مكتب منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا

مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

الابتكار اليوم من أجل غد أكثر خضرة: مبادرات منظمة الأغذية والزراعة في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا

Forest cactus beekeeping in Tunisia

©FAO Tunisia

Tags: استعادة_الابتكار اليوم_الدولي_للغابات يوم_الغابات
عبدالحكيم الواعر - 21/03/2024

مع حلول اليوم العالمي للغابات في 21 مارس/آذار، من المهم أن ندرك أهمية الغابات، خاصة في مناطق الأراضي الجافة مثل منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. ومع الارتفاع الكبير في عدد سكان المنطقة، يتصاعد الطلب على الأراضي والمياه، مما يجعل مبادرات تخضير الزراعة وندرة المياه والعمل المناخي من الأولويات الحاسمة بالنسبة لمنظمة الأغذية والزراعة. فما هي المبادرات الرئيسية التي تشكل هذه الأجندة؟

مبادرات رائدة للغابات المستدامة في المناطق الجافة

قبل بضعة أسابيع فقط، سلطت الدورة السابعة والثلاثون للمؤتمر الوزاري الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا في عمّان، الأردن، الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه منظمة الأغذية والزراعة في تخضير الزراعة. وشددت المناقشات على تعزيز الاستدامة الزراعية، وحثت المنظمة على دعم البلدان في توسيع نطاق الممارسات المقاومة للمناخ، ودمج تدابير الاقتصاد الحيوي، وتعزيز الروابط بين الزراعة والغابات لتحقيق أفضل النظم الإيكولوجية وتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود.

من خلال فعاليات مثل المؤتمر الدولي السادس لنخيل التمر في أبو ظبي في عام 2018، تقود منظمة الأغذية والزراعة الجهود الرامية إلى مكافحة تهديدات مثل سوسة النخيل الحمراء في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. وقد ساعدت هذه الفعاليات في بناء أطر إدارة سوسة النخيل الحمراء والصناديق الاستئمانية الإقليمية المتعلقة بها. ويهدف إنشاء مركز التميز التابع لنظام OASIS (نظام مؤشرات المسح الزراعي الإيكولوجي الأصلي) إلى استعادة أشجار النخيل كمصدر رزق للمجتمعات الأكثر فقراً التي تعيش حول الواحات.

وعلى سواحل البحر الأحمر في مصر، تواجه غابات المانجروف، التي تلعب دوراً حاسماً في تثبيت التربة والحماية من التآكل، تهديدات بسبب الإنشاءات، وتسرب النفط، والرعي الجائر. وتهدف مبادرات مثل المشروع الحكومي الممتد على مدى عامين إلى إعادة تأهيل أشجار المانجروف والتخفيف من آثار تغير المناخ، وتسليط الضوء على أهمية هذه الأشجار للتنوع البيولوجي وعزل الكربون.

ولكن على الرغم من التقدم الكبير المحرز في هذا المجال، لا تزال هناك تحديات، تتمثل إحداها في غزو نبات الصبار في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. وقد سلط الاجتماع الفني الأخير الذي عقدته منظمة الأغذية والزراعة في مراكش الضوء على الجهود التعاونية لمكافحة هذه الآفة، وأكد الاجتماع من جديد التزام المنظمة بدعم القدرات الإقليمية في مجال صحة الغابات وإدارة الآفات والزراعة المستدامة.

إطلاق العنان للابتكار من أجل الحفاظ على الغابات

يسلط موضوع اليوم الدولي للغابات هذا العام، وهو "الغابات والابتكار"، الضوء على دور التكنولوجيا في حماية البيئة. وتعتبر الابتكارات مثل تطبيق Ground لمنظمة الأغذية والزراعة وجوجل، واستخدام الطائرات بدون طيار، ومراقبة الغابات عبر الأقمار الصناعية، بمثابة محركات للتغيير التحولي في إدارة الموارد الطبيعية.

في الأولوية الإقليمية الثالثة لمنظمة الأغذية والزراعة بشأن تخضير الزراعة وندرة المياه والعمل المناخي، يمتد الابتكار إلى ما هو أبعد من التقدم التكنولوجي. فالحلول القائمة على الطبيعة، مثل الرعي الحرجي، تعتبر حيوية للتخفيف من حدة التصحر وتحقيق الأمن الغذائي. وتؤكد منظمة الأغذية والزراعة على التآزر بين الزراعة والغابات لتحقيق خطة عام 2030. وسيؤدي الإطلاق المرتقب لمركز المعرفة الإقليمي للمرونة المتكاملة للتنوع البيولوجي والنظم الغذائية الزراعية الرعوية (KHIBRA) إلى تعزيز أنشطة الحراجة الزراعية. وتشكل المشاريع الشاملة لمكافحة التصحر، مثل السد الأخضر في الجزائر والجدار الأخضر في موريتانيا، مثالا على الجهود الشاملة لاستعادة التنوع البيولوجي. ومن المتوقع أيضاً أن تترك مبادرة الشرق الأوسط الأخضر السعودية التي أطلقت حديثاً أثراً إيجابياً كبيراً. وقد حددت البلدان الأعضاء الأولويات بما في ذلك الحوكمة وبناء القدرات وتعزيز بيئة الأعمال المتعلقة بالتنوع البيولوجي.

