ARC/02/5






المؤتمر الإقليمي الثاني والعشرون لأفريقيا

القاهرة، مصر، 4-8/2/2002

السوق الزراعية المشتركة في أفريقيا




 

بيان المحتويات
الصفحات   
3-4 أولا - مقدمة
4 ثانيا - قطاعات الزراعة والغابات ومصايد الأسماك في أفريقيا
5-6 ألف - الإنتاج
6-7 باء- الاستهلاك
8-12 جيم - التجارة الإقليمية
12 ثالثا - القضايا التي ينبغي مواجهتها من أجل تكامل السوق وتقارب السياسات
12 ألف - بيئة السياسات على مستوى الاقتصاد الكلي ودور الدولة
13-14 باء - التزامات منظمة التجارة العالمية
15 جيم - الاتفاقات التجارية الإقليمية
15 دال - الاتفاقيات التجارية التفضيلية مع الشركاء الخارجيين
16-17 رابعا - الخطوات الاستراتيجية والعملية التي ينبغي أن تتخذ نحو قيام سوق زراعية أفريقية مشتركة
18-19 خامسا - البرامج التي تدعم السوق الزراعية المشتركة في أفريقيا
19 سادساً - ملاحظات ختامية
   قائمة الجداول
5 الجدول 1 - النسبة المئوية لمعدلات النمو للإنتاج الزراعي في أفريقيا (1990-1998)
7 الجدول 2- المعدلات السنوية لنمو الطلب على المنتجات الغذائية في أفريقيا 1990-1998
11 الجدول 3 - تجارة المنتجات الزراعية والأغذية فيما بين البلدان الأفريقية (استناداً إلى الصادرات)
   قائمة الأشكال
8 الشكل 1 - إجمالي قيمة الواردات والصادرات الزراعية، 1963-1998
9 الشكل 2 - التجارة الزراعية كنسبة من إجمالي التجارة، 1963-1998
10 3 - النسبة المئوية لواردات الأغذية إلى إجمالي الصادرات، 1963-1998
11 الشكل 4 - نسبة الصادرات فيما بين البلدان الأفريقية من إجمالي الصادرات

أولا - مقدمة

وافق الوزراء من 32 بلدا في أبريل/نيسان 2001 خلال المؤتمر الاستثنائي لوزراء الزراعة في بلدان منظمة الوحدة الأفريقية الذي عقد في لومي، توغو، على ضرورة التحرك بسرعة نحو إقامة السوق المشتركة للمنتجات الزراعية في أفريقيا للنهوض بالأمن الغذائي. وقدم تقرير التوصيات الخاصة بهذا المؤتمر الى رؤساء الدول الأفريقية خلال مؤتمر القمة السابع والثلاثين لمنظمة الوحدة الأفريقية الذي عقد في لوساكا في يوليو/تموز 2001. وقد وافقت جمعية رؤساء الدول على تقرير اجتماع لومي وطلب الأمين العام للاتحاد الأفريقي الجديد عقد اجتماع للجنة الفنية المتخصصة المعنية بالاقتصاد الريفي والزراعة بصفة عاجلة لإعداد برنامج شامل يتضمن جدولا زمنيا محددا لإنشاء السوق المشتركة الأفريقية للأغذية الأساسية وإعداد منهجية تنفيذ توصيات المؤتمر الاستثنائي الأول لوزراء الزراعة الذي عقد في تومي، توغو خلال أبريل/نيسان 2001 لإيجاد الحلول لمشكلة الأمن الغذائي في القارة.

وعلاوة على ذلك، أكدت مبادرة أفريقيا الجديدة التي وضعت في لوساكا، أهمية الزراعة للتنمية الشاملة والأمن الغذائي في أفريقيا. وأكدت ضعف النظم الزراعية في أفريقيا وحددت أولويات في التنمية الزراعية ودعت إلى تصحيح مسار الاتجاهات الهبوطية للاقراض الدولي للزراعة. كما أسندت أهمية خاصة لتنويع الإنتاج والصادرات وأدرجت الأهداف النوعية ذات الصلة بالقطاع الزراعي في أفريقيا على النحو التالي:

وسوف يكون لتشكيل السوق المشتركة الزراعية لأفريقيا تأثيرات مباشرة على التنمية الزراعية والتجارة والأمن الغذائي في البلدان الأفريقية من خلال التخفيف من بعض المعوقات التي تحد من التنمية المستدامة للقطاع الزراعي وتؤدي إلى إدامة ارتفاع معدلات الفقر ونقص التغذية في الإقليم. وقد يؤدي التكامل الإقليمي إلى تعزيز الكفاءة الإقتصادية والتجارة والاستثمار والنمو إذا ما طبقت البلدان الأعضاء اصلاحات تجارية متماثلة بصورة عامة وغير تمييزية. فالسوق المشتركة التي تزيل الحواجز الداخلية أمام التجارة وتنسق، وليس تزيد، الحماية الخارجية تمكن من النهوض باستخدام الموارد الأفريقية لتوفير الاحتياجات البشرية على مستوى القارة الأفريقية وقد تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والتضامن.

وتعتمد الوثيقة الحالية اعتمادا كبيرا على الورقة السابقة التي أعدتها المنظمة بعنوان "التكامل الاقتصادي الأفريقي والأمن الغذائي" التي تم استعراضها خلال مؤتمر لومي (المنظمة، 2000). وبعد أن يتم استعراض قصير في هذه الوثيقة لقطاعات الزراعة والغابات ومصايد الأسماك في أفريقيا بما في ذلك الإنتاج والاستهلاك والتجارة والقضايا ذات الصلة بتكامل الأسواق، تناقش الخطوات الاستراتيجية التي ينبغي اتخاذها لإنشاء السوق المشتركة في القسم ثالثا. وتناقش في القسم رابعا بعض البرامج الحالية أو المحتملة التي يمكن أن تدعم عملية تشكيل السوق المشتركة الزراعية في أفريقيا. ويقدم القسم الأخير بعض الملاحظات الختامية.

