مكتب منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا

آراء

COP28.. فرصة لتحقيق الأمن الغذائي العالمي والتغذية الصحية المستدامة

Tags: COP28 Four Betters Hand in Hand OCOP Sustainable Development Goals sustainable dryland management
محمد العيدروس الهاشمي - 30/09/2023

بينما نستعد لعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً بمدينة إكسبو دبي، لا يكفي التأكيد فحسب على أهمية هذه المنصة العالمية لجدول أعمال التنمية المستدامة في المنطقة العربية والعالم، فهي توفر صومعة لا مثيل لها من الفرص التي تجمع صناع السياسات والعلماء وقادة الصناعة، متحدين في مواجهة التحديات البيئية الملحة. ومن بين هذه الاستراتيجيات، فإن حجر الزاوية هو تنويع وتعزيز نظم الأغذية الزراعية لتعزيز الأمن الغذائي العالمي والتغذية الصحية المستدامة، وهو الأمر الذي يعكس في الوقت نفسه استراتيجية منظمة الأغذية والزراعة المعروفة باسم «الأربعة الأفضل» للفترة 2022-2031، من خلال «تسريع الخطى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال إقامة نظم زراعية وغذائية أكثر كفاءة وشمولاً وقدرة على الصمود، واستدامة من أجل (1) إنتاج أفضل، و(2) تغذية أفضل، و(3) بيئة أفضل، و(4) حياة أفضل، من دون ترك أي أحد خلف الركب»، كما وصفها «شو دونيو»، مدير عام منظمة «الفاو».

بدورها، تقدم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة عدداً من الحلول الخلاقة والمبتكرة للوصول إلى تلك الأهداف، من بينها مبادرتها العالمية «يداً بيد» (HIH) التي أطلقتها عام 2019، وتعنى بتنفيذ برامج طموحة بقيادة وطنية لتسريع تحولات نظم الأغذية الزراعية من خلال القضاء على الفقر (الهدف 1 من أهداف التنمية المستدامة) والقضاء على الجوع وسوء التغذية (الهدف 2) والحد من أوجه عدم المساواة (الهدف 10)، حيث تعطي المبادرة الأولوية للبلدان والأقاليم التي يبلغ فيها الفقر والجوع أعلى مستوياتها، أو حيث القدرات الوطنية محدودة أو التحديات التشغيلية أكبر بسبب الأزمات الطبيعية أو تلك التي من صنع الإنسان.

ومن بين دول المنطقة التي تنشط فيها أعمال المبادرة كل من اليمن والسودان حتى الآن. كما أطلقت المنظمة في سبتمبر 2021 مبادرة «بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية» (OCOP)، التي تساعد الدول على الاستفادة من إمكانياتها وتحديد المنتجات الزراعية الخاصة التي تتكيف مع أنظمة الإنتاج الزراعي البيئي والتراث الوطني أو الثقافي، ما يضمن تحسين الوصول إلى الأسواق المستقرة وخلق فرص العمل كنقطة دخول رئيسة لتحقيق الأولويات المحددة.

وتسعى المنظمة لتوسيع رقعة أعمال تلك المبادرتين وبرامج متنوعة أخرى عبر المنصات الدولية الكبرى، كتلك المتمثلة في COP28، لصب التركيز على الحلول المحلية المستدامة التي تقلل الاعتماد على الواردات الغذائية. ويعد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، بحضوره الدولي المتنوع، مسرحاً ممتازاً لمناصرة هذه الاستراتيجيات.

وتلعب دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة المضيفة، دوراً فعالاً في هذا الخطاب. واستراتيجيات تلك الدول الفعالة، بدءاً من الاستفادة من التقنيات الزراعية المتقدمة إلى الترويج للأنظمة الغذائية الصحية، تتوافق مع دعوة منظمة الأغذية والزراعة لتحسين الإنتاج والتغذية، وستكون ذات أهمية عالمية في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28).

