سبيل لكسب العيش إلى الأبد

06/02/2023

تعيش السيدة Ligia Elena Moreno Veliz في السهول الوسطى في فنزويلا، وهي تستيقظ عند تمام الساعة 5:30 صباحًا لملاقاة نحلها. وهي تفضّل الذهاب هناك عندما يكون الظلام مخيمًا حيث يكون النحل أقل نشاطًا؛ لذا، فهي تخرج إما في الصباح الباكر أو في المساء بعد حلول الظلام.

وبعد 40 دقيقة سيرًا على الأقدام إلى مركز تربية النحل، ترتدي هي وزملاؤها ملابسهم الواقية من أعلى رؤوسهم حتى أخمص قدميهم، ويجهزون نافثات الدخان التي تستخدم من أجل تهدئة النحل ودخول المنحلة. ومن ثم يقومون بتنظيف الخلايا ويتحققون من صحة النحل وعزل المريض منه ويشرعون بخطوات استخراج العسل.

وبعد أن كانت السيدة LigiaElena تخاف من هذه الحشرات الطائرة اللاسعة، باتت الآن تعزّ هذه المخلوقات التي زودتها على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية بأحد سبل كسب العيش.

وقد عاشت السيدة Ligia Elena، البالغة من العمر 39 عامًا، كامل حياتها تقريبًا في قرية لافيه (La Fé). وهي الآن متزوجة ولديها ابنتان. وأصبحت مع مرور السنين شخصية بارزة وقيادية في مجتمعها المحلي بفضل ما تتمتع به من موهبة في تربية النحل. ويحدوها الأمل في أن تنقل هذه المهارات إلى ابنتيها، بتعليمهما منذ نعومة أظافرهما احترام النحل وعدم الخوف منه.

وتتذكر السيدة Ligia Elena كيف تمكّنت هي ذاتها من إحداث هذا التغيير النفسي. فقد بدأ الأمر في برنامج نفذته منظمة الأغذية والزراعة في قريتها.

وتصف قائلة "عندما أتت منظمة الأغذية والزراعة إلى المجتمع المحلي الذي أعيش فيه، كنت قد انتهيت للتو من دراستي الثانوية".

وكانت تدفع رسوم مدرستها من خلال العمل كمربية أطفال ومصففة شعر حين بدأت منظمة الأغذية والزراعة البرنامج الخاص من أجل الأمن الغذائي في مجتمعها المحلي. وكان الهدف من وضع ذاك البرنامج هو الحد من الجوع وسوء التغذية في البلد من خلال زيادة إنتاجية المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. وقد تحقق ذلك عن طريق إدخال تغييرات تكنولوجية بسيطة نسبيًا واقتصادية ومستدامة على أسلوب زراعتهم.

ووقع الاختيار على السيدة Ligia Elena في عام 2004 من أجل المشاركة في البرنامج إلى جانب 600 أسرة من مجتمعات محلية أخرى.

وهي تذكر حلقات العمل والدورات التدريبية التحفيزية التي وفرتها منظمة الأغذية والزراعة. "لقد تعلمنا ممارسات حرفية من أجل الحصول على بذور الفول والذرة والخضار وتربية الدجاج. بل تعلمنا أيضًا كيفية إعداد التربة وتلقينا أدوات زراعية".

ولكنّ ما سحرها بحق هو أنشطة تربية النحل. وتقول السيدة Ligia Elena بشغف "نظرًا إلى الاهتمام الكبير الذي برهنت عليه، جرى اختياري للذهاب إلى باركيسيميتو (Barquisimeto) (فنزويلا) من أجل التخصص في تربية النحل. ومكنتني المنحة الدراسية التي منحتني إياها منظمة الأغذية والزراعة من الالتحاق بجامعة Centro Occidental Lisandro Alvarado".

وهناك، تخصصت في تربية ملكة النحل، وبدأت عند عودتها في نقل معرفتها إلى أفراد آخرين في مجتمعها المحلي.

وقد تغير منظور السيدة Ligia Elena بالكامل "لقد تعلّمت حب النحل. فقد كنت أخاف منه في السابق، أما الآن فأنا أعرف طباعه. وأعرف متى يكون مريضًا، وهو يعرف طبعي. فالنحل يتوتر وينزعج إذا استشعر الخوف لديكم. أما إذا كنتم هادئين، فسيكون هادئًا هو أيضًا".