ثانيا - قطاعات الزراعة والغابات ومصايد الأسماك في أفريقيا

أفريقيا هي الإقليم الوحيد في العالم النامي الذي ظل إنتاج الأغذية الإقليمي بالنسبة للفرد فيه ينخفض طيلة الأربعين عاماً الماضية، بما يعرض قطاعات كبيرة من السكان لخطر انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وقد هبط انتشار انخفاض التغذية في أفريقيا جنوب الصحراء هبوطاً طفيفاً في العقدين الماضيين، من 38 في المائة في فترة 1979-1981 إلى 34 في المائة في فترة 1996-1998. أما في شمال أفريقيا فإن نسبة انتشار ضعف التغذية - وهي 4 في المائة - أدنى كثيراً، وقد هبطت إلى النصف منذ 1979-1981 بالرغم من القيود البيئية الشديدة على الإنتاج الزراعي في الإقليم (منظمة الأغذية والزراعة 2000 أ ).

ومازالـت الزراعــة، بمــا فيها مصايد الأسماك والغابات، تسود اقتصادات ومجتمعات معظم البلدان الأفريقيــة، وهـي أداة هامة للنمــو الاقتصـادي، فهـي تنتـج الجانب الأكبـر مـن الأغذيـة التـي تستهلكهـا أفريقيا، وكانت تمثل في 1998 نحو 60 في المائة من إجمالي العمالة، و 20 في المائة من مجموع الصادرات السلعيـــة، و 34 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وهذا القطاع هو المصدر الرئيسي للمواد الأولية للصناعة، وما يصل إلى ثلثي القيمة المضافة الصناعية في معظم البلدان الأفريقية يستند إلى المواد الأولية الزراعية. والقطاع الزراعي هو المشتري الرئيسي للأدوات البسيطة (مثل المعدات الزراعية) والخدمات (مثل النقل)، والفلاحون هم المستهلكون الرئيسيون للسلع الاستهلاكية المنتجة محلياً.

ومازالـت معظــم بلـدان الإقليم، بالرغــم مـن أهميـة الزراعــة فـي اقتصادياتها، تعتمد على سلعة تقليدية واحــدة أو اثنتين للحصول على الجانب الأكبر من إيرادات تصديرها، وإن كان إنتاج هذه السلعة أو الاثنتين ونصيبهما فـي السـوق ينخفـض منـذ الستينات. ويعد انخفاض أداء القطاع الزراعي وإسهامه في معظم البلدان الأفريقية أحد أعراض عـدم كفايــة تكوين رأس المال والعجز في رؤوس الأموال، الذي يزيد من التكاليف، ويخفض الإنتاجية، في القطاع الزراعي. وكان صغار مزارعى الكفاف، ومعظمهم من النساء، أكثر القطاعات تضررا. وعلاوة على ذلك، فان انخفاض أداء القطاع الزراعى أجبر كثيراً من المزارعين وغيرهم من الوكلاء الاقتصاديين على الانغماس في ممارسات تؤدي إلى تدهور موارد الأرض، وتستنزف الغابات وغيرها من النباتات الطبيعية، وتضر بالموارد البحرية وغيرها من الموارد المائية، بما فيها المياه. وبالرغم من هذا فستظل الزراعة أهم قطاع لمواجهة الأمن الغذائي والفقر في أفريقيا في المستقبل المنظور.

ألف - الإنتاج

أفريقيا قارة متنوعة، ومن ثم فإن الإشارة إلى كل البلدان بعبارات إجمالية قد لا تكون مناسبة، ومع هذا نستطيع أن تقدم بعض الملاحظات العامة، فقد انخفض الإنتاج الزراعي في أفريقيا في معظم الفترة منذ الستينات، وإن كانت البيانات الأخيرة تشير إلى تباطؤ، هذا الاتجاه الهابط، أو تصحيحه بصورة طفيفة بالنسبة لعدد قليل من السلع (المنظمة 2001، الملحق، الجدول باء). وشهدت الأقاليم الأفريقية الخمسة (نفس المصدر: الجدول الملحق ألف، الشكل الملحق ألف، للتجمعات الإقليمية) اتجاهات إنتاجية بالغة التباين في التسعينات، فقد حققت أفريقيا الغربية والشمالية نمواً قوياً في الناتج السنوي بنحو 3 إلى 5 في المائة في معظم السلع الزراعية الأساسية، في حين انخفض الإنتاج في الجنوب الأفريقي أو ركد في معظم السلع (الجدول 1). وفي شرق أفريقيا نما الإنتاج بسرعة في الكاكاو (8.5 في المائة) والمحاصيل الزيتية (5.3 في المائــة) والحبوب (4.3 في المائة) لكنه ركد أو انخفض في السلع الأخرى. كما شهد وسط أفريقيا نمواً ثابتاً في بعض السلع (الحبوب والكاكاو) وانخفاضاً أو ثباتاً في بعض السلع الأخرى، فتقلب الإنتاج قضية رئيسية في كثير من البلدان الأفريقية، لأن معظم المحاصيل يعتمد على الأمطار، ومن ثم فإنها شديدة التعرض للصدمات المرتبطة بالطقس.

