مكتب منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا

ﻛﻠﻣﺔ دوﻟﺔ رﺋﯾس اﻟوزراء ﻓﻲ اﻓﺗﺗﺎح أﻋﻣﺎل اﻟد ﱠورة اﻟﺳﱠﺎﺑﻌﺔ واﻟﺛﱠﻼﺛﯾن ﻟﻠﻣؤﺗﻣر اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻟﻣﻧظﱠﻣﺔ اﻷﻏذﯾﺔ واﻟزِ ّراﻋﺔ ﻟﻠﺷﱠرق اﻷدﻧﻰ

تسرﯾﻊ ﺗﺣوﱡ ل ﻧظم اﻷﻏذﯾﺔ اﻟزِّراﻋﯾﱠﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣ ﯾﱠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟزراﻋﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ واﻷﻣن اﻟﻐذاﺋﻲ ﻓﻲ ﺧﺿم اﻷزﻣﺎت اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﮫ اﻟﻣﻧطﻘﺔ

معالي الدكتور بشر هاني الخصاونة، رئيس وزراء الأردن

©FAO

04/03/2024

بسم الله الرحمن الرحيم

معالي مديرَ عامِ منظَّمةِ الأغذيةِ والزِّراعةِ للأُممِ المتَّحِدةِ السَّيد شو دنيو الأكرم،

أصحابَ المعالي والسَّعادةِ الكِرام،

السَّيداتُ والسَّادةُ الحضور،

أسعدَ اللهُ أوقاتكم بكلِّ خير،

أُرحِّبَ بكُم أجملَ ترحيبٍ في الأردن، بلدكم الثَّاني، حيث نتشرَّفُ، ونحنُ نحتفل باليوبيل الفضِّي لتولِّي مولاي صاحبِ الجلالة الهاشميَّة الملك عبدالله الثَّاني ابن الحسين المعظّّم – حفظه الله – مقاليد الحكم، باستضافةِ الدَّورةِ السَّابعةِ والثَّلاثينَ للمؤتمرِ الإقليمي لمنظَّمةِ الأغذيةِ والزِّراعةِ للشَّرقِ الأدنى، والتي تنعقدُ تحتَ عنوان "تسريعُ تحوُّلِ نُظمِ الأغذيةِ الزِّراعيَّةِ الإقليميَّةِ لتحقيقِ الزِّراعةِ المستدامةِ والأمنِ الغذائيِ في خِضمِّ الأزماتِ المتعدِّدةِ التي تواجِهُ المنطقة".

وأودُّ بدايةً أن أؤكِّدَ أهميَّة هذا الاجتماع، الذي يأتي في ظلِّ ظروفٍ وتحدِّياتٍ إقليميَّةٍ كبيرة، وفي أعقاب أزماتٍ عالميَّةٍ جعلت الحاجةَ ملحَّةً لتطويرِ آليَّاتٍ من شأنها تعزيزُ الاعتمادِ على الذَّات، وتحقيقُ التَّكامُلِ بين الدُّول من أجل تحقيق الأمن الغذائي، كجائحة كورونا، وتداعيات الأزمة الرُّوسيَّة - الأوكرانيَّة.

كما أنَّ التحوُّلَ إلى نظمٍ غذائيَّةٍ أكثرَ فاعليَّةٍ وشمولاً في الشَّرقِ الأدنى وشمال أفريقيا بات أمراً مُلحَّاً؛ لضمانِ توفيرِ غذاءٍ صحِّيٍ وآمنٍ، وسطَ تزايُدِ أعداد السُّكَّان في المنطقة بشكلٍ كبيرٍ، ونُدرَةِ المياهِ والتغيُّرِ المناخيِ، وذلك عبرَ معالجةِ تحدِّياتِ توافرِ الأغذيةِ، وتسهيلِ الوصولِ إليها، وثباتِها، واستخدامها بطرقٍ توفِّرُ للمنتجينَ من أصحابِ الحيازاتِ الصَّغيرةِ والمجتمعاتِ الرِّيفيَّةِ فُرصاً لزيادةِ الدَّخلِ والتَّوظيفِ وإنتاجِ الأغذيةِ.

   وأُشيرُ هنا أنَّ استخدامَ الابتكارِ والرَّقمنةِ ما زال محدوداً في هذا المجال، وسيكونُ لاستخدامهما على نطاقٍ واسعٍ دورٌ قويٌّ وفعَّالٌ في تعزيز تحوُّل النُّظُمِ الغذائيَّةِ لتحقيقِ التَّنميةِ المستدامة.

