تقرير المؤتمر الإقليمي لأفريقيا
جوهانسبرج، جنوب أفريقيا، 1-5/3/2004


المرفق دال

بيان المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

للمؤتمر الاقليمي الثالث والعشرون لأفريقيا
جوهانسبرج، جنوب أفريقيا، 4/3/2004

صاحب الفخامة Thabo Mbeki، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا،
أصحاب المعالي الوزراء،
المندوبون الكرام،
السيدات والسادة،

إن لمن دواعي سروري أن أحل ببلادكم الكريمة رمز النهضة في أفريقيا وأن أخاطب وزراء الزراعة وغيرهم من المسؤولين عن الزراعة الأفريقية المشاركين في مؤتمر المنظمة الإقليمي الثالث والعشرين لأفريقيا في رحاب مركز ساندتون الرائع. واسمحوا لي أيضا أن أعبر عن خالص امتناني لفخامة الرئيس Thabo Mbeki وحكومته للاستقبال الحار الذي حبونا به ولضيافتهم الكريمة.

أصحاب المعالي، السيدات والسادة

(حالة الأغذية والزراعة في العالم)

خلال النصف الأول من التسعينات، انخفض عدد الجياع بمقدار 37 مليونا. وعلى النقيض سجل هذا الرقم ارتفاعا قدره 18 مليونا خلال النصف الثاني من العقد نفسه. والإنجازات الإيجابية التي حققها عدد كبير من البلدان قابلها تراجع في بلدان كثيرة أخرى. ففي الفترة 1999 - 2001 بلغ عدد من يعانون من نقص التغذية في العالم 842 مليون نسمة، منهم 798 مليونا في البلدان النامية و34 مليونا في البلدان التي تمر بمرحلة تحول و10 ملايين في البلدان الصناعية. وتبعا لهذا المعدل، فإن الهدف الذي حدده مؤتمر القمة العالمي للأغذية بتخفيض عدد الجياع إلى النصف بحلول عام 2015 لن يتحقق قبل عام 2150.

وفي عام 2003، قارب الاستخدام العالمي للحبوب مليار و970 مليون طن ليتجاوز الإنتاج بمائة مليون طن.

وأسعار الكثير من المنتجات المخصصة للتصدير في البلدان النامية انخفضت حاليا إلى أقل مستوى لها حتى الآن. ويعد البن والقطن مثالان صارخان، وإن يكن الكاكاو والسكر والموز تعاني بدورها من نفس الوضع. وتبعا لذلك، انخفضت الأسعار العالمية للبن من نحو 135 دولارا أمريكيا للكيلوغرام الواحد في منتصف التسعينات ليهبط سعر الكيلوغرام إلى أقل من 50 دولارا خلال العامين الماضيين. كما أن حصيلة إيرادات القطن للبلدان النامية قد تقلصت من 3.5 مليار دولار أمريكي في 1996 إلى أقل من ملياري دولار خلال السنوات الأخيرة. وعلاوة على ذلك، هناك ثلاثة وأربعون بلدا تستمد من منتج زراعي واحد ما يزيد على 20 في المائة من مجموع عائدات صادراتها وأكثر من 50 في المائة من مجموع عائدات صادراتها من المنتجات الزراعية.

وإثر فشل مؤتمر كانكون الوزاري، استؤنفت المفاوضات في أعقاب اجتماع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية في ديسمبر/كانون الأول 2003. والالتزام بتحقيق برنامج الدوحة للتنمية في مجال الزراعة أكده اجتماع المائدة المستديرة الذي نظم حول هذا الموضوع في 2/12/2003 إبان مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الثاني والثلاثين، إذ أن التجارة العادلة أساسية لتحقيق التنمية الريفية والأمن الغذائي. وفي هذا السياق، فإن الدور الذي تضطلع به لجنة مشكلات السلع لدى منظمة الأغذية والزراعة بات أهم من أي وقت مضى. واستجابة لهذا الشاغل، أعتزم دعوة ممثلي وزارات التجارة لحضور الدورة القادمة لهذه اللجنة في فبراير/شباط 2005.

وبحساب الأسعار الثابتة لعام 1995، تراجعت المعونة الخارجية للتنمية الزراعية من 27 مليار دولار أمريكي إلى 10 و15 مليارا خلال التسعينات. بينما تدعو الضرورة إلى مضاعفة هذا الرقم والى زيادة حصة الزراعة من الميزانيات الوطنية لتسريع خطى التقدم على طريق تخفيض نقص التغذية.

(الموائد المستديرة بشأن تمويل التنمية الزراعية)

سعيا لحشد هذه الموارد المالية، قررت منظمة الأغذية والزراعة، بالاشتراك مع مصارف التنمية الإقليمية، عقد موائد مستديرة بشأن تمويل الزراعة متزامنة مع عقد كل من المؤتمرات الإقليمية لعام 2004 في الأقاليم النامية.

(مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد)

خلال مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد، الذي انعقد في روما خلال شهر يونيو/حزيران 2002، قرر رؤساء الدول والحكومات الإسراع في تنفيذ خطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة ودعوا إلى قيام تحالف دولي ضد الجوع.

وتحقيقا لهذه الغاية تنشأ اليوم تحالفات قطرية في البلدان الأعضاء تهدف إلى تجنيد الحكومات والبرلمانات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الزراعية.

(الزراعة)

لابد للبلدان النامية من أن تلبي التحدى المتمثل في ضرورة زيادة إنتاجيتها الزراعية والتصدي لتزايد المنافسة في الأسواق من أجل تحسين أوضاع أمنها الغذائي.

