثرة بظهور المرض، ومتى أمكن جمع وتحليل معلومات دقيقة وكاملة عن الخسائر المالية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على ظهور أمراض حيوانية يستطيع واضعو السياسات اتخاذ القرارات بشأن استراتيجيات المكافحة المناسبة بحيث تكون قرارات قائمة على معلومات صحيحة. ومن تحليل دراسات الحالة في هذه الدراسة يظهر عنصر مهم، بوجه خاص، هو النقص الواضح في استعدادات كثير من البلدان لمراقبة الأمراض وتنفيذ تدابير المكافحة الطارئة تنفيذا فعالا.

25 - وقد أبرزت الأمراض الوبائية الحيوانية في الفترة الأخيرة دور تحركات القطعان في نشر المرض. فزيادة تكثيف الإنتاج والاتجاه نحو إقامة مرافق ذبح أكبر في مناطق بعيدة عن مناطق الإنتاج في كثير من الحالات، يعجل بزيادة تحركات الحيوانات في مناطق أوسع. وينبغي للبلدان أن تتعرف على آليات انتقال الأمراض الحيوانية وأن تتخذ الاحتياطات منعا لاحتمال انتشار الأمراض. وفي الحالات التي تناولتها الدراسة كانت الإجراءات تشمل وضع حدود على تحركات الحيوانات، وإقامة نظم لتتبع الحيوانات، إلى جانب تخفيض حجم صناعة لحوم الخنازير وإعادة هيكلتها في حالة مقاطعة تايوان الصينية.

26 - وهناك حاجة واضحة إلى تحسين القدرات القطرية على اكتشاف الأمراض الحيوانية العابرة للحدود مبكرا، وإلى وجود شبكة معلومات عالمية تقدم الإنذار المبكر للبلدان حتى تتخذ التدابير لمنع انتشار تلك الأمراض على النطاق الدولي. ونظرا لتزايد تحركات الحيوانات والمشتقات الحيوانية على النطاق العالمي، سواء من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية أو بالعكس، فإن من مصلحة جميع البلدان تعزيز قاعدة الموارد الدولية لتنسيق الأنشطة المتصلة بالوقاية من الأمراض الحيوانية العابرة للحدود ومكافحتها. وينبغي للجهات المانحة والمؤسسات الدولية والبلدان المشاركة أن تنسق جمع المعلومات وإذاعتها، وأن تقدم المساعدة الفنية للأنشطة الميدانية في البلدان النامية بهدف تعزيز القدرة القطرية والدولية من أجل التبكير باكتشاف حالات ظهور أمراض عابرة للحدود وتخطيط مواجهة طوارئ الأمراض الحيوانية ومكافحتها.


(1) إذا كانت الأعباء المباشرة المعروضة في دراسات الحالة هي أعباء كاملة، فإن عددا من البلدان التي شملتها الدراسة ليس لديها معلومات كاملة عن الأعباء غير المباشرة للأمراض الحيوانية. فمثلا لم تكن هذه المعلومات متوافرة بسهولة في كل من اليابان وجمهورية كوريا، أما في حالة أوروغواي، فإن الأعباء غير المباشرة لمرض الحمى القلاعية كانت هي الأعباء التي تأثرت بها صناعة تعبئة اللحوم. (2) والاستثناء الوحيد هو حالة انتشار حمى الخنازير المألوفة في هولندا. فالتوسع الكبير في ذبح الحيوانات التي كانت المزارع مكتظة بها بسبب قيود النقل (9.2 مليون خنزير) رفع من الأعباء المباشرة بالنسبة للأعباء غير المباشرة التي كانت منخفضة نسبيا لأن المرض لم يحدث ضررا بالاقتصاد في مجموعه على النحو الذي أحدثته أمراض أخرى (مثل مرض الحمى القلاعية). (3) يلاحظ في هذا الصدد أن مرض جنون البقر فريد من نوعه إلى أنه لا ينتشر عن طريق الاتصال كما أن مدة الحضانة تطول إلى عدة سنوات. ومعنى هذا أنه عند تشخيص المرض كمرض جديد يصيب الأبقار عام 1986 كانت هناك آلاف من الرؤوس مصابة بالفعل