Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

كيف تؤدي الأعمال التجارية المسؤولة إلى تعزيز قطاع الزراعة


التحوّل من المخاطر إلى التنمية - يكتسي السلوك المسؤول في الأعمال التجارية أهمية أكثر من أيّ وقت مضى بالنسبة إلى الزراعة

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin
04/05/2021

تخيّلوا قطاعًا زراعيًا من دون عمالة الأطفال. تخيّلوا أجرًا عادلًا للعاملين في المزارع ودخلًا عادلًا للمزارعين ومنتجي الأغذية. تخيّلوا أنّ الأغذية تزرع مع احترام البيئة، وأنّ تلوث المياه قد أصبح من الماضي. إنّ تحقيق هذه الأهداف ممكن من خلال اتّباع نهج الأعمال التجارية الصحيح.

ويمثل السلوك التجاري المسؤول أحد المواضيع الساخنة على المستوى العالمي، وتمثل منظمة الأغذية والزراعة محور
هذا النقاش في مجال الزراعة منذ سنوات عدة. ففي عام 2016، أصدرت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي توجيهاتهما بشأن سلاسل الإمدادات الزراعية المسؤولة وتمثل هذه التوجيهات معيارًا عالميًا لمعالجة المخاطر والتنمية في القطاع الزراعي. وقد عمل عدد متزايد من الحكومات في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين على دمج توجيهات منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في سياساتها المتعلقة باستدامة الشركات، من خلال الربط بين الاستثمارات والمنشآت والزراعة والتنمية.

العناية الواجبة: مدخل إلى التنمية؟

توصي التوجيهات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بأن تطبّق الأعمال التجارية مبادئ العناية الواجبة من أجل معالجة أهمّ المخاطر البيئية والاجتماعية المرتبطة بسلاسل إمداداتها الزراعية. والعناية الواجبة هي العملية التي يمكن للمؤسسات من خلالها تحديد الطرق لمعالجة التأثيرات السلبية الفعلية والمحتملة الناجمة عن أنشطتها وتقييمها والحد من وطأتها، ومنعها، والخضوع للمساءلة بشأنها، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من عملية صنع القرارات ونظم إدارة المخاطر في قطاع الأعمال التجارية. وفي عدد متزايد من البلدان، أدخلت الحكومات تشريعات تجعل العناية الواجبة إلزامية للشركات. وتساعد عملية العناية الواجبة الأعمال التجارية على تحديد المسائل والتوصل
إلى حلول للتأثيرات الضارة الناجمة عن أنشطتها.

ولا يمثل ذلك أمرًا جيدًا لكوكب الأرض فحسب، بل أيضًا للمحصلة النهائية للأعمال التجارية. ويمكن أن يؤدي الاضطلاع بالأعمال التجارية على نحو مسؤول إلى تحسين حقوق العمال أو سبل عيشهم في مجتمعاتهم المحلية، كما يمكنه أن يعزز العمليات التجارية. وفي السنوات الأخيرة، تزايد تدقيق وسائل الإعلام واهتمام المستهلكين بسلاسل الإمدادات وظروف العمل. وإن الحصول على معلومات معمّقة أكثر عن المورّدين يبني الثقة ويقلّل من المخاطر المتعلقة بالسمعة إزاء المشاكل المحتملة. ومن خلال منع التأثيرات السلبية، تتجنب شركة ما تحمّل تكاليف الدعاوى والإجراءات التصحيحية. وبالمثل، يمكن للإجراءات التي تحمي البيئة أن تحقق أيضًا منافع مالية: فعلى سبيل المثال، قد يكون استخدام مصادر الطاقة المتجددة أكثر اقتصادًا للموارد على المدى الطويل، وأن يساعد على التحوط ضد التقلّبات في أسواق الوقود الأحفوري.

وتوضح توجيهات منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي قدرة إيلاء العناية الواجبة ومعالجة المشاكل في سلاسل الإمدادات على تعزيز الأعمال التجارية بحد ذاتها والكثير من مجالات التنمية الرئيسية،
بما يشمل حقوق العمل، والرفق بالحيوان، وحقوق حيازة الأراضي، وحماية البيئة والأمن الغذائي.

ولكن، كيف ينطبق ذلك على أرض الواقع؟

دعونا نبدأ بواقع بسيط: تتركز نسبة تتجاوز 70 في المائة من عمالة الأطفال في قطاع الزراعة. ويمكن للشركات الكبرى، من خلال إدراج العناية الواجبة في نماذج أعمالها التجارية، أن تساهم في القضاء على عمالة الأطفال عن طريق إجراء استعراضات لفهم الطرق والمراحل التي تحدث فيها عمالة الأطفال في سلسلة الإمدادات.

ولا يكفي إجراء عمليات المراجعة لكشف المخاطر في سلاسل الإمدادات، لأنه يمكن تزييف هذه العمليات أو تزويرها. ولكن، يمكن من خلال الجمع بين المراجعة مع إيلاء العناية الواجبة والعمل مع الموّردين والشركاء المتعاقدين على طول سلسلة الإمدادات، وكذلك مع منظمات المجتمع المدني وسائر الجهات الفاعلة، معالجة المشاكل الهيكلية مثل عمالة الأطفال.