والتربة تتعرض للتدهور المتسارع الذي لحق بنحو 21 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة مما ينذر بخطر خسارة لن تعوض لستة ملايين هكتار. وفي المناطق القاحلة وشبه القاحلة التي تغطي 45 في المائة من مساحة اليابسة في العالم، يمكن للإدارة المتكاملة للأراضي والمياه والأسمدة أن تخفف إلى حد بعيد من وطأة هذه الأحوال.

ومن شأن الزراعة الحضرية وشبه الحضرية والحدائق المدرسية والأسرية الصغيرة أن تكفل تحقيق تحسن سريع في الوضع التغذوي للفقراء في المناطق الحضرية، بقدر متواضع من الاستثمار. وقد بدأت منظمة الأغذية والزراعة مشاريع في هذا المجال في كافة أقاليم العالم، مستخدمة في ذلك أموال برنامج التعاون الفني وبرنامج تليفود.

ويعول زهاء 800 مليار نسمة من فقراء الريف في معيشتهم على تربية الحيوانات التي تلبي ما يتراوح بين 30 إلى 40 في المائة من مجموع الاحتياجات الغذائية.

إن الأوبئة الحيوانية العابرة للحدود كالحمى القلاعية وحمى الرفت فاللي، والحمى النزفية، وطاعون الخنازير، والالتهاب الرئوي المعدي لدى الأبقار، وانفلونزا الطيور، تشكل جميعها مبعث قلق على صعيد التجارة، وعلى صعيد الصحة العامة. ومع ذلك فهناك بعض التقدم الحقيقي في هذه الأوضاع. ومن ذلك أن عدد البلدان التي أصبحت بالفعل خالية من الطاعون البقري يتجاوز 105 بلدان حاليا ويستمر في الارتفاع، لكن لابد للبلدان المعنية والمنظمات الإقليمية والدولية والمنظمات غير الحكومية والجهات المانحة أن تعمل سوية للقضاء على آخر بؤر المرض. كما أن مكافحة الأوبئة القديمة والجديدة تعد تحديا هاما تعمل المنظمة وشركاؤها على مواجهته ضمن إطار نظام الوقاية من طوارئ الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية العابرة للحدود.

والمعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة صادق عليها 34 بلدا وستدخل حيز التنفيذ بعد توقيعها من قبل 40 بلدا، وعلى الأرجح خلال النصف الأول من 2004. وهذا مجال تعمل في نطاقه المنظمة على تشجيع صون المعارف الأصلية، وخاصة فيما يتعلق بالتنوع الحيوي الزراعي.

(الغابات)

من المقرر تنظيم اجتماع وزاري خلال عام 2005 لدراسة التوصيات الصادرة عن الهيئات الإقليمية، ولاتخاذ قرارات استراتيجية بشأن مستقبل هذا القطاع.

(مصايد الأسماك)

على صعيد العالم استنزف ما يزيد على 10 في المائة من الأرصدة السمكية فيما تتعرض 18 في المائة منها للاستغلال المفرط جراء عمليات الصيد غير القانوني بدون إبلاغ وبدون تنظيم، واستخدام التقانات الجديدة الأكثر كفاءة والطاقات الزائدة عن الحد لأساطيل الصيد. ويزيد من خطورة الوضع انعدام الرصد والرقابة والإشراف على السفن، وعلى الأخص باستخدام تقانة الإرشاد بالراديو عبر الأقمار الصناعية.

وبناء على ذلك، ستدعو المنظمة إلى عقد اجتماع لوزراء الثروة السمكية في روما خلال 2005 لإعطاء قوة دفع جديدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا القطاع.

(التنمية الزراعية المستدامة)

فيما يتعلق بالزراعة المستدامة والتنمية الريفية، تواصل المنظمة العمل على وضع مشروع مدته أربع سنوات للمناطق الجبلية بالتعاون مع 250 منظمة من منظمات المجتمع المدني في 90 بلدا وتعمل بصورة وثيقة مع 65 حكومة ومنظمة حكومية دولية.

سينعقد المؤتمر الدولي للدول النامية الجزرية الصغيرة في موريشيوس خلال شهر أغسطس/آب 2004. وتشارك المنظمة مشاركة نشطة في هذه المبادرة. كما سيعقد مؤتمر وزاري للتنمية الزراعية في الدول النامية الجزرية الصغيرة في روما خلال عام 2005.

وفى حين تساهم المرأة بنحو 60 من الإنتاج الزراعي في البلدان النامية، فإنها لا تتمتع بفرص متكافئة في الحصول على موارد الإنتاج. وتبذل المنظمة جهودا دؤوبة لمعالجة هذه المشكلة باستحداث مؤشرات محددة بشأن السياسات الملائمة.

(حالات الطوارئ)

في نهاية 2003 كان هناك 38 بلدا يعاني من نقص خطير فى الأغذية يستدعي مساعدات دولية. لكن المعونة الغذائية من الحبوب قد تناقصت إلى 7.4 مليون طن في الفترة 2001 - 2002، أي ما يقل بنحو 2.3 مليون طن أو 23 في المائة عن الفترة 2000 – 2001.

وخلال الفترة الواقعة بين 1985 و2000 تسبب وباء فيروس نقص المناعة البشرية/ متلازمة نقص المناعة المكتسب في وفاة 8 ملايين من صغار المزارعين والعمال الزراعيين في البلدان الخمسة والعشرين الأكثر إصابة بهذا المرض. ولمواجهة هذا الوضع فإن محور الاستجابة الاستراتيجية لدى المنظمة يركز على السياسات الزراعية والريفية وعلى البرامج والمشروعات والأطر المؤسسية.

