الجنسانية

تقنية رائدة لتجفيف الأسماك تعزز سبل المعيشة في كوت ديفوار

وأعربت السيدة ديبورا أولولو، التي تعيش من تدخين الأسماك، عن غبطتها الكبيرة "لأنه اعتباراً من اليوم، تغيرت ظروف تدخين الأسماك بفضل هذا الابتكار".

قوارب ومعدات صيد في انتظار موسم العمل القادم.

25/02/2015

بوسع تقنية مستجدة ورائدة قادت تطويرها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن تساعد في الحد من المخاطر الصحية، وتحسّن سلامة الغذاء وجودته، وتنهض بظروف العمل للأفراد، وتخفض الخسائر الغذائية في قرى الصيد بغرب إفريقيا.

ويعد السمك المدخن مصدراً حيوياً للغذاء والدخل بالنسبة إلى المجتمعات الساحلية في القارة السمراء. ففي كوت ديفوار على سبيل المثال، يقدر أن 20-30 في المائة من مصيد الأسماك المحلية، من موارد المياه العذبة والبحرية على حد سواء يستهلك بعد تدخينه... وفقاً لمنظمة "فاو".

ويُفضل السمك المدخن كبروتين شعبي بديل، من قبل السكان المحليين لتقاليد الذوق، والفوائد التغذوية، والأسعار التنافسية مقارنة بمصادر البروتين الأخرى كالحليب واللحوم والبيض، فضلاً عن طول العمر الافتراضي للمنتج والذي يتراوح بين 3-6 أشهر.

مع ذلك، فإن الأفران التقليدية الشائعة الاستخدام على نطاق واسع لإعداد هذا الغذاء الشعبي تطرح العديد من المشكلات.

ووفق الخبيرة إيفيت ديي آوودي، أخصائية صناعة صيد الأسماك لدى "فاو"، فإن "التقنيات التقليدية للتدخين غالباً ما تنطوي على حرق كميات ضخمة من الخشب مما يؤدي إلى العديد من المشكلات: أولاً، إطلاق مفرط لثاني أكسيد الكربون وعلى نحو يولد من غازات الاحتباس الحراري الملوِّثة أكثر بكثير مما ينبغي؛ وثانياً، أن عملية التدخين التقليدية المتبعة تصدر عنها هيدروكربونات عطرية متعددة الحلقات (PAHs) وهي مادة مسرطِنة وخطرة على جهاز التنفس البشري".

وتخلف التقنيات التقليدية للتدخين كميات أكبر من جزيئات القطران على سطح المنتج النهائي، مما يؤثر على الطعم والجودة - ويجعل من الأكثر صعوبة تسويق المنتج النهائي المعد للتناول.

أمّا أفران (FTT) المصممة خصيصاً للمساعدة في تجهيز الأسماك الصغيرة الحجم - وهي وحدات  مزدوجة للطهي والتجفيف الميكانيكي - فقادرة على أن تقدم منتجات ذات جودة عالية من المواد الغذائية بل وأيضاً اختزانها.

ويأتي الابتكار الجديد عقب خمس سنوات من تحسينات التصميم التكنولوجي التي جعلت من السهل ترقية الأفران التقليدية وتحقيق خفض ملموس في الملوثات المسرطنة التي تنتج أثناء عملية التدخين. في الوقت ذاته، فإن التكنولوجيا تحد من كمية الوقود المطلوبة، وتسع لحمولة تفوق بمقدار خمسة أضعاف مثيلتها لأفران البراميل التقليدية، أو  ضعف ناتج فرن "تشركور" المتفوق تقنياً.

طفرة النموذج الجديد

وقال الخبير ندياي أمولكهايري، الذي شارك في تطوير هذا النموذج المبتكر، أنه "نظام متطور لمعالجة العديد من جوانب قصور تدخين الأسماك، لحماية صحة المستهلك أولاً، وثانياً لتلبية المعايير الدولية لإنتاج الغذاء؛ ثم هنالك أيضاً اعتبارات خفض خسائر ما بعد الحصاد وتخفيف عبْ العمل على كاهل المعالجين ولا سيما النساء اللواتي سيصبحن أقل تعرضاً للحرارة والدخان المفرطين".

وفي قرية "أبوبو دوميه" في كوت ديفوار، على سبيل المثال، سرعان ما راقت الأفران الجديدة العاملات الإناث على الفور، ومن بين الجوانب المفضلة لديهن وجد أن لوحة جمع أو تقطير زيت السمك تتيح شكلاً من إعادة الاستخدام لتصنيع الصابون أو الاستعمال كزيت للطهي.

وأعربت النساء المعالجات أيضاً عن سعادتهن لتقليص كميات الدخان الملوث الذي ينطلق من هذه الوحدات.

بل ويمكن استخدام تشكيلة جديدة من المواد النباتية عوضاً عن الخشب أو الفحم، مثل قشور جوز الهند ومخلفات الذرة أو الدخن والتي وجدت بالغة الفعالية وعالية الايكولوجية في تدخين الأسماك، وأقل تأثيراً على البيئة ككل.

المرأة في مركز الصدارة

وأعربت السيدة ديبورا  أولولو، التي تعيش من تدخين الأسماك، عن غبطتها الكبيرة "لأنه اعتباراً من اليوم، تغيرت ظروف تدخين الأسماك بفضل هذا الابتكار".

وأكدت مُعالِجة أخرى هي السيدة ميشلين ديون سومبليهي، قائلة "نحن نعمل الآن في ظل ظروف صحية"، مضيفة "إن الفرن الجديد يضمن انطلاق حرارة أقل، ويقلل من التعرض للحرق والدخان، فلم تعد عمليات التدخين تشكل مخاطر على صحة عيوننا أو جهازنا التنفسي".

أما أوقات المعالجة الأقصر وتقليص خطر التعرض للحروق أو استنشاق الدخان، فيعني أن النساء العاملات بوسعهن تركيز مزيد من الوقت على أدوارهن كأمهات وربات للبيوت.

منصة للنجاح

وأثبتت هذه التكنولوجيا شعبيتها أيضاً في بلدان إفريقية أخرى، بينما أخذت تنتشر بسرعة كبيرة إلى السنغال وتنزانيا وغانا.

وتمضي منظمات إنمائية مثل "SNV" الهولندية، بتشجيع استخدام هذه التكنولوجيا في غانا كوسيلة تمكن صغار المنتجين من استشراف أسواق دولية مربحة طالما ظلت حلماً بعيد المنال عن أيديهم.