Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

التحوّل الزراعي يبدأ من الحدائق المنزلية


تتيح الزراعة الأسرية الاكتفاء الذاتي والعودة إلى الطبيعة في إندونيسيا

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

إن الزراعة الأسرية متجذّرة في الحياة الريفية الإندونيسية، بيد أن نضال السيّدة Nissa للحفاظ على هذه التقاليد يوضح التهديدات التي يواجهها المزارعون الأسريون باستمرار. ©FAO/Taufany Eriz

21/10/2021

تتضمن الذكريات المبكّرة للسيّدة Nissa Wargadipuras تعلّم كيفية التعايش مع الطبيعة. فقد كانت الحديقة المنزلية في منزل طفولتها ببلدة غاروت الجبلية الواقعة في جاوة الغربية عبارة عن غابة صغيرة يزرع فيها والدها الخضروات والأعشاب والفاكهة. وكانت والدتها تصنّع أدوية تقليدية مستخرجة من النباتات لفائدة أسرتهم وجيرانهم.

وتقول السيّدة Nissa "كلما كنت أعود من المدرسة، دائمًا ما كانت تطلب مني والدتي أن أقوم ببعض عمليات "القطف"". ويُعتبر تقليد "قطف ثمار الحديقة المنزلية" جزءًا من الحياة الإثنية السوندانية في جاوة الغربية بإندونيسيا. وتضيف قائلة "كنت "أقطف" الجوافة وجوز الهند والكركم والفلفل الأحمر، وكل أنواع الفاكهة والخضروات. كنت أجد كل ما أحتاجه في حديقة والديّ".

ولا يعدّ السوندانيون في قرية السيّدة Nissa منازلهم على أنها مكان للراحة والمأوى فقط، بل وسيلة لتوفير الغذاء وكسب العيش أيضًا.

وتنم الذكريات الشاعرية للسيّدة Nissa المتعلقة بفترة طفولتها في بلدة غاروت عن الجذور العميقة للزراعة الأسرية في الحياة الريفية الإندونيسية. ولكنّ نضالها للحفاظ على تلك التقاليد في وجه المحن السياسية والفقر يوضح التهديدات التي واجهها المزارعون الأسريون في جميع أنحاء إندونيسيا.

البحث عن الحلول

في عام 1989، كانت السيّدة Nissa طالبة في المدرسة الثانوية عندما أدركت لأول مرة أن مصدر رزق أسرتها – ومصدر رزق المزارعين الآخرين في بلدة غاروت – معرّض للخطر. فانضمّت إلى حركة طلابية لحماية حقوق المزارعين المحليين ومقاومة سياسة الحكومة في حيازة الأراضي.

وفي نهاية المطاف، حقق النضال مبتغاه. وتقول السيّدة Nissa "وأخيرًا، في عام 1997، استعاد حوالي 700 مزارع أراضيهم".

وفي العام التالي، أنشأت السيّدة Nissa وأصدقاؤها "اتحاد المزارعين في باسوندان". وأصبحت هذه المنظمة إحدى أكثر منظمات المزارعين تأثيرًا في جاوة الغربية، وهي تضم اليوم أكثر من 000 100 عضو.

ومع أن استعادة الأراضي كانت الخطوة الأولى، لكنها لم تقِ المزارعين من ويلات الفقر.

فقد اختبرت السيّدة Nissa اليأس بشكل شخصي عندما عاشت مع مجتمع زراعي عند سفح جبل باباندايان في جاوة الغربية، حيث كان المزارعون يزرعون الخضروات بناءً على طلب وسطاء كانوا يسيطرون على السوق المركزي للمدينة. وزوّد هؤلاء الوسطاء المزارعين بالبذور والأسمدة الكيميائية الزراعية والفيتامينات. كما شجعوا المزارعين على الانتقال إلى الزراعة الأحادية للوصول إلى أهدافهم الإنتاجية. وأدّى ارتفاع تكاليف المدخلات إلى زيادة اعتماد المزارعين على الوسطاء، وعندما انخفضت أسعار الخضروات، لم يكن لدى المزارعين سوى مصادر رزق قليلة.

أرادت السيّدة Nissa أن يتمتع المزارعون بالاكتفاء الذاتي وأن يعودوا إلى حكمتهم التقليدية. ولذلك، افتتحت مدرسة داخلية للشباب من أجل تعلّم تقنيات الزراعة المستدامة. ©FAO/Taufany Eriz

ليست مجرد مدرسة عادية

قرّرت السيّدة Nissa إيجاد طريقة لتمكين المزارعين والحد من اعتمادهم على الوسطاء وإعادة إحياء تجربة العيش بالقرب من الطبيعة.

ولكنّ السيّدة Nissa رأت أن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها للمزارعين وأطفالهم استعادة الثقة في حكمتهم التقليدية هي من خلال التعليم. وفي عام 2008، أنشأت السيّدة Nissa وزوجها مدرسة حقلية للمزارعين تسمّى At-Thariq(أي "الطريق" بالعربية) من أجل تعليم الزراعة الإيكولوجية والأمن الغذائي والدين للشباب. ويلتحق الطلاب بالمدارس التقليدية أيضًا من أجل الحصول على التعليم الرسمي.

ويبيت الطلاب في المدرسة ويتناولون فيها وجبات طعامهم. ويتلقون كذلك دروسًا في الزراعة المستدامة ويتعلّمون بشكل أساسي من خلال العمل بأيديهم.

وعلى أرض تبلغ مساحتها هكتارًا واحدًا فقط، صمّمت السيّدة Nissa نظامًا للزراعة يعتمد على الزراعة البينية، حيث تتم زراعة محاصيل مختلفة في نفس الحقل في الوقت نفسه. وتنقسم المساحة المخصصة للزراعة إلى عدة مناطق: منطقة للفاكهة الاستوائية وبركة للأسماك في منطقة أخرى ومنطقة للأغذية الأساسية يزرعون فيها الكسافا والقلقاس. وتُزرع في المدرسة أيضًا مجموعة متنوعة من الخضروات، مثل الطماطم والسبانخ والأعشاب.

وتبدأ الأنشطة عند الساعة 4 صباحًا مع صلاة الفجر. وبعد ذلك، يستعد طلاب المدرسة الثانوية لصفوفهم الدراسية، بينما يقوم الطلاب الأكبر سنًا بإعداد الطعام لوجبات الإفطار والغداء ويحصدون الخضروات والفاكهة والأسماك التي ستكون ضرورية لوجبة العشاء. وفي فترة ما بعد الظهر، يقوم طلاب المرحلة الابتدائية برعاية المزرعة. أما في المساء، فيتعلمون المزيد عن الزراعة، ويقضون يومهم في المزرعة خلال عطلة نهاية الأسبوع. ولا تقبل المدرسة سوى 30 تلميذًا لأن المزرعة يمكنها إطعام 30 شخصًا فقط.

وتشرح السيّدة Nissa قائلة "يجب على الطلاب أن يأكلوا من المزارع التي يديرونها. وهذا أحد دروسنا الرئيسية".

تدعم المنظمة، من خلال مبادرة الزراعة الأسرية التي أطلقتها نماذج حيّة، مثل تجربة السيّدة Nissa، للقيم وأنماط الحياة التي تساعد العالم بشكل ملموس على تحقيق مستقبل أكثر استدامة. ©FAO/Taufany Eriz

بالقرب من الديار

قضت السيّدة Nunung Nurhasana خمس سنوات في مدرسة At-Thariq خلال المرحلة الثانوية والجامعة. وبعد التخرج من كلية التربية في غاروت، عادت إلى قريتها مسلحة بتعليمها وخبرتها من مدرسة At-Thariq، وطبّقت الأفكار التي تعلّمتها.

وتنتج قرية السيّدة Nunung مجموعة متنوعة من الفاكهة، مثل الموز والبابايا وجوز الهند. وتقوم هي والمزارعات في قريتها بتحويل بقايا الفاكهة إلى وجبات خفيفة ومشروبات، ثم تقوم بالترويج لها وبيعها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتقول السيّدة Nunung إنّها تنفق القليل جدًا على وجبات الطعام وتشرح السبب قائلة "لدي كل ما أحتاجه في الحديقة المنزلية لأسرتي."

وقد خرّجت مدرسة At-Thariq أكثر من 000 1 طالب. ويبقى معظم هؤلاء الخريجين في قراهم ويطبّقون الدروس التي تعلّموها، مثل السيّدة Nunung.

الزراعة الأسرية

يقول السيّد Pierre Ferrand، وهو جهة الاتصال في المنظمة المعني بالزراعة الأسرية في إقليم آسيا والمحيط الهادئ "تقدّم رحلة السيّدة Nissa بعض الحلول للتحديات العديدة التي نواجهها في إطار ما نبذله من جهود من أجل إنشاء نظم غذائية أكثر استدامة وقدرة على الصمود. ويجب أن يكون المزارعون الأسريون في صميم عملية التحول الزراعي."

وتحافظ الزراعة الأسرية على المنتجات الغذائية التقليدية، وتساهم في تحقيق نمط غذائي متوازن، وتستخدم الموارد الطبيعية على نحو مستدام وتحمي التنوع البيولوجي في العالم. ومن خلال مبادرة الزراعة الأسرية التي تشكل جزءًا من عقد الزراعة الأسرية، تدعم المنظمة نماذج حيّة، مثل السيّدة Nissa، للقيم وأنماط الحياة التي تساعد العالم بشكل ملموس على تحقيق مستقبل أكثر استدامة.

وقد بدأت بذور التحول الزراعي التي زرعتها السيّدة Nissa قبل 12 عامًا تؤتي ثمارها. وقد بدأ كل ذلك من حديقتها المنزلية.

روابط تتعلق بالموضوع

للاطلاع على المزيد

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية للمنظمة: إندونيسيا

الموقع الإلكتروني: منبر معارف الزراعة الأسرية

الموقع الإلكتروني: عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية