Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

كيف أصبحت قدرة امرأة واحدة على الزراعة مصدر إلهام لمجتمع بأكمله


تمهّد جُل بانو الطريق للنساء في السِّنْد بباكستان من خلال تشجيع المهارات وسبل العيش الجديدة

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

تتعلّم جُل بانو كيفية الاستفادة إلى الحد الأقصى من مزرعتها من خلال مشروع تقوده منظمة الأغذية والزراعة، وتقوم بتشجيع النساء الأخريات على القيام بالمثل. ©الفاو/أ.نور

24/01/2020

 تقع مقاطعة "تندو الهيار" وسط أشجار النخيل والحقول الخضراء اللامتناهية في جنوب شرق باكستان. وتمثل الزراعة المصدر الرئيسي للدخل في العديد من القرى في هذه المنطقة كما هو الحال في سائر الأماكن في إقليم السِّنْد. ومع ذلك، ورغم المساحة الواسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، يكافح السكان لكسب لقمة عيشهم. ولا تحصل هذه القرى إلا على قدر محدود من المياه والكهرباء وتفتقر للمدارس العاملة على النحو الملائم. وتعيش جُل بانو ، وهي أمّ لسبعة أولاد في الحادية والخمسين من العمر، في إحدى هذه القرى وهي تقوم بتغيير قصة النساء في "تندو الهيار".

 وتُعتبر جُل المرأة الوحيدة المتعلّمة في القرية، وقد حازت على درجة الدراسات العليا في كراتشي ولكنها انتقلت إلى "تندو الهيار" بعد زواجها. وهي من بين النساء القليلات في القرية اللواتي يملكن قطعة أرض صغيرة. ولهذا السبب، لطالما كانت تهتم بالزراعة، غير أن افتقارها للمعارف وللوسائل اللازمة قد حال دون عملها في هذا المجال. وعقب زيارة الميسّرين الميدانيين لمنظمة الأغذية والزراعة، بدأت جُل حضور الدورات التشاركية المحلية حيث اطلعت للمرة الأولى على مشروع تحسين حيازة الأراضي في ولاية السِّنْد.

دعم المجتمع المحلّي

يهدف مشروع منظمة الأغذية والزراعة لتحسين حيازة الأراضي الذي يموّله الاتحاد الأوروبي بالشراكة مع حكومة السِّنْد، إلى تحسين الأمن الغذائي والتغذوي للمجتمعات المحلية الفقيرة التي تعتمد على الزراعة في إقليم السِّنْد من خلال تحسين قدرتها على الحصول على الأراضي وزيادة أمنها ومعارفها المتصلة بالزراعة. وفي عام 2012، أشارت التقديرات إلى أن 7.74 ملايين شخص يعملون في المناطق الريفية في إقليم السِّنْد، ويعمل معظمهم كمزارعين لا يملكون أرضًا (ويُعرفون أيضًا باسم "الحراس"، أو المزارعين الذين يستصلحون الأراضي مقابل إعطاء أصحاب تلك الأراضي حصة من المحاصيل) وكعمال مأجورين في المزارع.

  ويسعى مشروع منظمة الأغذية والزراعة لتحسين حيازة الأراضي إلى جعل ترتيبات حوكمة حيازة الأراضي للحرّاس أفضل، والعمل من أجل التوصّل إلى اتفاقات عرفية مأمونة وواضحة من حيث المسؤوليات والحقوق، من أجل التوصّل في نهاية المطاف إلى اتفاقات خاصة بالحيازة تتماشى مع الخطوط التوجيهية الطوعية الصادرة عن المنظمة والمعترف بها دوليًا بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات. وتشكّل المدارس الحقلية للمزارعين جزءًا أساسيًا من هذا المشروع وهي تساعد المجتمعات الريفية والمزارعين على زيادة إنتاجية مزارعهم وأراضيهم. فقد تم حتى الآن إنشاء 232 مدرسة حقلية للمزارعين تعلّمهم استخدام الممارسات الزراعية المستدامة والقادرة على الصمود والقابلة للبقاء من الناحية الاقتصادية.  وسيؤدي ذلك إلى تحسين الإنتاجية والدخل، ما من شأنه تشجيع أصحاب الأراضي على توقيع اتفاقات غير رسمية خطية أكثر متانة مع الحراس.

