Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

صيد الأسماك من أجل المستقبل في البحر الأبيض المتوسط


بلدان البحر الأبيض المتوسط تتعاون لحماية الموارد البحرية

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

في السنوات الأخيرة، بدأ الخوف يساور صيادي الأسماك في البحر الأدرياتيكي حول مستقبل سبل عيشهم، حيث تضررت الأرصدة المحلية من الأسماك والقشريات جراء الصيد الجائر وتغير المناخ. ©FAO/Alessandro Penso

01/03/2022

يصطادRomeo Mikičić  في المياه الزرقاء للبحر الأدرياتيكي منذ ما يزيد عن 40 عامًا. ولدى هذا الأب لطفلين شغف بالبحر، كما أنه ينحدر من أجيال من الصيادين الذين عاشوا في جزيرة كريس، وهي واحدة من بين أكثر من ألف جزيرة تعتمد على الصيد في جمهورية كرواتيا.

غير أن Romeo وصيادون آخرون في البحر الأبيض المتوسط بدأوا في السنوات الأخيرة يخشون على مستقبلهم. إذ تضررت الأرصدة المحلية من الأسماك والقشريات التي تشكّل مصدر رزقهم بشدة جراء الصيد الجائر وتغير المناخ.

"يُعدّ الصيد في كرواتيا هامًا للغاية. وكان بإمكانك الصيد جيدًا في التسعينيات من القرن الماضي وفي مطلع هذا القرن، غير أن الأسماك أصبحت بعد ذلك أكثر ندرة بشكل متزايد" على حد قول Romeo الذي يرأس اتحادًا كرواتيًا وطنيًا يمثل 200 سفينة جرّ. "كان علينا استيراد الأسماك لزيادة الإمدادات في المنطقة، لا سيما في أشهر الصيف خلال موسم السياحة".

وعلى مدى عقود من الزمن، دعت منظمة الأغذية والزراعة إلى اتباع نهج جديد لإدارة استخدام الموارد البحرية الثمينة في البحر الأبيض المتوسط والحفاظ على الأرصدة السمكية والموارد الأخرى التي تعتبر بمثابة شريان الحياة بالنسبة إلى مئات الآلاف من الأشخاص.

وتعمل المنظمة على قيادة الجهود ومساعدة البلدان على الترويج لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود على حد سواء من خلال الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط وشبكة من المشاريع الميدانية مثل مشروع التعاون العلمي لدعم الصيد الرشيد في البحر الأدرياتيكي ومشروع تقييم الموارد السمكية والنظم الإيكولوجية ورصدها في مضيق صقلّية. ويعتبر ذلك رهانًا كبيرًا. إذ تتأثر نسبة 75 في المائة من أرصدة الأسماك بالصيد الجائر وفقًا لتقرير عام 2020 عن حالة مصايد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود الصادر عن الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط.

وتقول Elisabetta Betulla Morello، المسؤولة عن الموارد السمكية في الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط في المنظمة: "نريد ضمان تكاثر الأسماك قبل صيدها لأن ذلك ضروري لاستدامة مصايد الأسماك على المدى الطويل".

وتُعتبر إدارة مصايد الأسماك أمرًا معقدًا، حيث تتحرك العديد من الأنواع المائية عبر الحدود الدولية، لا سيما استجابة لتغير المناخ. وقد أصبح مشروعان رائدان تابعان للمنظمة بمثابة نموذج للتعاون من أجل الاستخدام المستدام للموارد والحفاظ عليها، وهما: مشروع التعاون العلمي لدعم الصيد الرشيد في البحر الأدرياتيكي ومشروع تقدير الموارد السمكية والنظم الإيكولوجية ورصدها في مضيق صقلّية في وسط البحر الأبيض المتوسط.

من خلال التعاون بين إيطاليا وكرواتيا الذي روجت له المنظمة من خلال مشروع التعاون العلمي لدعم الصيد الرشيد في البحر الأدرياتيكي، أنشأت الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط منطقة مصايد أسماك مقيّدة بالقرب من جزيرة جابوكا في كرواتيا. إلى اليسار/الأعلى: ©CNR/Paolo Scarpini إلى اليمين/الأسفل: ©CNR/PaoloScarpini

وجاءت الاتفاقية الثنائية بين كرواتيا وإيطاليا لحماية أرصدة أسماك معينة وموائلها في شمال البحر الأدرياتيكي كنتيجة رئيسية بعد 15 عامًا من الدراسات والمشاورات العلمية التي شاركت فيها العديد من الحكومات، والاتحاد الأوروبي، وعلماء وصيادو أسماك ومنظمات غير حكومية. وعززت المنظمة مع البلدين هذه العملية من خلال مشروع التعاون العلمي لدعم الصيد الرشيد في البحر الأدرياتيكي. 

ونتيجة لذلك، أنشأت البلدان في الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط منطقة مصايد أسماك مقيّدة في عام 2017. وقد أصبحت الآن دائمة، ويُعترف بها في جميع أنحاء المنطقة كنموذج للتعاون والإدارة المكانية الفعالة.

ومن خلال التركيز على المياه المحيطة بجزيرة جابوكا البركانية الصغيرة في كرواتيا، تخلق منطقة مصايد الأسماك المقيّدة بشكل فعال منطقة صيد محظورة عبر مساحة تبلغ 1 400 كيلومتر مربع تُعرف باسم جابوكا/بومو بيت، وهي تعتبر منطقة خصبة لسمك النازلي الأوروبي وجراد البحر النرويجي. وهناك حظر دائم على الصيد بشباك الجر القاعية، كما يتم تقييد أنشطة الصيد الأخرى في أوقات معينة من العام. وتقوم سفن تفتيش مصايد الأسماك وخفر السواحل بدوريات وتفرض القيود في محاولة لعكس اتجاه تدهور التنوع البيولوجي الفريد في البحر الأبيض المتوسط.

ويعتبر ذلك وضعًا يعود بالمنفعة على الصيادين والبيئة على حد سواء، حيث يتعافى التنوع البيولوجي البحري ويستفيد الصيادون من تزايد وفرة المصيد وقيمته.

ويقول Romeo إنّ الصيادين يشعرون بالفعل بالفرق. ويضيف قائلًا: "إنّ الوضع يتحسن". و"لولا التوصل إلى اتفاق، أعتقد أننا كنا سنُلحق بموئلنا ضررًا لا رجعة فيه، ولا أريد حتى التفكير في عواقب ذلك".

وجاء إنشاء منطقة مصايد الأسماك المقيّدة بشكل دائم ثمرة المفاوضات بين الحكومات وصانعي السياسات والصيادين والأطراف الأخرى، وللقبول المتزايد لنهج النظام الإيكولوجي في إدارة مصايد الأسماك الذي ترعاه المنظمة من خلال الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط ومشروع التعاون العلمي لدعم الصيد الرشيد في البحر الأدرياتيكي. 

ويصف Ante Mišura، مدير دائرة مصايد الأسماك في وزارة الزراعة في كرواتيا، الاتفاقية بأنها عامل يُحدث فرقًا حقيقيًا.

ويقول: "أؤمن بشدة بأن إعلان منطقة مصايد الأسماك المقيّدة في جابوكا/بومو بيت شكّل نقطة تحول رئيسية في إدارة الموارد في البحر الأدرياتيكي". ويضيف قائلًا: "تم التوصل إلى اتفاق بالإجماع على الاتجاه الذي ينبغي اتخاذه، وكفل ذلك نجاح نظام الإدارة".

ويقول Riccardo Rigillo، المدير العام للمصايد البحرية وتربية الأحياء المائية في وزارة السياسات الزراعية والغذائية والحرجية في إيطاليا، إن منطقة مصايد الأسماك المقيّدة في جابوكا/بومو بيت تعتبر "نموذجًا ناجحًا" لإدارة مصايد الأسماك.

يقول Rigillo: "جاءت منطقة مصايد الأسماك المقيّدة في جابوكا/بومو بيت نتيجة التعاون الوثيق بين الإدارات الوطنية لإيطاليا وكرواتيا، وأدى انخراط أصحاب المصلحة ومشاركتهم النشطة دورًا أساسيًا بالطبع".

تحمي مناطق مصايد الأسماك المقيّدة العشر التي أنشأتها الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود حوالي 1.8 ملايين كيلومتر مربع من الموائل البحرية. ©CNR/Lorenzo Zacchetti

وتنافست بلدان إيطاليا وليبيا ومالطة وتونس الساحلية تاريخيًا على الموارد البحرية. وبدعم من مشروع آخر للمنظمة، وهو مشروع تقدير الموارد السمكية والنظم الإيكولوجية ورصدها في مضيق صقلّية، عملت هذه البلدان معًا في السنوات الأخيرة من أجل جمع المعلومات واستخدام معايير مشتركة لإدارة مواردها البحرية المشتركة، وعملت مع الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط من أجل توحيد تدابير الإدارة المشتركة.

وتقول Betulla Morello: "أعتقد أن التعاون هو أساس النجاح". و"تعتبر جابوكا/بومو بالفعل مثالًا جيدًا على أفضل الممارسات على صعيد التعاون الدولي. ويُعدّ ذلك مثالًا يحتذى به للعديد من البلدان الأخرى والمنطقة". 

وتُعتبر مساحة 1.8 ملايين كيلومتر مربع تقريبًا من الموائل البحرية محمية الآن بواسطة عشر مناطق مصايد أسماك مقيّدة أنشأتها الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود.

ومن خلال مشروع تقييم الموارد السمكية والنظم الإيكولوجية ورصدها في مضيق صقلّية التابع للمنظمة والهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط، أسفرت الجهود التي بذلتها إيطاليا وليبيا ومالطة وتونس عن اعتماد أول خطة إدارة متعددة الجنسيات في البحر الأبيض المتوسط للصيد بشباك الجر القاعية وحماية مناطق الصيد المعرضة للخطر في عام 2016.

وتلتزم المنظمة بمواصلة الجهود للجمع بين أصحاب المصلحة الرئيسيين في قطاع صيد الأسماك في مختلف المناطق بموازاة بناء القدرات وتبادل الخبرات العلمية.

روابط تتعلق بالموضوع

تعرّف على المزيد

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية

القصة: تعرفوا على أربع نساء يعملن في مجال مصايد الأسماك في طليعة التغيير في ميدان العلوم

خريطة تفاعلية: مناطق مصايد الأسماك المقيّدة في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود