الأراضي والمياه

اليوم العالمي للمياه لعام المياه الجوفية - جعل غير المرئي مرئياً2022

المياه الجوفية غير مرئية، إنما آثارها ظاهرة في كل مكان. المياه الجوفية بعيدة عن نظرنا وتحت أقدامنا، وهي كنزٌ دفين يدعم حياتنا.

تمثل المياه الجوفية الجزء الأكبر من المياه العذبة السائلة في العالم. ولما كانت الحياة ممكنة من دون المياه الجوفية. وتعتمد معظم المناطق القاحلة في العالم بشكل كامل على هذا المورد. فالمياه الجوفية توفّر نسبةً كبيرة من المياه التي نستخدمها لإنتاج الأغذية وفي العمليات الصناعية. كما تتّسم المياه الجوفية بأهمية حاسمة بالنسبة إلى حسن أداء النظم الإيكولوجية، مثل الأراضي الرطبة والأنهار.

 

المياه الجوفية: المكوّن غير المرئي من الأغذية

يشكّل النمو السكاني والتوسّع الحضري السريع والتنمية الاقتصادية بعضًا من العوامل التي توجّه زيادة الطلب على المياه والطاقة والأغذية. وتمثل الزراعة القطاع الأكثر استهلاكًا لموارد المياه العذبة في العالم. وسوف يتطلّب إطعام سكان العالم الذين من المتوقع أن يصل عددهم إلى 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050 زيادة في إنتاج الأغذية بنسبة 50 في المائة.

وتُستخدم اليوم نسبة 70 في المائة تقريبًا من عمليات السحب العالمية للمياه الجوفية في القطاع الزراعي، لإنتاج الأغذية والمحاصيل الحيوانية والصناعية. وما زال الاعتماد على المياه الجوفية لإنتاج الأغذية يزداد على المستوى العالمي، بما يؤدي إلى استخدام أكبر للزراعة المروية، والثروة الحيوانية والعمليات الصناعية ذات الصلة. بالفعل، تأتي نسبة 30 في المائة تقريبًا من مجمل المياه المستخدمة للريّ من المياه الجوفية، حيث تعتمد الأقاليم بشكل كبير على المياه الجوفية لأغراض الريّ، كما في أمريكا الشمالية وجنوب آسيا.

وقد حرّرت المياه الجوفية ملايين الأشخاص من براثن الفقر وحسّنت إلى حدّ كبير الأمن الغذائي، وبخاصة في الهند وشرق آسيا، خاصة وأن استخدام التكنولوجيات للحفر وتوفير مصادر الطاقة للضخّ أُتيح بشكل واسع للمزارعين الريفيين في النصف الأخير من القرن العشرين.

المياه الجوفية: مورد محدود

تُستخدم المياه الجوفية بشكل مفرطٍ في مناطق عديدة من العالم، حيث يتم استخراج المياه من خزّانات المياه الجوفية بكميّة أكبر من الكمية التي تتجدّد فيها بفضل الأمطار والثلوج. ويمكن أن يؤدي الإفراط المستمر في استخدام المياه الجوفية إلى نضوب هذا المورد، بما يعرّض إلى الخطر النظم الإيكولوجية الكبيرة التي تعتمد على المياه الجوفية ويهدّد بتقويض إمدادات المياه الأساسية، والإنتاج الزراعي، والقدرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ والأمن الغذائي. أمّا تلافي المشاكل المتصلة بنضوب المياه الجوفية فيتطلّب زيادة في القدرة على الإدارة والحوكمة على مستويات متكاملة متعدّدة وفي النُهُج المشتركة بين القطاعات. كذلك، يمكن أن يضطلع الحدّ من المهدر من الأغذية بدورٍ هام في خفض استهلاك المياه.

جودة المياه الجوفية وتلوّثها

المياه الجوفية ملوّثة في مناطق عديدة، وغالبًا ما يمثل إصلاحها عمليةً طويلة وصعبة. ويؤدي هذا إلى رفع تكاليف معالجة المياه الجوفية، ويحول أحيانًا دون استخدامها.

 

ويشكّل استخدام الأسمدة الكيميائية والعضوية في الزراعة تهديدًا خطيرًا يحدق بجودة المياه الجوفية. على سبيل المثال، النترات هو الملوّث الأكثر شيوعًا لموارد المياه الجوفية في أنحاء العالم كافة. وتشمل ملوّثات منتشرة أخرى تثير القلق بالنسبة إلى المياه الجوفية والمتأتية من الزراعة المروية مبيدات الآفات والبكتيريا المقاومة لمضادات الميكروبات.

 

ويجب إنفاذ القوانين والأنظمة على المستويات كافة لمنع تلوّث المياه الجوفية من الزراعة أو الحدّ منه، من أجل الحفاظ على النظم الإيكولوجية وعلى صحة الإنسان.

ما الذي يمكن أن نفعله حيال المياه الجوفية؟

لطالما اتّسمت المياه الجوفية بأهميةٍ حاسمة إنما غير معترف بها بالكامل. ويتعيّن علينا أن نحمي المياه الجوفية من التلوّث واستخدامها على نحوٍ مستدام، مع إحقاق التوازن بين احتياجات الناس واحتياجات كوكب الأرض. ويجب أن ينعكس الدور الحيوي للمياه الجوفية في الزراعة، والصناعة، والنظم الإيكولوجية والتكيّف مع تغيّر المناخ في عملية رسم السياسات في مجال التنمية المستدامة.

رصد المياه الجوفية

من غير المعروف حتى، في بعض مناطق العالم، كم من المياه الجوفية موجودة تحت أقدامنا، الأمر الذي يعني أننا قد نفشل في تسخير مورد مائي قد يكون حيويًا.

ويتطلّب استخدام المياه الجوفية المستدامة رصدًا مستمرًا لاستهلاك المياه، وعلى وجه الخصوص في نظم الريّ المستمدة من خزّانات غير متجدّدة من المياه الجوفية. كذلك، توفّر تكنولوجيات الأقمار الاصطناعية فرصًا فعالة من حيث الكلفة لتقدير استهلاك المياه الجوفية ومستويات استخراجها عبر قياس النتح التبخّري في الوقت الحقيقي تقريبًا، في مناطق واسعة.

أمّا WaPOR، وهي بوابة المنظمة لرصد إنتاجية المياه عبر الاستشعار عن بُعد، فتوفّر هذه المعلومات بوصفها بيانات متاحة للجميع في مختلف أنحاء أفريقيا والشرق الأدنى، وتدعم تطوير تطبيقاتٍ مكيّفة لرصد استخراج المياه الجوفية.