ARC/02/3






المؤتمر الإقليمي الثاني والعشرون لأفريقيا

القاهرة، مصر، 4-8/2/2002

الإعداد لمؤتمر القمة العالمى للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد - الأبعاد الإقليمية




 

الفقرات  
1-6 مقدمة أولا -
7-11 نظرة عامة ثانيا -
12 الإجراءات التى تقوم بها المنظمة لتدعيم الالتزام السياسى ودلائل التقدم المحرز ثالثا -
13-15 الإجراءات الرئيسية ألف -  
16-17 تقدير التقدم المحرز باء -  
18 - تحديات جديدة أمام تحقيق أهداف مؤتمر القمة العالمى للأغذية رابعا -
19 الأمن الغذائى: الدور الهام للأراضى وموارد المياه العذبة ألف -   
20-21 أ - الأراضى     
22-25 ب - موارد المياه العذبة     
26 ,باء - المنازعات وحالات الطوارئ باء -   
27 أ - حالات الطوارئ من صنع الإنسان     
28-30 ب - الكوارث الطبيعية     
31-32 جـ - الآفات والأمراض العابرة للحدود     
33 وباء نقص المناعة البشرية/الإيدز جيم -   
34-36 تطور التكنولوجيا دال -   
37-38 عولمة التجارة هاء -   
39-40 سلامة الأغذية واو -   
41-42 الحق فى الحصول على الغذاء زاى -   
43 الطريق إلى المستقبل: ترجمة الالتزامات إلى أعمال خامسا -
44-46 شحذ الإرادة السياسية من أجل مكافحة الجوع ألف -   
47-50 تعبئة الموارد من أجل الكفاح ضد الجوع باء -   
51-52 ملاحظة ختامية سادسا

أولا - مقدمة

1. هذه الورقة هى مقدمة موجزة للبند رقم 6 من جدول الأعمال، فهى تورد نظرة عامة على التطورات فى مجال الأغذية والزراعة على المستوى العالمى منذ انعقاد مؤتمر القمة العالمى للأغذية في 1996، مع الإشارة إلى الإقليم الأفريقى بصفة خاصة. كما تبرز هذه الورقة ما حققته المنظمة من إنجازات فى معرض متابعتها لمؤتمر القمة العالمى للأغذية، وفى ظل موقف غير موات تجاه الزراعة على جبهة المساعدات الإنمائية الدولية. ثم تقدم الورقة نظرة مستقبلية تمتد حتى عام 2015، حيث ينتظر أن ينخفض عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائى إلى النصف على الصعيد العالمى، مع الإشارة إلى بعض التحديات الكبرى التى ينبغى دراستها والتصدى لها بطريقة فعالة. وتنتهى الورقة بالتأكيد على أنه يلزم تعبئة قدر غير عادى من الموارد والالتزام السياسى إذا ما أريد تحقيق هذا الهدف وغيره من أهداف مؤتمر القمة العالمى للأغذية.

2. سوف تعرض الوثيقة على المؤتمر الإقليمى الثانى والعشرين لأفريقيا لإتاحة الفرصة أمام الوفود للإعراب عنه وجهات نظرهم بشأن القضايا المثارة، ولاستعراض خبراتهم القطرية فى مجال تحسين الأمن الغذائى على امتداد السنوات الخمس الماضية طبقا لخطة عمل مؤتمر القمة العالمى للأغذية واتجاهاتها المستقبلية. أما نتيجة هذه التدابير فستكون محل اعتبار من فريق العمل الدائم للمجلس والذى سيجتمع بالتوازى مع لجنة الأمن الغذائى العالمى من 6-8 يونيو/حزيران 2002 للانتهاء من الوثيقة الختامية التى ستعرض على مؤتمر القمة العالمى للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد فى الفترة من 10-13 يونيو/حزيران 2002.

3. قام مجلس المنظمة فى دورته التاسعة عشرة بعد المائة فى نوفمبر/تشرين الثانى 2000 بتدعيم اقتراح المدير العام بعقد مؤتمر القمة العالمى للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد كجزء من مداولات الدورة الواحدة والثلاثين لمؤتمر المنظمة. وقد تم فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول فى الولايات المتحدة، تعديل الموعد إلى يونيو/حزيران فى مقر المنظمة فى روما. ويسعى مؤتمر القمة العالمى للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد إلى إعطاء قوة دفع جديدة للجهود التى تبذل على الصعيد العالمى لتحسين أوضاع الفقراء والجوعى.

4. فى سياق تدعيم اقتراح المدير العام بعقد مؤتمر القمة العالمى للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد، أكد المجلس على ضرورة إعطاء قوة دفع جديدة لتنفيذ خطة العمل بعد مضى خمس سنوات على انعقاد القمة. وفى الواقع فإن التقديرات الأخيرة للمنظمة كما نشرتها حالة انعدام الأمن الغذائى 2001) تعطى مبررات للقلق المتزايد إزاء بطء التقدم المحرز نحو الحد من الجوع. كما أن المنظمة باستضافتها لاجتماع عالمى لاستعراض التقدم المحرز نحو القضاء على الجوع، لا تهدف إلى إعادة فتح الحوار بشأن أى جزء من إعلان روما وخطة عمل مؤتمر القمة العالمى للأغذية، ولكن الغرض من لقاء رؤساء الدول والحكومات هو إعطائهم الفرصة لتدارس الأمر واتخاذ إجراء ملائم وتدابير إضافية أكثر فعالية لضمان الوفاء بالالتزامات التى التزموا بها فى تلك الوثيقتين. لذلك سيقوم المؤتمر الإقليمى تحت هذا البند من جدول الأعمال بتناول موضوعين متلازمين هما: 1) تشجيع الإرادة السياسية فى مجال مكافحة الجوع؛ 2) تعبئة الموارد لمكافحة الجوع على المستويين القطرى والدولى.

5. فى إطار الإعداد لمؤتمر القمة العالمى للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد شكلت لجنة تخطيط دولية مشتركة بين المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى فى روما فى مارس/آذار 2001. وأسندت إلى جهات الوصل من شرق/جنوب أفريقيا، ووسط أفريقيا، وغرب أفريقيا، مسؤولية تنظيم أنشطة إقليمية وبخاصة إجراء مشاورة إقليمية مشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى بحيث تعقد اجتماعها بالتزامن مع المؤتمر الإقليمى الثانى والعشرين لأفريقيا.

6. أجريت مشاورة مشابه فى فبراير/شباط 2000 بالتزامن مع المؤتمر الإقليمى الأخير، وكانت بمثابة نقطة تحول فى سياسة واستراتيجية المنظمة فيما يتعلق بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى. ونتيجة لذلك فإنه يجرى التخطيط لمشاورة إقليمية لعام2002 بحيث تكون جزءا لا يتجزأ من المؤتمر الإقليمى الثانى والعشرين لأفريقيا. وسوف تعقد المشاورة فى الفترة من 2-3 فبراير/شباط 2002 فى القاهرة - مصر وذلك قبل انعقاد المؤتمر الإقليمى مباشرة بحيث تعرض استنتاجاتها على المؤتمر الإقليمى حتى يتسنى للوفود الحكومية أخذها فى الاعتبار أثناء مداولاتها.

ثانيا - نظرة عامة

7. كان مؤتمر القمة العالمى للأغذية الذى عقد فى روما فى نوفمبر/تشرين الثانى 1996 هو الاجتماع الدولى الثالث الذى تناول قضايا الأغذية والتغذية منذ 1970 حيث كان قد سبقه مؤتمر الأغذية العالمى فى 1974 والمؤتمر الدولى للتغذية الذى نظمته منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية فى 1992. وقد احتل مؤتمر القمة العالمى للأغذية مكانة كبيرة بسبب ما حظى به من مستوى عالى جدا من التمثيل الحكومى حيث أنه من بين البلدان الـ 186 التى حضرت المؤتمر مثل 112 منها رؤساء الدول أو الحكومات أو نوابهم. وقد جاء هذا لائقا باجتماع يهدف إلى الحصول على الالتزام السياسى اللازم من أجل التصدى للأسباب العريضة الكامنة وراء انتشار الجوع وسوء التغذية والتى يحتاج حسمها إلى المشاركة النشطة من عدد كبير من الوزارات القطاعية. وهناك سمة أخرى للمؤتمر العالمى للأغذية وهو أنه قام بوضع هدف يمكن مراقبته ومحدد بفترة زمنية، ومع ذلك كان واقعيا بما فيه الكفاية حيث اعترف بأنه لن يتسنى على المدى المتوسط استئصال الجوع بصورة كاملة على الصعيد العالمى.

8. اختتم المؤتمر اجتماعه بإصدار وثيقتين رئيسيتين هما إعلان روما بشأن الأمن الغذائى العالمى وخطة عمل مؤتمر القمة العالمى للأغذية.

9. تعهد رؤساء الدول والحكومات بتوفير إرادتهم السياسية والتزامهم القطرى المشترك من أجل تحقيق الأمن الغذائى لشعوبهم وتدعيم الجهود التى تبذل لاستئصال الجوع بكافة أشكاله من بلدانهم، مع التركيز على الإعلان والالتزامات السبعة التى تحددها خطة العمل. وكان الهدف المحدد هو تخفيض عدد ناقصى التغذية إلى نصف عددهم فى ذلك الوقت فى موعد غايته عام 2015.

10. لم يقدم أثناء المؤتمر أى اقتراح بغرض إنشاء مؤسسات جديدة أو تعهدات بتقديم موارد إضافية. ومع ذلك كان هناك اعتراف ضمنى أثناء عملية التحضير، بأن العالم لديه القدرة على توفير الغذاء الكافى لسكانه حينذاك وفى المستقبل، وأنه قد اتخذت بالفعل معظم الترتيبات الدولية لهذا الغرض وأنه لا بديل عن ضرورة حشد الموارد المالية الضرورية من الموارد الحالية لتحقيق هذه الغاية النبيلة.

11. تشير البيانات الحالية إلى أن عدد ناقصى التغذية ينخفض بمعدل متوسط قدره 6 مليون فقط سنويا، وهو أقل بكثير من معدل الـ 22 مليون الذى يلزم تحقيقه لبلوغ هدف مؤتمر القمة العالمى للأغذية. وتعتبر أفريقيا جنوب الصحراء هى الإقليم النامى الذى تزيد فيه نسبة ناقصى التغذية بين مجموع السكان أكثر من الثلث فى 1977/99). ونتيجة لذلك، فإنه على الرغم من بعض التحسن الذى طرأ على حالة الأمن الغذائى على المستوى القطرى لمجموعة من البلدان فى أفريقيا بوجه عام، فإنه لا تزال هناك الكثير من البلدان والكثير من الجماعات المعرضة داخل البلدان فى الإقليم التى لا تزال تواجه مشاكل صعبة تتعلق بانعدام الأمن الغذائى.

ثالثا - الإجراءات التى تقوم بها المنظمة لتدعيم الالتزام السياسى ودلائل التقدم المحرز

12. ظلت الإجراءات التى تقوم بها المنظمة فى سبيل تعزيز الالتزام بتحقيق أهداف مؤتمر القمة العالمى للأغذية، تعتمد على الاقتناع بأنه فى ظل توافر التصميم السياسى اللازم، يصبح فى الإمكان استئصال الجوع خلال فترة قصيرة جدا باستخدام الطاقات التقنية والمؤسسية والمالية الحالية، بشرط التوجه نحو الهدف بطريق مباشر بدلا من الطريق غير المباشر. وفى الواقع، فإنه ما لم تتخذ إجراءات ذات أولوية للحد من الجوع، الذى يعتبر سببا وأثرا للفقر، فإنه لن يحرز غير القليل من التقدم نحو استئصال الجوع بجميع أبعاده. وإنه بسبب الطبيعة الخادعة للجوع المزمن، تشعر المنظمة بأنها مضطرة إلى مواصلة تذكير بلدانها الأعضاء بالتزاماتهم واسترعاء انتباههم إلى عدم كفاية التقدم المحرز فى سبيل تحقيق الأهداف التى حددها مؤتمر القمة العالمى للأغذية. وتشير التوقعات التى تعتمد على السياسات الحالية والاتجاهات الأخيرة إلى أن انخفاض عدد ناقصى التغذية إلى النصف المحدد له عام 2015 من غير المحتمل أن يتحقق قبل عام 2030.

ألف - الإجراءات الرئيسية

13. اتجهت الكثير من جهود المنظمة الرامية إلى تعزيز الالتزام السياسى نحو الحكومات وبخاصة حكومات بلدان العجز الغذائى ذات الدخل المنخفض. وقد أصبح هناك إدراك متزايد لمدى وأسباب ومكان وأثر الجوع نتيجة لوصول نظام المعلومات عن انعدام الأمن الغذائى والتعرض لنقص الأغذية ورسم الخرائط ذات الصلة إلى 67 بلدا وذلك باعتباره برنامجا متعدد المؤسسات لمراقبة الأمن الغذائى تقوم المنظمة بتوفير الأمانة الخاصة به. وقد أدى إطلاق البرنامج الخاص للأمن الغذائى فى أكثر من 60 بلدا منها 40 بلدا فى أفريقيا جنوب الصحراء إلى استرعاء الانتباه للفرص العملية المتاحة أمام تحسين الإنتاجية الزراعية والدخول الريفية عن طريق إدخال تغييرات بسيطة على النظم الزراعية فى ظل سياسة بيئية داعمة ومواتية. كما ساعد اتخاذ التدابير لإقامة تعاون بين بلدان الجنوب من أجل تدعيم البرنامج الخاص للأمن الغذائى إلى إضافة رؤية سياسية جديدة لقضايا الأمن الغذائى.

14. اتخذت أيضا الكثير من المبادرات لتدعيم مشاركة المجتمع المدنى لضمان وجود قدر كاف من المتابعة لمؤتمر القمة. وأصدرت المنظمة بيانات فى مجال السياسات بغرض وضع أساس لزيادة التعاون بين المنظمة، والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص. وفى عام2000 أجريت سلسلة من المشاورات الإقليمية المشتركة بين المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى، انتهت باستعراض قدم إلى لجنة الأمن الغذائى العالمى تعهدت فيه المنظمات المعنية بتدعيم أنشطتها المساندة للأمن الغذائى. وقد نشطت منظمات المجتمع المدنى بصفة خاصة حيث اشتركت جنبا إلى جنب مع الموظفين القانونيين بالمنظمة فى المشاورات المثمرة التى أجريت بشأن حق الإنسان فى الحصول على الغذاء كما كفله مؤتمر القمة العالمى للأغذية. واستمرارا لذات الجهد التعاونى ستعقد مشاورة مشتركة بين المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى بالتوازى مع المؤتمر الإقليمى الحالى لأفريقيا.

15. على الرغم من أن المنظمة لديها اتفاقيات تعاون طويلة الأمد وبرنامج عمل مشترك مع جميع مؤسسات التمويل الدولية الرئيسية، فقد اتخذت الخطوات لتعميق هذا التعاون وتوجيهه نحو زيادة الاهتمام بالأمن الغذائى. وتجلت الالتزامات فى مذكرات تفاهم جديدة وقعت مع البنك الدولى، ومصرف التنمية الأفريقى والمصرف الإسلامى للتنمية ومصرف التنمية لغرب أفريقيا حيث وافقت هذه المصارف على القيام، بناء على طلب من البلدان، بتمويل أنشطة ذات صلة بالبرنامج الخاص للأمن الغذائى.

باء - تقدير التقدم المحرز

16. إن أى تقدير لمدى نمو الالتزام السياسى بالتصدى للجوع سيكون غير موضوعى، طالما لا يوجد دليل ثابت على وجود تقدم أسرع صوب استئصال الجوع وبخاصة فى أقل البلدان نموا ذات الدخل المنخفض. وقد سجل نحو 53 من البلدان النامية انخفاضا فى نسبة ما لديها من السكان المصنفين على أنهم ناقصى التغذية وذلك فى الفترة بين 1990/1992 و 1996/1998، وتمكن 39 بلدا من خفض العدد المطلق لمن يعانون من نقص التغذية. غير أن هذه البلدان لم تذكر فى تقاريرها إلى لجنة الأمن الغذائى حتى الآن أن هذا التخفيض يُعزى إلى الإجراءات التى اتخذت استجابة للالتزامات التى قدمت أثناء مؤتمر القمة العالمى للأغذية. والأمر المشجع هو ذلك الاتفاق العريض فى الآراء الذى ظهر فى المجتمع الدولى بضرورة توجيه المساعدات الإنمائية نحو الحد من الفقر حتى يتسنى تحقيق هدف التنمية الدولية وهو خفض نسبة الفقر بين سكان العالم إلى النصف بحلول عام 2015. ويبدو أن هناك اتفاقا فى الرأى على ضرورة رفع مخصصات المساعدات الإنمائية الرسمية لتصل إلى 0.7% من الناتج المحلى الإجمالى مع التركيز على أكثر البلدان فقرا.

17. ومع ذلك هناك حالة من عدم الاهتمام العام بقضية انعدام الأمن الغذائى على الرغم من أنها قضية محددة وعنصرا مركزيا فى مسألة الحد من الجوع. ولم تصدر أى إشارات مباشرة للجوع عن مؤتمرات القمة المؤثرة للسبعة/الثمانية الكبار والاجتماعات الدولية الرئيسية بما فيها مجموعة الـ 15 وحركة عدم الانحياز. وينطبق نفس الشىء على الأهداف الإنمائية الدولية التى أرساها البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية على الرغم من أن تخفيض عدد الجوعى إلى النصف هو الآن أحد المؤشرات. ونتيجة لذلك فإن المناهج الشاملة التى يجسدها الإطار الشامل للتنمية. وإطار المساعدات الإنمائية للأمم المتحدة تحتاج إلى وضع تفسيرات لها وإدخالها إلى حيز التنفيذ عن طريق تحديد الأولويات القطاعية المحددة التى يلزم تناولها من أجل التصدى للجوانب المختلفة للفقر، وترجمة ذلك إلى مقترحات ملائمة من أجل تعبئة الموارد واتخاذ ما يلزم من تدابير.

رابعا - تحديات جديدة أمام تحقيق أهداف مؤتمر القمة العالمى للأغذية

18. وضع إعلان روما الأمن الغذائى العالمى فى إطار عريض. فقد اعترف بطبيعة الأمن الغذائى متعددة المظاهر، مع التأكيد على ارتباطه باستئصال الفقر والسلام والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والتجارة العادلة وتفادى الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ من صنع الإنسان. ومنذ مؤتمر القمة العالمى للأغذية أخذت مثل هذه القضايا تطفو على السطح بصورة أشد، الأمر الذى يزيد من التحديات أمام تحقيق الأمن الغذائى والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية طبقا لما أقره المجتمع الدولى منذ خمس سنوات.

ألف - الأمن الغذائى: الدور الهام للأراضى وموارد المياه العذبة

19. يواجه المزارعون تحديات كبيرة فى أفريقيا جنوب الصحراء حيث حقق إنتاج الأغذية نموا بنسبة 2.5 فى المائة سنويا، فى حين زاد السكان بنسبة تزيد على 3 فى المائة سنويا. ونتيجة لذلك فإن التحدى الأكبر فى السنوات القادمة أمام تخفيض عدد الجوعى إلى النصف بحلول عام 2015، يتمثل فى كيفية تطوير وتنشيط الاستخدام الأكثر كفاءة لتكنولوجيات إنتاج الأغذية لضمان الحصول على غلات أعلى من الأراضى المزروعة حاليا، مع الاستخدام الكفء والفعال للموارد الخارجية، وزيادة البحوث الزراعية والإرشاد وتنميـــــة المعرفة والمهارات للوفاء بالاحتياجات الحقيقية للمزارعين الذين يشكلون أغلبية منتجى الأغذية فى الإقليم.

أ) - الأراضى

20. يعتبر الوصول إلى الأراضى أحد المتطلبات الهامة للأمن الغذائى مع زيادة عدد الناس الذين ينتجون بأنفسهم ما يحتاجونه من غذاء والذين يعتمدون فى معيشتهم على الأراضى. إلاّ أنه لسوء الحظ فإن الأراضى فى معظم البلدان تعانى من انخفاض كامن فى خصوبتها كما تفتقر إلى وجود القدر الكافى من المغذيات. وتفيد التقديرات بأنه يحدث تدهور فى التربة فى 494 مليون هكتار من الأراضى فى أفريقيا جنوب الصحراء بسبب التعرية التى تحدث من جراء المياه والرياح إلى جانب التدهور الكيمائى والتدهور المادى. أما الأسباب المباشرة الرئيسية فهى إزالة الغابات والرعى الجائر، والإفراط فى القطع والزراعة المتنقلة وسوء الإدارة الزراعية لموارد التربة والمياه. ومع ذلك فهناك اعتراف بأنه لاتزال هناك مساحة قدرها 233 مليون هكتار من الأراضى متاحة للزراعة قبل عام 2025 إلاّ أنها فى معظم الحالات أراضى حدية. وتسليما بقسوة المشكلة يقوم البنك الدولى ومنظمة الأغذية والزراعة والمؤسسات المشاركة بتقديم الدعم لبرامج العمل المتعلقة بالمبادرات القطرية المعنية بخصوبة التربة كوسيلة لحسم الموقف فى كثير من البلدان الأفريقية.

21. يعتبر التصحر مشكلة خطيرة فى الإقليم. وتوضح السجلات أنه يوجد فى أفريقيا 319 مليون هكتار من الأراضى معرضة للتصحر بسبب حركة الرمال وإزالة الغابات وتقلب حالات هطول الأمطار. وقد كشف التقدير الذى قامت به منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن تدهور الأراضى فى الإقليم أن هناك مساحات شاسعة من أراضى البلدان الواقعة شمال خط الاستواء تعانى من مشاكل التصحر الخطيرة. ويقال إن الصحراء تزحف بمعدل سنوى قدره 5 كيلومترات إلى المناطق شبه القاحلة فى غرب أفريقيا فى الوقت الذى يختفى فيه 37 مليون هكتار من الغابات والأراضى الشجرية كل عام. وسيكون من المرغوب فيه بالنسبة للحكومات اتخاذ التدابير فى مجال جمع المياه والرى التكميلى فى البلدان القاحلة وشبه القاحلة لاستغلال الإمكانات الكبيرة من أجل زيادة إنتاج الأغذية والحد من قابلية نظم الإنتاج للتعرض فى هذه الأجزاء من الإقليم.

ب) - موارد المياه العذبة

22. يعتبر دور المياه حيويا فى تحقيق الأمن الغذائى. وتعتمد التكنولوجيا المكثفة للهندسة الزراعية التى تؤدى إلى حدوث زيادات منتظمة فى إنتاج الغذاء العالمى باستخدام أصناف محصولية وفيرة الغلة، واستخدام الأسمدة والوسائل الفعالة لمكافحة الآفات، اعتمادا كبيرا على الرى من أجل الاحتفاظ برطوبة التربة والتحكم فيها إزاء عدم كفاية الأمطار وعدم إمكانية الاعتماد عليها. وتعتبر أفريقيا جنوب الصحراء، باستثناء حوض الكونغو الأوسط، أكثر القارات جفافا فيما عدا استراليا) وتعانى من عدم ثبات نظام هطول الأمطار. لذلك فإن تنمية المياه بأشكالها المختلفة، ابتداءً من جمع المياه إلى نظام الرى الحديث بالأنابيب، هو أمر ضرورى فى الكفاح ضد الجوع والفقر. ويمكن أن يؤدى رى المحاصيل الغذائية الأساسية، وبخاصة الأرز إلى تحقيق زيادات كبيرة. بيد أن هذا لايمكن أن يكتب له النجاح إلاّ فى إطار وجود سياسات مواتية. ويمثل نقص الاستثمار فى الزراعة فى أفريقيا جنوب الصحراء عقبة رئيسية أمام الأمن الغذائى.

23. أبرزت سلسلة المؤتمرات الدولية بما فى ذلك الدورة السادسة للجنة المعنية بالتنمية المستدامة والمنتدى العالمى الثانى للمياه ذلك الصراع المتزايد بين "المياه من أجل الغذاء والتنمية الريفية" و "المياه من أجل الطبيعة". وتشتعل المنافسة على موارد المياه الشحيحة، وبخاصة عندما تكون الحدود الدولية عبر الحدود مصدرا للنزاع وقد تؤدى المنازعات إلى مصادمات تؤثر على سلامة الدور الاقتصادى الذى تلعبه المياه العذبة فى المصايد الداخلية والملاحة وتوليد الكهرباء من القوى المائية وفى صيانة التنوع البيولوجى واعتدال الأحوال الجوية المحلية القاسية.

24. ينبغى التأكيد على أن كثيرا من المدن فى أفريقيا تحيط بها أحزمة خضراء من المحاصيل البستانية عالية الإنتاجية. وقد شهدت السنوات الأخيرة نموا سريعا فى الزراعة المحيطة بالمناطق الحضرية وفى بعض البلدان تقدم هذه الزراعة الآن ما يصل إلى 40% من كافة أنواع الفاكهة والخضروات التى تستهلكها المدن. ويحتاج نمو الزراعة المروية حول المناطق الحضرية إلى مساعدة وبخاصة فى المناطق التى يوجد بها قضايا صحية وبيئية. ومع هذا النمو فى الزراعة حول المناطق الحضرية، وزيادة الطلب على المياه أخذ المزارعون فى البلدان التى تقل فيها المياه فى الاتجاه بصورة متزايدة نحو مصادر المياه غير المعالجة أو المعالجة جزئيا من أجل إنتاج الخضروات. وهذا أمر يثير قدرا كبيرا من القلق بالنظر إلى ما ينطوى عليه من مخاطر صحية كبيرة وأثر سلبى على البيئة. ويتطلب الأمر ضرورة التدخل الحكومى لضمان سلامة المستهلكين.

25. هناك مشكلة أخرى تعوق رفع مستوى إمكانات إنتاج الأغذية وهى تدنى عمليات الصرف. وهناك مشكلة لها صلة بذلك وهى الملوحة، حيث تغطى التربة المالحة 70 مليون هكتار أو نحو 2% من مجموع الأراضى فى أفريقيا. وعلى الرغم من أن المناطق المتأثرة صغيرة نسبيا فإن الأراضى التى لا تحصل على الرى الجيد تتعرض لخطر رئيسى يتمثل فى الملوحة الثانوية. وهذا الأمر يشكل مخاطرة على تطوير الرى فى الإقليم السودانى الساحلى وفى إقليم الجنوب الأفريقى شبه الرطب وشبه القاحل.

باء - المنازعات وحالات الطوارئ

26. شهدت السنوات الخمسة عشر الماضية عددا كبيرا من عمليات طوارئ الأغذية بسبب عوامل طبيعية وعوامل من صنع الإنسان فى الإقليم. وتبلغ الخسائر الاقتصادية الناشئة عن المنازعات فى أفريقيا جنوب الصحراء قرابة 30 فى المائة من الإنتاج الزراعى فى البلدان المتأثرة منذ 1970. ويترتب على المنازعات وحالات الطوارئ آثار مدمرة للغاية على رفاهة المزارعين وما لديهم من أصول وكذلك على إنتاج الأغذية المحلية والإمدادات. لذلك تضطر الحكومات الضعيفة اقتصاديا بالفعل إلى توجيه مواردها القليلة نحو التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية والكوارث من صنع الإنسان - وهى موارد يمكن أن توجه لإنتاج الغذاء لإطعام الفقراء والجوعى.

أ) - حالات الطوارئ من صنع الإنسان

27. ظلت المنازعات وما يعقبها والحروب المدنية الممتدة سببا فى معاناة ملايين الناس فى أفريقيا. ففى أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسيراليون تستمر عمليات تشريد الملايين من سكان الريف. ويعتمد هؤلاء المشردون اعتمادا كبيرا على المعونة الغذائية الدولية بسبب استمرار توقف أنشطة إنتاج الأغذية المحلية. وهناك ينتشر سوء التغذية والأمراض الأخرى المتعلقة بالأغذية. ولايزال القتال مستمرا فى بوروندى وليبيريا والسودان وأوغندا. وأصبحت الألغام الأرضية تشكل تهديدا خطيرا للحياة فى المجتمعات الريفية سواء أثناء أو فى أعقاب المنازعات التى تنشأ من صنع الإنسان وتلحق أضرارا بالغة باستمرارية الأنشطة الزراعية.

ب) - الكوارث الطبيعية

28. تعرقل الكوارث الطبيعية أيضا الجهود التى ترمى إلى تحسين حالة الأمن الغذائى فى كثير من بلدان الإقليم. فقد أدى الجفاف الشديد، الذى بدأ فى 1999 واستمر خلال عام 2000، إلى تدمير المحاصيل والحيوانات الزراعية على امتداد منطقة شرق أفريقيا، وترك ملايين الناس فى حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية. وفى أثيوبيا وكينيا حيث فقدت أعداد كبيرة من الحيوانات الزراعية، مات الناس من الجوع، كما كان هناك إحساس بأثر الجفاف فى إريتريا والصومال والسودان وأوغندا وجمهورية تنزانيا المتحدة. وعلى الرغم من الإنذارات المبكرة من النظام العالمى للإعلام والإنذار المبكر عن الأغذية والزراعة، فقد جاءت الاستجابة المبدئية الدولية بطيئة لحالة طوارئ الأغذية التى توشك على الوقوع، وكان ما تحقق بالكاد هو تجنب الموت الجماعى من الجوع.

29. وفى منطقة الجنوب الأفريقى تعرض وسط وجنوب موزامبيق لفيضانات غير مسبوقة فى فبراير ومارس/شباط وآذار 2000، وأحدث ذلك أضرارا جسيمة حيث تحطمت البنية الأساسية وحدثت خسائر فى المحاصيل والحيوانات الزراعية. وفى أوائل عام 2000 تعرضت مدغشقر لإعصارين شديدين وعواصف استوائية حيث أحدثت فيضانات خطيرة وخسائر فى الأرواح، وتشريد أكثر من 000 10 شخص وإلحاق أضرار واسعة بالبنية الرئيسية فى القطر. وبوجه عام، تأثرت مساحة قدرها 1.14 مليون هكتار من المحاصيل منها ما يقدر بنحو 000 200 هكتار فُقدت المحاصيل فيها تماما من جراء الفيضانات بالإضافة إلى ما لحق من أضرار جسيمة بمحاصيل البن والونيليه والقرنفل.

30. غالبا ما تتمكن المساعدات الدولية التى تقدم فى الوقت المناسب من تجنب الموت الجماعى بسبب الجوع، كما تساعد فى تخفيف الآثار الاقتصادية السيئة. إلاّ أنه فيما بعد عمليات الإغاثة فى حالات الطوارئ، يتطلب الأمر المزيد من المساعدات من أجل الإصلاح والإعمار. لذلك ينبغى أن ترتبط جهود الطوارئ بأهداف إنمائية طويلة المدى. وفى هذا المجال تقدم منظمة الأغذية والزراعة الدعم فى مجال الاستراتيجيات والسياسات لبرامج الإنعاش والتنمية فى قطاعات الأغذية والزراعة فى أعقاب الكوارث الطبيعية والطوارئ التى تنشأ من صنع الإنسان. وعادة ما يكون الغرض من المساعدات هو الانتهاء من حالة الإغاثة وإفساح المجال أمام استمرار التنمية. كما تشتمل أيضا على أنشطة تساعد على التنمية المستدامة مع العمل على تفادى احتمالات وقوع كوارث وحالات طوارئ أخرى والتأهب لها.

جـ) - الآفات والأمراض العابرة للحدود

31. يزيد تعرض هذا الإقليم بوجه خاص للآفات التى تصيب المحاصيل والمنتجات المخزونة إلى جانب تعرض الحيوانات الزراعية للأمراض فى السنوات الأخيرة. وتنتشر الكثير من هذه الأمراض والآفات بسرعة على امتداد مسافات كبيرة حيث تهدد الأمن الغذائى والدخول، وتعطل حركة التجارة فى بعض الحالات وتصبح مصدرا للخطورة على الصحة البشرية. وبالنسبة للآفات التى تصيب المنتجات المخزونة مثل مثقبيات حبوب القمح الكبيرة التى تنتشر بسرعة فى شرق وجنوب أفريقيا بعد ظهورها بشكل عارض، فتلحق ضررا كبيرا بالاحتياجات الغذائية لأعداد كبيرة من المزارعين الذين يزرعون الذرة كغذاء أساسى. ومن الأشياء الأخرى التى تشكل تهديدا خطيرا للأمن الغذائى فى الإقليم ككل هى حمى الخنازير الأفريقية غرب أفريقيا)، واستمرار انتشار الطاعون البقرى فى القــــرن الأفريقى الصومــال والسودان) والمشاكــل الأخيرة التى ترتبـــت على انتشار حمى الوادى المتصدع فى القرن الأفريقى والحمى القلاعية زمبابوى) ومرض جنون البقر.

32. لتحويل هذه الاتجاهات المزعجة إلى الاتجاه العكسى اقترح رؤساء الدول والحكومات فى منظمة الوحدة الأفريقية أثناء اجتماعهم فى لوساكا فى يوليو/تموز 2001 القيام بحملة فى عموم أفريقيا لاستئصال ذبابة تسى تسى والمثقبيات. وأعرب مؤتمر المنظمة عن تدعيمه لهذه المبادرة وسوف يتم تنفيذها بشكل أساسى من خلال برنامج مكافحة المثقبيات الأفريقية والتحالف المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الوحدة الأفريقية ومنظمة الصحة العالمية.