وتختم السيدة Ligia Elena قائلة "إنّ النحل حشرات في غاية الذكاء، وهي مخلوقات جميلة".

وبفضل هذا التدريب الذي وفرته منظمة الأغذية والزراعة، تسنى إنشاء خمسة عشر مركزًا من مراكز تربية النحل، تلقت الدفعات الأولى من النحل والملابس وأغطية الرأس والقفازات.

وتقول السيدة Ligia Elena "في الوقت الذي كنا نقوم فيه بجميع خطوات جمع العسل، واظبت على العمل كمربية أطفال ومصففة شعر. وحين حصلنا على أول حصاد بدأنا ببيع العسل. وهكذا بدأت أجني دخلًا من بيع العسل".

وبالرغم من صعوبة تصور ذلك، تقول مربية النحل الفنزويلية "بين عامي 2005 و2006، كان لا يزال مجتمعي المحلي يرى أنّ تربية النحل هي مهنة للرجال، وليست للنساء. ولكن منظمة الأغذية والزراعة آمنت بي ودعمتني".

لقد كان ذلك قبل 17 عامًا. وتضيف قائلة "أما اليوم فعددنا في قرية لافيه وحدها بات 30 مربيًا للنحل". منهم أربع نساء فقط، بيد أنّ ممارسة النساء لهذه المهمة لم تعد من المحرمات في مجتمعنا المحلي.

المثابرة قبل كل شيء

وصلت رحلتها في تربية النحل إلى مفترق طرق في عام 2009 حين كان عليها مغادرة مجتمعها المحلي بصورة مؤقتة. وتركت نحلها في عهدة أحد زملائها، لكن عندما عادت بعد عام ونصف علمت أنّ حريقًا شبّ في خلايا نحلها أثناء موجة حر. "كنت قد عدت إلى نقطة الصفر ... لكن لم أسمح للكآبة أن تتملكني، وسرعان ما بدأت العمل على استعادة نحلي".

وأعدّت في وقت قصير للغاية مقترح مشروع وقدمته إلى الحكومة الإقليمية، طالبة الدعم المالي من أجل معاودة إطلاق مشروعها. وحين تلقت المال، أنشأ مربو النحل في مجتمعها المحلي "غرفة لاستخراج العسل" وأسسوا شركة تابعة للمجتمع المحلي، حملت اسم مركز لامييل لتربية النحل (La Miel Beekeeping Center).

وقد تمكنت تلك الشركة في أول سنتين من إنتاج 600 كغ في كل عام. "وبعد ذلك، تراجع الإنتاج إلى 200 كغ ثم 150 كغ في السنة بسبب تغير المناخ الذي أدى إلى انخفاض أعداد النحل في المنطقة".

وتوضح أن تغير المناخ يغير سلوك النحل. إذ يؤدي عدم استقرار المناخ والتباين في إزهار الأشجار والتلوث إلى ظهور أنماط سلوكية جديدة لدى النحل، من أجل التكيف مع التغيرات في فترات الإزهار. وقامت السيدة Ligia Elena وزملاؤها بغرس أشجار جديدة بغية جذب النحل من جديد.

وتوظف شركة "لامييل" حاليًا العديد من الأسر من البلدة الصغيرة التي تنحدر منها السيدة Ligia Elena. وهي تقول "نحن في قرية لافيه، اكتشفنا تربية النحل كسبيل من سبل كسب العيش. فهي العمل الذي يمكّننا من إعالة أسرنا".

وتختتم السيدة Ligia Elena قائلة "إن تربية النحل هي أسلوب حياتي. وهي سبيل كسب عيش أسرتي ونشاط أتمنى أن تواصله ابنتي في المستقبل".

وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة تعمل بكل فخر في جمهورية فنزويلا البوليفارية منذ عام 1992. وقد وفرت المنظمة على مدى هذه العقود الثلاثة الدعم الفني من أجل تعزيز القدرات الوطنية. كما أنها زودت المجتمعات المحلية بالمعارف والمهارات التي تلازم الأشخاص طوال حياتهم، كما هو الحال بالنسبة إلى السيدة Ligia Elena، مربية نحل إلى الأبد وبطلة محلية من أبطال الأغذية.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية لمنظمة الأغذية والزراعة: فنزويلا

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في فنزويلا (باللغة الإسبانية)

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والملقحات