            ويتوّجه نصف هذه المدارس تقريبًا إلى النساء، وقد بدأت جُل بارتياد هذه المدارس فور علمها بها. وتركّز الدروس على تحسين معارف النساء حول الزراعة والأمن الغذائي، بما يشمل إدارة المواشي وتربيتها على نطاق صغير، والتغذية، والإدارة المتكاملة للآفات والمهارات الأساسية للإلمام بالقراءة والكتابة. فتعلّمت جُل بسرعة أساليب تمهيد الأراضي وتقنيات الزراعة وكيفية استخدام أرضها كبستان لزراعة الخضروات. وتعلّمت حتى كيفية استخدام المبيدات الطبيعية للآفات المنزلية الصنع بدلا من عبوات الرشّ التجارية، موفّرةً بذلك المال من خلال هذه العملية ومحسّنة صحّة أسرتها وسلامتها.

المدارس الحقلية للمزارعين التابعة للمنظمة تساعد المجتمع المحلي في "تندو الهيار" على زيادة إنتاجه الزراعي. ©الفاو/أ.نور

 وسرعان ما أثمر بستان جُل، فخصّصت بسخاء جزءا منه إلى المتدرّبات من بين الزميلات اللواتي لا يملكن أراضٍ خاصة بهنّ ليتمكّن أيضا من زراعة الخضروات. وتقوم جُل بزراعة البامية والقرع بفضل البذور التي وزّعها المشروع. وتستفيد أسرتها والمجتمع الذي تنتمي إليه على السواء من منتجاتها الطازجة.

تمكين المرأة من خلال الزراعة

تقضي جُل التي تتمتع اليوم بالمعارف والخبرة العملية اللازمة، معظم وقتها في الاعتناء بمحاصيلها المزروعة على أرض خلف منزلها مساحتها 15 قدمًا مربّعًا. وفي الوقت نفسه، تعتني أيضًا بمحاصيل النساء الخمس اللواتي يستخدمن أرضها. ولدى رؤية حماس هؤلاء النساء وتحسّن مهاراتهنّ الزراعية، بدأت النساء الأخريات في المجتمع المحلي الذي تنتمي إليه جُل بزراعة البساتين بالخضروات خلف منازلهنّ وجني ثمارها.

  وتقول جُل: "ليس عليّ الذهاب إلى السوق يوميًا لشراء الخضروات. فأنا فخورة اليوم بالقول إنني أزرع منتجاتي الخاصة وآمل أن أتمكّن من توفير المال".

تُعتبر جُل مصدر إلهام وتمكين لسائر النساء في مجتمعها المحلي لممارسة الزراعة أو تحسين السبل التي يتّبعنها في هذا المجال. ©الفاو/أ.نور

عندما بدأت جُل هذا النشاط، كان هدفها أن تصبح ميسّرة متطوّعة في المدرسة الحقلية للمزارعين وقد حققت الآن هذا الهدف وهي قادرة على نشر المعارف التي حصلت عليها للمساعدة في تمكين النساء من حولها. وهي ترغب في توسيع مجال زراعتها في المستقبل وتوفير ما يكفي من المال لتمكين أطفالها جميعهم من الذهاب إلى المدرسة. وتأمل جُل في أن تقوم إحدى بناتها بالتدريس في مدرسة القرية المقفلة حاليًا بسبب الافتقار إلى المعلّمين.

            وتعتبر المشاريع المماثلة لمشروع تحسين حيازة الأراضي سبيلاً ناجعًا لإحداث التغيير في النظام التقليدي وإتاحة الفرصة أمام المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة ولا سيما النساء مثل جُل لتحقيق أهدافهنّ. فعندما تتمكّن النساء من حيازة الأراضي لزراعة الخضروات والانتفاع من المعارف الزراعية المتصلة بها، يمكنهنّ صنع المعجزات ضمن مجتمعهنّ حيث يؤدين أدواراً قيادية وتمكنّ النساء من حولهنّ. وتضطلع النساء بدور أساسي في الحد من أوجه اللامساواة وتعزيز المجتمعات الشاملة للجميع، والقضاء على الفقر في المجتمعات المحلية الريفية مثل "تندو الهيار"، وكذلك في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى العالمي بحلول عام 2030.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في باكستان

الموقع الإلكتروني: منصة مدارس المزارعين الحقلية العالمية

المنشورات: الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي