المؤتمر الاقليمى الخامس والعشرون
للشرق الأدنى

بيروت، لبنان، 20-24/3/2000

نحو اطار استراتيجي للتنمية الزراعية المستدامة فى اقليم الشرق الأدنى

المحتويات

الفقرات

موجز 
أولا - مقدمة1
ثانيا - تنفيذ التزامات مؤتمر القمة العالمى للأغذية فيما يخص التنمية الزراعية المستدامة 2 - 7
ثالثا - دور قطاع الزراعة وهيكله وأداؤه 8 - 16
رابعا - اتجاهات الأمن الغذائى وقضايا السياسات 17 - 32
خامسا - التصورات المتعلقة بالأمن الغذائى 33 - 44
سادسا - اطار استراتيجى اقليمى للتنمية الزراعية المستدامة 45
سابعا - الاستنتاجات والتوصيات
دور الحكومات
دور المنظمة

46
47





موجز

  1. فى اطار متابعة مؤتمر القمة العالمى للأغذية الذى عقد فى عام 1996، وتهدف هذه الوثيقة لتوفير تقييم عام للاتجاهات التى اتسمت بها التنمية الزراعية مؤخرا فى اقليم الشرق الأدنى، ولتقديم مقترحات بشأن استراتيجية للتنمية المستدامة فى الاقليم. وتقع الوثيقة فى ثمانية أقسام، يناقش القسم الثانى منها تنفيذ التزامات مؤتمر القمة العالمى للأغذية فيما يخص التنمية الزراعية المستدامة، فى حين يتضمن القسم الثالث نظرة عامة نقدية للموارد الزراعية للاقليم وتوزيعها، ولهيكل القطاع، وأدائه، واتجاهاته. ويقيم القسم الرابع الاتجاهات السائدة فى مجال الأمن الغذائى بالاقليم وما ترتكز عليه من قضايا تتعلق بالسياسات الغذائية. ويدرس القسم الخامس عدة تصورات عن الفجوات والطوارئ الغذائية فى المستقبل، وانعكاساتها الاستراتيجية على المجموعات المختلفة من بلدان الاقليم، فى حين يوضح القسم السادس الاتجاهات المتعلقة بما يتعين اتباعه من استراتيجيات وما يلزم تنفيذه من أنشطة على صعيد السياسات لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة. ويكرس القسم السابع لدور الحكومات على المستويين القطرى والاقليمى، بينما يخصص القسم الأخير لدور المنظمة.
  2. ولدى استطلاع حالة الأمن الغذائى بحلول عام 2010 فى عشرين بلدا من اقليم الشرق الأدنى، تتوافر بشأنها توقعات وضعتها المنظمة، يتبين أن هناك تفاوتات هامة فيما بين الأقاليم الفرعية، وفيما بين البلدان التى تنتمى الى اقليم فرعى واحد. وان كان ينتظر أن تعانى الأقاليم الفرعية جميعا، باستثناء تركيا، من عجز غذائى كبير نسبيا. ومن المتوقع أن تتسع الفجوة الغذائية فى الاقليم بمعدل سنوى متوسط قدره 2.9 فى المائة بين عام 1995 وعام 2010. وينتظر أن تسفر المرحلة النهائية لاتفاق الجات وإنشاء منظمة التجارة العالمية عن ارتفاع أسعار الحبوب وانخفاض المعونات الغذائية الخارجية. وسيؤدى هذا الى تفاقم العجز الغذائى الذى تتوقع التقديرات حدوثه فى عام 2010، ما لم تستحدث عوامل تخفف من وطأته.
  3. وتقترح تسعة عناصر لدى صياغة اطار استراتيجى للتنمية الزراعية من أجل مواجهة هذه الحالة. وتشمل هذه العناصر، بالاضافة الى تنمية المناطق البعلية والمروية، ما يلى: برنامج لتخزين وتوزيع الحبوب الغذائية فى ظل ظروف الإنتاج غير المستقرة، وترشيد سياسات الاستيراد والتصدير، وتشجيع التعاون داخل الاقليم، والقضاء على اختلالات السوق، وتنمية الأنشطة الريفية غير الزراعية، وتوجيه مشروعات التنمية الريفية الى شرائح محددة من فقراء الريف.
  4. وتبين الدراسة أن على البلدان الأعضاء أن تنظر فى القيام، على المستوى القطرى، بما يلى: (1) زيادة الجهود الرامية الى الوفاء بالالتزامات السبعة التى تم التعهد بها فى مؤتمر القمة العالمى للأغذية لعام 1996، وتحديد أهداف معقولة لقياس التقدم المحرز فى هذا الاتجاه؛ (2) وتعزيز القدرات القطرية على توفير الامدادات الغذائية عن طريق الحد من المخاطر التى يتعرض لها صغار المزارعين فى المناطق البعلية، واعادة تحديد وجهة استخدام الأراضى فى المناطق المروية؛ (3) اتباع منهج شامل لدى صياغة الاطار الاستراتيجى القطرى الذى يشمل "توليفة التنمية الزراعية" المناسبة التى تجمع بين البحوث، والارشاد، وتطبيق أسعار تشجيعية لكل من المدخلات والمخرجات، وتوظيف استثمارات كافية؛ (4) مواصلة اصلاح السياسات والمؤسسات على مستوى الاقتصاد الكلى ومستوى القطاع ضمانا لتهيئة بيئة اجتماعية اقتصادية مواتية لزيادة الانتاج، والانتاجية، وتعبئة الموارد على نحو فعّال؛ (5) مساندة انشاء الشبكة الاقليمية للسياسات الزراعية فى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا من خلال المشاركة الفعالة فى أنشطتها. أما على المستوى الاقليمى، فتشير الدراسة الى أن علــى بلدان الاقليم أن تنظر فـــى القيام بما يلى: (1) مضاهاة الفائض والعجز فى الامدادات الغذائية، على المستويين القطرى وشبه الاقليمى، وانشاء "غرفة مقاصة" لتبادلها؛ (2) اقامة نظام اقليمى لمعلومات السوق من أجل تنشيط التجارة داخل الاقليم؛ (3) تقييم إمكانية إنشاء آلية من أجل شراء الامدادات الغذائية وتسويقها بصورة مشتركة والمساومة الجماعية بشأنها مع الكتل التجارية الأجنبية بما يتفق مع سياسات تحرير التجارة؛ (4) توفير آلية مناسبة للتعاون الفنى فى البحوث الزراعية والجوانب الأخرى للتنمية الزراعية؛ (5) تشجيع العمل الجماعى الرامى الى مواجهة التهديدات البيئيـــة، مثل التصحر، والتلوث، وأمراض النبات والحيوان والتهديدات الأخرى التى تتخطى حدود البلدان؛ (6) تبادل الخبرات بشأن صياغة وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط والسياسات الانمائية القطرية.
  5. وتشير الدراسة الى أن المنظمة تستطيع، فى حدود القيود التى تفرضها مواردها المالية والبشرية، القيام بما يلى: (1) مواصلة دعم البلدان الأعضاء بالاقليم فى الجهود التى تبذلها من أجل وضع استراتيجيات طويلة الأجل للتنمية الزراعية المستدامة على المستوى القطري والإقليمي/شبه الاقليمى؛ (2) مساعدة البلدان فى رصد التطورات العالمية، ولاسيما الناشئة عن منظمة التجارة العالمية، وتقييم تأثيرها؛ (3) مواصلة جهودها الرامية الى دعم انشاء شبكة السياسات الزراعية فى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا؛ (4) المساعدة فى وضع استراتيجيات خاصة لبلدان العجز الغذائى ذات الدخل المنخفض التى يتهددها ارتفاع أسعار الحبوب وتدنى عائداتها من النقد الأجنبى؛ (5) مواصلة دعمها لبناء قدرات محللى السياسات والمخططين علــــى المستوى القطرى والاقليمى/شبه الاقليمى؛ (6) مواصلة الجهود التى تبذلها لتعزيز التعاون الاقليمى من خلال توفير تدريب خاص بشأن المساومة الجماعية، والمفاوضات، والتسويق المشترك، والقضايا الانمائية الأخرى؛ (7) مواصلة تقديم المساعدة لبلدان الشرق الأدنى فى الاستعداد لجولة المفاوضات المقبلة التى ستعقد فى إطار منظمة التجارة العالمية.