وتتوافق دولة الإمارات العربية المتحدة التي تشتهر بحلولها البيئية المبتكرة، مع رؤية منظمة الأغذية والزراعة لحياة أفضل. وتشير استثماراتها الكبيرة في التكنولوجيا الزراعية، وتحلية المياه، والطاقة المتجددة إلى طرق قابلة للتطبيق لإنتاج الغذاء المستدام في المناخات القاحلة. ويمكن أن تكون الدروس المستفادة من دولة الإمارات العربية المتحدة لا تقدر بثمن بالنسبة لمناطق مماثلة أخرى، حيث تتشابه إلى حد كبير تلك التحديات البيئية.

يعد التكيف مع تغير المناخ والإدارة المستدامة للأراضي الجافة، أمراً بالغ الأهمية، ويتوافق مع تركيز منظمة الأغذية والزراعة على بيئة أفضل. وتواجه الأراضي الجافة، وهي المناطق الأكثر عرضة للمناخ، ندرة المياه وتدهور التربة ومحدودية الوصول إلى الأسواق، مما يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد وسوء التغذية. ويمكن لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين أن يحفز العمل العالمي الجماعي لتحصين هذه النظم البيئية من خلال البحث وتبادل المعرفة وبناء القدرات.

وقد وسع المكتب الإقليمي للمنظمة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا من رقعة شركائه تحت مبادرة إقليمية لندرة المياه، لتشمل 30 منظمة إقليمية ودولية حتى الآن، وبدأت المبادرة فعلاً باستخدام الدروس المستفادة لتبادل المعرفة والسياسات والتقنيات التي تدعم إيجاد إصلاحات مبتكرة وشاملة في الحوكمة وإدارة المياه، لتعزيز كفاءة المؤسسات ذات الصلة، وتحسين قابليتها للمساءلة على المستوى الوطني. ومن القضايا الملحة الأخرى الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية، حيث تؤكد منظمة الأغذية والزراعة أن حوالي ثلث جميع الأغذية المنتجة عالمياً للاستهلاك البشري يُفقد أو يُهدر، ما يشير إلى عدم كفاءة كبيرة وفرصة ضائعة لتحسين الإنتاج والتغذية الأفضل.

لذا، يوفر مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون فرصة فريدة لمعالجة هذه القضايا على نطاق عالمي. كما يتيح هذا المنتدى فرصة لتعزيز التعاون الدولي، وتسليط الضوء على الحلول المبتكرة، ودفع الالتزام العالمي تجاه «الأربعة الأفضل» لمنظمة الأغذية والزراعة. ولدينا إمكانات هائلة لتشكيل مستقبل الأمن الغذائي العالمي والتغذية المستدامة، دون ترك أحد يتخلف عن الركب.

ومن الممكن أن تقود نتائج هذا المؤتمر دول العالم نحو مستقبل أكثر استدامة وأمناً غذائياً، وتحقيق مهمة منظمة الأغذية والزراعة لتحسين الإنتاج والتغذية والبيئة والحياة، عبر التعاون والشراكات الواسعة مع كل الأطراف المعنية بهذا الشأن.

 


*يتمتع محمد الهاشمي بخبرة تزيد عن 22 عامًا في التخطيط الاستراتيجي، والاتصال الاستراتيجي، والسياسة، والبحوث في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنظمات متعددة الجنسيات في المنطقة. وفي عام 2017، أصبح أول إماراتي في نظام كشوف سلك الأمم المتحدة بصفته مسؤولاً إقليمياً لإدارة المعرفة والاتصال في منظمة الأغذية والزراعة. عمل محمد مذيعا تلفزيونيا ورئيسا لتحرير الأخبار في عدة محطات إعلامية في الإمارات والمنطقة. حصل محمد على درجة علمية متقدمة في السياسة الثقافية والإدارة من جامعة وارويك في بريطانيا؛ ودرجتين متقدمتين في تكنولوجيا الاتصال والبحث العلمي. خارج العمل، يستمتع محمد باستكشاف اهتماماته المتنوعة، بما في ذلك الكتابة الإبداعية والبث عبر الإنترنت والبث الصوتي وكرة القدم العالمية. 

:فئات المشاركة