الجدول 1 - النسبة المئوية لمعدلات النمو للإنتاج الزراعي في أفريقيا (1990-1998)

الإقليم الأخشاب المستديرة الأسماك البن قرون الكاكاو البقول المحاصيل الزيتية الجذور والدرنات الحبوب
شمال أفريقيا 2.1 3.6 - - 0.4 2.5 3.2 3.3
غرب أفريقيا 2.4 2.1 1.7 3.5 7.2 3.8 8.0 3.1
وسط أفريقيا 3.3 2.5 -5.4 2.6 2.1 0.8 -0.5 4.9
شرق أفريقيا 2.6 -1.1 -0.2 8.5 0.6 5.3 -0.4 4.3
الجنوب الأفريقي 2.5 1.2 -3.8 2.5 1.7 0.2 3ر3 -0.5
إجمالي أفريقيا 2.6 1.7 -0.7 3.4 3.0 3.0 4.2 2.7
العالم 0.9 2.2 0.9 1.7 -0.6 3.9 1.5 0.8

المصدر: استناداً إلى قاعدة البيانات الاحصائية فى المنظمة.

ومنذ عام 1994 يتزايد إنتاج الأسماك بمعدل متوسط يبلغ 5ر3 في المائة سنوياً. ومن بين المجموعات الجغرافية الأفريقية تعد أفريقيا الغربية والجنوبية المساهمين الرئيسيين في إجمالي إنتاج الأسماك في القارة. وما زالت الغابات بدورها تلعب دوراً هاماً في الاقتصاد النظامي في كثير من بلدان الإقليم، فمن بين 530 مليون متر مكعب من أخشاب الأشجار أنتجت في الإقليم في عام 1998 استخدم ما يقرب من 90 في المائة في الوقود والفحم. وتجري معظم تجارة خشب الوقود والفحم داخل الحدود الوطنية، بالرغم من أن عديداً من البلدان تعاني نقصاً حاداً في أخشاب الوقود. وحركة خشب الوقود عبر الحدود إحدى الفوائد الكثيرة التي يمكن انتظار حدوثها من تكامل السوق.

وحيثما كانت هناك زيادة في الإنتاج الزراعي في أفريقيا، باستثناء حالة الغابات، في العقود القليلة الماضية تحقق هذا أساساً باستزراع مزيد من الأراضي، غير أن تقديرات منظمة الأغذية والزراعة تشير إلى أن 25 في المائة فقط من مكاسب الإنتاج في المستقبل ستأتي من زيادة الأراضي المروية، في حين سيأتي 75 في المائة من زيادة الإنتاجية (منظمة الأغذية والزراعة، 2000 ب). ولابد من زيادة الإنتاجية والتنافسية باستخدام أصناف وفيرة الغلة مع أسمدة بأسعار معقولة وكيماويات زراعية وأدوية بيطرية مناسبة. وستتطلب زيادة الإنتاجية أعمالاً ملموسة، وكذلك تغيرات في البيئة السياسية. ويحتاج المزارعون إلى تحسن فرص الوصول إلى الأسواق، إلى جانب إمدادات كافية ورخيصة من الأسمدة، والبذور المحسنة، والأدوات، والخيارات التقنية.

وفيما يلي بعض مجالات الأولوية لتحسين الإنتاج الزراعي:

باء- الاستهلاك

كما ذكرنا سلفا، تشيـر إحصاءات المنظمة إلـى أن 34 فـي المائة من سكان أفريقيا جنوب الصحراء يعانون من نقص تغذية مزمن مقابل 37 في المائة قبل عقدين. غير أن النظر إلى القارة بمزيد من التفصيل يكشف عن تقدم كبير في بعض الأقاليم وتدهور مثير للقلق في بعضها الآخر، فقد تمكنت تسع بلدان في غرب أفريقيا، وعلى رأسها غانا، من تخفيف الجوع كثيراً فيما بين عامي 1980 و 1996، لكن الصورة مختلفة جداً في وسط أفريقيا وشرقها وجنوبها، حيث زادت نسبة وأعداد سيئي التغذية عموماً. وعانت بوروندي من أكبر زيادة، حيث ارتفعت النسبة من 39 في المائة إلى 68 في المائة، وكشفت عدة بلدان أخرى في وسط أفريقيا وشرقها وجنوبها عن زيادات كبيرة أيضاً.

وزاد إجمالي الطلـب على الأغذية بأفريقيا بمعدل سنـوي يبلـغ 2.8 فــي المائــة فـي فتـرة 1990-1998. وفـي الفترة نفسها زاد الطلـب على اللحوم والحبوب بنسبة 3 و2.4 فــي المائــة على التوالــي (الجدول 2). وتشيــر توقعات المنظمة إلـى أن الطلـب على الأغذية سيستمر فـي الزيادة، والمتوقع أن ينمو بمعدل سنوي 2.7 في المائة من الآن وحتى عام 2015. وسيزيد الطلب على اللحوم بمعدل أسرع (3.3 في المائة) والحبــوب بمعــدل 2.5 في المائة. غير أن من الواضح من هذه الأرقام بالمقارنة بالإحصاءات بالنسبة للفرد أن معظم النمو في الطلب على الأغذية يأتي من نمو السكان، وأن قليلاً منه يأتي من التغير في الدخل بالنسبة للفرد.

الجدول 2- المعدلات السنوية لنمو الطلب على المنتجات الغذائية في أفريقيا 1990-1998

الإقليم البيض اللبن اللحوم الفواكه السكر والمحليات البقول المحاصيل الزيتية الجذور الحبوب
شمال أفريقيا 8,4 7,2 9,3 9,3 6,1 5,1 6,13 3,3 3,2
غرب أفريقيا 0,3 5,4 1,4 4,4 1,8 3,5 8,4 6,7 5,3
وسط أفريقيا 3,1 3,1 8,1 1,1 1,1 7,2 2,1 9,0 7,4
شرق أفريقيا 8,1 2,2 7,1 1,2 0,3 9,0 0,3 6,0 4,3
الجنوب الأفريقي 8,4 0,1 3,0 5,0 4,1 7,2 3,1 4,4 4,2
إجمالي أفريقيا 3,4 4,2 4,2 8,2 9,2 4,2 7,4 9,3 0,3
العالم 1,4 6,1 7,2 0,3 9,1 9,0 8,4 3,2 3,1

المصدر: مستمدة من قاعدة البيانات الإحصائية في المنظمة.

