خبرات تقنية
نحو استجابة أكثر فعالية للجراد الصحراوي وتأثيراته على الأمن الغذائي وسبل العيش
©FAO
يعتبر الجراد الصحراوي يشكل الجراد الصحراوي ( Schistocerca gregaria ) من اخطر الأفات المهاجرة منذ قديم الازال وهو أفضل مثال معروف للآفات المهاجرة، بسبب السرعة التي تحدث فيها حالات التفشي، والنطاق الذي يمكن أن تبلغه حالات الإصابة خلال الأوبئة، وتأثيرها المدمر على الناس في المناطق والمجتمعات الريفية.
وخلال فترات الركود، تتواجد أعداد قليلة جدًا ومشتتة من الجراد الصحراوي في المناطق شبه القاحلة والقاحلة في أفريقيا والشرق الأدنى وجنوب غرب آسيا، التي تضم حوالي 30 بلدًا. غير أنه خلال فترات الأوبئة، قد تنتشر أسراب الجراد على مدى أكثر من 30 مليون كيلومتر مربع، ويمكن أن تطال ما يصل إلى 60 بلدًا. ويمكن أن يضم كل كيلومتر مربع من السرب ما بين 40 و80 مليون حشرة. ويمكن أن تستهلك جرادة واحدة وزن جسمها (حوالي غرامين) من الطعام الطازج يوميًا. وفي يوم واحد، يصل استهلاك الطعام لجزء صغير جدًا من سرب متوسط الحجم (حوالي طن واحد من الجراد) إلى الكمية نفسها التي يستهلكها حوالي 2 500 شخص.
وقعت خلال القرن العشرين 14 فورة ووباء للجراد الصحراوي. واستمر العديد منها لسنوات عدة وحتى لعقود من الزمن. كان اخرها التفشي الكبير الذي حدث في الفترة من نهاية عام 2019 الى بداية عام 2022 حيث انتشر الجراد الصحراوي وغزى ما 28 دولة من نيبال شرقا الى السودان غربا ومن إيران شمالا الى تنزانيا جنوبا في سابقة لم تحدث من أكثر من 25 عاماً.
الاستجابة
وقد أعطت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)منذ إنشائها في عام 1945 اهتماماً خاصاً لمشكلة الجراد الصحراوي مما دعاها في أوائل الخمسينات إلى الدعوة لتضافر للجهود الإقليمية لمكافحة الجراد في مناطق تكاثر ونشؤ الجراد الصحراوي. حيث إن ذلك من شأنه أن يعزز التعاون بين الدول المتضررة، ويعزز تبادل معلومات الجراد، وتنفيذ أساليب مكافحة فعالة. ولذلك فقد اوصت المنظمة بإنشاء هيئة إقليمية لمكافحة الجراد الصحراوي في الشرق الأدنى (تعرف الان باسم هيئة مكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الوسطى). وبعد تصديق الدول الأعضاء الأولي للهيئة المُقترحة دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 21 فبراير عام 1967. وتضم الهيئة 17 دولة عضو من الجزيرة العربية، الشرق الأدنى والقرن الافريقي: البحرين، جيبوتي، مصر، اريتريا، اثيوبيا، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، عمان، قطر، السعودية، الصومال، السودان، سوريا، الامارات واليمن.
وتقوم الهيئة بدورها الأساسي وهو التعاون والتنسيق الوطني والإقليمي والدولي في المنطقة ككيان إقليمي تنسيقي للوقاية من أوبئة الجراد الصحراوي وللحد من مخاطر الكوارث. كما تؤلي الهيئة اهتمام خاص بتطوير القدرات البشرية المتعلقة بتطبيق المكافحة الوقائية للجراد واستخدام نظم الإنذار المبكر والتدخل السريع والمبكر في مناطق الإصابات الأولية للجراد. بالإضافة الى تحسين الاستعداد ورد الفعل الفعال لتهديدات وطوارئ الجراد ومنع تكون الاسراب التي تفتك بالمحاصيل الزراعية. إن المستفيدون الرئيسيون هم المجتمعات الريفية داخل المنطقة وخارجها. وبذلك فإن الهيئة تساهم بشكل مباشر في الأهداف الاستراتيجية الاعتبارية لمنظمة الأغذية والزراعة للتعامل مع احتياجات الدول لتحقيق التكثيف المستدام للإنتاج الزراعي ولتحسين الاستعداد الاستجابة لتهديدات وطوارئ الأغذية والزراعة، وبشكل أكثر تحديدا وهو زيادة مرونة وسائل المعيشة للتهديدات والأزمات.
النتائج المتحققة
أثبتت الهيئة أهميتها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية من خلال التنسيق الناجح لتطوير الإدارة الوقائية للجراد الصحراوي في منطقة ولايتها. ويشارك جميع أصحاب المصلحة والبلدان المشاركة بشكل كامل في العملية، وهم ملتزمون بالهدف المشترك. وقد ساهمت الهيئة من خلال "نظام الوقاية من طوارئ الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية العابرة للحدود/المنطقة الوسطى" في تحسين أداء وجهوزية المؤسسات الوطنية المعنية بمكافحة الجراد بشكل كبير. وقد تم إثبات ذلك خلال طفرة 2003-2005، عندما حدثت حالات تفشي متزامنة حيث تمت السيطرة على العديد من حالات التفشي في المنطقة الوسطى قبل أن تنتشر الأسراب الى المنطقة الشرقية وتتطور الحالة إلى وباء. وقد تمت معالجة ما يقارب 13 مليون هكتار من الإصابات خلال هذه الطفرة، خاصة في المنطقة الغربية، وتمت معالجة 467 ألف هكتار منها (3.6 في المائة) فقط في المنطقة الوسطى.
