Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

كيف غيّر طنين النحل الآسِر حياة امرأة في أوزبكستان


المعدّات الحديثة والتدريب تضمن انتفاع الأسر الريفية من سبل العيش التقليدية

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

أصبحت السيدة Gulhayo Khaydarova، التي كانت تخشى النحل في السابق، خبيرةً في تربيته وباتت معروفة محليًا بالعسل الجيّد الذي تنتجه. ©FAO/Guzal Fayzieva

17/05/2023

إنها ساعات الفجر الأولى في قرية دورمون، وهي قرية هادئة في منطقة بخارى الواقعة جنوب أوزبكستان. وهي بعيدة كل البعد عن ضوضاء المدن الكبرى ولا يعكر صفو هذا الهدوء سوى تغريد العصافير وهمهمة الطبيعة الهادئة.

إنّه يوم عادي في حياة السيدة Gulhayo Khaydarova البالغة 35 عامًا من العمر ومن سكّان قرية دورمون. وهي تشرع بعملها حتى قبل بزوغ الشمس، كما اعتادت جدتاها وأسلافها من قبلها.

وتتمثل مهامّها خلال فترة الصباح في تنظيف الفناء، وحلب البقرة، وإطعام الدجاج. ثمّ تمضي إلى تحضير الفطور وإعداد ولديها للذهاب إلى المدرسة.

وبعد مغادرة ولديها، تعود إلى عملها الآخر. وتعمل اليوم السيدة Gulhayo في تربية النحل منذ سنوات عديدة إلّا أنها لم تكن لتتخيل ذلك من قبل، والعسل الطبيعي الذي تنتجه مشهور في جميع أنحاء القرية.

في عائلة Khaydarov، تمّ توارث تقاليد تربية النحل وأسراره من جيل إلى آخر. ويلمّ حماها السيد Ravshan بخبايا هذا العمل بأدقّ تفاصيله.

واعتادت السيدة Gulhayo أن تشاهد من مسافة آمنة عمل زوجها وحماها. وكانت تخاف جدًا حتى من الاقتراب من النحل. ثم في أحد الأيام، راحت تهتم بالموضوع. وهي تتذكر مبتسمةً مدى حماستها عندما ارتدت لأوّل مرّة البدلة الواقية وفتحت قفير النحل بمفردها.

وباتت اليوم السيدة Gulhayo مربّية نحل متمرّسة. فهي تقوم أوّلًا بتنظيف خلايا النحل ثم بتفحصها للكشف عن أي علامات للأمراض أو الآفات. وفي هذا المجال، من المهمّ فحص الخلايا بانتظام لأنّ الكشف المبكر يزيد من فرص الحفاظ على صحة النحل.

وعند فحص مستعمرات النحل، يمكنها أن ترى بالعين المجردة حالة الملكة والتحقق من وجودها في الخلية. كما يمكنها معرفة ما إذا كانت الملكة التي تم نقلها إلى هنا تحظى بتقبّل النحل لها أو ما إذا كانت المستعمرة معرضة لخطر الإصابة بمرض ما. وهي تعرف ما إذا كان هناك ما يكفي من الغذاء داخل القفير وما إذا كان النحل بصحة جيدة. وتتبع السيدة Gulhayo هذا الروتين اليومي منذ 14 عامًا.

وفي أحد الأيام، حضر موظفو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) إلى منزل السيدة Gulhayo برفقة ممثلي الحكومة. وبعد أن أجرى فريق المشروع دراسة استقصائية اجتماعية واقتصادية، تم اختيار عائلة Khaydarov للمشاركة في مشروع المنظمة بعنوان "المبادرة من أجل الصحراء في آسيا الوسطى" (CADI).

قدمت المنظمة لعائلة Khaydarovs وغيرها من عائلات صغار المزارعين قفار نحل جديدة ومعدّات حديثة لتربية النحل لمساعدتها في زيادة الإنتاج. ©FAO/Guzal Fayzieva

وفي موسم الشتاء الماضي، تكبّدت عائلة Khaydarovs خسائر فادحة، إذ عجز قسم كبير من مستعمرات النحل عن تحمّل ظروف الطقس القاسية ونفق جرّاء البرد. ويشكّل فصل الشتاء دومًا خطرًا على النحل. حتى أنّ مربي النحل المتمرّسين بإمكانهم أن يفقدوا العشرات من خلايا النحل خلال فصل الشتاء.