ويتمثل القيد الرئيسي على الطلب في أفريقيا في نقص القوة الشرائية، لأن نمو متوسط الدخل قد تعثر في أفريقيا خلف سائر أقاليم العالم الأخرى. ومن ناحية أخرى تؤدي سرعة نمو السكان إلى زيادة الطلب على الأغذية، وتخلق ضغوطاً من أجل زيادة إمدادات الأغذية. وقد كان متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي في الزراعة 3ر2 في المائة في الفترة من 1990 إلى 1997، أي أقل من معدل زيادة السكان الذي بلغ 4ر2 في المائة. وفي الفترة نفسها لم ينم إجمالي الناتج المحلي العام إلا بنسبة 9ر2 في المائة. وتفرض الأسواق المحمية تكاليف عالية على المستهلكين الذين ينتظر أن يستفيدوا في ظل أسواق أكثر ليبرالية. ومع تكامل السوق ستتاح للمستهلكين فرصة الشراء من أقل المنتجين تكلفة في القارة، وبذا تزيد قوتهم الشرائية. كما ستؤثر الأسواق المحررة على توزيع المكاسـب: فسيخسر المنتجـون الذيـن كانـوا محميين من قبل في حين سيكسب المنتجون من ذوي التكلفة المخفضة.

جيم - التجارة الإقليمية

ازدادت الواردات الأفريقية من المنتجات الزراعية بسرعة أكبر من الصادرات منذ الستينات، وكانت أفريقيا في مجموعها مستورداً صافياً للواردات الزراعية منذ عام 1980 (الشكل 1)، وتمثل الزراعة نحو 20 في المائة من مجموع سلع التصدير من أفريقيا. وقد هبط هذا النصيب في كل المناطق باستثناء شرق أفريقيا بشدة منذ الستينات، حين تجاوز 50 في المائة. وشرق أفريقيا وحده هو الذي ما زال يعتمد على الزراعة في أكثر من 20 في المائة من عائدات تصديره (الشكل 2). وتتسم أنماط التصدير الزراعي الحالية في أفريقيا بعدد قليل من السلع الأولية (عادة ما تزرع في ضياع واسعة) والاعتماد على الدخول التفضيلي في عدد قليل من أسواق البلدان المتقدمة. ومحاصيل التصدير الرئيسية هي الكاكاو والبن والقطن، يليها السكر والتبغ والشاي (الملحق، الجدول دال). وقد أقامت بعض البلدان أسواقاً ملائمة بتوريدها للفواكه الطازجة والخضر والزهور، وأساساً للأسواق الأوروبية. وتمثل الأسماك والمنتجات الحرجية مواد تصدير هامة لعديد من البلدان.

الشكل 1 - إجمالي قيمة الواردات والصادرات الزراعية، 1963-1998

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية في المنظمة.

الشكل 2 - التجارة الزراعية كنسبة من إجمالي التجارة، 1963-1998

الصادرات و الواردات

المصدر: مستمد من قاعدة البيانات الإحصائية في المنظمة.

وتمثل الواردات الزراعية نحو 15 في المائة من إجمالي الواردات الأفريقية، وغالباً ما تتكون من منتجات مجهزة. وأهم الواردات الزراعية هي القمح ودقيق القمح والسكر والأرز والذرة والزيوت النباتية (نفس المصدر، الملحق الجدول هاء). ومعظم البلدان الأفريقية مستوردة صافية للأغذية، وقد زاد الاعتماد على الواردات في كثير من البلدان الأفريقية مع هبوط الإنتاج الغذائي بالنسبة للفرد طيلة العقدين الأخيرين. وعلى سبيل المثال تمثل الواردات اليوم نحو 70 في المائة من إجمالي امدادات القمح في أفريقيا. كما أن أفريقيا مستورد صاف للمنتجات الحرجية المجهزة مثل الخشب المنشور والألواح والورق.

الشكل 3 - النسبة المئوية لواردات الأغذية إلى إجمالي الصادرات، 1963-1998

المصدر: مستمد من قاعدة البيانات الإحصائية في المنظمة.

وتشير التقديرات من الأونكتاد وقاعدة البيانات الإحصائية في المنظمة إلى أن ما يزيد قليلاً عن 10 في المائة من صادرات أفريقيا السلعية يذهب إلى بلدان أفريقية أخرى، ولم يتغير هذا كثيراً في العقد الماضي باستثناء زيادة كبيرة في الجنوب الأفريقي (الشكل 4). وليست الأرقام المماثلة عن المنتجات الزراعية والغذائية متاحة، لكن الأرقام المقدرة تقل عن 2 في المائة في معظم المناطق وبالنسبة لأفريقيا في مجموعها. وهذه الأرقام أعلى كثيراً في شرق أفريقيا (الجدول 3). (وينبغي تأكيد أن هذه التقديرات لصادرات الأغذية والصادرات الزراعية التي تذهب إلى بلدان أفريقية أخرى هي تقديرات أولية للغاية، وتشير إلى الضعف الشديد في البيانات الأمر الذي ينبغي معالجته)، وعادة ما تأتي الواردات الغذائية لأفريقيا من خارج الإقليم، وفي المقام الأول من البلدان المتقدمة، وغالباً بشروط ميسرة و/أو إعانات تصدير.