    أولا - مقدمة

  1. تهدف هذه الوثيقة لإعطاء تقييم عام للاتجاهات التى اتسمت بها التنمية الزراعية مؤخرا فى اقليم الشرق الأدنى، وتقديم مقترحات بشأن إطار إستراتيجي للتنمية المستدامة فى الاقليم. وتناقش الوثيقة بايجاز تنفيذ التزامات مؤتمر القمة العالمى للأغذية فيما يخص التنمية الزراعية المستدامة فى الشرق الأدنى، وتعطي نظرة عامة نقدية لموارد الاقليم الزراعية وتوزيعها، وتحلل هيكل القطاع واتجاهات الأداء فيه. ثم تقيم الوثيقة الاتجاهات السائدة فى مجال الأمن الغذائى فى الاقليم وما ينطوى عليه ذلك من قضايا تتعلق بالسياسات الغذائية، وتحدد تصورات عن الفجوات والطوارئ الغذائية فى المستقبل. وتناقش انعكاساتها الاستراتيجية على المجموعات المختلفة من البلدان. وتختتم الوثيقة بتوضيح الاتجاهات المتعلقة بما يتعين اتباعه من استراتيجيات وما يلزم تنفيذه من أنشطة على صعيد السياسات من أجل تحقيق التنمية الزراعية المستدامة. وتستند الوثيقة الى الاستراتيجيات القطرية للتنمية الزراعية حتى عام 2010، التى تم اعدادها لمعظم بلدان الاقليم، والى مشروعات الاستراتيجيات والبرامج الاقليمية للأمن الغذائى، التى أعدتها المنظمة فى اطار متابعة مؤتمر القمة العالمى للأغذية.
  2. ثانيا - تنفيذ التزامات مؤتمر القمة العالمى للأغذية فيما يخص التنمية الزراعية المستدام