أما الابتكارات الاجتماعية، مثل نهج تحليل وتطوير السوق (MA&D) الذي تنفذه منظمة الأغذية والزراعة في بعض المناطق الريفية في تونس والمغرب، فيساهم في تمكين المجتمعات المحلية من تطوير مشاريع مستدامة مدرة للدخل مع الحفاظ على موارد الأشجار والغابات.

معالجة الجفاف والتصحر

يعد الجفاف مصدر قلق بالغ في الشرق الأدنى، حيث يستقطب الاهتمام العالمي بعد ميثاق غلاسكو للمناخ والدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر. ويسلط التقرير الرئيسي للمكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة في الشرق الأدنى بعنوان "حالة الموارد من الأراضي والمياه في العالم للأغذية والزراعة" الضوء على الإجهاد المائي المرتفع وتدهور الأراضي في المنطقة.

وتتصدى مبادرة ندرة المياه، التي يقودها المكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة وشركاؤه، للتحديات الكبيرة التي تطرحها ندرة المياه في المنطقة. ومع ارتفاع الطلب على المياه بسبب النمو السكاني والتوسع الحضري، وتضاؤل العرض بسبب انخفاض هطول الأمطار والاستخدام غير الفعال للمياه، تركز هذه المبادرة على التخطيط الاستراتيجي، وتعزيز الحوكمة، والتنسيق بين القطاعات لتحقيق الأمن المائي والغذائي. وتعد أدوات التعاون والرصد أساسية لتخفيف العوامل التي تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه وتعزيز الأمن المائي والغذائي المستدام في المنطقة.

بناء مستقبل مستدام: تأثير منظمة الأغذية والزراعة والفرص المتاحة لها في مؤتمر الأطراف السادس عشر

سوف يعمل مؤتمر الأطراف السادس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر في الرياض، المملكة العربية السعودية، على توحيد أصحاب المصلحة لمعالجة تدهور الأراضي، وتعزيز القدرة على التكيف مع الجفاف، وتحسين الإدارة المستدامة للأراضي، مما يمثل فرصة فريدة لتحقيق التقدم. إن تعزيز قدرات البلدان على اعتماد النُهج القائمة على النظم الإيكولوجية، على النحو المبين في عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظم الإيكولوجية، هو أمر ضروري. وتعمل المنصات التي تجمع العديد من أصحاب المصلحة، مثل منصة منظمة الأغذية والزراعة "يداً بيد للعمل الجيوفضائي"، إلى جانب منصات أخرى مثل نظام المعلومات العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة بشأن المياه والزراعة AQUASTAT وقاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية للمنظمة FAOSTAT، على تعزيز التعاون الدولي والإقليمي من أجل الزراعة المستدامة، مما يساهم بشكل كبير في مستقبل أكثر خضرة واستدامة.

عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي

إن اعتراف الأمم المتحدة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط كمنطقة رائدة عالمياً في مجال استعادة النظم الإيكولوجية يسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه منظمة الأغذية والزراعة في استعادة النظم الإيكولوجية من خلال لجنتها المعنية بمسائل غابات البحر الأبيض المتوسط (سيلفا ميديترانيا). وتكافح هذه المبادرات التصحر وإزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي، وتعمل كنماذج لمساعي الاستعادة العالمية في إطار عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام البيئي.

إن إشراك الشباب والمجتمعات المحلية أمر ضروري لمستقبل أكثر خضرة. ومن خلال تمكين هذه المجموعات، يمكننا الاستفادة من رؤى متنوعة وأفكار مبتكرة لمعالجة التحديات المعقدة المتمثلة في تدهور الأراضي، وزيادة القدرة على التكيف مع الجفاف، وتعزيز الإدارة المستدامة للأراضي. يعد العمل الجماعي والتعاون عبر القطاعات أمراً أساسياً لتحقيق الاستدامة للأجيال القادمة.

لمعرفة المزيد  يرجى زيارة : 

 

السيد عبد الحكيم الواعر هو مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والممثل الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

 

:فئات المشاركة