وفي حين تصدر بعض البلدان الأفريقية الأغذية الأساسية، فإن حجم صادرات الأغذية والصادرات الزراعية الأفريقية لا يشكل سوى حصة صغيرة من إجمالي احتياجات الاستيراد من السلع المماثلة. وعلى سبيل المثال لم يبلغ إجمالي الصادرات الأفريقية من الذرة من عام 1995 إلى 1998 إلاّ 30 في المائة من كل الواردات الأفريقية في الفترة نفسها. وبالنسبة للأرز كانت كمية الصادرات الأفريقية في الفترة نفسها أقل من 8 في المائة من مجموع واردات الأرز. أما واردات القمح - التي تبلغ من حيث القيمة ثلاثة أمثال أيٍ من الأرز أو الذرة - فلا توجد عملياً أي صادرات من أفريقيا. وبلغ متوسط الواردات أكثر من 18 مليون طن سنوياً.

الجدول 3 - تجارة المنتجات الزراعية والأغذية فيما بين البلدان الأفريقية (استناداً إلى الصادرات)

الإقليم

الصادرات فيما بين البلدان الأفريقية

   كنسبة مئوية من صادرات الأغذية
(1)*(3)=(5)
(تقديرات)*
كنسبة مئوية من الصادرات الزراعية
(1)*(3)=(4)
(تقديرات)*
كنسبة مئوية من مجموع الصادرات السلعية (3) الصادرات الغذائية كنسبة مئوية من إجمالي الصادرات (2) صادرات المنتجات الزراعية كنسبة مئوية من إجمالي الصادرات (1)
شمال أفريقيا 0.2 0.2 4.3      
غرب أفريقيا 1.3 2.0 12.0 11.1 16.7
وسط أفريقيا 0.2 0.4 3.8 4.6 10.3
شرق أفريقيا 4.5 17.0 24.9 18.2 68.1
أفريقيا الجنوبية 1.5 2.4 18.6 8.0 13.1
إجمالى أفريقيا 0.8 1.4 10.8 7.5 13.1

المصدر: مستمدة من قيمة الصادرات 1997 المستخلصة من قاعدة البيانات الإحصائية والأونكتاد

* لما لم تكن البيانات متاحة عن التجارة فيما بين البلدان الأفريقية في المنتجات الزراعية، فقد قدرت بافتراض أن حصتها عن الصادرات إلى البلدان الأفريقية الأخرى هي نفس الحصة من صادرات الأغذية والزراعة في إجمالي الصادرات، وهو افتراض قد لا يكون صحيحا في كثير من البلدان.

غير أن الشواهد المتواترة توحي بأن التجارة الزراعية عبر الحدود أكبر كثيراً مما تشير إليه الإحصاءات الرسمية. ومن أسباب هذه التجارة عبر الحدود أن الحدود الوطنية كثيراً ما تمر عبر بعض الأنماط التجارية قديمة العهد. وعادة ما لم تلق محاولات مراقبة التجارة عبر الحدود سوى القليل من النجاح. ويمكن لإقامة سوق مشتركة للزراعة أن يضفي طابعاً شرعياً على هذه التجارة، مما يمكن الحكومات من تقديرها كمياً، ومراعاتها في التخطيط وفي القرارات السياسية (المنظمة 1997). كما أن ذلك سيسمح للمزارعين بإنتاج المزيد وفقاً لميزتهم النسبية، واستجابة لظروف السوق المجاورة.

الشكل 4 - نسبة الصادرات فيما بين البلدان الأفريقية من إجمالي الصادرات

المصدر: استناداً إلى بيانات الأونكتاد.

وكثير من القيود على التجارة فيما بين البلدان الأفريقية هي نفسها القيود على الإنتاج التي سبقت الإشارة إليها أو مماثلة لها. والقيود الرئيسية في إطار التجارة هي:

ثالثا - القضايا التي ينبغي مواجهتها من أجل تكامل السوق وتقارب السياسات

ألف - بيئة السياسات على مستوى الاقتصاد الكلي ودور الدولة

استهدفت إصلاحات الاقتصاد الكلي التي نظمت في كثير من البلدان الأفريقية منذ أوائل الثمانينات الحد من التحيز ضد الزراعة الذي نشأ عن الضرائب المباشرة على القطاع، وأسعار الصرف المبالغ فيها والتي أضرت بالتصدير، والحماية الشديدة للقطاع الصناعي. ورغم أن هذه الإصلاحات كانت مفيدة، فإن هناك حاجة إلى مزيد من التقدم، من أجل إقرار بيئة سياسات للاقتصاد الكلي أكثر استقراراً وقابلية للتنبؤ تؤدي إلى النمو الاقتصادي. وحتى وقت قريب، كان ينظر إلى صياغة سياسات التجارة بالمنتجات الزراعية على أنه مسؤولية الحكومة وكبار المنتجين لأغراض التصدير. أما الآن فيتزايد الإدراك بضرورة أن تضطلع روابط صغار المنتجين بدور أكثر نشاطا وتحتاج إلى تدريب كبير على القيام بذلك.

وللقطاع الخاص دور هام يلعبه في أفريقيا، حيث ما زالت المؤسسات الحكومية غير الكفؤة تعرقل التقدم نحو نمو اقتصادي مستدام. ورغم التقدم الكبير في عملية الخصخصة في كثير من البلدان فإنها ما تزال غير كاملة تماماً. ومن الضروري زيادة الخصخصة في بعض الأنشطة لضمان القدرة على المنافسة، إلا أن للقطاع العام دوراً هاماً في توفير السلع العامة مثل النقل والطاقة والمياه والاتصالات والتعليم والصحة. فالنمو الاقتصادي المستدام يتطلب تنمية متوازنة للقطاع الخاص بدعم من القطاع العام.

وسيسهل تكامل السوق على نطاق أوسع تنسيق إصلاحات سياسات الاقتصاد الكلي مع الهدف المشترك والمتمثل فى النمو الاقتصادي السريع المستدام في أفريقيا.