  3. قد يكون من المبكر للغاية، ولم تنقض سوى سنوات قليلة على مؤتمر القمة العالمى للأغذية الذى عقد فى عام 1996، قياس التقدم الذى أحرزته بلدان الشرق الأدنى فى تنفيذ خطة العمل، ومدى وفائها بالتزاماتها. ويتأثر تنفيذ هذه الالتزامات، فيما يبدو، بالعديد من الاضطرابات الطبيعية والسياسية العالمية والاقليمية، وبالحروب والنزاعات الأهلية التى مازالت تعمق ارتباط انعدام الأمن الغذائي فى الإقليم بما يدور فيه من صراعات. وقد أصابت هذه الاضطرابات عدة بلدان مثل أفغانستان، والجزائر، والعراق، وليبيا، وباكستان، وفلسطين، والصومال، والسودان، وتركيا. كما كان لها تأثيرات سلبية خطيرة على فرص الحصول على الأغذية، وخاصة فى المناطق النائية مثل جنوب السودان، وأفغانستان، وشمال العراق، حيث كان توصيل امدادات الطوارئ بالغ الصعوبة من الناحية اللوجستية. ومازالت بلدان الشرق الأدنى تعانى من مشكلات توجيه المساعدات الى الفئات المعرضة لنقص الأغذية مثل فقراء الريف والأسر التى تعولها النساء. وعلى جبهة الاقتصاد الكلى، أثر الهبوط الملموس فى أسعار النفط على البلدان المنتجة للنفط وعلى البلدان التى تعتمد اعتمادا شديدا على تحويلات العاملين فى الخارج. ومن الواضح أن القوى الخارجية كانت قيدا هاما على الاستثمار فى التنمية الزراعية وعلى مقومات استدامتها. ولكن ينتظر أن يؤدى الارتفاع الحاد والمطرد فى أسعار النفط، الذى بدأ فى مطلع عام 1999، إلى تعويض الانخفاضات الحادثة سابقاً.
  4. وقد واجه الإقليم، تاريخياً، نوعين من حالات الطوارئ التى تطلب تقديم المعونة الغذائية وهما: الصراعات الأهلية والكوارث الطبيعية (من زلازل وفيضانات وموجات جفاف). ويقتضى الأمر استعدادا أكبر للحيلولة دون خروج الأزمات عن نطاق السيطرة، بما فى ذلك تنمية القدرات المؤسسية المحلية على الاستجابة الفعالة للأزمات.
  5. وعملا على تشجيع التنمية المستدامة، نفذت عدة حكومات برامج اصلاح كبرى. غير أن تدهور الموارد الطبيعية، وتدنى الموارد المالية المخصصة للتنمية الزراعية مازالا يعوقان برامج الاصلاح هذه.
  6. ومازالت العوامل السياسية والاجتماعية تؤثر على تعزيز الهياكل القائمة على المشاركة فى بعض بلدان الشرق الأدنى. وما برح الفقر يشكل عائقا هائلا أمام مشاركة السكان وتعزيز صلاحياتهم حتى فى بعض البلدان مرتفعة ومتوسطة الدخل، حيث مازالت توجد كثير من جيوب الفقر، ولاسيما فى المناطق الريفية النائية والأحياء الفقيرة بالمدن. وفى بعض البلدان، تشكل النساء مجموعة كبيرة معرضة للفقر ما فتئت تواجه حواجز تعترض كسب الرزق، والحصول على التعليم، والمشاركة فى اتخاذ القرار، والتمتع بالتمثيل السياسى.
  7. وما برح التحيز ضد الزراعة، على صعيد الاستثمارات العامة، يشكل سمة واضحة فى بعض بلدان الشرق الأدنى. وتتفاقم هذه المشكلة من جراء انخفاض معدلات الاستثمار الاجمالى، ومحدودية القدرة الادخارية المحلية وموارد النقد الأجنبى. وتوضح بعض الأمثلة القريبة أن زيادة الاستثمار فى البنى الأساسية الزراعية لم يحقق ثماره الا عندما اقترن بزيادة التركيز على البحوث والارشاد، وبحصول المنتجين على أسعار ملائمة.
  8. ويمكن أن تتأثر التنمية الزراعية والأمن الغذائى على نحو خطير بقوى سلبية تشمل البلدان جميعا مثل التصحر وتدهور البيئة. ومواجهة هذه القوى أمر يتطلب التعاون.الإقليمي وتمس الحاجة الى التعاون الاقليمى من أجل تكثيف التجارة وتبادل المهارات والمعارف الفنية. وتوجد حاجة كبيرة الى توفيق وجهات جديدة فى التعاون الدولى مع التركيز بوجه خاص على البحوث ونقل التكنولوجيا الحيوية.

