Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

يجتمع الماضي والحاضر والمستقبل في نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية


كيف ساعدت نظم التعايش المبهر بين الإنسان والحيوان على صون التنوع البيولوجي وتوفير الأمن الغذائي

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

نظام الزراعة الحراجية الرعوية في جبال ليون في إسبانيا هو موطن العديد من السلالات الأصلية من الثروة الحيوانية. © الصورة مقدمة من نظام الزراعة الحراجية الرعوية في جبال ليون التابع لنظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية.

22/05/2023

إذا ما صممتم على رسم استراتيجية مستقبلية من أجل صون بعض من أكثر نظمنا الزراعية والغذائية الحيوية والهشة أيضًا، فهناك احتمال كبير بأنّ استراتيجيتكم ستشبه إلى حد كبير برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية، الذي أعدته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة). فهذه المناطق الفريدة تحافظ على تقاليد هامة مارسها الإنسان من أجل الاستدامة والعيش بتناغم مع الحيوانات والطبيعة.

وتتسم النظم الإيكولوجية الصحية والمفعمة بالحياة، بما فيها النباتات والحيوانات التي نعيش معها، بأنها لا غنى عنها في حياتنا واحتياجاتنا اليومية مثل المياه والغذاء والدواء والمأوى والطاقة. وإنّ المناطق التي حددتها المنظمة على أنها من نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية هي أماكن دام فيها ذلك التعايش وازدهر على مر القرون، بل والألفيات أيضًا.

ودعونا نلقي نظرة على بعض نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية التي جرى تحديدها مؤخرًا حيث يتعايش فيها الإنسان والحيوان ويزدهرون معًا:

نظام الزراعة الحراجية الرعوية في جبال ليون في إسبانيا

تشكل الثروة الحيوانية عنصرًا أساسيًا في سبل عيش المجتمعات المحلية في هذا الإقليم الغني بالتنوع البيولوجي من جهة، والفقير بالفرص المتاحة من أجل إنتاج الغذاء من جهة أخرى. وما يميز هذه الأبقار والماعز والخراف والخيول عن غيرها هو سلالاتها الأصلية الفريدة من نوعها. حيث تقيم القرى الممتدة على طول السلسلة الجبلية أسواقًا تقليدية تتيح حيزًا من أجل التبادل ليس فقط بالنسبة إلى الحيوانات، بل في ما يخص المعارف التقليدية أيضًا.

وتجري هنا ممارسة التربية المستدامة للماشية التي تسهم في تفاعل يراعي البيئة ويدرّ من هذا الإقليم مجموعة من المنتجات العالية الجودة. كما أنّ تقليد الانتجاع، أو ما يعني التنقل الموسمي للماشية على مساحة واسعة، يؤدي دورًا هامًا في نثر البذور وتخصيب الحقول، ما يدعم الإرث الوراثي والتنوع البيولوجي.

ويسهم التنوع البيولوجي الذي تزخر به المناظر الطبيعية في تعزيز القدرة على الصمود والاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، حيث يتسم بهيكلية فسيفسائية تمارس فيها كل أسرة الحراجة وتربية الماشية والأنشطة الزراعية في آن واحد.

الصورة إلى اليسار: يكتسي الجاموس أهمية حاسمة في التقاليد الريفية التايلندية. ©Supasek Opitakon. الصورة إلى اليمين: لدى البدو في واحة فجيج في المغرب منتجات حيوانية مخزنة من فائض سنوات الوفرة. ©Saidi Seddik

نظام الزراعة الرعوية الإيكولوجية المعتمد على الجاموس في الأراضي الرطبة في تالي نوي في تايلند

حظي الجاموس بحرف سُمي تيمنًا به في النقوش التايلندية ومدحته كتابات واحتفالات لا تعدّ ولا تحصى، ومن هنا تأتي أهميته في التقاليد الريفية في البلاد. وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون هذا الحيوان صاحب دور محوري في أولى نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية المحددة في تايلند.

ويتسم رعي الجاموس بمكانته المركزية في سبل عيش المجتمعات المحلية التي تعيش وتعمل في الأراضي الرطبة الممتدة على مساحة شاسعة في جنوب تايلند. وقد ساهم على مرّ العصور في رسم معالم النظم الإيكولوجية وصون التنوع البيولوجي. ويؤدي دوس الجاموس باستمرار إلى تغيير مستمر في تضاريس المشهد الطبيعي المحلي، فينشئ ممرات مائية وقنوات ودروبًا ومنخفضات في جميع أنحاء الأراضي الرطبة، ما يوفر موائل تحمي الطيور المعششة ومناطق لتغذية الحيوانات. كما تُعتبر الممرات المائية التي يخلّفها الجاموس حاجزًا طبيعيًا فعالًا أمام الحرائق خلال الموسم الجاف، ما يحد من كمية الكربون المنبعثة عن حرائق مستنقعات الخث.

ويوفر الجاموس أيضًا اللحوم ومنتجات الألبان للإنسان، في حين يُستخدم روثه كسماد للتربة بل وكعلف للأسماك أيضًا، التي توفر بدورها الغذاء للطيور.

واحة قصور فجيج في المغرب

يمارس سكان هذه الواحة الواقعة شرق المغرب نوعين من تربية الماشية، فهم إما يقومون بتربية حيواناتهم داخل منازلهم وحول حزوز النخيل، أو يتعاقدون مع مجموعات البدو المجاورة من أجل تربيتها ورعايتها مع حيواناتهم.

وقد استفاد المزارعون من التنوع البيولوجي الطبيعي فيها وتمكنوا من إنتاج أصناف من البذور أو سلالات الحيوانات المتكيفة مع مختلف الظروف المحلية، استنادًا إلى انتقاء اختباري للنباتات والحيوانات على مر آلاف السنين. ويتبع الرعاة نمط حياة كثير التنقل معتمدين على سلالات أصلية من الخراف، مثل سلالة الدمان التي تتسم بصغر حجمها وملاءمتها للبيئة المحيطة، فيرتحلون حيثما وجد الغذاء من أجل رعي حيوانات الصحراء.

وتمثل منتجات الحيوانات، بما فيها اللحوم والصوف والجلود والقرون، الركيزة الأساسية التي تستند إليها سبل عيش البدو القاطنين في واحة فجيج. ونظرًا إلى الظروف المناخية الصعبة في الصحراء، يقوم المزارعون بتخزين تلك المنتجات من فائض سنوات الوفرة.

تزرع المجتمعات المحلية في نظام شاكرا في منطقة الأمازون مجموعة واسعة ومنوعة من الأغذية المتنوعة بيولوجيًا التي يعتمد السكان عليها في فترات مختلفة من السنة. ©Pareto Paysages

نظام شاكرا في منطقة الأمازون في إكوادور

يعتبر نظام الحراجة الزراعية التقليدي في منطقة الأمازون، المعروف أيضًا باسم نظام شاكرا، أنه النظام الأكثر ملاءمة لصون التنوع البيولوجي. إذ يُعرف هذا النظام بالتكافل القائم بين بيئته والمجتمعات البشرية التي تعيش فيها، والتي تحتضن كل ما فيها من حيوانات من زواحف وبرمائيات وطيور وحيوانات ولافقاريات.

وتعدّ تربية الماشية والصيد جزءًا لا يتجزأ من حياة أفراد مجتمعي كيشوا (Kichwa) وكيجوس (Kijus)، الذين يتخذون من هذا النظام موطنًا لهم. وتتمحور معتقدات هؤلاء السكان حول العلاقة الوثيقة بين عوالم البشر والأرواح والحيوانات والهواء والمياه والتربة، حيث يتعايش البشر والكائنات الأخرى على مقربة من بعضهم البعض.

ويقوم هذان المجتمعان بجمع كل ما يجدانه من أغذية في فترات مختلفة من السنة، سواء أكانت أسماكًا من النهر أم محاصيل من منطقة شاكرا أم فواكه ولحوم من الصيد، مع الحفاظ على التوازن بين مصادر الغذاء والتخفيف من الضغط عن أي نظام إيكولوجي.

ويمكننا أن نرى مما سبق أنّ التفاعل بين الإنسان والحيوانات في جميع هذه المجتمعات المحلية هو عنصر أساسي من أجل الحفاظ على الأغذية وأمن سبل العيش. كما لا غنى عنه من أجل دعم القدرة على الصمود لدى النظم الإيكولوجية الغنية بالتنوع البيولوجي. ويدعم برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية الجهود المبذولة في العالم بهدف صون التنوع البيولوجي على كوكبنا وما يحوي من نظم زراعية وغذائية مميّزة تعزز الاستدامة.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية

الموقع الإلكتروني: اليوم الدولي للتنوع البيولوجي – 22 مايو/أيار