فخامة الرئيس،
أصحاب المعالي،
السيدات والسادة،

(حالة الأغذية والزراعة في الإقليم)

أفريقيا هي الإقليم الوحيد في العالم الذي يشهد فيه معدل نصيب الفرد من الإنتاج الغذائي تراجعا مستمرا منذ أربعين عاما. وإذا ما استمرت الاتجاهات الحالية، فإن عدد من يعانون نقص التغذية في القارة سيزيد خلال الفترة بين الآن وعام 2015، على النقيض من بقية الأقاليم النامية الأخرى.

وخــلال الفترة 1999-2001 كان 26 في المائــــة من سكان أفريقيــــا يعانون من نقص التغذية المزمن، أي ما مجموعه 207 ملايين نسمة.

إن المعدلات الحالية لنقص التغذية واتجاهاتها المنذرة بالخطر تشكل دافعا قويا لإيلاء التنمية الزراعية في أفريقيا مرتبة عليا على سلم الأولويات.

والأهم أن الزراعة تسهم بمقدار 17 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي و57 في المائة من فرص العمل و11 في المائة من عائدات التصدير.

وبلدان القارة تعاني من نتائج تقلبات الإنتاج والانخفاض النسبي في الغلات والاعتماد الشديد على صادرات السلع الأولية، كل ذلك في سياق يتميز بضعف مرونة الطلب والتقلبات الحادة في الأسعار. والزراعة الأفريقية تفتقر إلى رأس المال وأداؤها ضعيف ولا تملك القدرة على التنافس.

والأسباب الكامنة وراء هذا الوضع عديدة. ومن ذلك على سبيل المثال أن استخدام المدخلات الحديثة ضعيف للغاية، إذ لا يستخدم سوى 22 كيلوغراما من السماد للهكتار الواحد في الأراضي الزراعية في أفريقيا مقابل 144 كيلوغراما في آسيا. كما أن معدل الاستخدام هذا يزداد انخفاضا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ليهبط إلى 10 كيلوغرامات للهكتار فقط.

والبذور المنتقاة التي كانت وراء نجاح الثورة الخضراء في آسيا وأمريكا اللاتينية لا تستخدم إلا لماما في أفريقيا. كما أن هناك نقصا شديدا في الطرق الريفية ومرافق التخزين والتصنيع.

والمياه عامل آخر له تأثير بالغ علي ضعف أداء الزراعة في القارة. فأفريقيا لا تزال عاجزة عن الاستفادة التامة من مواردها المائية سواء كانت هذه الموارد من المياه السطحية أو الجوفية أو من جريان مياه الأمطار. ولا تستخدم سوى 1.6 في المائة فقط من احتياطيها المائي المتوافر للري، مقابل 14 في المائة في آسيا.

وفي أفريقيا تبلغ نسبة الأراضي الزراعية المروية 7 في المائة فقط مقابل 40 في المائة في آسيا، وإذا استثنيت البلدان الخمسة التي تتميز بتطور الري، أي المغرب ومصر والسودان ومدغشقر وجنوب أفريقيا، فإن نسبة الأراضي المروية في البلدان الثمانية والأربعين الباقية تقل عن 3 في المائة.

إن غلات المحاصيل المروية أكبر بثلاث مرات قدر غلات المحاصيل البعلية. لكن النشاط الزراعي في 93 في المائة من الأراضي الزراعية في أفريقيا يعول على معدلات أمطار متقلبة للغاية مما يعرضها لخطر جفاف شديد. وبالتالي فإن 80 في المائة من حالات الطوارئ الغذائية ترتبط بموارد المياه، وإجهاد المياه على وجه الخصوص.

إن قصور التحكم في المياه وانعدام البنى الأساسية يشكلان عوامل هيكلية معيقة وتفسر إلى حد كبير قلة إنتاجية الزراعة الأفريقية وضعف قدرتها التنافسية.

وخلال الفترة 1990 و 2000، كان المتوسط السنوي لخسارة الغطاء الحرجي على أشده في أفريقيا: حيث بلغ 0.78 في المائة مقارنة بنسبة 0.41 في المائة في أمريكا الجنوبية و0.2 في المائة على مستوى العالم.

وخلال العشر سنوات الأخيرة ظل إنتاج الأسماك في أفريقيا يعاني من الركود، وتناقص معدل نصيب الفرد من الإمدادات السمكية. إذ انخفضت الإمدادات الظاهرية من 9 كيلوغرامات للفرد سنويا إلى 7 كيلوغرامات للفرد سنويا. وعلى الصعيد العالمي، فإن تربية الأحياء المائية أصبحت أكثر فأكثر مصدر الإمدادات السمكية، حيث توفر حاليا قرابة 30 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي. أما في أفريقيا فإن مساهمة تربية الأحياء المائية في الإنتاج ضئيلة إلى حـــــــد لا يذكر.

فخامة الرئيس،
أصحاب المعالي،
السيدات والسادة،

(جدول أعمال المؤتمر)

(أنشطة البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا/الشراكة الجديدة من أجل التنمية في أفريقيا (نيباد))

إن هذا المؤتمر الإقليمي عليه أن يناقش مسألة تنفيذ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا في إطار نيباد والذي وافق عليه الاجتماع الوزاري الخاص للمؤتمر الإقليمي لأفريقيا، الذي عقدته المنظمة في روما بتاريخ 9/6/2002. وقد لقي البرنامج دعماً كبيراً في يوليو/تموز 2003 خلال الجلسة العادية الثانية لجمعية الاتحاد الأفريقي في مابوتو، حين أقرّ رؤساء الدول والحكومات الإعلان بشأن الزراعة والأمن الغذائي في أفريقيا. ومنذ ذلك الحين، كثفت المنظمة من المساعدة التى تقدمها للدول الأعضاء في الإقليم لدعم الإجراءات التي اتخذتها. وخلال شهري سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول 2003، استضافت المنظمة ممثلي 18 بلداً عضواً في لجنة تنفيذ نيباد، إلى جانب ممثلين عن مصرف التنمية الأفريقي والبنك الدولى والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي والمجتمع المدني، بغرض دراسة سبل دعم تنفيذ البرنامج الشامل.

وأنتم مدعوون اليوم إلى تبادل المعلومات عما اتخذتموه من إجراءات فرادى أو مجتمعين لوضع التزامات مابوتو والبرنامج الشامل حيّز التنفيذ، إلى جانب بحث مسألة تمويل هذا البرنامج. وسترفع المنظمة تقريراً عن تعاونها مع الدول الأعضاء في هذه العملية. وقد ركزت المنظمة فيما تقدمه من دعم على تحديث الاستراتيجيات القطرية للأمن الغذائي والتنمية الزراعية – آفاق 2015، وعلى إعداد 50 برنامجا قطريا متوسط الأجل وبرامج تشريعية، إضافة إلى المشروعات القابلة للتمويل، والتي ستعرض على المجموعات التمويلية الاستشارية. كما أنها ستساعد الدول الأعضاء على تنفيذ إعلان مابوتو بتخصيص 10 في المائة على الأقل من الميزانيات الوطنية للزراعة خلال فترة خمس سنوات وإنشاء نظام لرصد الإنجازات.

(دمج الحراجة ومصايد الأسماك والثروة الحيوانية في البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا)

سيبحث المؤتمر أيضاً اقتراحا مبدئيا يدعو إلى دمج مكونات مصايد الأسماك والغابات والثروة الحيوانية في البرنامج الشامل، وهو اقتراح تمت صياغته بالتعاون مع نيباد، وعلى الأخص منظمة الأغذية والزراعة. وستعد المنظمة على ضوء استنتاجات المؤتمر مشروع وثيقة موجزة يقوم الوزراء المختصون بكل قطاع من القطاعــات بدراستهــا وتعــرض أيضاً على نيباد والاتحاد الأفريقي لدراستها، قبل عرضها على مؤتمر القمة الثالث لرؤساء دول الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا في يوليو/تموز 2004.

(نظم احتياطي الأمن الغذائي في أفريقيا)

في سياق متابعة إعلان مابوتو، أعدّت المنظمة ورقة المعلومات الأساسية المعروضة عليكم عن النظم الإقليمية لاحتياطي الأمن الغذائي. وهي إسهام في دراسة أشمل يشارك فيها برنامج الأغذية العالمي وشركاء آخرون.

وينبغي أن يكون البرنامج الخاص للأمن الغذائي، الذي اقترحه المؤتمر الإقليمي في القاهرة برنامجا لنيباد، عاملا دافعا، جنبا إلى جنب مع البرامج الإقليمية للأمن الغذائي، للتنفيذ الفعلي للبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا.

(انعكاسات تنفيذ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا على إنتاج الأسمدة واستخدامها في أفريقيا)

يشمل البحث أيضاً انعكاسات البرنامج الشامل على إنتاج الأسمدة واستخدامها في أفريقيا. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنّ التحسّن السريع للإنتاجية الزراعية رهن إلى حد كبير بتوافر الأسمدة واستخدامها والمستمدة أساسا من زيادة الإنتاج المحلي.

(تجارة المنتجات الزراعية)

إن حصة أفريقيا من التجارة العالمية بالمنتجات الزراعية لا تزيد عن 3 في المائة. ولا بد للمجتمع الدولي من إرساء قواعد تكون أكثر عدلا للجميع وتمكّن صغار المزارعين الذين لا يستفيدون من الإعانات من إيجاد أسواق لتصريف إنتاجهم. وسيبقى المنتجون تحت رحمة تقلبات السوق والدعم الذي تحصل عليه الزراعة في البلدان المتقدمة والذي وصل 318 مليار دولار في عام 2002، وستستمر المنظمة في تقديم الدعم ذي الصلة للدول الأعضاء، وخاصة في مجالي التدريب والمعلومات.

فخامة الرئيس،
أصحاب المعالي،
السيدات والسادة،

إن أفريقيا بفضل القيادة الحكيمة والإرادة السياسية لابد لها، بل وبوسعها، أن تغير الأوضاع الحالية لقطاعها الزراعي. ويكفينا أملاً التجارب المشجّعة في عدد من البلدان.
وقد ترسّخت هذه الإرادة السياسية على نحو باهر في إعلان مابوتو التاريخي بشأن الزراعة والأمن الغذائي في أفريقيا ومؤتمر القمة غير العادي بشأن الزراعة والمياه الذي عقد في سيرت مؤخراً.

ولابد الآن من تحويل الالتزامات المعلنة إلى برامج متسقة وواقعية وفعّالة هي حالياً قيد الإعداد بدعم من المنظمة. ولم يبقَ علينا سوى تعبئة الموارد المالية من الداخل والخارج. وأتمنى لكم السداد والتوفيق في عملكم، ولكم الشكر على حسن إصغائكم.



المرفق هاء

الخطاب الافتتاحى لفخامة رئيس جمهورية جنوب أفريقيا


جوهانسبرج، جنوب أفريقيا، 4/3/2004

المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة السيد جاك ضيوف
الرئيس المستقل للمجلس السيد عزيز مكوار
السادة الوزراء
أصحاب السعادة أعضاء السلك الدبلوماسي
المندوبون الكرام
السيدات والسادة

أود بادئ ذي بدء أن أعبر لكم عن عظيم شكري لمنحكم إياي فرصة التحدث إلى هذا الحشد الكريم. واسمحوا لي أن أرحب بكم أحر الترحيب بالنيابة عن حكومة وشعب جنوب أفريقيا.

لقد حظيت جنوب أفريقيا بشرف عظيم وقد انضمت إلى أسرة الأمم الأفريقية عبر استضافتها، وللمرة الأولى، لهذه الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي لافريقيا.