    ثالثا - دور قطاع الزراعة وهيكله وأداؤه

  9. 8 - تشكل ندرة المياه أضخم التحديات التى تواجه الزراعة فى كل بلدان الاقليم تقريبا. فمن بين البلدان التسعة والعشرين، يقل نصيب الفرد السنوى من امدادات المياه المتجددة فى عشرة بلدان عن المتوسط العالمى الذى يبلغ نحو 000 5م3 ، ويقل فى عشرة بلدان أخرى عن 500 1م3. وينتظر أن يؤثر الاستخدام المفرط لموارد المياه وتدهورها فى الوقت الحاضر وزيادة المنافسة من جانب مستخدمى المياه فى الأغراض غير الزراعية على تكلفة وتوافر المياه المتاحة لانتاج الأغذية. وأعلن البنك الدولى أن نصيب الفرد من امدادات المياه السنوية المتجددة سينخفض، بحلول عام 2025 فى جميع بلدان الاقليم تقريبا، الى أقل من 700م3. وبالرغم من أن هناك مجالا كبيرا لزيادة الكفاءة فى استخدام المياه فى الاقليم فليست هناك ببساطة موارد مائية تكفى للتوسع فى الزراعة المروية من أجل تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة فى الاقليم.
  10. ونظرا لانخفاض معدل هطول الأمطار وما يترتب عليه من تدنى الانتاجية البيولوجية فى جانب كبير من أراضي الرعى، كانت البداوة هى أسلوب الحياة التقليدى فى عدة بلدان، مع ملاحظة أن انتاجية معظم أراضى الرعى آخذة في الانخفاض. وأفادت التقارير عن اختفاء نباتات محلية من بعض بلدان الاقليم مثل العراق، وسورية، واليمن.
  11. وفى عدة بلدان بالاقليم، يتوارى الرعي البدوي التقليدي ليحل محله الإنتاج الحديث بالزراعة الآلية. غير أن قطاع الانتاج الحيوانى التقليدى يظل هاما فى بعض البلدان، فى حين تساند بلدان أخرى مثل دول الخليج صغار المنتجين الرحل والمستقرين من خلال اعانات الدعم. واستهلت بعض البلدان برامج لتحسين أراضى الرعى من خلال التعاونيات الرعوية واللوائح التي تنظم استخدام أراضى الرعى.
  12. وتؤدى الزراعة دورا هاما فى اقتصاديات معظم بلدان الشرق الأدنى. غير أن هذه الأهمية تتفاوت تفاوتا واسعا بين مختلف البلدان. اذ تتراوح مساهمة القيمة المضافة الزراعية فى الناتج المحلى الاجمالى بين 1 فى المائة (البحرين وقطر) و65 فى المائة (الصومال).
  13. كما تعد الزراعة مصدرا هاما للعمالة فى عدة بلدان بالاقليم. وتتراوح نسبة الأيدى العاملة الزراعية بين 1 الى 11 فى المائة فى دول الخليج وليبيا والعراق، ونحو 33 فى المائة فى المتوسط فى اقتصادات بلدان مثل مصر وتركيا والمغرب وسورية وجمهورية ايران الاسلامية، وتتراوح بين 56 و 74 فى المائة فى البلدان منخفضة الدخل مثل الصومال والسودان واليمن وأفغانستان.
  14. ويرتبط القطاع بعلاقة هامة مع التجارة الخارجية فى بعض بلدان الاقليم بوصفه مولدا للنقد الأجنبى ومصدرا للوفاء بالطلب المحلى على الأغذية سواء بسواء. وتشمل الأمثلة على ذلك السودان وأفغانستان وقيرغستان حيث وصلت نسبة الصادرات الزراعية من مجموع صادرات السلع فى عام 1996 الى 93 و62 و31 فى المائة، على التوالى. ولكن العكس صحيح فيما يتعلق ببعض البلدان الأخرى مثل ليبيا والمملكة العربية السعودية حيث تنخفض هذه النسبة إلى 0.3 و0.8 فى المائة، على التوالى.
  15. وفى المقابل، تؤكد نسبة الواردات الزراعية من مجموع الواردات مدى اعتماد الاقليم على الواردات الغذائية. اذ تشكل الواردات الزراعية متوسطا غير مرجح يناهز ربع مجموع واردات السلع فى الاقليم. غير أن الاعتماد الفعلى على الواردات يتفاوت تفاوتا كبيرا بين أقل من 10 فى المائة فى البحرين والامارات العربية المتحدة، وأكثر من 40 فى المائة فى موريتانيا والعراق وأفغانستان. وبالمثل، يتراوح الميزان التجارى الزراعى (نسبة مجموع الصادرات الزراعية الى مجموع الواردات الزراعية) بين مستويات بالغة الانخفاض فى البلدان الغنية بالنفط مثل الجزائر وليبيا وقطر والمملكة العربية السعودية، ومستويات مرتفعة نسبيا فى السودان والمغرب وأفغانستان وسورية.
  16. وقد حققت معظم بلدان الشرق الأدنى توسعا ملموسا فى الانتاج الزراعى خلال العقد الماضى، باستثناءات رئيسية تخص العراق والصومال وأفغانستان وعددا قليلا من البلدان الأخرى التى تأثرت بأحداث سياسية مناوئة.
  17. ولكن عندما ننظر الى هذا التوسع من زاوية نصيب الفرد يصبح الأداء الزراعى فى الاقليم خلال العقد الماضى أقل دلالة. وقد حققت جمهورية ايران الاسلامية ومصر زيادات واضحة ومطردة فى نصيب الفرد من الانتاج، كما أن نصيب الفرد من الانتاج الزراعى ما برح يرتفع فى سورية منذ عام 1990. و لوحظت زيادات مماثلة في بلدان المغرب العربي و لاسيما في تونس.
  18. رابعا - اتجاهات الأمن الغذائى وقضايا السياسات

  19. تعتمد جميع بلدان الشرق الأدنى، باستثناء تركيا، على واردات الأغذية بدرجات متباينة. فعلى نطاق الاقليم ككل، زادت واردات الحبوب، كنسبة من مجموع الاستهلاك السنوى، من 15 فى المائة فى الفترة 1970-1975 الى 33 فى المائة فى الفترة 1980-1985، لتنخفض بقدر طفيف الى 30 فى المائة فى الفترة 1990-1996. ويتفاوت هذا الاعتماد تفاوتا كبيرا فيما بين البلدان. ففى السنوات الأخيرة على سبيل المثال استوردت مصر والجزائر واليمن نحو 55 و70 و85 فى المائة على التوالى من احتياجاتها من دقيق القمح. وكان هذا الاعتماد مثار قلق لدى راسمى السياسات فى معظم بلدان الاقليم، وذلك لاعتبارات اقتصادية وسياسية على حد سواء.
  20. 1 - التفاوتات فى الاعتماد على الواردات الغذائية

  21. بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، مثل الصومال والسودان وموريتانيا وأفغانستان واليمن وباكستان، تتفاوت فى مدى اعتمادها على الامدادات الغذائية الخارجية، حيث تتراوح نسب الاكتفاء الذاتى بين 39 فى المائة لموريتانيا و92 فى المائة لباكستان. وتأثير الواردات الغذائية لهذه البلدان على مواردها المحدودة من النقد الأجنبى تأثير خطير.
  22. وتتراوح نسب الاكتفاء الذاتى فــى ما يخص بلدان العجز الغذائى ذات الدخل المتوسط، ومنها مصر والعراق والأردن ولبنان وسورية وتونس وجمهورية ايران الاسلامية، بين 49 فى المائة للأردن و92 فى المائة للمغرب. وهى تواجه ارتفاعا فى نصيب الفرد من الاستهلاك وتحولا فى الأنماط الغذائية نتيجة ارتفاع الدخول والتوسع العمرانى.
  23. وتعتبر نسب الاكتفاء الذاتى بالغة الانخفاض فى بلدان العجز الغذائى ذات الدخل المرتفع، التى تضم معظم البلدان المنتجة للنفط، اذ تتراوح بين 39 فى المائة لليبيا، و49 فى المائة للجزائر، وتبلغ نسبا أقل فى معظم دول الخليج. ولئن كانت الواردات الغذائية لا تشكل فى الوقت الحاضر مثار قلق جدى فى هذه البلدان فان جهودا تبذل لزيادة نسب الاكتفاء الذاتى.
  24. وتعتبر نسب الاكتفاء الذاتى مرتفعة نسبيا فى بلدان الفائض الغذائى ذات الدخل المتوسط التى تشمل تركيا وبعض بلدان رابطة الدول المستقلة. غير أن الأمر يقتضى تعجيل وتيرة الانتاج الغذائى للمحافظة على هذه النسب المرتفعة.
  25. 2- الاتجاهات السائدة فى مجال الانتاج الغذائى

  26. تقل معدلات نمو الانتاج الغذائى بوجه عام عن معدلات النمو السكانى، باستثناء عدد قليل من بلدان الشرق الأدنى. ويتجلى هذا من نصيب الفرد السلبى فى معدلات نمو الانتاج الغذائى فى 15 بلدا بالاقليم خلال الفترة 1991-1996.
  27. ويمثل القمح، الذى يزرع أساسا فى تركيا وباكستان ومصر وجمهورية ايران الاسلامية والمغرب والمملكة العربية السعودية، أكثر من 50 فى المائة من انتاج الحبوب، فى حين تمثل الحبوب الخشنة 33 فى المائة. ويشكل الأرز 10 فى المائة، وتسهم باكستان ومصر بثلاثة أرباع انتاجه.
  28. 3- الاتجاهات السائدة فى مجال الطلب على الأغذية

  29. يبين الاتجاه الذى يسود منذ فترة طويلة فى مجال الطلب الكلى على المنتجات الغذائية (الطلب على الأغذية بالاضافة الى التغير فى المخزونات) معدل نمو سنويا مطردا قدره 3.2 فى المائة خلال الفترة 1980-1996، وهو معدل لا يختلف كثيرا عن معدل النمو السكانى خلال تلك الفترة. ومن ثم فان النمو السكانى يعد هو المحدد الرئيسى للطلب على الأغذية. ومن الاتجاهات المثيرة للقلق تزايد الاعتماد على المصادر الخارجية للحصول على الغذاء فى المناطق الريفية. ويعزى ذلك جزئيا الى تحول الانتاج الزراعى صوب المحاصيل النقدية مرتفعة القيمة. وقد بلغ المعدل السنوى المتوسط لاستهلاك الحبوب نحو 3 فى المائة فى الثمانينات و3.5 فى المائة فى التسعينات. وتستخدم الحبوب الخشنة بصورة أساسية وعلى نحو متزايد كعلف حيواني. وتعد الزيادات أضخم كثيرا فى استهلاك المنتجات الحيوانية، حيث ارتفع نصيب الفرد من استهلاك اللحوم من نحو 15 كغم فى السبعينات الى نحو 30 كغم فى أوائل التسعينات.
  30. ومن الجوانب الهامة للطلب على الأغذية الحالة التغذوية فى الإقليم. وتشير تقارير الأمم المتحدة الى أن نسبة الأطفال المنخفضى الوزن فى بلدان الشرق الأدنى قد هبطت من 15 فى المائة فى الثمانينات الى أقل من 13 فى المائة فى التسعينات. كما طرأ انخفاض كبير على معدلات وفيات الأطفال فى التسعينات. وبلغ عدد من يعانون من نقص التغذية 25.7 مليون نسمة أو 12 فى المائة من السكان خلال الفترة 1995-1997. وفى حين تعد مستويات نقص التغذية منخفضة فى معظم بلدان الاقليم حيث لا تتجاوز فيها نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية 4 فى المائة، فان مشكلة نقص التغذية تتركز فى أفغانستان، حيث يعانى منها 12.7 مليون نسمة أو 62 فى المائة من السكان؛ واليمن (5.7 مليون نسمة أو 37 فى المائة من السكان)، ثم العراق (3.2 مليون نسمة أو 15 فى المائة من السكان).
  31. وتشير التقديرات الى أن آسيا الوسطى ستضم، بحلول عام 2000، أكثر من 40 فى المائة من سكان الاقليم، وأن نسبة العجز الغذائى فيها لن تتجاوز 19 فى المائة من العجز الغذائى للاقليم. وفى الطرف الآخر، ينتظر ألا تضم شبه الجزيرة العربية سوى 8.5 فى المائة من سكان الاقليم ولكنها ستستأثر بنحو 22 فى المائة من العجز الغذائى فى الاقليم بسبب ارتفاع مستويات الدخل.
  32. ولئن كان ارتفاع الدخل والزيادة السكانية يشكلان العاملين التقليديين وراء نمو الطلب على الأغذية فان التوسع العمرانى قد ظهر بوصفه عاملا مهما آخر. ويؤدى تغير أنماط الاستهلاك الى زيادة تعقيد الطلب على الأغذية. ويحل القمح والأرز بصورة متزايدة محل الحبوب الخشنة، بوجه عام، فى الاستهلاك البشرى المحلى. كما أن السياسات غير المناسبة للأسعار والصرف الأجنبي تزيد من هذه المشكلة بأن تجعل هذه المواد الغذائية المستوردة رخيصة نسبيا.
  33. 4 - القضايا الرئيسية فى مجال السياسات