جيم - وباء نقص المناعة البشرية/الإيدز

33. يمثل وباء نقص المناعة البشرية/الإيدز فى الوقت الحاضر تهديدا كبيرا للأمن الغذائى والإنتاج الزراعى والرفاهة الصحية والعامة لكثير من المجتمعات الريفية. ومن بين الـ 36 مليون شخص المصابين بهذا الوباء يوجد منهم ما يقدر بنحو 24.5 مليون شخص فى أفريقيا جنوب الصحراء. والآثار المدمرة لهذا المرض على الإنتاج الزراعى موثقة توثيقا جيدا. وتقوم برامج المعونة للأمم المتحدة وعدد مختار من البلدان الأفريقية بمبادرات مشتركة فى هذا المجال بما فى ذلك البرامج المتكاملة للوقاية منه والتخفيف من آثاره والتى من شأنها أن تساعد على نشر المعلومات عن التعرض لوباء نقص المناعة البشرية/الإيدز والحد من مخاطره وذلك للنهوض برفاهة الناس وبالتنمية البشرية المستدامة.

دال - تطور التكنولوجيا

34. على الرغم من أن نصف القرن الماضى شهد تقدما كبيرا فى التكنولوجيا الزراعية والإنتاجية، فلا يزال الوصول إلى التكنولوجيات التقليدية بعيدا عن إمكانيات الكثير من المزارعين فى أفريقيا، ويتضح هذا من الانخفاض الكبير فى مستوى استخدام الأسمدة فى أفريقيا. نحو 19 كيلوغرام لكل هكتار سنويا) بالمقارنة بنحو 100 كيلوغرام/هكتار فى شرق آسيا و 230 كيلوغرام/هكتار فى غرب أوروبا. وتعتبر التكنولوجيات الزراعية القائمة على العلم والتى يتم تطويرها عن طريق البحوث الزراعية ضرورية ليس فقط من أجل زيادة الإنتاجية، ولكن أيضا من أجل تطوير استراتيجيات ما بعد الحصاد مثل التخزين والمعالجة والتغليف ووضع العلامات، ومراقبة جودة الأغذية، والمعرفة التطبيقية بالتغذية، ونقل الأغذية بطريقة تضمن القيمة المضافة. إلاّ أنه فى أفريقيا تنشأ المشاكل من جراء التطور المحدود فى مجال تسويق المدخلات ونظم الائتمان، وارتفاع تكاليف النقل الطرق غير الجيدة وصغر حجم التجارة)، أما بالنسبة للمزارعين الذين يمارسون الزراعة المعيشية فهم يعانون من نقص كبير فى دخولهم التى تمكنهم من الحصول على المدخلات اللازمة.

35. تحتاج الحكومات الأفريقية إلى اتخاذ إجراءات لتسهيل الاستثمار فى تكنولوجيا ما بعد الحصاد والبنية الأساسية الريفية وذلك بمعاونة من القطاع الخاص والمتبرعين الأجانب والمؤسسات المالية الأخرى التى تشترك فى المساعدات الإنمائية الدولية. وهذا من شأنه أن يربط المنتجين بالمدن التى تعيش بها نسبة متزايدة من المستهلكين. كما أن تقديم الخدمات الاجتماعية الملائمة يمكن سكان الريف من الاستجابة ماديا وذهنيا لفرص التنمية الجديدة.

36. لن يتسنى تطبيق المبدأ الذى جاء فى إعلان دن بوش منظمة الأغذية والزراعة، 1991) والذى يؤكد على أهمية الحماية البيئية عند استخدام التكنولوجيا كما لن يتسنى تحقيق الأهداف التى وردت فى جدول أعمال القرن 21 لمؤتمر الأمم المتحدة المعنى بالبيئة والتنمية إلاّ إذا سارت التكنولوجيا والسياسات جنبا إلى جنب مع المشاركة والعدالة والحوار، والآليات المؤسسية المناسبة، وتفويض الفقراء وتقديم الحوافز. تلك هى الطرق المؤدية إلى الزراعة الملائمة بيئيا والأمن الغذائى. وبدون ذلك لن تتمكن تلك الأدوات الهامة والمتاحة فى مجال التكنولوجيا والسياسات من تحقيق آثارها المرغوبة والإيجابية والدائمة.

هاء - عولمة التجارة

37. توصلت البلدان الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية أثناء اجتماعها فى قطر - الدوحة، وبعد عامين من فشل مؤتمر سياتل، إلى اتفاق على إطلاق جولة جديدة من المفاوضات التجارية متعددة الأطراف. وسيكون لاتفاق الدوحة آثار هامة على المفاوضات الزراعية الجارية، حيث أن الجولة الجديدة ستغطى مجالا عريضا من الموضوعات بما فى ذلك بعض الأمور المتعلقة بالتنفيذ. وقد التزم الوزراء أيضا بأن تكون هناك معاملة خاصة ومختلفة للبلدان النامية، كما سلموا بضرورة تقديم المساعدة التقنية لهذه البلدان.

38. مع أن اتفاقية جولة أوروغواى استهلت عملية إصلاح فى الزراعة والتجارة فى العالم، ظلت هناك الكثير من القضايا العالقة سيتم تناولها أثناء المفاوضات الجديدة. وبالنسبة للبلدان النامية مثل أفريقيا هناك موضوع رئيسى وهو كيفية التأكد من أن تحرير التجارة فى الأغذية والزراعة يساهم فى تنمية الزراعة فى هذه البلدان وهو ما يعد أمر ضرورى لضمان الأمن الغذائى والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية. وتسلم البلدان النامية بأن عولمة التجارة الدولية فى الزراعة تعود بمكاسب على الرفاهية العامة، إلاّ أنها تشعر بالقلق لأن هذه المكاسب قد لا توزع توزيعا عادلا ما لم تتخذ الإجراءات لمساعدة هذه البلدان فى تطوير الزراعة والتجارة بها.

واو - سلامة الأغذية

39. تكمن سلامة الأغذية فى مفهوم الأمن الغذائى ونادرا ما تكون قضايا سلامة الأغذية بعيدة عن عقول عامة الناس وصناعة الأغذية على السواء. فقد أدت كوارث مرض الحمى القلاعية، وأثر أزمة الديوكسين عام 1999 وأثناءها، ومرض الاعتلال المخى الإسفنجى جنون البقر) إلى إضعاف ثقة الناس فى سلامة الأغذية المعروضة على المستهلكين فى جميع أنحاء العالم. ومن الضرورى أن تظــل الأغذية التى تــقدم للاستهلاك الآدمى منتجا له قيمته المميزة وخصائصــه ذات الجودة الفريدة بما فى ذلك، بين أمور أخرى، مطابقته للمواصفات الصحية، وفعاليته، وسلامته وقيمته الغذائية.