يقول الاقتصادي Joseph Stiglitz الحائز على جائزة نوبل في كتابه "العولمة ومعارضوها":

" ينبغي على البلدان النامية أن تأخذ على عاتقها مسؤولية رخائها.... وما تحتاجه هو سياسات لتحقيق النمو المستدام والعادل والديمقراطي. هذا هو الهدف وراء التنمية. فالتنمية لا تهدف إلى مساعدة البعض على الإثراء أو إلى إنشاء حفنة من الصناعات العقيمة التي تحظى بالحماية والتي تعود بالفائدة على الصفوة في قطر ما. والتنميـــــــة لا تهدف إلى وضع العلامات التجارية الفاخرة على غرار برادا، وبنيتون، ورالف لورين، أو لويس فويتون، في متناول الأغنياء من الحضر، وترك فقراء الريف قابعين في بؤسهم.... التنمية هي تحويل المجتمعات وتحسين ظروف معيشة الفقراء، وتمكين الجميع من اقتناص الفرصة للنجاح والوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم. والتنمية بمعناها هذا لن تتحقق إذا تُرك إملاء السياسات التي يجب على البلدان اتباعها في يد قلّة... بل يجب توسيع نطاق المشاركة ليتجاوز حلقة الخبراء والسياسيين. (Penguin Books، لندن 2002 الصفحتان 251 و252).

إن معظمنا، نحن المشاركون في هذا المؤتمر، ينتمي إلى ما يسميه البعض بالطبقة السياسية. ونحن ننتمي إلى القيادة السياسية في بلداننا وفي قارتنا. وتتمثل إحدى مسؤولياتنا، على التحديد، في طرح السؤال الذي يحاول Stiglitz الإجابة عنه.
والسؤال هو : ما هي التنمية؟ إنني على يقين من أننا لن نجد أي صعوبة في مشاطرة Stiglitz رأيه في هذا المضمار، أي أن التنمية هي تحويل المجتمعات وتحسين ظروف معيشة الفقراء، وتمكين الجميع من اقتناص الفرصة للنجاح والوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم، وما إلى ذلك.

كما أوقن أننا سنتفق على أن التنمية لا تهدف إلى مساعدة البعض على الإثراء أو إلى إنشاء حفنة من الصناعات العقيمة التي تحظى بالحماية والتي تعود بالفائدة على النخبة في قطر ما. والتنمية لا تهدف إلى وضع العلامات التجارية الفاخرة على غرار برادا وبنيتون ورالف لورين ولويس فويتون، في متناول الأغنياء من الحضر، وترك فقراء الريف قابعين في بؤسهم.

لقد اجتمعنا هنا للنظر في التحديات التي تفرضها الثورة الزراعية في أفريقيا. يقول Isamil Chaudhury متحدثا عن الهند في كتابه "إعادة النظر في الثورة الزراعية": "أصبحت الصناعة الشاغل الوحيد والأول للسلطات الحكومية في كل مكان، وبالتالي فإن الأحزاب السياسية تولي اليوم اهتماما أقل لقضية المزارعين. وتتمثل السياسة الرسمية الرامية إلى تهدئة الريفيين المصابين بتوزيع الصدقات، لا الأراضي، في إطار مشاريع طنّانة ... وفي عالم الاستراتيجية الثورية (حتى تلك المنبثقة عن الأحزاب الثورية) من غرائب الأمور أن المزارعين لا يلعبون أى دور سوى المشاركة في التصويت".

لكننا لن نعمل بالمثال الهندي، إذا افترضنا أن Chaudhury محق في تقييمه للأحزاب السياسية الهندية. ولا يمكننا أن نتغافل عن قضية المزارعين، أو أن ننظر إلى جموع المزارعين وكأنها مجرد قطيع من الناخبين الذين لا دور لهم سوى إعادة أحزابنا إلى سدة السلطة.

وإذ يقول Stiglitz بأن من الواجب توسيع نطاق المشاركة ليتجاوز حلقة الخبراء والسياسيين، فإن من الواجب دمج المزارعين الأفارقة ضمن نطاق هذه المشاركة الواسعة. إن واقع الوضع في قارتنا والأهداف التي وضعناها نصب أعيننا ضمن إطار الاتحاد الأفريقي وبرنامجه التنموي: الشراكة الجديدة من أجل التنمية في أفريقيا، يحتم علينا التركيز على قضية المزارعين والعمل مع جموع المزارعين الأفارقة.

تشير ورقة بعنوان " التحول الزراعي في أفريقيا" إلى أن سكان الريف يشكلون نسبة 80 في المائة من سكان أفريقيا. وتضم هذه النسبة 70 في المائة ممن يصنفون في قارتنا ضمن فئة المعوزين والمعانين من نقص التغذية.

إن هذه الأرقام التي تعكس أثر الفقر بين صفوف الأفارقة من سكان الريف والحضر، لتؤكد في الوقت نفسه ارتفاع مستويات الفقر بين صفوف الجموع الريفية. كما تبين بعض الأرقام ذات الصلة أنه:

في عام 1991، كان مستوى معيشة 20 في المائة من سكان تنزانيا الحضريين أقل من خط الفقر القطري، فيما ارتفعت هذه النسبة إلى 50 في المائة بين صفوف سكان الريف. وبالمقارنة كانت الأرقام المسجلة في زامبيا 46 في المائة و88 في المائة لعام 1993، وفي موزامبيق 62 في المائة و69 في المائة عام 1997.

إن أرقام 1990 تعكس حجم القوة العاملة في الزراعة مقارنة باليد العاملة الكلية، وتبرز أيضا المكانة الهامة التي تحتلها الزراعة والمناطق الريفية. أما الأرقام في ملاوي وموزامبيق وتنزانيا وزامبيا فكانت على التوالي 87 و83 و84 و75 في المائة.