  34. تشمل قضايا الامدادات الغذائية التهديدات الايكولوجية الناشئة عن تزايد استخدام الكيماويات.فى إنتاج الأغذية، والتصحر، والملوحة، وارتفاع مستويات المياه الجوفية، والتنافس بين إنتاج العلف الحيواني أو الإنتاج الغذائي، والتوزيع غير المنصف للأغذية، وارتفاع معدلات التضخم، واختلالات السوق.
  35. وتشمل قضايا الطلب على الأغذية نصيب الفرد من نمو الدخل والنمو السكانى، والتوسع العمرانى، واكتساب النظم الغذائية الريفية للطابع الحضرى، وتحول أنماط الاستهلاك صوب الأطعمة الأفضل جودة والأغنى فى محتواها البروتيني، وعدم توازن الأغذية المتناولة التى لئن كانت كافية كماً فإنها فقيرة كيفاً، ووجود ظاهرتى نقص التغذية والافراط فى تناول الأغذية جنبا إلى جنب، وانتشار نقص العناصر الغذائية الدقيقة.
  36. ومن أهم القضايا سالفة الذكر تقلب انتاج المحاصيل من سنة لأخرى وخلال السنة الواحدة. ويصدق هذا بوجه خاص على ظروف الزراعة البعلية التى تتفاوت فيها الغلات تفاوتا حادا فى كثير من بلدان اقليم الشرق الأدنى. ويعد الرى، فيما يبدو، هو السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق. غير أن التوسع فى المناطق المروية يتطلب توظيف استثمارات هائلة وهذا أمر يقيده مدى توافر المياه السطحية والجوفية. بل ان تحسين كفاءة ادارة المياه من أجل زيادة امدادات المياه المتاحة يعد هو ذاته أمرا مكلفا ويقتضى استثمارات اضافية. ومن الخيارات التى يتعين دراستها استخدام المخزونات الاحتياطية لإضفاء الاستقرار على الإمدادات الغذائية وعلى تدفقها الى الأسواق المحلية.
  37. ومن المسائل وثيقة الصلة باستقرار الانتاج استقرار الأسعار. وهذه قضية تبعث على القلق بوجه خاص بحكم انعكاساتها الاجتماعية والسياسية. وتشمل القضايا ذات الصلة فى هذا الصدد تأثير الغاء دعم الأغذية، وخصخصة نظم التوزيع وقنوات التجارة، واختلالات السوق والتلاعب بها. ومن شأن المخزونات الاحتياطية التى تديرها الحكومة أن تؤدى دورا توازنيا عند تقلب السوق بما يتجاوز الحدود المعقولة.
  38. وتشمل القضايا المتعلقة بفرص الحصول على الأغذية التفاوتات الكبرى فى توزيع الدخل، والافتقار الى البنى الأساسية الكافية فى المناطق النائية، ونقص التغذية المزمن حيث تنتشر جيوب من يعانون "الفقر المدقع" ضمن شرائح الفقراء، وتحديد المجموعات المستهدفة بشكل صحيح، لدى صياغة أشكال ملائمة من المساعدات الغذائية، والتمييز بين فرص الحصول من الناحية المادية على الأغذية وبين فرص الحصول عليها من الناحية الاقتصادية فى برامج تخفيف وطأة الفقر، والاستعاضة عن دعم أسعار السلع الاستهلاكية بالدعم الموجه لدخول فئات محددة، وتوجيه المساعدات إلى نساء الريف، وأماكن وجود اللاجئين والنازحين.
  39. خامسا - التصورات المتعلقة بالأمن الغذائى

  40. يستطلع هذا القسم حالة الأمن الغذائى حتى عام 2010 فى عشرين بلدا من اقليم الشرق الأدنى(1) تتوافر بشأنها توقعات أعدتها المنظمة. ولاينبغى النظر الى التقديرات الكمية الواردة أدناه الا على أنها مقياس للحجم، لأن الأفق الزمنى طويل الأجل تكتنفه علامات استفهام بشأن مسار الأحداث على المستوى القطرى والإقليمي والعالمي. ومعرفة تأثير هذه التصورات على من يعانون من انعدام الأمن الغذائى ونقص التغذية أمر يتطلب مزيدا من البحث.
  41. والمحددان الرئيسيان للتوقعات المتعلقة بالفجوة الغذائية فى الأجل الطويل هما انتاج الأغذية، والطلب الكلى على الأغذية. وتستند الاسقاطات الخاصة بالطلب الكلى على الأغذية الى افتراضات تتصل بسلوك ثلاثة متغيرات أساسية هى: نصيب الفرد من معدل نمو الدخل، ومعدل النمو السكانى، ومرونة الدخل فيما يخص الطلب على الأغذية. ويتم الحصول على التقديرات الخاصة بالانتاج من خلال تحليل آراء الخبراء عن التوقعات المستقبلية للأنماط المحصولية، والغلات، والمناطق المزروعة فى كل بلد من بلدان الاقليم. وينتظر أن يصل العجز (الطلب - الانتاج) الى 65 مليار دولار على مستوى الاقليم مما يعبر عن معدل نمو سنوى قدره 2.9 فى المائة بين عام 1995 وعام 2010. وستعانى كل الأقاليم الفرعية، باستثناء تركيا، من عجز غذائى كبير نسبيا يتراوح بين 16 مليار دولار فى شمال شرق أفريقيا و28 مليار دولار فى اقليم المغرب العربى الفرعى.
  42. ويتفاوت اسهام الأقاليم الفرعية المختلفة فى الفجوة الغذائية، بالقياس الى حجم سكانها، تفاوتا كبيرا فجنوب آسيا الذى ضم 45 فى المائة من سكان الاقليم لن يتجاوز نصيبه من الفجوة الغذائية 22 فى المائة. أما شبه الجزيرة العربية التى لا تضم سوى 7.5 في المائة من سكان الإقليم فستسهم فى تلك الفجوة بنسبة 24 فى المائة.
  43. وينتظر أن تكون النسب المتوقعة للاكتفاء الذاتى من الأغذية فى عام 2010 أقل من 60 فى المائة لكل من ليبيا، والمملكة العربية السعودية والجزائر وموريتانيا واليمن والعراق والأردن؛ وأن تتراوح بين 60 و80 فى المائة لكل من تونس ومصر وسورية ولبنان وجمهورية إيران الإسلامية؛ وأن تزيد على 80 فى المائة لكل من المغرب، وتركيا والصومال والسودان وأفغانستان وباكستان.
  44. وينبغي أن تتواءم التقديرات طويلة الأجل التى تطرحها التصورات الكمية بمراعاة التأثير المحتمل لتطورين عالميين رئيسيين على الأمن الغذائى الاقليمى وهما انشاء منظمة التجارة العالمية، ومستقبل المعونة الغذائية. ويشار إلى هذا باسم تصورات الطوارئ.
  45. والأهداف التى تتوخاها منظمة التجارة العالمية فيما يخص الزراعة هى "تحقيق قدر أكبر من تحرير التجارة فى قطاع الزراعة واخضاع جميع التدابير التى تؤثر على وصول الواردات وتنافس الصادرات لقواعد وضوابط الجات، وهى قواعد وضوابط يمكن أن تكون أشد قوة وأكثر فعالية من الناحية التنفيذية".
  46. والغرض من الاتفاق بشأن الزراعة لجولة أوروغواي هو تقييد السياسات التى أوجدت اختلالات فى مجال انتاج السلع الزراعية والتجارة فيها على المستوى العالمى. ويمكن تقسيم هذه السياسات الى الفئات الثلاث التالية: (1) القيود المفروضة على فرص الوصول الى الأسواق؛ (2) دعم الأسعار المحلية؛ (3) اعانات التصدير. ومن شأن التغيرات التى تطرأ على بيئة السياسات الخارجية، وهى تغييرات تنجم عن تنفيذ هذه السياسات الرئيسية الثلاث، أن تؤثر على نظام الأمن الغذائى فى معظم بلدان الشرق الأدنى وذلك من خلال تأثيرها على عائدات النقد الأجنبى، وأسعار الواردات الغذائية، واستقرار الأسواق، ومدى توافر المساعدات الغذائية.
  47. ومن شأن التأثير على عائدات النقد الأجنبى أن ينال من القدرة الاستيرادية. ويمكن زيادة العائدات المحتملة بالنقد الأجنبى نتيجة تحسين فرص الوصول الى الأسواق، وإن كان تأثير هذا قد يكون محدودا فى الأجل القصير الى المتوسط، ما لم تحدث استجابة فعالة على صعيد العرض. ومن جهة أخرى، ينصب تركيز اتفاق الزراعة لجولة أوروغواى أساسا على منتجات المناطق المعتدلة مثل الحبوب التى يتم انتاجها فى البلدان المتقدمة بالدرجة الأولى. ومن ثم سترتفع على الأرجح أسعار الحبوب، الأمر الذى سيكون له تأثير سلبى على إقليم الشرق الأدنى. ومن شأن فقدان الهوامش التفضيلية أن يكون له أيضا تأثير سلبي على بلدان عدة فى اقليم الشرق الأدنى. اذ قد تصبح قدرتها إجمالا على تحقيق مكاسب كافية من عائدات التصدير لتلبية الزيادة فى تكلفة الواردات الغذائية، قدرة محدودة.
  48. وتبين التقديرات الخاصة بعام 2010 كما سلفت الاشارة، ارتفاعا مرتقبا قدره 54 فى المائة فى تكلفة الواردات الغذائية للاقليم. ومن الصعب تقدير مدى اسهام جولة أوروغواى فى هذه الزيادة، غير أن الآراء السائدة تقدره بنسبة تتراوح بين 10 و 15 فى المائة، وسيعزى هذا أساسا الى اصلاح السياسات المحلية فى البلدان المتقدمة التى ستخفض انتاجها من السلع الغذائية الرئيسية وستفرض من ثم ضغطا صعوديا على أسعار الأغذية. أما تأثير تحرير التجارة على تقليل الاحتياجات المرتبطة بنقص الأغذية وانعدام الأمن الغذائى فمسألة تقتضى تقييما اضافيا.
  49. ومن المرجح أن يؤدى تخفيض اعانات التصدير والأشكال الأخرى لدعم الأسعار فى البلدان المتقدمة الى تقليص مستوى مخزونات الحبوب التى كانت تستخدم فى حالات كثيرة للوفاء بمتطلبات المعونة الغذائية.
  50. وتعد بلدان الشرق الأدنى بوجه عام من البلدان الرئيسية التى تحصل على المعونة الغذائية التى تشكل حصة ملموسة من وارداتها من الأغذية، ولاسيما الحبوب. ومن الواضح أن تدفقات المعونة الغذائية ستتأثر بتغير السياسات فى البلدان المانحة استجابة للتطورات التى تشهدها الساحة العالمية للانتاج والتجارة، وما برح تدفق هذه المعونات ينخفض منذ عام 1993، ويبلغ فى الوقت الحاضر 8 ملايين طن أي أقل بنحو 55 فى المائة عن مستويات الذروة التى بلغها فى عام 1993. ومع ذلك فان المعونة الغذائية تظل بالنسبة لعدة بلدان فى اقليم الشرق الأدنى، مثل اليمن والعراق وأفغانستان، مصدرا هاما لامدادات الحبوب
  51. وليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن الأداء فى مجال الانتاج الغذائى فى بلدان الشرق الأدنى سيشهد زيادة هائلة فى الأجل القصير الى المتوسط. وتشير التوقعات سالفة الذكر إلى أن احتياجات الاستيراد فى الأجل الطويل ستزداد بقدر كبير، وأن قدرة معظم هذه البلدان على تلبيتها قدرة غير مؤكدة فى الواقع. غير أن تلك الاحتياجات ستعتمد فى نهاية المطاف على امكانيات التكيف فيما يخص استهلاك الأغذية وانتاجها استجابة لارتفاع الأسعار الناشئ عن التغيرات فى البيئة العالمية للتجارة. والواقع أن ارتفاع الأسعار سيكون مسؤولا أيضا عن استجابة الامدادات التى يمكن أن تكون أكثر ارتفاعا، مما قد يعوض بقدر ما الزيادة فى تكلفة الواردات الغذائية. وتأثير ارتفاع الأسعار سيعتمد على حجم انتقال الأسعار من السوق العالمية الى السوق المحلية، وعلى مرونة كل من العرض والطلب، وعلى نسبة الاكتفاء الذاتى من الغذاء فى البلد المعنى.