باء - التزامات منظمة التجارة العالمية

تضم منظمة التجارة العالمية في عضويتها واحد وأربعين بلداً أفريقيا، وخمسة بلدان أخرى تسير في عملية الانضمام. وقد ترغب بقية البلدان الأفريقية في النظر في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية لأن هذا الالتزام بالنظم التجارية الدولية المشتركة يمكن أن يسهل تكوين اتحاد أفريقي. ويجب أن يبحث أعضاء منظمة التجارة العالمية الحاليين والمرتقبين الأحكام الأساسية لاتفاقية الجات بشأن التكامل الاقتصادي، فضلاً عن التزاماتهم الفردية بمقتضى اتفاقات محددة لمنظمة التجارة العالمية. وتشمل اتفاقات منظمة التجارة العالمية الأكثر صلة بهذا الشأن، إلى جانب الجات، الاتفاق بشأن الزراعة واتفاقية تطبيق تدابير الصحة وصحة النبات واتفاقية الحواجز التقنية أمام التجارة واتفاق جوانب الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة.

أحكام "الجات" بشأن التكامل الاقتصادي

يعتبر مبدأ عدم التمييز من القضايا الرئيسية لاتفاق الجات، أي أن على كل عضو أن يوفر معاملة متكافئة لكل الأعضاء الآخرين في منظمة التجارة العالمية. وتنص المادة الرابعة والعشرون لاتفاق الجات على استثناء من هذا المبدأ بغية إقامة منطقة تجارة حرة أو اتحاد جمركي أو اتحاد اقتصادي. ويتطلب هذا الاستثناء استيفاء شروط معينة، من بين ما تشمله: (أ) إلغاء كل القيود التجارية بالنسبة لكل التجارة جوهرياً بين الموقعين على الاتحاد؛ (ب) ألا تكون الرسوم الخارجية المترتبة على التجارة مع البلدان الأخرى في مجموعها أعلى أو أكثر تقييداً عنها قبل تكوين الاتحاد؛ (ج) أن يشمل كل اتفاق مؤقت خطة وجدولاً لتكوين الاتحاد خلال فترة زمنية معقولة. وفضلاً عن ذلك فإذا أدى تكون مثلا هذا الاتحاد إلى قيام أي عضو بزيادة الرسوم على التجارة مع غير الأعضاء يمكن اشتراط إجراء تعديلات تعويضية.

وبالإضافة إلى استثناء المادة الرابعة والعشرين يوفر قدر أكبر من المرونة للبلدان النامية بمقتضى بند التمكين في عام 1979. وقد أعطى هذا البند، الذي أدرج في الاتفاقات الإطارية لجولة طوكيو من المفاوضات، تصريحاً قانونياً واسعاً للبلدان النامية لإعطاء معاملة تفضيلية للتجارة فيما بينها. غير أنه ليس واضحاً ما إذا كان اتحاد اقتصادي على نطاق القارة يستوفي الشروط الصارمة لبعد التمكين، لأن هناك بلداً أفريقيا واحداً ليس مصنفاً باعتباره بلداً "نامياً" في منظمة التجارة العالمية، وهو جنوب أفريقيا ومن ثم يمكن ألا يندرج الاتحاد الأفريقي في إطار بند التمكين بل يطلب منه بدلاً من ذلك أن يستوفي الاشتراطات الأشد للمادة الرابعة والعشرين.

الاتفاق المعنى بالزراعة

وافقت جميع البلدان الإفريقية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية على وضع تعريفات الزامية للمنتجات الزراعية بمقتضى التزاماتها بدخول الأسواق في إطار اتفاقية الزراعة. وكقاعدة عامة، لا يسمح للبلدان بتطبيق تعريفات تزيد عن معدلاتها الالزامية أو أن تزيد من معدلاتها الالزامية. ويعتبر ذلك أمرا مهما للغاية لدى إنشاء اتحاد جمركي إذا كانت التعريفات الالزامية للبلدان المحتملة تختلف اختلافا كبيرا حيث أن البلد الذي لديه أقل التعريفات الالزامية سيطبق نتيجة لذلك الحدود العليا للتعريفات الالزامية في الاتحاد. وعلاوة على ذلك فإن "التفهم الخاص بتفسير المادة 24 من اتفاق الجات" الذي وضع خلال جولة أوروغواي يسند أهمية كبيرة لمستوى التعريفات المطبقة. وينص "التفاهم" على ضرورة ألا تزيد التعريفات الخارجية المشتركة وللاتحاد الجمركي عن المتوسط المرجح للتعريفات السارية للبلدان المختلفة في فترة تمثيلية سابقة. ويمكن أن يصبح ذلك قضية هامة حيثما تختلف التعريفات الإلزامية والسارية بهامش كبير كما هو الحال بالنسبة للمنتجات الزراعية في أفريقيا.

وعلاوة على التزامات البلدان بشأن الوصول إلى الأسواق بمقتضى اتفاقية الزراعة يتعين عليها دراسة التزاماتها بشأن الدعم المحلي للزراعة وانعكاسات الاتحاد الاقتصادي على صياغة البرامج الزراعية المحلية. وفي كثير من الأحيان يخلق تحرير التجارة ضغوطا لتنسيق السياسات واندماجها في المجالات الأخرى بما ذلك السياسات القطاعية مثل تلك المتعلقة بالزراعة. وكما أشير أعلاه، فإن القضاء على الحواجز أمام التجارة الداخلية في الإتحاد الأفريقي ييسر للتجار الاستفادة من فرص التحكم الناشئة عن عدم اتساق السياسات الزراعية ومن ثم زيادة الصعوبات أمام البلدان المختلفة لتنفيذ سياسات زراعية محلية تختلف اختلافا كبيرا عن تلك المعمول بها في البلدان المجاورة، وممارسة الضغط على البلدان المجاورة لتنسيق سياساتها.