40. تقوم هيئة الدستور الغذائى، تحت رعاية مشتركة من منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، بوضع حدود قصوى للمخلفات مع تحديثها بانتظام بالنسبة للمبيدات والعقاقير البيطرية، كما تحدد مستويات قصوى للملوثات والتوكسين. وتقوم الهيئة فى الوقت الحاضر بوضع مبادئ لتحليل مخاطر الأغذية الناتجة عن التكنولوجيا الحيوية الحديثة، وتضع خطوطا إرشادية لتقدير سلامة الأغذية الناتجة عن توليف الحمض الخلوى الصبغى دى - إن - إيه). كما وضعت خطوطا إرشادية لإنتاج ومعالجة الأغذية المنتجة عضويا ووضع العلامات عليها وتسويقها بما فى ذلك إنتاج الثروة الحيوانية. ويركز الإطار الاستراتيجى الذى أقر فى هذا الصدد تركيزا كبيرا على قضايا سلامة الأغذية فى البلدان النامية بما فيها أفريقيا. لذلك فإن الأولويات فى الإقليم ينبغى أن تتمثل فى تشجيع المزيد من المزارعين على اتباع نظم الإدارة الزراعية المتكاملة كوسيلة واقعية للتقدم إلى الأمام، وبناء وعى عام بالمخاطر المتعلقة بإنتاج الأغذية، ونظم الإدارة فيما بعد الحصاد، ومعالجة الأغذية وحفظها، وجودة الأغذية والبيئة.

زاى - الحق فى الحصول على الغذاء

41. تؤثر كل هذه الأمور، التى تم استعراضها سلفا، تأثيرا أساسيا فى قدرة أفريقيا على تلبية الاحتياجات الغذائية لشعوبها والإبقاء على مواردها فى حالة جيدة للأجيال القادمة. وقد كان من نتائج مؤتمر القمة العالمى للأغذية أن أصبح هناك تفكير عميق فى السنوات الأخيرة فى الآثار المترتبة على كفالة الحق فى الحصول على الغذاء والذى يسلم به على أنه حق بشرى بموجب القانون الدولى وحسبما تقضى بذلك المعاهدة الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

42. يتعين على الحكومات الأفريقية أن تدرك أن حق الإنسان فى الحصول على الغذاء تستتبعه حقوق للأفراد والتزامات على الحكومة باحترام وحماية وتلبية هذا الحق بطريقة شفافة ومسؤولة. وقد أقر إطار المساعدات الإنمائية للأمم المتحدة منهجا يستند إلى هذه الحقوق للأفرقة القطرية لمنظومة الأمم المتحدة حيث جاء الحق فى الحصول على الغذاء أحد عناصره الضرورية. كما كان التركيز على الحق فى الحصول على الغذاء جزءا هاما فى استراتيجية الأمن الغذائى طويلة المدى فى القرن الأفريقى التى أقرها فريق مهام برئاسة مدير عام منظمة الأغذية والزراعة.

خامسا - الطريق إلى المستقبل: ترجمة الالتزامات إلى أعمال

43. إن كثيرا من التحديات التى تواجه الزراعة والغابات ومصايد الأسماك فى أفريقيا لها أبعادها العالمية. وفى حدود الطاقات الحالية يبذل الكثير من الجهد من جانب الحكومات فى الإقليم والمجتمع الدولى بما فى ذلك منظمة الأغذية والزراعة من أجل تنفيذ التزامات مؤتمر القمة العالمى للأغذية والتى لاتزال مناسبة ومتمشية مع التحديات الجديدة. بيد أنه لايزال هناك مجال لالتزام سياسى واجتماعى واقتصادى قوى بتحسين أساليب الرد على هذه التحديات. ويتيح الحدث العالمى وهو انعقاد مؤتمر القمة العالمى للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد الفرصة أمام الحكومات والمجتمع الدولى والمجتمع المدنى الفرصة لإعادة تأكيد الالتزام بإعلان روما وخطة العمل. ولكــن المطلوب هو التحرك إلى ما بعد هذه الالتزامات العريضة، وأن يحـدد كل بلد من البــلدان الأعضاء بعبارات محددة الطريقــة التى يعتزم المشاركة بها مع الآخرين الذين يعنيهم الأمر، فى الإسراع باتخاذ إجراءات محددة المدة من أجــل استئصال الجوع والفقر مع التركيز على تلك الجوانب من الخطة التى تؤثر بشكل مباشر وسريع على الجوع وذلك لضمان تحقيق هدف المؤتمر بحلول عام 2015.

أ) - شحذ الإرادة السياسية من أجل مكافحة الجوع

44. كثيرا ما أعلنت معظم البلدان الأفريقية عن تكريس جهودها من أجل استئصال الفقر. ويعتبر القضاء على الجوع خطوة أولى وحيوية. ولسوء الحظ توقف التقدم المحرز من أجل الحد من الجوع والفقر الريفى فى أفريقيا. ففى التسعينات انخفض إلى أقل من ثلث المعدل المطلوب لتلبية التزام الأمم المتحدة بتخفيض الفقر العالمى إلى النصف بحلول عام 2015. وعلى الرغم من أن ثلاثة أرباع سكان أفريقيا يعيشون ويعملون فى المناطق الريفية، فقد انخفضت المعونة التى تقدم للزراعة بمقدار الثلثين مع أن الزراعة هى المصدر الرئيسى للدخل. ومن المسلم به أن التنمية الزراعية المستدامة بما فى ذلك قطاع الثروة الحيوانية والإسهامات الضرورية للغابات ومصايد الأسماك لها أهميتها القصوى بالنسبة للأمن الغذائى، سواء من حيث ضمان نمو الإمدادات بأسعار فى متناول اليد أو كمصدر رئيسى للتقدم بالنسبة لفقراء الريف.

45. كان التحليل المتعمق الذى أجرى بناء على طلب لجنة الأمن الغذائى العالمى لموضوع "تطبيق التكنولوجيا الزراعية الملائمة وأساليبها وأثرها على الأمن الغذائى واستئصال الفقر: دروس مأخوذة من تجارب تستند إلى المجتمع المحلى." بمثابة قصص نجاح استندت إلى دروس عملية فى مجال توفير بيئة مواتية للسياسات تتيح الفرصة للقيام بمناهج ابتكارية فى مجال الأمن الغذائى والتخفيف من وطأة الفقر. وجاء اثنان من قصص النجاح هذه من الإقليم الأفريقى. فقد كان تطوير الرى على النطاق الصغير فى نطاق البرنامج الخاص للأمن الغذائى فى بوركينا فاسو بمثابة منهج متكامل يركز على النهوض بالتكنولوجيات والأساليب الزراعية الملائمة، استنادا إلى الاستخدام المحسن للمياه وإدارتها كنقطة بداية.

46. استخدم مشروع "إكثار البذور القائم على المجتمع المحلى فى زامبيا" البذور سريعة النضج والمقاومة للجفاف كمدخل للتصدى لمشكلة انخفاض الإنتاجية والقابلية للتعرض للجفاف، مع التطرق إلى انعدام الأمن الغذائى والفقر. وأتاحت هذه المشروعات الصغيرة مجالا شاملا من الدعم التقنى والنهج القائم على المشاركة أمام التنمية المؤسسية، كما قدمت هذه المشروعات عددا من الدروس المفيدة فى مجال استخدام الأساليب القائمة على المجتمع المحلى من أجل تنشيط اتباع التكنولوجيات الجديدة التى تهدف إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وزيادة دخول المزارعين. ومن الضرورى أن تشارك بلدان أخرى فى هذه الخبرات المفيدة من خلال اتخاذ ترتيبات للتعاون بين بلدان الجنوب.

ب) - تعبئة الموارد من أجل الكفاح ضد الجوع

47. تحتاج بلدان كثيرة إلى التخلص مما ظهر مؤخرا من إهمال فى الاستثمار فى الزراعة والتنمية الريفية، وأن تقوم بتعبئة موارد استثمارية كافية لتدعيم الأمن الغذائى المستدام والتنمية الريفية المتنوعة. وفى الواقع فإن الزراعة كقطاع اقتصادى رئيسى لا يقتصر دورها على توليد الدخل القطرى ولكن لها أهميتها الخاصة فى مجال توفير فرص العمل وإتاحة الصادرات فى معظم البلدان الأفريقية. وبالإضافة إلى ذلك يعيش غالبية الناس ما يقدر بنحو 70% فى أفريقيا) فى المناطق الريفية ويحصلون على أرزاقهم من قطاع الزراعة مباشرة مثل المزارعين والعمال الزراعيين أو من العمل فى الأنشطة غير الزراعية فى القطاع الريفى.

48. على الرغم من الانخفاض الشديد فى دور الحكومات فى النشاط الاقتصادى بما فى ذلك الزراعة) على امتداد عقد كامل فى أفريقيا بسبب الإصلاحات الهيكلية، فلايزال الإنفاق الحكومى عنصرا لا غنى عنه من أجل النهوض بالتنمية الزراعية. وتعتبر البنية الأساسية العامة، ونقل التكنولوجيا من خلال البحوث الزراعية والإرشاد، وتقديم الخدمات فى مجال تسهيل التخزين، والنقل والتسويق، أمثلة من أوجه الإنفاق التى لاتزال مطلوبة من القطاع العام، والذى كثيرا ما يأخذ الطابع اللامركزى ويتم بالمشاركة مع القطاع الخاص والمجتمع المدنى.

49. يعتمد مستوى تعبئة الموارد اللازمة للأغذية والزراعة، بالطبع، على الأهداف المراد تحقيقها. وفى هذا الإطار، وعلى امتداد خمس سنوات، قامت منظمة الأغذية والزراعة بتعبئة 230 مليون دولار من أجل البرنامج الخاص للأمن الغذائى. وليكون هذا البرنامج فعالا ويحقق هدفه فى نحو 80 من بلدان العجز الغذائى ذات الدخل المنخفض، فإنه يحتاج إلى تمويل سنوى قدره 1.4 بليون دولار تقريبا بما فى ذلك 500 مليون دولار من حساب الأمانة للبرنامج الخاص للأمن الغذائى التابع لمنظمة الأغذية والزراعة و 67 مليون دولار من البلدان المتلقية و 134 مليون دولار من الجهات المتبرعة الثنائية و 670 مليون دولار من مؤسسات التمويل متعددة الأطراف، وهو ما يعادل نحو 17 مليون دولار لكل بلد.

50. ينبغى أن نعيد إلى الأذهان أن حصة كبيرة من الاستثمار العام فى القطاع الريفى فى البلدان النامية قد تم تمويلها من التمويل الإنمائى الرسمى. وقد ارتفعت المساعدات الدولية للزراعة فى البلدان النامية من نحو 12 بليون دولار سنويا فى أوائل الثمانينات إلى قرابة 16 بليون دولار فى 1988. ثم انخفضت منذ ذلك الحين إلى 10 بليون دولار سنويا حتى عام 1994. وطبقا لسيناريو الزراعة العالمية حتى عام 2010 يقدر المتوسط السنوى لإجمالى الاستثمارات التكميلية اللازمة للزراعة حتى نستطيع تلبية أهداف الأمن الغذائى والأهداف الإنمائية الأخرى بنحو 8.9 بليون دولار لأفريقيــا جنوب الصحــــراء بحيث يأتى 3.4 بليون دولار من القطاع الخاص و 1.6 بليون دولار من الاستثمارات المحلية العامة و 3.6 بليون دولار من التمويل الإنمائى الرسمى.

سادسا - ملاحظة ختامية

51. بعد انقضاء خمس سنوات على انعقاد مؤتمر القمة العالمى للأغذية ظهرت قضايا كثيرة تتعلق بالأمن الغذائى استحوزت على نظرة جديدة فى أفريقيا. فقد زادت احتمالات حدوث المنازعات والاضطرابات الاجتماعية. وأبرزت هذه القضايا الكثير من المسائل الأخلاقية التى تعتبر ضرورية للأمن الغذائى والتنمية الريفية المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية، إلى جانب الارتباط بين آثار كل منها. فقد ظهرت بعض القضايا بشكل قوى على امتداد السنوات الخمس الماضية وتحتاج إلى معالجة خاصة عند إجراء أى بحث للبيئة العالمية التى تقوم البلدان، والمجتمع الدولى والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى، من خلالها بالتصدى لمشاكل تنفيذ خطة عمل مؤتمر القمة العالمى للأغذية وما يرتبط بها من التزامات. ويحتاج إدماج جميع الأبعاد فى منهج شامل يتناول قضية الأمن الغذائى، إلى التدبر والحوار بين شركاء التنمية، كما يحتاج إلى تدخلات ملموسة على المستوى الميدانى لضمان اتخاذ إجراءات فعالة تهدف إلى تصحيح الاتجاهات الحالية.

52. إن هدف استئصال الجوع هو هدف يمكن تحقيقه، ولكن ذلك يتطلب استمرار الالتزام فى مجال السياسات وتعبئة الموارد. لذلك يتعين على الحكومات الأفريقية والمجتمع الدولى إظهار الإرادة السياسية بالتدخل من أجل تقديم الإغاثة الكافية والملائمة فى الوقت المناسب وبخاصة للنساء والأطفال وكبار السن وغيرهم من الجماعات المحرومة اجتماعيا، أثناء فترات المنازعات والكفاح المدنى والحروب التى أصبحت متفشية لسوء الحظ فى أفريقيا جنوب الصحراء. إلاّ أنه يتعين التأكد من أن التدخلات فى حالات الطوارئ تتحول تدريجيا وبأسرع ما يمكن إلى عمليات إصلاح فيما بعد الأزمات مما يؤدى إلى حدوث تحسن فى قدرات الأسر والاقتصادات الريفية على التنمية. وفوق كل ذلك يتعين على الحكومات فى الإقليم أن تجعل السعى من أجل السلام والعدل، والإدارة الجيدة، وسيادة القانون السمة المميزة للحكم. وهذا يساعد على الحد من الحروب الأهلية والاضطرابات الاجتماعية التى تؤدى إلى وقف وتعطيل جهودها الحميدة من أجل تحقيق الأمن الغذائى والنهوض بالرفاهية العامة لشعوبها.