    سادسا - اطار استراتيجى اقليمى للتنمية الزراعية المستدامة

  52. ليس هناك حل بسيط للمشكلات التى تواجه التنمية الزراعية والريفية فى إقليم الشرق الأدنى. وتتبع بلدان الإقليم أنماط إنتاج متماثلة وتواجه تحديات متشابهة على صعيد السياسات والصعيد المؤسسى. غير أنها تختلف فيما تملك من موارد وفى قدرتها على الاستثمار فى قطاع الزراعة وعلى تلبية احتياجاتها من الواردات الغذائية. ومن ثم فان القضايا الداخلة فى الاعتبار تعتبر متعددة الجوانب وتتطلب استراتيجية متعددة الروافد تصب فى آلية تولد ضغطا حافزا يحقق النتائج المنشودة. وتشكل العناصر العشرة التالية مجمل الاطار الاستراتيجي المقترح. ونظرا لتباين بلدان الاقليم من حيث مستويات الدخل وما تملك من موارد، فان هذه العناصر تتفق مع الأولويات القطرية لمعظم بلدان الاقليم. وينبغى النظر اليها على أنها حزمة من التدابير الاستراتيجية التى يعتمد مفعولها على قوة دفعها المشتركة.
  53. سابعا - الاستنتاجات والتوصيات

    دور الحكومات

  54. استنادا الى المناقشة السالفة، تعرض التوصيات التالية لتنظر فيها الحكومات الأعضاء فى الاقليم على كل من المستوى القطرى والاقليمى.
  55. دور المنظمة

  56. ستواصل المنظمة، ضمن حدود مواردها المالية والبشرية، مساندة البلدان الأعضاء فى الاقليم فيما تبذله من جهود لوضع استراتيجية طويلة الأجل للتنمية الزراعية المستدامة على المستوى القطرى والاقليمى/شبه الاقليمى. وستقوم المنظمة على وجه الخصوص بما يلى:
  57. (1) جيبوتى، ومصر، والأردن، وجمهورية ايران الاسلامية، والعراق، وقيرغيزستان، ولبنان، وليبيا، وموريتانيا، والمغرب، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، وسورية، وطاجيكستان، وتركيا، وتونس، والامارات العربية المتحدة واليمن. ??