عناصر النجاح
تمكنت الهيئة في المنطقة الوسطى، خلال ما يقرب من 60 سنة على وجودها، من إثبات أهميتها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في تنسيق تطوير وتنفيذ أساليب إدارة الجراد الصحراوي الوقائية في منطقة ولايتها. ويشارك معظم أصحاب المصلحة والبلدان المشاركة في العملية ويلتزمون بالهدف المشترك.
التحديات
عانت المنطقة الجغرافية، التي تغطيها الهيئة، بشكل متزايد في السنوات الأخيرة من عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن، مما يزيد من صعوبة إجراء المراقبة المستمرة للجراد في أجزاء كثيرة من مناطق التكاثر المهمة. وقد لا يكون من الممكن دائماً إجراء عمليات مراقبة موجهة ومنظمة بشكل جيد، إذا لزم الأمر، في ظل هذه الظروف. لذلك، فقد اعتمدت الهيئة بالاشتراك مع البلدان الأعضاء خطة طوارئ إقليمية وانشئت صندوق للطوارئ للمساعدة في تنفيذ خطة الطوارئ. تم إقرار خطة الطوارئ الإقليمية، ويمكن تفعيلها بمجرد قيام البلدان الأعضاء بتسديد اشتراكاتها وعند تقديمهم خطط الطوارئ الوطنية الخاصة بهم (بما في ذلك الموارد البشرية والمالية) إلى أمانة الهيئة.
وهناك خطر إيلاء أعضاء الهيئة اهتمامًا أقل للتهديد المحتمل للجراد الصحراوي خلال الفترات الطويلة من انخفاض نشاط مكافحة الجراد. ونتيجة لذلك، يمكن إعادة توجيه أولويات الحكومات الأعضاء إلى قضايا حرجة أخرى، وبالتالي إعطاء قدر أقلّ من الأهمية لهذه المسألة. وبالتالي، تشجّع الهيئة، بصفتها الهيكل التنسيقي، على مواصلة الدعوة إلى الإبقاء على مستوى اليقظة وتوعية أعضائها بضرورة الحفاظ على قدراتهم الوطنية لمكافحة الجراد ومواصلة تطويرها خلال فترات الركود.
الدكتور مأمون السراي العلوي
يتولى السيد العلوي مسئولية الأمانة التنفيذية للهيئة منذ عام 2011. ويقوم من مقر امانة الهيئة بالقاهرة بتنفيذ مسئولياته الأساسية المناطة به كأمين تنفيذي للهيئة بالتعاون مع الكادر التنفيذي في الأمانة ويمكن إيجاز تلك المسئوليات في الاتي:
- العمل يدا بيد مع الدول الأعضاء لتنفيذ برامج الهيئة المختلفة التي تعتمدها جمعيتها العمومية.
- مساعدة البلدان المتضررة من الجراد على رصد حالة الجراد الصحراوي بانتظام.
- تحسين البرامج المتعلقة بالإنذار المبكر والاستعداد لحالات الطوارئ.
- تطوير الكوادر البشرية في كافة المجالات الإدارية والفنية.
- تعزيز أوجه التعاون والمشاركة فيما بين الدول الاعضاء والحد من مخاطر اوبئة الجراد الصحراوي.
- ادخال التقنيات الحديثة لأجل الاستجابة الفاعلة إلى تهديدات الجراد في مناطق تكاثره.
- تجويد التعاون مع هيئات مكافحة الجراد الأخرى (في المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية) في كافة مجالات إدارة ومكافحة الجراد الصحراوي.
وكان من اهم النتائج التي حققتها الهيئة في الأعوام الأخيرة ما يلي
- اعتماد أدوات متقدمة في مجال تراسل البيانات (مثل eLocust)، وإدارة البيانات الخاصة بـ"نظام المعلومات الجغرافية" وتحليلها، ورسم الخرائط والاستشعار عن بعد.
- ادراج معايير الصحة والسلامة البيئية ضمن إدارة عمليات مكافحة الجراد الصحراوي في دول الهيئة.
- وضع برنامج دراسة الماجستير في علوم الجراد الصحراوي وتنفيذه بالتعاون مع هيئة المنطقة الغربية في معهد الحسن الخامس بأغادير بالمغرب.
- ادخال تشغيل الطائرات المسيرة في اعمال مراقبة الجراد الصحراوي في دول التكاثر في الهيئة.
- تنفيذ برنامج إدارة المبيدات المستخدمة في مكافحة الجراد الصحراوي.
- وضع خطط الطوارئ الوطنية (للدول الأعضاء) وخطة والطوارئ الإقليمية والأدوات الالكترونية المساعدة.
- انشاء صندوق الهيئة للطوارئ.
- تدريب ما يقارب 2000 من مدراء وإخصائي الجراد الصحراوي في مختلف التخصصات الإدارية و الفنية ( اعمال المسح والمكافحة – نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد- تقانات المكافحة الأرضية والجوية- الصحة والسلامة البيئية- استخدام المبيدات الحيوية الصديقة للبيئة- استخدام الطائرات المسيرة وصيانة الات المكافحة وغيرها).
الدكتور مأمون السراي العلوي يتولى السيد العلوي مسئولية الأمانة التنفيذية للهيئة منذ عام 2011. ويقوم من مقر امانة الهيئة بالقاهرة بتنفيذ مسئولياته الأساسية المناطة به كأمين تنفيذي للهيئة بالتعاون مع الكادر التنفيذي في الأمانة |