22/12/2021 يمكن للزراعة أن تشكّل محرك عجلة الانتعاش في الجمهورية العربية السورية. ولكن لكي تكون الزراعة منتجة وقادرة على على الصمود، يجب أن يكون المزارعون قادرين على الحصول على بذور ذات جودة عالية من الأصناف الجيدة التكيف والمفضلة من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية.
وقبل اندلاع الأزمة، كانت المؤسسة العامة لإكثار البذار (المؤسسة العامة) مسؤولة عن إنتاج قرابة 000 300 طنّ من إنتاج البذور المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية (القمح والشعير والبقول الرئيسية). ولكن ما تم تكبده من خسائر في ما يخص المرافق والقدرات البشرية جراء النزاع الذي تدور رحاه أدى إلى تخفيض إنتاجها من البذور إلى ما دون مستويات ما قبل الأزمة. وفي ما يتعلق بموسم الزراعة لعام 2020، وزعت المؤسسة العامة على المزارعين قرابة 000 75 طنّ من بذور القمح تشكّل 25 في المائة فقط من الكمية التي كانت توزعها قبل اندلاع الأزمة. وإنّ استعادة قدرات الإنتاج تتجاوز إنتاج البذور؛ فذلك يشمل في واقع الأمر البحث وإمدادات البذور، والخدمات المرتبطة بها مثل الائتمان والتسويق. وفي ظلّ وضع اقتصادي صعب، قد لا يعود مستوى إنتاج البذور إلى ما كان عليه في السابق بالنسبة إلى جميع المحاصيل، وقد يتعين النظر في اعتماد استراتيجيات أخرى لإنتاج وتوفير بذور ذات جودة عالية، لتكملة عمل المؤسسة العامة.
وبسبب ما تشهده البلاد من نقص في بذور القمح، اضطر صغار المزارعين إما إلى شراء بذور مجهولة المصدر في السوق، أو لاستخدام الحبوب المحفوظة من حصادهم. وممّا لا يرقى إليه الشك أن استراتيجيتي التأقلم تؤثران أيما تأثير على الإنتاج، ومن ثم على حالة الأمن الغذائي في البلاد التي هي سيئة أصلًا.
وما فتئت منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة)، آخذة في الحسبان مدى خطورة نقص البذور في السلسلة الغذائية، تساهم في إعادة تحقيق الأمن الغذائي المغذي في المناطق المتضررة من الاضطرابات المدنية التي تعصف بسوريا.
وأجرت المنظمة تقييمًا لأمن البذور أماط اللثام عن التحديات التي تلقي بظلالها على قطاع البذور، مع التركيز بشكل خاص على المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. وتكمن التوصيات الرئيسية المنبثقة عن هذا التقييم في ما يلي:
• تنقيح النهج المتبعة في توفير المساعدة الطارئة الخاصة بالبذور.
• تعزيز إمدادات البذور ذات الجودة العالية.
• تحسين إمكانية حصول المزارعين على البذور.
• الاستفادة من الأسواق المحلية.
• تعزيز إمكانية حصول المزارعين على المحاصيل والأصناف الجديدة.
وتساهم المنظمة بهمة ونشاط في الاستجابة للتوصيات الخمس كافةً.
وقامت المنظمة منذ عام 2013 – كجزء من البرنامج الإنساني – بتوزيع 31 ألف طنّ من بذور القمح على حوالي 155 ألف أسرة. وشمل توزيع البذور 10 محافظات، هي حلب والحسكة والرقة والسويدة ودرعا ودير الزور وحماة وحمص وإدلب وريف دمشق.
وشرعت المنظمة، منذ عام 2018، مع شركائها في التنفيذ (أي المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)) في إنتاج للبذور على مستوى المجتمع المحلي لإدرار الدخل لتكملة البذور المتاحة في البلاد من قبل المؤسسة العامة. وبالإضافة إلى ذلك، وضعت المنظمة برنامجًا لإكثار الأجيال الأولى (الأصناف ما قبل الأساس والأساسية) من بذور الأصناف الرئيسية من القمح والشعير والحمص والعدس. وإجمالًا، تم توزيع قرابة 18 طنًا من البذور ما قبل الأساس وحوالي 114 طنًا من البذور الأساسية على المزارعين الروَّاد لغرض الإكثار، إضافة إلى مدخلات زراعية أخرى متكاملة مع التدريب المتخصص، والإشراف والمتابعة اللازمين (تبلغ الاحتياجات السنوية من البذور ما قبل الأساس في البلاد ما يتراوح بين 10 و15 طنًا في حين تبلغ بالنسبة إلى البذور الأساسية ما يتراوح بين 230 و260 طنًا). وتم بعد ذلك إدراج البذور المنتجة في النظام، ما أسفر عن زيادة البذور ذات الجودة العالية المتاحة للمزارعين المستضعفين.
دعم إنشاء مجموعات منتجي البذور
تقوم المنظمة، بالتعاون مع شركائها، بتزويد المزارعين التقدميين بما يلزم من دعم لكي يشكلوا مجموعات غير رسمية لإنتاج البذور. ويمكن أن يؤدي تنظيم عدد مختار من المزارعين لإنتاج البذور وتسويقها إلى تحسين إمكانية الحصول على البذور ذات الجودة العالية وتوافرها، خاصةً بالنسبة إلى المناطق والمحاصيل/الأصناف التي يتعذر على المؤسسة العامة تغطيتها في الوقت الحالي. وقد تسنّى بنجاح الترويج لإنتاج البذور بشكل لامركزي وبقيادة المزارعين في سوريا لتكملة إنتاج القطاع الرسمي للبذور، وتحسين إمكانية حصول المزارعين على بذور ذات جودة عالية. وتم تنظيم مجموعتين لمنتجي البذور وتسجيلهما في محافظتي حمص وحلب - ويجري إنشاء مجموعة ثالثة في دير الزور - تحت مظلة برنامج المنظمة لدعم أصحاب الحيازات الصغيرة، بالتنسيق مع إيكاردا والمؤسسة العامة. وحتى اليوم، ثمة 24 مزارعًا من المنتجين النشطين للبذور في البلاد الذين يتولون إنتاج عشرات الأطنان من البذور ذات الجودة العالية يتم فحصها واعتمادها من قبل الهيئة الوطنية للبذور وإدراجها في النظام.
والتمس وزير الزراعة والإصلاح الزراعي مؤخرًا دعم المنظمة لاستعراض سياسات نظام البذور وقدراته والقيود التي تعترض سبيله. وتم تشكيل فريق يضم خبراء المنظمة الموجودين في المقر الرئيسي في روما لاستعراض السياسات والممارسات الخاصة بالبذور. وستقوم هذه الدراسة بما يلي: (1) التقدم بتوصيات بشأن إنتاج بذور القمح وضمان جودتها (محاصيل أخرى أيضًا)؛ (2) والتقدم بتوصيات حول الإصلاحات في مجالي السياسات والإجراءات؛ (3) وتحديد الخطوات ذات الأولوية لتعزيز إمكانية الحصول على البذور الجيدة للمحاصيل (والمزارعين) التي لا يعالجها النظام الرسمي بشكل جيد. وستنتهي الدراسة قريبًا.
وفي الختام، فإن المنظمة تعتبر قطاع البذور أحد أهم أولويات البرنامج الذي تنفذه وأهدافه؛ فمد يد العون للمزارعين المستضعفين للحصول على بذور ذات جودة عالية ستسهم في الحد من انعدام الأمن الغذائي وتحسين سبل كسب العيش ومكافحة الفقر.