في كتاب يحمل عنوان "هل في وسع أفريقيا الإمساك بزمام القرن الحادي والعشرين؟" يتحدث البنك الدولي عن دور النساء في الزراعة فى أفريقيا قائلا:

"تلعب النساء دورا هاما في الإنتاج الزراعي الأفريقي، إذ تؤدين 90 في المائة من أعمال تجهيز المحاصيل الغذائية ويجلبن الماء والحطب اللازم للأسرة، كما يقمن بنسبة 80 في المائة من أعمال تخزين الأغذية والنقل من المزرعة إلى القرية، و90 في المائة من أعمال عزق الأرض واقتلاع الأعشاب الضارة و60 في المائة من أعمال الحصاد والتسويق ... وبالرغم من أهمية دورهن في الإنتاج الزراعي، فإن النساء تعاملن بإجحاف في ميدان الوصول إلى الأراضي والخدمات المالية وخدمات البحث والإرشاد والتعليم والصحة، مما يقلل فرص الاستثمار الزراعي والنمو والدخل". (صفحة 196)

وأنتم بالطبع على علم بهذه الحقائق والأرقام التي ذكرتها والمتعلقة بالزراعة في أفريقيا، لكنني أشرت إليها للتشديد على المكانة المركزية التي تحتلها قضية المزارعين في النضال من أجل التجديد في قارتنا.

وعندما نقول إن علينا تحقيق حياة أفضل لشعوبنا، فإن غالبية هذه الشعوب هي من جموع المزارعين. وعندما نقول إن علينا الحد من الفقر والقضاء عليه، فإننا نشير أولا وعلى نحو خاص إلى سكان مناطقنا الريفية. وعندما نتحدث عن تغيير ظروف الطبقة العاملة، فإننا نشير في المقام الأول إلى العاملين في الزراعة. وعلى نحو مماثل، عندما نتحدث عن المساواة بين الجنسين والنهوض بالمرأة، فإن هذا النصر لن يتحقق إلا إذا شملنا نساء الريف ضمن عملية النهوض بالمرأة.

لقد استشهدنا بقول الكاتب الهندي Ismail Chaudhury: إن الصناعة أصبحت الشاغل الوحيد والأول للسلطات الحكومية في كل مكان، وبالتالي فإن الأحزاب السياسية تولي اليوم اهتماما أقل لقضية المزارعين.

كتب Hans P Binswanger وKlaus Deininger في الورقة التي أعدّاها في عام 1997 عن "تفسير السياسات الزراعية والمتعلقة بالإصلاح الزراعي في البلدان النامية":
"تعطي المؤلفات التي تصف أوجه الاختلاف في المناطق الريفية (Lipton 1977، 1993) براهين نوعيّة عن أنّ الاستثمارات الحكومية غالباً ما كانت لصالح النخبة الريفية والطبقات الاجتماعية العليا والوسطى في المناطق الحضرية بدلا من أن تكون لصالح صغار العاملين في الأسر." (ص.19)

ويقول Joe Stiglitz إنّ التنمية لا علاقة لها بتأمين سلع فاخرة للأثرياء في المناطق الحضرية بينما يترك الفقراء في الريف يتخبّطون في بؤسهم.

ويشرح الروائي والمؤلف الكيني Ngugi wa Thiongo هذا الموضوع بحزم أكبر بقوله:

"في عالم الاقتصاد، عندما تضمن الطبقة الجديدة (في مرحلة الحكم ما بعد الاستعمار) سيطرة العوامل المالية الغربية الخارجية على إدارة الثروات الوطنية، فإنها تجد في عالم السياسة أيضاً موضع ثقة جديدة في الحكومات الغربية. بينما لا تثق في شعبها. فتصبح جماهير الشعب الكادح برمّته، العدو. ويكون هناك سعي حثيث إلى إحداث انقسامات عرقية لإضعاف أي جهود منسّقة ضدّ نظام ما بعد الاستعمار. فينظرون إلى مجتمعهم الخاص وتاريخهم الخاص وجهودهم الخاصة وبني قومهم بنفس النظرة؛ والنتيجة هي نفسها التي تعلمناها من الكتب في الفصل الدراسى أيام الاستعمار. وإنّ إحدى السمات السياسية لنظام ما بعد الاستعمار هي الهزيمة التي منيت بها مع الجماهير والارتياب من المبادرات المحلية على أنواعها. ويقاس نجاحه بمدى قدرته على تكرار النظام الاستعماري والإبقاء عليه في شتى المجالات، من الاقتصاد وصولاً إلى الثقافة." ("المؤلفات والمجتمع") في "المؤلفون في علم السياسة"، James Currey، أكسفورد. 1997).

ويفسّر Binswanger وDeininger أيضاً عجز الجماهير في الريف، ويشيران إلى صعوبة مواجهة الأسياد الجدد، ويكتبان:

"تفصل مسافات شاسعة بين المنتجين الزراعيين، مما يجعل الاتصالات صعبة ما لم تكن هناك بنى أساسية متطورة - من طرق ونظم اتصالات. كذلك، وبما أنّ الأنشطة الزراعية هي أنشطة موسمية، فإنّ إمكانية القيام بأعمال جماعية مركّزة يقتصر على المواسم غير الحافلة بالعمل. وتبرز هذه القيود بالأخصّ بالنسبة للفلاحين وغيرهم من صغار المنتجين المشتتين ضمن مساحة واسعة والذين ينتجون مجموعة منوعة من السلع المختلفة للاستهلاك المنزلي، وللسوق ويفتقرون إلى التعليم وإلى فرص الوصول إلى البنى الأساسية وانعدام الروابط الاجتماعية القويّة...كما أنّ الاختلافات في الدخل والثروات بسبب التمييز والتفاوت في تراكم الرأسمال الاجتماعي يحد في المقابل من إمكانية التحرك السياسي للمجموعات التي تعاني من التمييز". (ص.27)

وعندما يتحدث Ngugi عن الجماهير وعن الشعب الكادح يقول نحن، "الطبقة الحاكمة الجديدة"، لا نثق بالعدو وليست لنا نفس النظرة للأمور، إنما يقصد أيضاً كل العُزّل في المناطق الريفية الذين يشكلون السواد الأعظم من الجماهير ومن الشعب الكادح. وإذا صحّ قوله، فمن الواضح أننا نحن، تلك "الطبقة الحاكمة الجديدة"، نعمل بواسطة رؤوس أموالنا، من مناطقنا الحضرية، على تكرار النظام الاستعماري والإبقاء عليه في شتى المجالات، من الاقتصاد وصولاً إلى الثقافة.

وأنا واثق من أنّ الموجودين اليوم معنا في هذه القاعة من الطبقة السياسية في أفريقيا سينكرون أننا على شاكلة الحيوان السياسي الذي وصفه Ngugi wa Thiongo. لكننا مسؤولون إلى حد ما ومكلّفون بأن نحرص على أن تكون برامج الإصلاح الزراعي التي نعدّها وننفذها أكبر برهان، بالفعل وليس فقط بالقول، على أننا لسنا المخلوقات التي حاول Ngugi التنديد بها.

ويقول البنك الدولي في الكتاب الذي أخذ منه الاقتباس:

"مع أنّ الزراعة في أفريقيا استجابت للإصلاحات المحدودة، فهي لا تزال متخلّفة وتفتقر إلى رؤوس الأموال الكافية، نتيجة قرون من السياسات الاستغلالية. وإنّ تجديد رؤوس أموال القطاع يتطلّب المحافظة على حوافز في الأسعار وزيادة تلك الحوافز (بما في ذلك من خلال تشجيع قيام أسواق تنافسية للمدخلات) وتخصيص المزيد من الإنفاق العام والمعونة الخارجية إلى المجتمعات المحلية الريفية (بما في ذلك للبنى الأساسية المحلية) والاستفادة من إمكانات الادخار لدى المزارعين. وهذه التغييرات ضرورية أيضاً لخلق حوافز تمكّن من قلب التدهور الحاد في البيئة. ومن شأن الشراكات بين القطاعين العام والخاص أنّ تساهم في هذا المجال، بما في ذلك البحوث والإرشاد الزراعيين، إلى جانب أهمية وجود نهج إقليمي. وإنّ إمكانية دخول المنتجات الزراعية إلى أسواق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد تحدث قفزة نوعيّة – بحدود 300 مليار دولار أمريكي، حيث أنّ الإعانات للزراعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توازي الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا". (ص.4)

وتوجّه Binswanger وDeininger بنقد لاذع لما فعلناه أو لم نفعله بالقول:

"إنّ مجموعة من البلدان تضمّ الأرجنتين وغانا ونيجيريا وتنزانيا وأوغندا وزامبيا والعديد من البلدان الأخرى كانت فيها أيضاً بنى زراعية تطغى عليها المزارع العائلية. إلا أنّ هذه البلدان مارست تمييزاً صارخاً بحقّ الزراعة من خلال الإبقاء على معدلات التبادل أعلى بكثير من قيمتها الحقيقية، وعلى حماية الصناعات، وفرض رسوم على الصادرات. كما قدّمت دعماً محدوداً للزراعة وهي إن قدّمته، فقد كان موجهاً أساسا إلى كبار المنتجين الذين يتسمون بعدم الكفاءة ولكنهم يتمتعون بالنفوذ السياسى. وباستثناء المناطق التي تتمتع بأحوال زراعية مميّزة، لم يواكب الإنتاج الزراعي النمو السكاني وشهد الفقر في الأرياف ارتفاعاً حاداً. ومع أنّ الكثير من تلك البلدان أطلقت مؤخراً برامج لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وأدخلت إصلاحات هيكلية، إلا أنّ إصلاح السياسات الزراعية فيها بطيء جداً، في ما عدا بعض الحالات الاستثنائية." (ص.7/8)

وبعد قرون من السياسات الاستغلالية التي أشار إليها البنك الدولي، بقيت الزراعة في أفريقيا حتى اليوم متخلّفة وتفتقر إلى رؤوس أموال كافية، حتى في فترة الاستعمار. لذا فلا بد لنا من أن نتقبّل كوننا لم نحقق، في سنوات الاستقلال، الأمور التي أتى البنك الدولي على ذكرها، بما في ذلك تخصيص الموارد الكافية للزراعة ولتنمية البنى الأساسية الريفية وتخفيض تكاليف المدخلات بالنسبة إلى المنتجين الزراعيين وعدم إيلاء العناية الواجبة للبحوث والإرشاد الزراعيين وغيرها من الأمور.

وقد أصاب Ngugi من هذا المنظار حين أشار إلى أنّ الطبقة السياسية في أفريقيا اكتفت بالإشراف على تكرار النظام الاستعماري والإبقاء عليه، أقلّه في القطاع الزراعي.

وعلى سبيل المثال، نحن أنفسنا ندرك أن اعتمادات ميزانيتنا المخصصة للزراعة كانت ضئيلة للغاية. ومما زاد من تفاقم المشكلة أن التحويلات من البنك الدولي والتحويلات الدولية الأخرى للزراعة الأفريقية انخفضت بدورها مع مرور الزمن. ففي خلال السنوات 1992-1997، بلغ الدعم المقدم من البنك الدولي 322.1 مليون دولار سنويا. وبحلول عام 2000، تراجع هذا الدعم إلى 173.5 مليون دولار.