الاتفاقات المعنية بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة والصحة النباتية والحواجز التقنية أمام التجارة

يوجد لدى معظم البلدان الأفريقية بالفعل تدابير وطنية في مجالات الصحة والصحة النباتية والحواجز التقنية أمام التجارة، إلا أن مشكلات عدم كفاية البنية الأساسية المؤسسية وتراخي التنفيذ، واسعة الانتشار. وقد أثار ضعف تنفيذ القواعد والمعايير الصحية حاجة ملحة إلى التدريب والدعم من مؤسسات البحوث والمؤسسات الاستشارية. وتدعو الحاجة إلى تنسيق إجراءات الصحة النباتية والحيوانية، وإلى نشر ومتابعة معايير الإنتاج والتصدير بهدف تشجيع التجارة عبر الحدود.

وتقدم المشورة و/أو المساعدة الفنية للبلدان الأعضاء، في إطار برنامج المعايير الغذائية المشترك بين المنظمة ومنظمة الصحة العالمية (الدستور الغذائي)، بشأن انعكاسات اتفاقيتي منظمة التجارة العالمية على تدابير الصحة والصحة النباتية والحواجز التقنية أمام التجارة في تجارة الأغذية الدولية. وتقوم كثير من البلدان، بما فيها بلدان أفريقيا، بتنسيق تشريعاتها الغذائية الوطنية وفقاً للمعايير التي وضعها الدستور الغذائي.

وقد تريد البلدان الأفريقية، أثناء عملية تطوير سوق واحدة في أفريقيا، أن تضع معايير تقنية إقليمية أو على نطاق القارة لمختلف القطاعات، بما في ذلك حماية النباتات ومصايد الأسماك. ويمكن لنهج على نطاق القارة أن يسهل كلا من تنسيق المعايير وتحسين البنية الأساسية وآليات الإنفاذ. إلاّ أن من المهم ضمان مراعاة هذه العملية للتوصيات الدولية، من أجل تجنب الاعتماد غير الضروري لمعايير مختلفة، مما قد يخلق البلبلة، ويشوه الأسواق، ويمكن أن يؤدي إلى تناقض مع اتفاقات منظمة التجارة العالمية.

جيم - الاتفاقات التجارية الإقليمية

من العوامل التي ينبغي بحثها عند تشكيل اتحاد اقتصادي أفريقي الترتيبات الإقليمية القائمة بالفعل. وقد أسهمت هذه الترتيبات إسهاماً كبيراً في الإصلاح الهيكلي في أفريقيا بتوفيرها الحوافز للقضاء على الممارسات التجارية المقيدة وإجراءات منح التصريح، وتبسيط الإجراءات والقواعد الجمركية، ودمج الأسواق المالية، وتبسيط إجراءات وسياسات التحويلات والدفع المتعلقة بالنقل والبنية الأساسية والعمل والهجرة.

وتوجد في الوقت الحالي سبع مجموعات اقتصادية إقليمية تعتبر قوالب البناء الرسمية للمجموعة الاقتصادية الأفريقية كما حددتها معاهدة أبوجا، وهذه الاتحادات هي الاتحاد المغاربي العربي والسوق المشتركة لشرق أفريقيا وجنوبها، ومجموعة دول الساحل، والمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والهيئة الحكومية الدولية للتنمية (الإيجاد)، والمجموعة الإنمائية للجنوب الأفريقي. ولكل المجموعات الاقتصادية الإقليمية أهداف متشابهة، أي تكوين منطقة تجارة حرة واتحاد جمركي، وترمي إلى تشجيع الاستثمار الداخلي والمشترك والأجنبي عن طريق حرية حركة رأس المال والخدمات والعمل. ومن الأهداف الأخرى كذلك تحسين النقل والاتصالات داخل المنطقة، وتعزيز القطاع الخاص، وتنسيق سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات النقدية. ورغم أن هناك اختلافات طفيفة بين الأهداف المعلنة لمختلف الجماعات الاقتصادية الأفريقية فإنها تبدو متسقة.

ويمكن للمجموعات التي تشجع التعاون فيما بين الأقاليم في قطاعات محددة أن تدعم بدورها تكوين سوق مشتركة أفريقية.

وينبغي للجهود على مستوى القارة أن تأخذ في اعتبارها هذه الجهود الإقليمية ودون الإقليمية، وأن تبني عليها، وتحسن وتعزز المجالات التي يمكن التصدي لها على أساس أوسع. وليست هذه الأمثلة سوى قليل من قوالب البناء الممكنة للتكامل الاقتصادي الإقليمى في أفريقيا، وهي توضح أن عملية التكامل في أفريقيا - كما في غيرها من مناطق العالم - يمكن أن تتم بطريقة تدريجية، وبسرعات مختلفة في المجموعات دون الإقليمية والقطاعات الاقتصادية المختلفة.

دال - الاتفاقيات التجارية التفضيلية مع الشركاء الخارجيين

ينبغي للبلدان الأفريقية أن تبحث، بالإضافة إلى التجمعات الإقليمية سالفة الذكر، مشاركتها في اتفاقيات تجارية تفضيلية مع بلدان خارج القارة. وكما سبقت الإشارة تعتمد كثير من البلدان الأفريقية على منفذها التفضيلي إلى أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية في الجانب الأكبر من صادراتها الزراعية، غير أن بعض النظم التفضيلية القائمة والمقترحة قد لا تتوافق مع اتفاقات التكامل الإقليمية في أفريقيا. وينبغي أن تبحث مثل هذه الترتيبات بعناية لتحديد ما إذا كانت تتوافق، أو يمكن جعلها تتوافق، مع أهداف التكامل الاقتصادي الأفريقى.

