الجنسانية

المزارعون يواجهون تغيرات المناخ في ولاية أندرا براديش

تهاجر النساء في أغلب الأحيان للعمل كعاملات. وحيث أن الرجال هم وحدهم عادة من يمتلكون الأرض، فإنهم يعتبرون أنفسهم "مزارعين" وهم أقل قبولاً للأخذ باستراتيجيات جديدة للمعيشة

للرجال الكلمة الأخيرة في نهاية الأمر على استراتيجيات التكامل [E.Schipper]

12/11/2009

إلى أي حد يؤثر جنس المزارع على استجابته أو استجابتها لتغير المناخ؟ وهل تأثير التقلبات المناخية على الأمن الغذائي يختلف بين الرجل والمرأة؟ وبحثاً عن إجابات لهذه الأسئلة، قام أحد مشروعات المنظمة مؤخراً بعمل بحث بين المزارعين والمزارعات في عددٍ من أفقر القرى في المناطق المعرضة للجفاف من مقاطعة أندرا براديش في الهند.

وقد ضم هذا المشروع الذي بدأ في شهر مايو/أيار 2008 بتمويلٍ من الوكالة السويدية للتعاون الدولي في مجال التنمية، باحثين من منظمة الأغذية والزراعة وجامعات استراليا والولايات المتحدة، ومعهد ستوكهولم للبيئة، ومركز ساماسا للموارد الجنسانية في أندرا براديش. وقام الاستشاريون المحليون ممن لهم خبرة بظروف المنطقة بأعمال ميدانية في منطقتين، حيث جمعوا بيانات كمية وكيفية من خلال القيام بأبحاث تشاركية مع المزارعين. وبالترادف مع ذلك، تم تحليل السياق المؤسسي واتجاهات الأحوال الجوية المسجلة.

وكان محور الدراسة ست قرى تضم كل منها ما بين 200 إلى 400 أسرة تتميز بالفقر الشديد والاعتماد على الزراعة البعلية. وكان المزارعون والمزارعات المشاركون في الدراسة يعملون في حيازات مساحتها هكتار أو هكتارين (وإن كانت الغالبية الكبيرة من ملاك الأراضي في القرى التي جرى مسحها كانوا من الرجال). ورغم أن المزارعين يعتمدون أساساً على الزراعة في معيشتهم وفي أمنهم الغذائي، فإنهم يتجهون بصورة متزايدة إلى الهجرة الموسمية وإلى قبول القروض والإعانات من برامج الإغاثة التي تمولها الحكومة في استراتيجياتهم المعيشية.

ومن أهم نتائج مشروع المنظمة دراسة الحالة الشاملة لست قرى، وهي الدراسة التي توثق الجوانب الخاصة بكل جنس من الجنسين فيما يتعلق بمواجهة التقلبات المناخية. وكمثال، فإن ما يقرب من 90 في المائة من المزارعين أبلغوا عن ضعف المحاصيل وانخفاض الغلة، وإن كان الرجال أكثر من النساء في ملاحظتهم لزيادة عدم القدرة على التنبؤ بتقلبات الطقس. وفي الوقت الذي أشار فيه الرجال إلى انخفاض إنتاج الأعلاف الخضراء، مالت النساء إلى الإبلاغ عن الآثار الصحية المرتبطة بتغيرات الطقس.

وتقول تقارير المنظمة أن أدوار كل من الجنسين هي التي تشكل استجابة المزارعين والمزارعات للتقلبات المناخية الحادة. فالنساء تهاجرن في أغلب الأحيان للعمل كعاملات في الانشاءات عادة. أما الرجال، فحيث أنهم عادة مُلاك الأرض الوحيدين، فهم يعتبرون أنفسهم "مزارعون"، وهم أقل احتمالا لأن يتبعوا استراتيجيات جديدة للمعيشة (وإن كانوا يرحبون بالأرز المدعوم من الحكومة بأسعار زهيدة). وقد أشار الرجال والنساء إلى زيادة الضغوط بسبب تغير الطقس على امتداد الثلاثين عاماً الأخيرة، فبينما أشارت النساء إلى زيادة أعبائهن المنزلية، أشار الرجال إلى زيادة الضغوط عليهم للحصول على قروض.

ولم تعد الاستراتيجيات القديمة لتدبير الأمور، مثل الاعتماد على الغطاء الحرجي كأغذية تكميلية، متاحة الآن بسبب الجفاف وفقدان غطاء التربة. ويكاد كل المزارعين يعتمدون الآن على الإعانات الحكومية بدرجة ما. ومع ذلك، فإن أكثر من 50 في المائة من الأسر التي جرى مسحها لم يكن لديها طعام كاف في أغلب الأحيان أو في بعض فترات العام الماضي. وأشار الباحثون في تقاريرهم إلى أن "الرجل هو صاحب الكلمة الأخيرة في النهاية عندما تصل الأمور إلى اتخاذ قرار بشأن استراتيجية تدبير الأمور التي ستطبقها الأسرة". "ففي الوقت الذي تتحمل فيه المرأة مسؤولية توفير الطعام للأسرة، فإن الرجل هو الذي يتحكم عادة في أغلب الممتلكات".

ومن أهم إسهامات المشروع، وضع منهجية لمعرفة الأبعاد الجنسانية لتدبير الأمور فيما يتعلق بتأثيرات تغير المناخ، واختبار هذه المنهجية بدقة. وقد صممت هذه المنهجية بحيث تستخدم في أطر مختلفة، كما أنها ستكون مفيدة للباحثين وصناع السياسات.

وترى المنظمة أن أي تدخلات لمساعدة أشد الناس تضررا، لا يمكن أن تنجح ما لم يتم فهم ومعالجة العوامل الرئيسية لتضررهم، بما في ذلك الفوارق الموجودة بين الرجل والمرأة. فالتخطيط للتكيف مع تغيرات المناخ على المدى الطويل، ينبغي أن يقوم على معارف المزارعين والمزارعات وعلى خبرتهم التي اكتسبوها على امتداد السنين.