كما أننا نعلم أننا نتيجة إهمالنا للزراعة، وتراخي اهتمامنا بمسألة المزارعين، حسب وصف Chaudhury، تزايد اتكالنا على الأغذية المستوردة بصورة كبيرة، مما رسخ أكثر من مركزنا كمستوردين صافين للأغذية.

ففي عام 1990 بلغت قيمة صادراتنا الغذائية 6.9 مليار دولار، بينما كانت قيمة الواردات 12.7 مليار دولار. وبحلول عام 2000، زادت قيمة صادرتنا الغذائية إلى 7.9 مليار دولار، بينما قفزت قيمة الواردات إلى 15.2 مليار دولار.

وأملي أن يكون البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا والقرارات الأخرى التي اتخذتها بالفعل قارتنا، بما فيها رؤية المياه الأفريقية آفاق 2025، وغيرها مما هو معروض عليكم في جدول أعمالكم، تسعى إلى قطع صلاتنا تماما بالماضي الاستعماري وحقبة ما بعد الاستعمار اللتين أفرزتا أزمة الزراعة الأفريقية التي تعونها تماما، والتي ذكرنا بعضا من عناصرها.

وعلى هذا يمكننا القول، وإن جاء متأخرا، إننا قد رسمنا خريطة الطريق الأفريقي التي تعني أننا مصممون على الابتعاد عن درب الاستعمار الجديد الذي كتب عنه Ngugi. وبناء على ذلك، يمكننا القول إننا نتفق تماما مع Joe Stiglitz عندما يقول إن التنمية تعني تحويل المجتمعات والنهوض بمعيشة الفقراء وتمكين كل فرد من أن تتاح له فرصة النجاح والحصول على الرعاية الطبية والتعليم، وتخليص جماهير الريف من انكسار وشقاء الفقر والتخلف.

أما المهمة المتبقية، ولعلها المهمة الأصعب، فهي ضمان أن نضع قراراتنا موضع التنفيذ. وبإيجاز، فإن هذا يعني أن علينا أن نعمل عملا دؤوبا ومتسقا بما يكفل نجاح الثورة الزراعية الأفريقية.

وبادئ ذي بدء فإن هذه المهمة هي مهمة سياسية بدلا عن أن تكون فنية. وهي تعني ضمان قطع الصلة بالتقاليد التي أدت إلى تهميش الزراعة الأفريقية وجماهير المزارعين من عمليات التحول المحلي والإقليمي والقاري.

وهي تعني أننا بوصفنا طبقة سياسية، علينا أن نلزم أنفسنا من جديد بأهداف الدفاع عن مصالح الجماهير وقوى شعبنا العامل وتقدمها، التي قال عنها Ngugi أنها لا تثق فينا وتعاملنا بوصفنا أعداء.

وهي تعني أنه يجب علينا أن نعتبر أنفسنا ثوارا وأن نعمل كثوار مصممين على أن نخوض وأن نكسب المعركة ضد القصور الذاتي والقوى الاجتماعية والتي تعمل بلا أدنى شك على ضمان أن نعامل، بالفعل، ما نتخذه من قرارات باعتبارها مجرد حبر على ورق يمكننا أن نتناساها حال اختتام هذا المؤتمر.

وهي تعني أيضا أنه يجب علينا أن نرفض معاملة جماهير المزارعين في بلداننا وفي القارة باعتبارهم مجرد أهداف لسياسات تقررها الصفوة، جاهدين على أن نضمن مشاركتهم النشطة والواعية في عملية تغيير تقوم بتنفيذها الشعوب.

ولعل أول ما ينبغي علينا عمله هو أن نعلم جماهير المزارعين بما قررنا وأن نخاطبهم بلغتهم. كما يجب علينا أن نشجعهم على أن يبدوا آرائهم عن خططنا وبرامجنا ملتزمين، حسبما قال Stiglitz، بوجهة النظر التي تؤكد ضرورة وجود مشاركة واسعة النطاق تذهب بأبعد من مشاركة الخبراء والسياسيين.

ويقول Amartya Sen، وهو الآخر من الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد، في كتابه "التنمية باعتبارها حرية":

"إن الجوع لا يرتبط بالإنتاج الغذائي والتوسع الزراعي فحسب، بل وبأداء الاقتصاد برمته أيضا و ... بتنفيذ الترتيبات السياسية والاجتماعية التي يمكن، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أن تؤثر على قدرة الشعوب على الحصول على الغذاء والتمتع بالصحة والتغذية" (ص 162، مطبعة جامعة أكسفورد، أكسفورد، 1999).

ويذهب "الإطار الاستراتيجي للصندوق الدولي للتنمية الزراعية، الفترة 2002-2006" بهذه الأفكار خطوة أخرى عندما يقول:

"إن الفقر ليس فقط حالة انخفاض الدخل والافتقار إلى الأصول. إنه وضع حالة الضعف والإبعاد وانعدام الحيلة. إنه تآكل قدرة (الشعوب) على التحرر من الخوف والجوع وأن يكون لها صوت مسموع".

وإنه لمن دواعي فخري أن اتيحت لي فرصة التحدث أمام هذا المؤتمر الهام الذي يشارك فيه الثوار الأفارقة، المتفانين في خدمة مهمة استراتيجية تهدف إلى وضع حد لضعف جماهيرنا من المزارعين وإبعادهم وانعدام حيلتهم، مصممين على تحريرهم من الخوف والجوع حريصين أن يكون صوتهم مسموعا جليا وعاليا.

وبهذا أعلن افتتاح مؤتمر المنظمة الإقليمي الثالث والعشرين لأفريقيا، متمنيا لكم التوفيق في مداولاتكم.

وشكرا.