في ظل هذهِ المعطيات، نتطلَّعُ لأن يُسهم هذا المؤتمر، الذي يضمُّ خبراتٍ وكفاءاتٍ إقليميَّة كبيرة في مناقشة القضايا المُلحَّة التي تواجه أنظمتنا الغذائيَّة والزِّراعيَّة، والتَّركيز على الإطارِ العالمي والإقليمي لمنظَّمةِ الأغذيةِ والزِّراعةِ للأممِ المتَّحِدةِ وبرامجِها وأولوياتِها لتحقيقِ هذهِ الغاية.

أمَّا عنْ جهودِنا في الأردن، فنحنُ نعملُ بجدٍّ لتحقيقِ تحوُّلٍ شاملٍ في قطاعِنا الزِّراعي ونُظُمنا الغذائيَّةِ، آخذين بعينِ الاعتبارِ جميعَ العواملِ والخدماتِ خلالَ سلسلةِ القيمةِ كالصِّناعاتِ الغذائيَّةِ، والنَّقلِ وسلاسلِ التَّوريدِ، والعَمالةِ، والطَّاقةِ والمياهِ، وتمكينِ المرأةِ، وتعزيزِ المساواةِ بينَ الجنسينِ وتوفيرِ فرصِ العملِ، ورفعِ سويَّةِ المُنتجاتِ الرِّيفيَّةِ، والتي نعتبرها أساساً لتحقيقِ النموِّ الشَّاملِ، كما نسعى لتطويرِ الأسواقِ المستدامةِ، وتعزيزِ سُبُلِ العيشِ الرِّيفيَّةِ، بما يعزِّزُ من سعينا نحو تحقيق الأمن الغذائي والتَّنمية الاقتصاديَّة المستدامة.

كما سعى الأردن مبكِّراً لإطلاقِ المرصَدِ الإقليمي للأمنِ الغذائيِ لدولِ المنطقةِ، حيث بدأنا التَّحضيرَ لهذا المرصَدِ بناءً على لقاء سيِّدي صاحبِ جلالةِ الملكِ عبدِ اللهِ الثَّاني ابنِ الحسينِ - حفظه الله - ومديرِ عامِ منظَّمةِ الأغذيةِ والزِّراعةِ للأممِ المتَّحدةِ السَّيد شو دنيو، خلالَ زيارتِهِ الرَّسميَّةِ للمملكةِ عام 2022م. 

السَّيِّداتُ والسَّادةُ الحضور،

أمامَ التَّحدياتِ العالميَّةِ التي نشهدُها اليوم، وفي مقدِّمتها أزماتُ اللُّجوءِ، والحروبِ والتغيُّرِ المناخي، يعدُّ الأردنُ من أكثرِ البُلدانِ تاثُّراً بهذهِ الأزمات؛ إذ تُشكِّلُ نسبةُ اللَّاجئينَ الذينَ نستضيفهم ثاني أعلى نسبةٍ في العالمِ نسبةً إلى عددِ السُّكَّان، ويعيشُ قُرابةً 81% منهم في المجتمعاتِ المضيفةِ لهم خارجَ مخيَّماتِ اللُّجوءِ، وهذا يشكِّلُ عبئاً وضغطاً كبيراً  على موارِدِنا الأرضيَّةِ والمائيَّة والغذائيَّةِ وخدماتِ الصحَّةِ والتَّعليمِ وفرصِ العمل. 

ورغمَ ذلكَ، فإنَّنا نعملُ على بناءِ استراتيجيَّاتٍ وخططٍ مرنةٍ ومبتكرةٍ لتعزيزِ قدراتنا على التكيُّفِ والصُّمودِ وذلك من خلالِ الاستثمارِ الأمثلِ للمواردِ الطبيعيَّةِ والبشريَّةِ وتطويرها، وتبنِّي التقنيَّاتِ الحديثةِ في الزِّراعةِ، واستخدام الأدوات المناسبةِ التي تؤدِّي إلى تخفيفِ وطأةِ تلكَ التحديات.

