مكتب منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا

صباح الفرج: سيدة ترعى أرضها وأسرتها ومستقبلها


Share on Facebook Share on X Share on Linkedin
23/09/2024

صباح الفرج إحدى المشاركات الناجحات في مدرسة المزارعين الحقلية من قرية سريحين بمحافظة حماة، والتي تبنت أساليب زراعية بسيطة ومستدامة وذكية مناخياً تعلمتها في هذه المدرسة، وحققت نتائج رائعة. وقد جاء تنفيذ مدرسة المزارعين الحقلية هذه ضمن مشروع "بناء الصمود المحلي في سورية" والممول من المملكة المتحدة، والتي استفادت منها صباح بتعلم أساليب مبتكرة غيرت ممارساتها الزراعية.

بعد أن فقدت زوجها قبل بضع سنوات، تستفيد صباح البالغة من العمر 50 عاماً من قطعة الأرض المجاورة لمنزلها، فتزرعها بالخضروات مثل الخيار والباذنجان والبامية والسبانخ لتلبية احتياجات أسرتها الغذائية. وتعمل أيضاً كعاملة في المزارع المجاورة لكسب دخل إضافي لتغطية متطلبات حياتها ولضمان حصول أحفادها على كل احتياجاتهم، وخاصة أن اثنين منهم في المدرسة الابتدائية.

وكانت كيفية تربية الأعداء الطبيعيين وإطلاقهم مرة أخرى في الحقل لمكافحة الآفات بشكل أكثر فعالية أحد أبرز الدروس التي تعلمتها صباح بعد حضور عدد من الجلسات، وتقول صباح: "كنا نرش المبيدات الحشرية الكيميائية للقضاء على كل أنواع الحشرات في الحقل، وهو أمر مكلف للغاية. فاكتشفتُ بعد حضوري لجلسات مدرسة المزارعين الحقلية أن إحدى هذه الحشرات كانت عدواً طبيعياً مفيداً للآفات، وهي حشرة أسد المن."

ونجحت صباح في تحسين قدرة أسرتها على الوصول إلى المنتجات الطازجة مع المساهمة في توفير بيئة أفضل من خلال تبني ممارسات مستدامة كالإدارة المتكاملة للآفات بدعم من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. كما وتساعد صباح في الحفاظ على صحة التربة وتعزيز التنوع البيولوجي المحلي من خلال تقليل اعتمادها على المبيدات الحشرية الكيميائية.

وتعلمت صباح خلال جلسات مدرسة المزارعين الحقلية كيفية التعرف على حشرة أسد المن وتربيتها وفهم دورة حياتها. واستخدمت مواد بسيطة مثل صندوق من الورق المقوى والماء والمربى وبعض الإسفنج لتكاثر الحشرة. وتضيف صباح بكل فخر: "لقد تمكنت من التعرف على العملية التي تمر بها البيوض لتتطور إلى حشرة أسد المن بالغة، لأطلقها بعد ذلك  في حقل محصول الخيار."

وإلى جانب تربية الحشرات المفيدة، تعلم المشاركون في برنامج مدرسة المزارعين الحقلية كيفية صنع المبيدات الحشرية العضوية، مثل صابون البوتاسيوم وصابون الكبريت. وتُصنع هذه الحلول الصديقة للبيئة من مكونات بسيطة كالماء والمواد الحافظة الشائعة، مما يوفر بديلاً مستداماً للمبيدات الحشرية الكيميائية.

لقد كان لهذه الأساليب الصديقة للبيئة المبتكرة والفعّالة من حيث التكلفة تأثيراً كبيراً على زراعة صباح، حيث خفضت تكاليف المبيدات الحشرية بمقدار الثلثين. ولم يقتصر هذا التخفيض على توفير المال، بل حسّن أيضاً من استدامة ممارساتها، مما سمح لها بالاستثمار بشكل أكبر في مستقبل أسرتها.

كما أتاح لأسرتها استهلاك المنتجات مباشرة من أرضها دون الحاجة إلى الانتظار لمدة أسبوعين قبل الحصاد، حيث سيحتاجون خلال هذه الفترة إلى شراء المزيد من الخضروات بدلاً من استهلاك منتجاتهم الخاصة. 

"تجاوز حصاد الخيار هذا العام محصول الموسم الماضي، وتمكنت من تغطية احتياجات أسرتي وصناعة بعض المخللات، وحتى إهداء بعض المنتجات الطازجة لجيراني. كل هذا دون رش قطرة واحدة من المبيدات الحشرية الكيميائية." تضيف صباح

صباح واحدة من أكثر من 9000 مزارع يستفيدون من مدارس المزارعين الحقلية التي تقيمها منظمة الأغذية والزراعة في إطار مشروع "بناء الصمود المحلي في سورية" في محافظات حلب ودير الزور وحماة وحمص وريف دمشق. وتعمل مدارس المزارعين الحقلية هذه على تحسين الممارسات الزراعية من خلال تعزيز الممارسات الجيدة منها وتشجيع الزراعة وتربية الحيوان الذكية مناخياً. سيضمن هذا للمزارعين زيادة الإنتاجية وتعزيز الأمن الغذائي والتغذوي وتحقيق تأثير أكثر استدامة على البيئة والمناخ.

وبعيداً عن حقلها، فإن لتبني صباح للممارسات المستدامة أثراً فعالاً على مجتمعها. فقد لاحظ مزارعو القرية الآخرون نجاحها، مما أثار اهتمامهم بالأساليب الصديقة للبيئة. كما وتساهم صباح أيضاً في صحة النظام البيئي المحلي وحماية موارد المياه وتعزيز التنوع البيولوجي من خلال الحد من استخدام المبيدات الحشرية الكيميائية.