الجنسانية

تحسين حقوق حيازات الغابات قد يَنهَض بسُبل المعيشة السكانية

أوردت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "FAO" في دليلٍ جديد من إصدارها بعنوان "إصلاح نُظم الحيازة الحرجية" أن إصلاح حيازة الأراضي الحرجية وضمان حقوق الملكيّة في الغابات بوسعه أن ينهَض بموارد معيشة الشعوب إلى حدٍ بعيد وأن ُيمكِّن السكان ذوي الشأن من إدر

©FAO/Giulio Napolitano

13/07/2011


وقال رئيس شعبة سياسات الغابات لدى المنظمة "فاو" الخبيرة إيفا مولير، أن "الطلب المتواصل على الأراضي، وضَعف الحَوكَمة لدى العديد من البلدان، والتحديات العالمية المُتصاعدة وفي مقدمتها تغيُّر المناخ إنما تفرض إلحاحاً متزايداً للنظر في إصلاح نُظُم الحيازة الحرجية".

وأزيح الستار عن هذا الدليل في غُضون مؤتمر حيازة الغابات وحَوكمتها ومشروعاتها التجارية، الذي يُعقد بمدينة لومبوك الإندونيسية خلال الفترة 11 - 15 يوليو/تموز  2011، بحضور نحو 200 ممثل من المنظمات الدولية والإقليمية، ،والقطاع الخاصّ، والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، والباحثين. ونَظِّم المؤتمر شراكةً كلٌ من وزارة الغابات الإندونيسية، والمنظمة الدولية للأخشاب الاستوائية "ITTO"، وهيئة مبادرة الحقوق والموارد "RRI".

وفي غضون السنوات الأخيرة، قامت المنظمة "فاو" على تنفيذ مُسوحِ تقييمٍ مُكثَّفة لنُظم الحيازة الحَرَجية في إفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وآسيا الوسطى، وأمريكا اللاتينية للوقوف على مدى تأثيرها على الإدارة المُستدامة للغابات وتقليص مستويات الفقر السائدة. واستناداً إلى هذه التحليلات يَعرِض الدليل توجيهاً عملياً مُجدياً لصُنّاع السياسات المُشاركين في إصلاحات نُظُم الحيازة الحرجية المطبَّقة.

حالة ملكيّة الغابات في العالم

وفقاً لما أوردته المنظمة "فاو"، فإن نحو 80 بالمائة من غابات العالم تعود إلى الملكيّة العامة، لكن استملاك المناطق الحرجية وإدارتها من قِبَل المجتمعات المحلية والأفراد والشركات الخاصّة تشكِّل اتجاهاً مُتزايداً يَتبدَّى لدى بعض البُلدان أكثر من غيرها.

ففي فنزويلا وغينيا الفرنسية، على سبيل المثال، تكاد جميع الغابات تعود إلى المِلكية العامّة، في حين يَقع أكثر من 30 بالمائة من ملكية الغابات بباراغواي وهندوراس وغواتيمالا وكوستا ريكا وتشيلي تحت تحكُّم المِلكية الخاصّة. وفي بيرو وغويانا وكوستا ريكا، يملُك السكان الأصلبون ما يفوق 10 بالمائة من مجموع الرُقعة الحرجية.

ويضيف خبير المنظمة السيدة مولير أن "تنويع نُظم الحيازة يمكن أن يقود إلى تحسين إدارة الغابات وموارد المعيشة المحليّة سواءً بسواء، خصوصاً حينما تُعاني الإدارة الرسمية للغابات من حالة ضَعفٍ".

العدالة الاجتماعية والبُعد الجِنسانيّ

ينبغي أن تَعي أي إصلاحاتٍ لنُظُم الحيازة الحَرَجية أهمية وضع الإمكانيات في أيدي المجموعات الحَديّة، وخُصوصاً النساء والفقراء. وتُوحي البحوث بأنّ الأشجار والغابات تنطوي على أهميّةٍ أكبر بالنسبة لموارد معيشة النساء الريفيات مما هي في حالة الرجال. ففي بعض مجتمعات مدغشقر المحلية الفقيرة تدرّ النساء الفقيرات 37 بالمائة من دخلهن بالاعتماد على مُنتجات الغابات، مقارنةً بالرجال الذي يحققون 22 بالمائة منها في مجموع الدخل الكليّ. وفي بعض مناطق ولاية "أندرا براديش" الهندية، تحصّل النساء ما لا يقل عن 77 بالمائة من مجموع دخلهن اعتماداً على المُنتجات المُشتَقة من الغابات.

وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قد تصبح الغابات حاسمةً بحق بالنسبة لاستراتيجيات البقاء التي تعتمد عليها النساء المُزارعات. ففي بعض مناطق الإقليم تقع مسؤولية رعاية أفراد الأسرة برمّتها بسبب الإصابات بفيروس نقص المناعة/مرض الإيدز على عاتق المرأة، مما يسمح لها بأقل الوقت للإنتاج الزراعي والغذائي. وكنتيجةٍ لذلك، يجد نساء الإقليم أنفسهن أكثر اعتماداً للحصول على الأغذية والدخل وحطب الوقود من مناطق الغابات القريبة.

بيئةُ تمكينٍ للسكان

بلا بيئة سياساتٍ تُتيح الإمكانيات للسكان ذوي الشأن، من غير المحتمل لإصلاح نُظم الحيازة الحرجية أن يَغل النتائج الاقتصادية الاجتماعية الإيجابية المَنشودة منه، وفقاً لما أكدته الخبيرة إيفا مولير. وطبقاً للمنظمة "فاو" فإن أصحاب الحصص الرئيسيّين يجب أن يملكوا إمكانية إدارة الغابات على نحوٍ يقود إلى تحسين كِلا موارد معيشتهم وموارد الغابات. ولا بُد لحقوق الحيازة أن تكون آمنةً قَدر الإمكان، مع تجنُّب الإفراط في القواعد والتنظيمات من خلال تطبيق إجراءاتٍ تنظيمية مُبسّطة. والمتعيَّن أن تقتَرن التشريعات الحرجية بالحَوكمة المسؤولة على المستويات كافة، بما في ذلك الأجهزة الحكومية، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحليّة.

إقرار الحقوق العُرفية

من جانب ثانٍ، دُرِج على استخدام مناطقٍ واسعة من الغابات في جميع أنحاء العالم وإدارتها بل وحتى امتلاكها على أسسٍ تقليدية من الحيازة العُرفية. وغالباً ما سَادت مثل هذه النُظم غير الرسمية في مُوازاة نُظُم الحيازة القانونية المُطبَّقة. وفي مثل هذه الحالات، إعتَبَر السكان المحليون الغاباتَ ومُنتجاتها عائدةً إلى فئاتٍ أو مجموعاتٍ بعينها، بغضّ النظر عمّا إذا كانت مثل هذه الحقوق العُرفية مُعترفاً بها من قِبل الحكومة أم لا.

وبوسع نُظم الحيازة العرفية أو غير الرسمية أن تكون بالغة الفعّالية ما لم تَصطدم بمصالحٍ أخرى، مثل الخصخصة أو تحويل الأراضي إلى استخداماتٍ مُغايرة، فيما يمكن أن يُفضي إلى النزاع في تلك الحالة، وفي الأغلب والأعمّ يؤدّي إلى تدهور الغابات ذاتها. لذا لا بُد لإصلاحات نُظم الحيازة الحرجية، طِبقاً لخبير المنظمة "فاو"، أن "تأخذ بعين الاعتبار نُظُم الحيازة العُرفية غير الرسمية التي لا تملك حمايةً قانونيةً كافية".