ومن أهمِّ التَّحدِّيات التي تواجهنا جميعاً هي الكميَّةُ الكبيرةُ لهدرِ الطَّعامِ وتقليلِ الفاقِدِ، الذي يمثل تحدِّياً لإدارة الموارد والتزاماً أخلاقيَّاً بمكافحة الجوع ودعمِ الاستدامةِ البيئيَّةِ والمساهمةِ في تحقيقِ الأمنِ الغذائي، إذ أنَّ 28% من الأراضي الصَّالِحةِ للزِّراعةِ في العالمِ تنتجُ الغذاءَ الذي يتمُّ هدرُهُ بدلاً من إطعامِهِ للمحتاجين، ومن هنا فإنَّ الإدارةَ الحصيفة للفاقدِ والهدرِ ستُسهمُ في سدِّ جوع ملايين البشر الذين يعانونَ من نقصِ الطَّعام.

وفي هذا الصَّدد، من المؤكَّد أنَّ الحديث سيكون منقوصاً إذا لم يتناول العدوان الإسرائيلي الغاشم والمُدان والهمجي على أهلنا الفلسطينيينَ في قطاع غزَّةَ، حيث أزهقت آلةُ القتلِ الإسرائيليَّةُ أرواحَ عشراتِ الآلافِ منَ الشُّهداءِ والمصابينَ، وتدميرٍ كاملٍ للبُنيةِ التَّحتيَّةِ، وقطعِ سُبُلِ العيشِ؛ ما أدَّى إلى نزوحِ أكثرِ من مليونيّ شخصٍ ينامون في العَرَاءِ وسطَ ظروفٍ جويَّةٍ قاسيةٍ، لا يستطيعونَ الوصولَ إلى مصادرِ مياه الشُّربِ ويعانون جوعاً مدقعاً وغياباً لأدنى مقوِّماتِ الأمن الغذائي، عداك عن تدميرٍ واسعٍ للأراضي الزِّراعيَّة تُقدَّر بأكثر من 40% من الأراضي القابلةِ للزِّراعة بحسب صورِ الأقمار الصِّناعيَّةِ، وتدمير قُرابةِ 70% من البنيةِ التحتيَّةِ في القطاعِ بشكلٍ عام.

ونفخرُ في المملكةِ الأردنيَّةِ الهاشميَّةِ، بقيادة صاحبِ الجلالةِ الهاشميَّة الملكِ عبدِ اللهِ الثَّاني ابن الحسين - حفظه الله – أنَّنا استطعنا القيام بالإنزالات الجويَّةِ المتكرِّرةِ التي نفَّذناها بشكل منفردٍ بدايةً، ثمَّ مع بعض الدُّول الشَّقيقة والصَّديقة، والتي ساهمتْ في توليدِ ثقافةٍ عالميَّةٍ جديدةٍ في كيفيَّةِ إسنادِ المنكوبينَ والانتصارِ للإنسانِ في ظلِّ ظروفٍ استثنائيَّةٍ صعبة، بالتَّزامنِ مع الجهودِ السِّياسيَّةِ والدبلوماسيَّةِ الحثيثةِ التي يقودها جلالةُ الملك من أجل وقف العدوان الغاشم فوراً، وإيقاف عنف المستوطينينَ في الضفَّة الغربيَّة، وضمان إمداد الأشقَّاءِ الفلسطينيين بالمساعداتِ الإنسانيَّةِ بشكلٍ كافٍ ومستدامٍ، وإيجاد أُفقٍ سياسي يضمن العودة إلى مسار السَّلام وفق حلِّ الدَّولتينِ، الذي يضمنُ إقامة الدَّولة الفلسطينيَّةِ المستقلَّةِ، ذاتِ السِّيادةِ الكاملةِ والنَّاجزةِ، على خطوطِ الرَّابع من حزيران لعامِ 1967م، وعاصمتها القدس الشَّرقيَّة.

أصحاب المعالي والسَّعادةِ الكِرام

الضيوف الأعزاء،

ختاماً، أتقدَّمُ بالشُّكرِ الجزيل للمديرِ العام لمنظَّمةِ الأغذية والزِّراعةِ للأممِ المتَّحدةِ على ترؤُّسه اجتماعاتِ هذا المؤتمر، والشُّكرُ الموصولُ جميع الكوادرِ التي ساهمت في انعقاده، متطلِّعنَ إلى اتِّخاذِ قراراتٍ تكامليَّةٍ تؤثرُ إيجاباً في مستقبل الزِّراعةِ، وتحقيق أمننا الغذائي، واستدامتنا البيئيَّة، ومرونتنا الاقتصادية.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته