Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

كوب من الشاي ... أو تشا؟


الاحتفاء بالشاي كجزء من تراثنا وتاريخنا

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

يُزرع الشاي حاليًا في 50 بلدًا تقريبًا ويعتمد أكثر من 13 مليون شخص على قطاع الشاي لتأمين سبل عيشهم. وفي اليوم الدولي للشاي، نحتفل بتراثه الرائع! © FAO/Mary Jane dela Cruz

21/05/2024

هل تعلم أن معظم العالم يستخدم الكلمتين نفسيهما للإشارة إلى الشاي؟ إحدى الصيغتين هي تلك المستخدمة في اللغة الإنكليزية (tea) والفرنسية (thé) والإسبانية (té) والهولندية (thee). أما الصيغة الأخرى، فهي صيغة معدّلة من  chá(في لغة الماندرين واللغة الكانتونية)، مثلchai  باللغة الهندية، وشاي باللغة العربية و chayباللغة الروسية. ويعود ذلك إلى سبب مثير للدهشة.

فقد نشأت كلتا الكلمتين في الصين التي يُعتقد على نطاق واسع أنها "موطن الشاي" والمكان الذي تمّت فيه زراعة هذه النبتة للمرة الأولى، وتُشتق الكلمتان من الرمز الصيني: .茶 وهو يُنطق في لغة الماندرين واللغة الكانتونية على أنه "cha". واستوردت البلدان حول العالم التي تستخدم كلمة "cha" الشاي في الأصل، عبر طريق الحرير، من المناطق الشمالية للصين حيث تُنطق الكلمة على أنها ""cha.

إلا أنه يجري نطق الكلمة في اللهجة المحكية في مقاطعة فوجيان الجنوبية الساحلية على أنها "te". ويُعدّ هذا الميناء المكان الذي كان التجار الهولنديون خلال القرن السابع عشر يمارسون فيه تجارة الشاي لإحضاره إلى أوروبا، وجلبوا معهم لفظ "tea". هناك بالطبع استثناءات. ولكن في أغلب الحالات، أينما كنت في العالم، هنالك احتمال كبير أن تجد سبيلك إلى طلب فنجان من الشاي باستخدام هاتين الكلمتين فقط!

ويُعدّ أصل لفظة الشاي أحد عناصر تراثه المذهل فحسب. فقد شكّلت زراعته وإنتاجه جزءًا من ثقافات مختلفة في جميع أنحاء العالم على مدى قرون من الزمن. وللاحتفال بذلك، تم تصنيف أربع مناطق رائعة لإنتاج الشاي على أنها من ضمن مواقع نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية كونها تجمع بين المناظر الطبيعية الفريدة والتراث الزراعي وأساليب الزراعة التقليدية التي تم توارثها من جيل إلى آخر.

النظام الزراعي الإيكولوجي التقليدي لشاي "بواير" (Pu’er) في مقاطعة يونان، الصين

تُعتبر مقاطعة يونان منشأ الشاي في العالم. ويُعدّ النظام الزراعي الإيكولوجي لشاي بواير في يونان أكبر مساحة تغطيها مزارع الشاي الحرجية في العالم، حيث تُزرع العديد من أشجار الشاي في محاكاة للنظام الإيكولوجي للغابات، والتي أنشأها الأسلاف منذ آلاف السنين وقاموا بزراعتها بالطرق التقليدية. وهذا النظام غني بتنوعه البيولوجي والثقافي، وهو يتألف من أشجار الشاي البرية القديمة ومزارع الشاي القديمة ومزارع الشاي القديمة المزروعة.

وتزرع المجتمعات المحلية الشاي في تناغم مع المنتجات الأخرى اللازمة لسبل العيش والغذاء. وعادة ما تتكوّن غابات الشاي المزروعة من ثلاث طبقات: طبقة الأشجار، وطبقة نباتات الشاي والشجيرات، وطبقة الأعشاب. وتتكون طبقة الأشجار من أشجار طويلة طبيعية توفر الظل والحماية من العوامل الجوية، فيما توفر طبقة نباتات الشاي والشجيرات مصدر دخل للمزارعين. وتحتوي طبقة الأعشاب على أعشاب طبيعية، بالإضافة إلى محاصيل الحبوب والخضروات المزروعة.

وتجري مكافحة الآفات بالطرق الطبيعية التي تساعد في تحسين نكهة الشاي. وتزرع المجتمعات المحلية بعض الأشجار والأزهار وأشجار الفاكهة والخضروات في المزارع.

نظام زراعة الياسمين والشاي في مدينة فوهزو، الصين

تنمو في العادة نباتات الياسمين وأشجار الشاي في بيئات مختلفة، غير أنه نتيجة تنوّع المناخ المحلي والمنحدرات الجبلية في منطقة فوهزو، فإن المشهد الطبيعي يسمح بنمو كليهما على السواء. ويعني هذا النظام الإيكولوجي الفريد أن الشاي معطّر بشكل طبيعي بالياسمين، وهي طريقة جرى تطويرها في هذه المنطقة منذ أكثر من 000 1 عام ولا تزال متبعة حتى يومنا هذا.

ويُعدّ نظام شاي الياسمين مصدرًا رئيسيًا لسبل عيش المجتمع المحلي، كما يدعم النظام الإيكولوجي الذي ينمو فيه هذا الشاي زراعة محاصيل متنوعة. ويجري إنتاج الفطر، وشاي الياسمين، والحليب واللحوم في المنطقة، وذلك بفضل الياسمين وأشجار الشاي التي تعزز الحفاظ على المياه والتربة بطرق عديدة. وتوفر أشجار الياسمين أيضًا الحماية من العوامل الجوية. وهي، من خلال زراعتها في سهول النهر والمياه الضحلة، تمنع الأمطار من تعرية ضفاف النهر مباشرة، وتحدّ من تآكل التربة والمياه.

نظام الشاي-العشب التقليدي المتكامل في شيزوكا، اليابان

تُعتبر محافظة شيزوكا أكبر منطقة لإنتاج الشاي في اليابان، حيث تصل قيمة إنتاجها السنوي من الشاي إلى حوالي
293 647 475 دولارًا أمريكيًا (31.9 مليارات ين). ويعتمد حوالي 78 في المائة من مزارعي المنطقة على الشاي لكسب دخلهم. وتشتهر المنطقة بالشاي الذي يتم تحضيره ​​على البخار والذي يتميز بنكهته المميزة ولونه الأخضر الداكن.

ويستخدم مزارعو الشاي أيضًا حقولًا مشتركة تسمى Chagusaba لزراعة وحصاد العشب الطبيعي الذي يتم قطعه ونشره في حقول الشاي لتحسين إدارة التربة وجودة الشاي. وتعتبر بعض حقول Chagusaba من المشاعات التي يمكن للمجتمعات المحلية الحصول منها على موارد العشب كلما احتاجت إليها، في حين تتم إدارة بعض حقول Chagusuba بطريقة منظّمة أكثر. وتساهم إدارة الأراضي العشبية شبه الطبيعية في الاستفادة من التنوع البيولوجي. وقد حافظ تقليد تكميلي يسمىYui ، وهو عبارة عن مجموعة من القواعد الاجتماعية التي توجه المجتمع الزراعي المحلي، على حقول Chagusaba  من خلال التعاون بين المجتمعات المحلية. ويتم توزيع حقولChagusaba  والشاي على شكل فسيفساء مما يخلق منظرًا طبيعيًا خلابًا.

وشملت زراعة الشاي المنحدرات الجبلية حيث كان إنتاج الحبوب والخضروات صعبًا، فيما تمّت زراعة حقول Chagusaba في المناطق الشديدة الانحدار التي كان من الصعب حتى زراعة الشاي فيها.

يتكيّف الشاي المزروع في منطقة هواغاي-ميون في جمهورية كوريا بشكل طبيعي مع المنحدرات الجبلية والظروف الصعبة. Hadong county office©

النظام الزراعي التقليدي لشاي هادونغ في هواغاي-ميون، كوريا

إن النظام الزراعي التقليدي لشاي هادونغ هو نظام زراعي أنشأته المجتمعات المحلية بفضل 200 1 عام من التكيف مع البيئة القاحلة في جبل جيري. وتغطي أراض جبلية شديدة الانحدار أكثر من 90 في المائة من منطقة هواغاي-ميون مع حدوث فيضانات متكررة خلال موسم الرياح الموسمية، الأمر الذي يجعل الأنشطة الزراعية المستقرة هنا صعبًة للغاية. ويعتمد سكان هواغاي في كسب عيشهم على زراعة الشاي بدلًا من حقول الأرزّ.

وعلى مدى الـ 200 1 سنة الماضية، تكيّفت نباتات شاي هادونغ مع البيئة القاسية، حيث تتكاثر عن طريق الحشرات والرياح، مما أضفى على كل حقل من حقول الشاي تنوعًا وراثيًا. وتنمو حقول الشاي حول نهر هواغاي في سفح الجبل في وئام مع البيئة الطبيعية المحيطة، مما يحافظ على تنوع بيولوجي ممتاز. وهناك العديد من أصناف شاي هادونغ التقليدي، مما يشجع التنوع البيولوجي في المنطقة. وتوفر الغابات والأنهار موطنًا لأنواع مختلفة من الحيوانات والنباتات الأصلية في منطقة جبل جيري.

لقد تنقّل الشاي في جميع أنحاء العالم على مرّ العصور، من نشأته في الصين منذ آلاف السنين إلى مكانته اليوم كمنتج أساسي في منازل الكثيرين حول العالم. ويُعدّ إنتاج الشاي وتجهيزه المصدر الرئيسي لسبل عيش ملايين الأسر في البلدان النامية، حيث يوفر الدخل لملايين الأسر الفقيرة التي تعيش في عدد من أقل البلدان نموًا. ويعتبر إنتاج الشاي أمرًا حيويًا لمكافحة الجوع، والحد من الفقر المدقع، وتمكين المرأة، والاستخدام المستدام للأراضي. ولهذا السبب حددت الأمم المتحدة يوم 21 مايو/أيار يومًا دوليًا للشاي للاحتفال بإنتاج الشاي وتوعية العموم بأهمية الشاي للتنمية الريفية، وسبل العيش المستدامة ومساهمته في الأمن الغذائي وأهداف التنمية المستدامة.

روابط تتعلق بالموضوع

للاطلاع على المزيد

 

هذه القصة نسخة محدّثة عن تلك التي صدرت في 20 مايو/أيار 2021.