رابعا - الخطوات الاستراتيجية والعملية التي ينبغي أن تتخذ نحو قيام سوق زراعية أفريقية مشتركة

استناداً إلى ما حدث مع الاتفاقات التجارية الإقليمية الأخرى يمكن توقع أن يسير تكامل أسواق الأغذية والزراعة في أفريقيا أبطأ من سير القطاع الصناعي أو غيره من القطاعات، وذلك أساساً لأن شواغل الأمن الغذائي تجعل الزراعة والأغذية أكثر حساسية سياسياً. وبالتالي ينبغي التفكير في التحرك نحو سوق زراعية مشتركة في شكل عملية تدريجية. وقد أشير أعلاه إلى بعض القيود الاقتصادية والمؤسسية والسياسية. ونعرض في الجزء الحالي بعض الخطوات العملية التي ينبغي بحثها في عملية إقامة سوق مشتركة. وتحدد هذه الخطوات عملية التكامل، وتقترح بعض الطرق لضمان الانتقال السلس نحو سوق مشتركة للمنتجات الزراعية.

خامسا - البرامج التي تدعم السوق الزراعية المشتركة في أفريقيا

علاوة على الخطوات الاستراتيجية والعملية المشار اليها أعلاه، يوصي باستخدام برامج التنمية والاستثمار الإقليمية الجارية لدعم الأمن الغذائي ولإقامة برامج جديدة للمساعدة في عملية التكامل. وقد يشمل ذلك برامج تهدف إلى تعزيز قدرات البلدان التنافسية في مجال الانتاج وتسويق المنتجات الغذائية والزراعية والحرجية والسمكية فضلا عن تلك المرتبطة بتيسير التجارة وبناء القدرات في الخدمات التنظيمية. وفيما يلي بعض النماذج لهذه البرامج:

البرامج الإقليمية للأمن الغذائي. يمكن تصميم البرامج الإقليمية للأمن الغذائي لدعم أو بدء برامج قطرية للأمن الغذائي، من أجل تحسين الإنتاجية الزراعية داخل التجمعات الإقليمية على أساس مستدام اقتصادياً وبيئياً، وفضلاً عن هذا فإنها تعد مظلة لعديد من أنشطة جمع المعلومات والمساعدات الفنية، التي تهدف إلى تنمية التجارة داخل بلدان الإقليم وخارجه. ويمكن استخدامها كنموذج لتصميم البرامج الإقليمية الرامية إلى إنشاء سوق مشتركة في أفريقيا. وفيما يلي عناصر أساسية:

  1. برامج أمن غذائي قطرية. تستطيع هذه البرامج مساعدة عملية التكامل من خلال تعزيز القدرة التنافسية للبلدان من خلال الاستثمار وقدرات الإنتاج الزراعي وبناء القدرات على القضايا ذات الصلة بالتجارة وتعزيز مناخ السياسات والاستثمار بهدف تحسين فرص حصول الفقراء على الأغذية.
    ومن الأمثلة البارزة على ذلك، البرنامج الخاص للأمن الغذائي لدى المنظمة وهو برنامج ينفذ في عدد من بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض في أفريقيا والهدف الرئيسي من هذه البرامج هو تحسين أمنها الغذائي عن طريق زيادات الإنتاجية وزيادة إنتاج الأغذية والحد من تقلب الإنتاج بين عام وآخر، وتحسين الحصول على الأغذية على أساس مستدام اقتصادياً وبيئياً.
  2. برامج بناء القدرات التنظيمية وتيسير التجارة. لقد وضعت المنظمة هذه البرامج بالفعل بالتعاون مع مختلف التجمعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا. وهي تهدف إلى تحسين وتحديث الرقابة على الأغذية في البلدان الأفريقية من خلال توحيد معايير الصحة النباتية والحيوانية ووضع برامج للتنمية السلعية وتحديد برامج التدريب الرئيسية الرامية إلى بناء القدرات على المشاركة في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف بشأن الزراعة.
  3. بناء القدرات في مجال السياسات الزراعية والسمكية والحرجية والاستثمار. يهدف هذا النوع من البرامج إلى توفير البيئة المناسبة، وزيادة الإنتاج الزراعي والعائدات الزراعية، وإعداد خطط استثمار لإزالة القيود المادية، وتحسين البيئة الأساسية، ودراسات جدوى للمشاريع الصالحة للتمويل المصرفي لزيادة القيمة المضافة للقطاع الريفي.

سادساً - ملاحظات ختامية

ينبغي تناول موضوع السوق المشتركة في أفريقيا بطريقة منهجية، عن طريق تنفيذ الإصلاحات السياسية والمؤسسية اللازمة تدريجياً. وفي الوقت نفسه ينبغي اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف القيود المتعلقة بالإنتاج والاستهلاك والبنية الأساسية. وبغض النظر عن نوع الاتحاد الاقتصادي المزمع فان أي جهد نحو تكامل السوق ينبغي أن يكون هدفه الأساسي هو النمو الاقتصادي العام لأفريقيا، لأن القارة تتطلع إلى الحد بصورة سريعة ومستدامة من الفقر، والتخفيف من انعدام الأمن الغذائي. لا توجد صيغة واحدة للتكامل الإقليمي. ويمكن للبلدان الأفريقية، بالإرادة السياسية، أن تستخدم قدراتها وأدواتها للتغلب على القيود، وللاستفادة من الفرص للتحرك نحو تكامل السوق.

المراجع

FAO 2001. African Economic Integration and Food Security

FAO 2000a. Agriculture, Trade and Food Security: Issues and Options in the WTO Negotiations From the Perspective of Developing Countries, Report and papers of an FAO Symposium held at Geneva on 23-24 September 1999. Rome.

FAO 2000b. Agriculture: Towards 2015/30, Technical Interim Report. Rome.

FAO. 1997. Benefits and Problems of Promoting Sub-Regional Food Trade. AFMESA/FAO Workshop, Harare, Zimbabwe, 18-21 November 1997. Rome.