وتساعد توجيهات منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي على تفسير السبل التي يمكن من خلالها للشركات معالجة قضايا من هذا القبيل عن طريق جعلها ذات صلة ببيئاتها التشغيلية. ومن خلال القيام بذلك، لا تعمل الشركات على تحسين سلاسل إمداداتها فحسب، بل تساعد على المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ما يحدث تغييرًا  على نطاق أوسع.

أعمال تجارية تراعي البيئة على نحو أفضل

تمثل الزراعة والحراجة وغيرهما من أوجه استخدام الأراضي الزراعية نسبة تصل إلى 25 في المائة من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وفي معظم أقاليم العالم، تُستخدم نسبة تفوق 70 في المائة من المياه العذبة لأغراض الزراعة. ولا بد
من بذل جهود كبيرة لتحسين الاستدامة والحد من تأثير الزراعة على كوكب الأرض.

وتمكّنت إحدى الشركات التي ساهمت في المشروع التجريبي لتطبيق توجيهات منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي من الناحية العملية، لدى إدراجها العناية الواجبة، من الارتقاء بمستوى وعيها بتأثيرها
على البيئة المحلية باستخدام تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية وتحليل نظام المعلومات الجغرافية لتتبع التغيرات في الغطاء النباتي. ومن خلال رصد إزالة الغابات، تمكّنت الشركة من إجراء تقييم للمناطق المعرّضة للخطر ومن فهم آثار أنشطتها عليها. وأدركت الشركة ضرورة بذل المزيد من الجهود للتصدّي لإزالة الغابات وإشراك الموّردين من أجل معالجة
هذه المسألة.

تعزيز الأمن الغذائي

في عام 2019، عانى حوالي 750 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وقد تكون للزراعة بحد ذاتها تأثير سلبي على حصول المجتمعات المحلية على الأغذية. فعلى سبيل المثال، عندما تُكرَّس كميات كبيرة من الأراضي والوقت لزراعة "المحاصيل التجارية"، تتقلّص المساحة المتاحة وعدد الأفراد القادرين على زراعة المنتجات الغذائية المغذية للمجتمع المحلي. وقامت إحدى الشركات التي ساهمت في المشروع التجريبي بإجراء عمليات تقييم للتأثير البيئي والاجتماعي قبل البدء بمشاريع جديدة في الأراضي غير المستخدمة سابقًا. ومع أخذ هذه المسألة في الحسبان، احتفظت الشركة ببعض الأراضي لزراعة المنتجات الغذائية، ما أتاح للمجتمع المحلي مساحة لزراعة المحاصيل التي يمكن بيعها أو استخدامها للاستهلاك الخاص.

يشجّع المنتدى العالمي للموز التابع لمنظمة الأغذية والزراعة أيضًا الرسائل الرئيسية الواردة في توجيهات منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي من أجل تحسين التعاون وتعزيز الإنتاج والتجارة المستدامين
في قطاع الموز. ويعمل مشروع آخر تابع لمنظمة الأغذية والزراعة مع أصحاب المصلحة في سلاسل إمدادات الأناناس والأفوكادو من أجل إدراج نظم العناية الواجبة القائمة على المخاطر وتشجيع المصادر المسؤولة لهذه الفواكه.

فكيف يمكن لقطاع الزراعة أن يعزز السلوك المسؤول في مجال الأعمال التجارية؟

الجواب باختصار؟ إدماج توصيات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة بشأن العناية الواجبة في الأطر التنظيمية ومعايير القطاع وسياساته. ومن أجل إنشاء قطاع زراعي أكثر شمولاً واستدامة في المستقبل، يتعيّن على الحكومات والأعمال التجارية والأفراد إعادة النظر في طريقة عملهم. ويمكن لعمليات إيلاء العناية الواجبة
أن تحوّل المخاطر إلى نتائج إنمائية، بما يشمل تعزيز الأمن الغذائي، وتعزيز حقوق العمل، وحماية البيئة بقدر أكبر. ومن أجل مساعدة الشركات على بذل العناية الواجبة بصورة منهجية، تقترح التوجيهات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي على الشركات اتّباع نموذج وإطار ينطوي على خمس مراحل. ومن خلال تشجيع اعتماد هذه التوجيهات عبر قطاع الزراعة، يمكننا أن ندعم التنمية وأن نكفل مساهمة الزراعة في تحقيق مستقبل مستدام.

روابط تتعلق بالموضوع

لمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: السلوك التجاري المسؤول في الزراعة

الموقع الإلكتروني: توجيهات منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشأن سلاسل الإمدادات الزراعية المسؤولة

الموقع الإلكتروني: المنتدى العالمي للموز

الموقع الإلكتروني: بناء سلاسل القيمة المسؤولة للفواكه الاستوائية