جائحة كوفيد-19 تأتي في أسوأ الأوقات للمجتمعات الضعيفة في غرب أفريقيا

أسئلة وأجوبة مع كومبا سو، منسق القدرة على الصمود لدى الفاو في غرب أفريقيا.

رعاة موريتانيون. إغلاق الحدود والقيود المفروضة على الحركة بسبب الجائحة سيمنع الرعاة الرحّل من التحرك مع حيواناتهم بحثاً عن الأعلاف والمياه، مع احتمال حدوث عواقب وخيمة على سبل عيشهم.

©Photo: ©FAO/Carl de Souza

27/04/2020

في هذه المقابلة، نتحدث مع كومبا سو، منسق القدرة على الصمود لدى الفاو في غرب أفريقيا، حول جائحة كوفيد-19 وما يمكن أن يحدث لملايين الأشخاص الذين يعانون بالفعل من الجوع والنزاعات في غرب أفريقيا.

س1: لفترة طويلة، وعلى مدى العقد الماضي أيضاً، كانت غرب إفريقيا ومنطقة الساحل على وجه الخصوص معرضة لموجات الجفاف ونقص الغذاء وتزايد انعدام الأمن. كيف هو الوضع الان؟

هذه منطقة معقدة للغاية، فهي تعاني من الجوع المزمن وانعدام الأمن وتغير المناخ وتهديدات تفشي الجراد الصحراوي والآن هذه الجائحة. وعاماً بعد عام نجد أن خمسة من العشر دول الموجودة في ذيل قائمة مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية هي دول في غرب إفريقيا.

إن ما يثير قلقنا في الوقت الحالي وعلى وجه الخصوص هو الأزمة الإنسانية في منطقة وسط الساحل الأفريقي- التي تتألف من بوركينا فاسو ومالي والنيجر، حيث يعاني حوالي أربعة ملايين شخص بالفعل من الجوع الشديد وقد يرتفع هذا العدد إلى 5.5 مليون شخص بحلول أغسطس/ آب. ولأضع الأمور في نصابها، بحلول شهر أغسطس، في بوركينا فاسو، يمكن أن يواجه أكثر من مليوني شخص الجوع الشديد، وفي وقت هو الأسوأ على الإطلاق، مع حلول موسم العجاف وندرة الطعام. هذا الرقم أعلى بثلاث مرات مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

اعتباراً من شهر أبريل/ نيسان يحتاج أكثر من 11 مليون شخص في جميع أنحاء غرب أفريقيا، إلى مساعدة غذائية فورية، معظمها بسبب النزاع. وسيستمر هذا العدد في الارتفاع، ومن المحتمل أن يصل إلى 17 مليوناً خلال موسم العجاف (يونيو/ كانون الثاني- أغسطس/آب) إذا لم تكن استجابتنا سريعة.

لا تقتصر معاناة الكثير من الناس على الجوع فقط، بل تشمل أيضاً التشرد وفقدان كل ما لديهم. جميع من تحدثت معهم لديهم نفس القصص: تعرض القرى للهجوم، وقتل أو نزوح أفراد الأسرة؛ ودمار المنازل أو الحقول؛ وهجران الحيوانات أو قتلها.

وحتى الآن، نزح حوالي 1.2 مليون شخص في منطقة وسط الساحل. وفي حال استمر النزاع، سيعاني المزيد من الناس من نفس المصير.

هذا هو أسوأ وقت على الإطلاق لتعاني هذه المجتمعات الضعيفة في غرب أفريقيا من جائحة كوفيد-19.

س2: من هم الأكثر عرضة لخطر كوفيد-19؟

أولاً: الأطفال. تعد معدلات سوء التغذية في منطقة الساحل من أعلى المعدلات في العالم، إذ يعاني حوالي 2.5 مليون طفل- أكثر من ربعهم في بوركينا فاسو ومالي والنيجر- من سوء التغذية الحاد والشديد.

وبما أن الأمهات والأطفال هم الأكثر تضرراً، بشكل عام، فإنهم سيعانون أكثر من غيرهم خلال الجائحة.

أولئك الذين يعانون بالفعل من الجوع، أو من الجوع والنزوح بالفعل، سيكونون في خطر شديد.

القضية الرئيسية التي يجب تسليط الضوء عليها هي أن الجائحة تنتشر في الأشهر الحاسمة لهذه المنطقة، وهي الأشهر التي يجب على الناس فيها الزراعة، والانتقال مع حيواناتهم. يحتاج المزارعون إلى أن يكونوا قادرين على بيع منتجاتهم الحالية والوصول أيضاً إلى الحقول والأسواق للتحضير للموسم الزراعي الرئيسي 2020/2021. يحتاج الرعاة أو الرعاة الرحّل إلى التنقل مع حيواناتهم. ويجب على الحكومات والجهات الفاعلة الإنسانية مساعدة الناس الذين يحتاجون إلى الغذاء العاجل والدعم الغذائي والطارئ خلال موسم العجاف.

منذ عدة قرون، كان الرعاة الرحّل في أنحاء الساحل يتحركون مئات الأميال كل عام للعثور على المراعي لقطعانهم. وهذا شيء يفعلونه كل عام، ولا سيما خلال الفترة أبريل/نيسان - مايو/أيار عندما تصبح المراعي أكثر جفافا.

تعد موريتانيا، على سبيل المثال، موطناً لحوالي 3 ملايين شخص و30 مليون رأس من الماشية. يتجه العديد من الرعاة الموريتانيين إلى مالي والسنغال بحثاً عن المراعي.

ولكن مع إغلاق الحدود، لم يعد الرعاة الرحل قادرين على التحرك بحثاً عن الأعلاف والمياه أو التجارة - يمكن مقايضة الحيوانات بالأغذية أو المواد الأساسية الأخرى.

يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان الرعاة دخلهم حيث لا يستطيعون بيع حيواناتهم أو شراء ما يحتاجون إليه بالإضافة إلى احتمال فقدان الحيوانات لأن بعضها قد لا ينجو أو قد يصاب بالمرض. وعندما تعاني الحيوانات، يعاني الناس. عندما تموت الحيوانات أو تتوقف عن كونها مصدراً للحليب أو اللحوم، يجوع الناس. وعندما تُفقد الحيوانات، يفقد الناس سبل عيشهم.

سيتأثر المزارعون أيضاً بكوفيد-19 بسبب تراجع إمدادات الأسمدة والبذور، وإغلاق المتاجر والأسواق، وانخفاض المساعدة.

هذه الجائحة- في حال انتشرت أكثر- ستشكل تهديدات متزايدة: ابتداءً من زيادة حالات النزوح وتراجع أكثر في القدرة على الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وقلة الغذاء.

س3: هل آثار جائحة كوفيد-19 على الأمن الغذائي واضحة بشكل ملموس في غرب أفريقيا؟

اتخذت الحكومات تدابير مثل التباعد الاجتماعي وإغلاق الأسواق وهذا سيؤدي إلى اضطرابات في السوق، سواء بالنسبة للتجار أو المشترين.

تأثيرات كوفيد-19 ظهرت بالفعل في المناطق الرعوية. وبما أن معظم الحدود مغلقة، فقد تم تقييد حركة الرعاة والحيوانات.

ورغم أن تأثير الجائحة على أسعار المنتجات الأولية غير ملحوظ بعد، إلا أن قيام العديد من الأشخاص بشراء سلع رئيسية بكميات كبيرة يمكن أن يؤدي إلى زيادة مؤقتة في التكاليف وحالات النقص، والذي سيكون من الصعب إدارته في حال انخفض الإنتاج. وقد تأثر قطاع النقل بالفعل، مما سيؤثر على الإمدادات الغذائية والمنتجات.

س4: كيف تستجيب الفاو؟

نظراً لأن معظم دول غرب إفريقيا تعاني حاليا من أزمات معقدة أخرى، فإن أولويتنا الأولى تتمثل في مواصلة استجابتنا الحالية للطوارئ والحفاظ عليها، ولا سيما الأنشطة التي تدعم الحملة الزراعية القادمة التي ستساعد في التخفيف من آثار جائحة كوفيد-19 على الأمن الغذائي.

يمكن أن يكون القيام بذلك صعباً بشكل خاص نظراً للصعوبات التشغيلية الناجمة عن القيود التي فرضتها معظم الدول على الحركة. غير أنه ومن خلال العمل بشكل وثيق مع الحكومة وأسرة الأمم المتحدة والشركاء، فإننا نعمل على إدخال التعديلات وإيجاد طرق للقيام بعملنا.

لكن استجابتنا في المنطقة ممولة بنسبة 20 في المائة فقط. وندعو الجهات المانحة والشركاء إلى عدم تناسي حالات الطوارئ القائمة الأخرى، التي أُضيفت إليها الآن جائحة كوفيد-19.

وفي إطار استجابتها لكوفيد-19، تقوم الفاو بجمع المعلومات وإجراء التحليلات على المستويين الإقليمي والقطري، بشأن التأثيرات المحتملة للجائحة على الزراعة والأمن الغذائي، والتي سيتم ادخالها في مرفق بيانات عالمي. وستفيد هذه المعلومات والتحليلات في توجيه وإرشاد الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية بالإضافة إلى خطط التأهب والاستجابة لجائحة كوفيد-19 في كل بلد. ويتم بالفعل تطبيق العديد من الإجراءات في هذه الخطط.

في بوركينا فاسو وبفضل الدعم من الصندوق المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ التابع لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا)، تطلق الفاو برنامجاً لتقديم المساعدة الفورية للأسر الضعيفة التي تعيش في الحجر الصحي في المناطق الحضرية والمناطق المحيطة حتى تتمكن من الحصول على طعام صحي ومغذي.

وفي السنغال، تدعم منظمة الفاو جهود الحكومة لمكافحة الجائحة من خلال حملات التوعية، وخاصة الموجهة للجهات العاملة على طول السلسلة الغذائية، بهدف تجنب انتشار الجائحة بشكل أكبر. وسندعم صغار المنتجين المتضررين من الاضطرابات التجارية، وخاصة النساء، لبيع منتجاتهم وكسب المال الكافي والاستعداد للزرع. وسنوزع النقود والقسائم على الرعاة حتى يتمكنوا من إطعام حيواناتهم، والحد من هدر الطعام وفقده.

أما الأولويات على المدى القصير فهي: دعم الأسر الضعيفة المتأثرة بجائحة كوفيد-19 للوصول إلى الغذاء الكافي، وضمان حصول الرعاة على الأعلاف والمياه خلال موسم الجفاف الحالي، وحصول المزارعين على بذور لبدء الزراعة، وضمان الحماية الاجتماعية خلال موسم العجاف، والحفاظ على استمرار عمل الأسواق وسلاسل القيمة حتى يتمكن الناس من شراء الطعام الذي يحتاجونه وبأسعار مناسبة.

ويراقب خبراء المنظمة أيضا حالة انتشار الجراد الصحراوي حيث أن هناك احتمال بأن تغزو هذه الآفة غرب إفريقيا في منتصف العام.

س5. ما الذي يتعين على الحكومات فعله؟

تشجع الفاو البلدان على مواكبة خطط الاستجابة وتكييفها مع العواقب المترتبة على الجائحة مع تكشًف معالمها. ومن المهم بمكان توقع تأثيرات كوفيد-19 على الزراعة والأمن الغذائي وحياة النساء والأطفال الضعفاء. إن ضمان الحفاظ على النظم الغذائية وسلاسل الإمداد الغذائي يعد أحد أهم الإجراءات التي يجب اتخاذها على المستويين القطري والإقليمي.

في 16 أبريل/نيسان، التزمت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي البالغ عددها 55 دولة خلال اجتماع نظمه الاتحاد الأفريقي والفاو بدعم توفير الغذاء والتغذية لأكثر الفئات ضعفاً في أفريقيا، وتزويد الأفارقة بالحماية الاجتماعية، والتقليل إلى أدنى حد من اضطرابات الحركة والنقل الآمنين للأشخاص الأساسيين، ونقل وتسويق السلع والخدمات، وإبقاء الحدود مفتوحة لتجارة الأغذية والزراعة. وتعد هذه خطوة أولى مهمة، وتفخر الفاو بكونها جزءاً من هذه العمليات.

س5: ما هي التحديات الأكبر التي ستواجه عمل الفاو في حال تفاقم الجائحة؟

في حال تفاقم الجائحة، قد يواجه ما يصل إلى 50 مليون شخص إضافي أزمة غذائية في المنطقة.

لهذا، نعمل على توسيع نطاق دعمنا عبر الشركاء والجهات الفاعلة المحلية ومن خلال إيجاد طرق مبتكرة، مثل التدريب عبر الإنترنت والدعم عن بُعد، لزيادة قدراتهم. وقد تعلمنا خلال أزمة الإيبولا أنه يمكن تنفيذ العديد من الأنشطة عن طريق دمجها في عملنا المنتظم، مع احترام التدابير الإضافية مثل البروتوكولات الصحية. وقد قامت الفاو بتفعيل خطط استمرارية الأعمال في جميع أنحاء المنطقة بهدف ضمان سلامة موظفيها وشركائها والمستفيدين مع الحفاظ على استمرار الأنشطة.

س6: هل تودّ إضافة المزيد؟

تتسم هذه الأوقات بالعديد من التحديات، ولكن دعونا لا ننسى أن السكان في غرب إفريقيا قد أثبتوا قدرتهم على الصمود في وجه الأزمات. في الواقع، إن النهج العالمي الذي تتبعه الفاو والعديد من الوكالات الأخرى في مكافحة كوفيد-19 مستمد من الدروس المستفادة من أزمة فيروس إيبولا في غرب أفريقيا.

تعلمنا أيضاً من فيروس إيبولا أنه في الوقت الذي يعد فيه كوفيد-19 في المقام الأول أزمة صحية، يجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لعدم تحويله إلى أزمة غذائية وإلى أزمة غذائية أكبر بالنسبة للعديد من المجتمعات في غرب إفريقيا.

للاتصال

أديل ساركوزي [email protected]