فعمدت المنظمة، للتعويض عن خسائر الأسرة خلال فصل الشتاء، إلى تزويدها بمعدات حديثة لتربية النحل، كأجهزة استخراج العسل و20 خلية جديدة.

وبفضل هذا الدعم، تمكّنت عائلة Khaydarov من توسيع منحلتها وإنشاء حوالي 40 مستعمرة نحل جديدة. وبالإضافة إلى زيادة الإنتاج، سرّعت هذه المعدّات الحديثة عملية الحصول على العسل ومكّنت أجهزة استخراج العسل الإضافية ثلاثة أشخاص من العمل في الوقت نفسه. وتعني زيادة الإنتاج دخلًا أفضل وتوفير سبل عيش أكثر استدامة للأسرة.

والسيدة Gulhayo سعيدة بعدما باتت قادرة على المساهمة في ميزانية أسرتها. فقد اشترت بفضل أوّل أرباح جنتها، مستلزمات وملابس مدرسية جديدة لولديها. وأصبحت تخصص وقت فراغها الإضافي لمساعدة ولديها في واجباتهما المدرسية.

في المدارس الحقلية للمزارعين، تعلّمت السيدة Gulhayo الممارسات الحديثة لإنتاج العسل وسائر منتجات النحل، ما ساعد على زيادة دخل عائلتها بفضل تربية النحل. ©FAO/Guzal Fayzieva

إن مشروع المبادرة من أجل الصحراء في آسيا الوسطى يحافظ على الصحاري المعتدلة، ويضمن استخدامها المستدام، كتلك الموجودة في أوزبكستان والتي تمثّل نظمًا إيكولوجية فريدة ذات أهمية عالمية. وقد موّلت الحكومة الألمانية هذا المشروع ونفّذته منظمة الأغذية والزراعة وجامعة غريفسوالد ومؤسسة مايكل سوكوف في كازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان.

وتم أيضًا تقديم المعدّات نفسها التي حصلت عليها عائلة Khaydarov إلى عائلات أخرى في المنطقة. وبالإضافة إلى معدّات تربية النحل، تلقت الأسر المعيشية المحلية دعمًا آخر لكسب سبل العيش مثل آلات الخياطة، والخزانات، ومعدّات تجهيز الصوف، وأجهزة فصل الحليب، فضلًا عن البذور وشتلات المحاصيل المقاومة للجفاف.  

وبالإضافة إلى ذلك، نُظّم في إطار تنفيذ المشروع برنامج تدريبي واسع النطاق حول زراعة المحاصيل، وتطوير الحِرَف المختلفة، وإنشاء المشاتل في الدفيئات، وتجهيز الحليب والمنتجات الحيوانية الأخرى وتطوير تربية النحل.

وفي هذه المدارس الحقلية للمزارعين، تعلّمت السيدة Gulhayo أفضل الممارسات للعمليات الحديثة الفعّالة لإنتاج العسل ومنتجات النحل الأخرى. ويجمع مربّو النحل المتمّرسون اليوم بين الطرق التقليدية لإنتاج العسل والخبرة الحديثة، وتوفّر زيادة إنتاج تربية النحل دخلًا مستدامًا إضافيًا للأسر. والأهمّ من ذلك، أنّ المشروع يضمن استفادة النساء والرجال على قدم المساواة من التدريب والمعدّات.

وعندما يحين وقت العشاء، تجتمع عائلة السيدة Gulhayo حول مائدة كبيرة. ويحتلّ العسل، بين الأطباق الموجودة على مائدة الطعام، مكانةً خاصة. فهو منتج إيكولوجي وطبيعي متأتٍّ من عمل أفراد الأسرة. وتقوم السيدة Gulhayo بسكب الشاي في أكواب أوزبكية تقليدية تعرف باسم piala وتقدّمها إلى أفراد أسرتها.

غدًا سيكون يومًا جديدًا عامرًا بالمهام. ولكن في هذه الأثناء، تستريح السيدة Gulhayo وتحتسي كوبًا من الشاي في عالمها المريح، في حياتها الريفية التي يعمّها جمال الطبيعة وطنين النحل الآسِر.

روابط تتعلق بالموضوع

لمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: أوزبكستان

المطبوع: مبادرة من أجل الصحراء في آسيا الوسطى

قصة: الزراعة الذكية في أوزبكستان