Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

الحفاظ على تاريخ الأغذية


كيف تحافظ نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية على التقاليد

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

التعليق على الصورة: يعترف برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية التابع لمنظمة الفاو بالمناظر الطبيعية والممارسات المتميزة التي اجتازت اختبار الزمن، بتكيفها مع تغير المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وحماية البيئة مع توفير الأمن الغذائي للسكان المحليين. ©Zhongshan Luo

17/04/2018

كثيرا ما نتحدث عن مستقبل الأغذية، ولكن ماذا عن تاريخها؟ قد لا ندرك في حياتنا اليومية أن بعض أغذيتنا الأساسية هي وليدة تقاليد زراعية غير عادية متجذرة بعمق في ثقافتنا وهويتنا.

لقد تطور إنتاج الأغذية وتحسن بشكل كبير مع مرور الوقت. ومع ذلك، فإن بعض الطرق القديمة لإنتاج المحاصيل يمكنها أن تعلمنا الكثير عن حماية البيئة، والاستدامة، والتكيف مع تغير المناخ. وحفظ الموارد الطبيعية، والزراعة المستدامة، والإيكولوجيا الزراعية ليست مجرد تقنيات للحفاظ على ما قدمته لنا الأرض، بل هي أيضا وسائل لتصور كيفية تفاعل البشر مع الطبيعة. وهناك مجتمعات حول العالم لطالما فكرت بهذه الطريقة، مستخدمة أراضيها ومخططة أنشطتها الزراعية وفقا لذلك. 

يسعى برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية لمنظمة الفاو إلى الاعتراف بهذه التقاليد التي تجمع بين الزراعة والتراث، والاستدامة وسبل العيش، والحساسية البيئية والتكيف مع تغير المناخ، والحفاظ عليها. ويوجد حاليا 50 موقعا معيّنا في 20 بلدا حول العالم، تم ترشيح خمسة منها في عام 2018، بما في ذلك المواقع الأولى في أوروبا.

وفيما يلي ثلاثة أنواع من الأغذية ذات تاريخ مدهش يساعد البرنامج في الحفاظ عليها:    

1- الأرز

يعتبر الأرز محصولا هاما جدا للعديد من البلدان في العالم. وهو الغذاء الأساسي الرئيسي لأكثر من نصف سكان العالم، حيث تعد آسيا أكبر منطقة منتجة ومستهلكة للأرز. ومع ذلك، أصبح الأرز في السنوات الأخيرة غذاء هاما في جميع أنحاء أفريقيا أيضا. ومن المنطقي إذن أن يكون لمثل هذا الجزء المهم من النظم الغذائية والحياتية للسكان تاريخ وثقافة غنيان.

في الصين وحدها، هناك 5 مواقع مختلفة لإنتاج الأرز اعترفت بها منظمة الفاو كنظم تراث زراعي ذات أهمية. وأحد هذه النظم هو مدرجات هاني للأرز. وفي مقاطعة يونان الصينية، يعيش شعب هاني ويعمل في الأراضي منذ ما يزيد على 300 1 عام.

لقد بنى هذا الشعب مدرجات مدهشة، تغطي 000 70 هكتار من الأراضي، على سفوح جبلية شديدة الانحدار. وقد فعلوا ذلك دون أي خزانات مياه. ويستخدم شعب هاني ويدير موارد المياه المحلية بطريقة مبتكرة وكفؤة. والمدرجات ليست مجرد تقليد زراعي، وإنما هي طريقة مستدامة ومبتكرة للزراعة في التضاريس الطبيعية الصعبة.

توجد مدرجات الأرز في العديد من البلدان حول العالم، ويملك بلدان آخران أيضا مدرجات معترف بها كنظم للتراث الزراعي: مدرجات الأرز المروية في جوديولجانغ في تشونغساندو في كوريا، ومدرجات الأرز في إيفوقاو في الفلبين

إن أطعمتنا ومشروباتنا، مثل الأرز والشاي، لها تاريخ طويل ربما لم نفكر فيه أو نقدّره. ويعود تاريخ الشاي إلى حوالي 000 5 عام مضت، في حين أن تاريخ الأرز أقدم ويمتد بين حوالي 000 10 و000 14 عام. إلى اليسار: مدرجات الأرز في المناطق الجبلية الجنو

2- الشاي

الشاي هو ثاني أكثر المشروبات شعبية بعد الماء. كما أنه واحد من أقدمها، حيث تم استهلاكه لأول مرة قبل ما يقرب من 000 5 عام. ويتطلب الشاي ظروفا خاصة جدا للنمو: مناخ حار ورطب، وكمية محددة من الأمطار السنوية، وتربة حمضية، ومنحدرات بدرجة معينة، وارتفاع لا يزيد عن 000 2 متر. وهذا يعني أنه لا يمكن زراعة الشاي إلا في عدد محدود من الأماكن في العالم. كما أنه يعني أيضا أنه حساس جدا للتغيرات في المناخ.

هناك ثلاثة نظم لإنتاج الشاي عينتها منظمة الفاو كنظم تراث زراعي ذات أهمية: نظام بواير الزراعي التقليدي للشاي في الصين، والنظام الزراعي لشاي هادونغ في هواجاي-ميون في كوريا، ونظام الشاي-العشب المتكامل في محافظة شيزوكا في اليابان. ويقدم هذا الأخير، نظام الشاي-العشب، مثالا رائعا على كيف يمكن للحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية أن يساعد بالفعل على تعزيز الزراعة.

في اليابان، تعتبر محافظة شيزوكا أكبر منطقة منتجة للشاي في البلاد. ويجلب الشاي حوالي 31.9 مليار ين ياباني (حوالي 298 مليون دولار أمريكي) في السنة، ويعتمد دخل ما يقرب من 80 في المائة من مزارعي المنطقة على إنتاج الشاي. و"تشاجوسابا" هي ممارسة تتمثل في الحفاظ على الأراضي العشبية حول حقول الشاي؛ وهذه توفر من ثم المهاد الذي يحسن نوعية الشاي. لقد حافظ البشر على مناطق تشاجوسابا هذه لأكثر من 000 10 عام. ويمثل هذا النظام اعتمادا مشتركا مثاليا ذا منفعة متبادلة. وتحتوي الأراضي العشبية شبه الطبيعية في هذه المنطقة على أكثر من 300 من الأنواع. ومع ذلك، ومع تحديث المجتمع والزراعة، أصبحت هذه الأراضي العشبية مهملة أكثر وأكثر، ويتم فقدان التنوع البيولوجي فيها بمعدل ينذر بالخطر.

ودعم تقاليد تشاجوسابا يعني حماية التنوع البيولوجي للأراضي. وتشكل المدرجات الجبلية اليابانية فسيفساء من أراضي تشاجوسابا وحقول الشاي، مما يخلق منظرا رائعا يقلل من تآكل التربة ويوقف جريان الأسمدة. كما تزيد الأعشاب من النشاط الميكروبي في التربة مما يساعد على تكوين سماد طبيعي. والشاي الناتج له ​​رائحة عطرية مميزة ولون شديد الخضرة. وقد أصبحت طريقة معالجة الشاي الياباني في هذه المنطقة تقليدا في جميع أنحاء اليابان.  

التعليق على الصورة: كونها مصدرا مركّزا للطاقة، مكنت التمور البشر في يوم من الأيام من البقاء على قيد الحياة أثناء عبور الصحاري الشاسعة أو العيش في أماكن جافة ونائية. ©West Siwa Development Project (© مشروع تنمية غرب سيوة)

3- التمور

قليلة هي المحاصيل التي تفاعلت مع التاريخ البشري مثل تمور النخيل. وقد مكّنت أشجار النخيل البشر في الواقع من البقاء على قيد الحياة أثناء عبور الصحاري الشاسعة أو العيش في أماكن جافة نائية. والتمور هي مصدر مركّز للطاقة، والتي يمكن تخزينها بسهولة وحملها في رحلات طويلة عبر الصحاري. كما وفرت أشجار النخيل أيضا ملجأ للأنواع البرية، وموطنا أكثر تحملا للبشر من خلال توفير الظل من شمس الصحراء الحارقة، والحماية من الرياح. وعلى الرغم من أن وسائل النقل الحديثة والتجارة الدولية تعني أنه حتى أكثر المناطق النائية تستطيع الآن بشكل عام الوصول إلى أنواع أخرى من الأغذية، إلا أن التمور ما زالت تشكل جزءا هاما من النظم الغذائية والثقافات في مناطق كثيرة من إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

تعتبر واحات النخيل في العين وليوا في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي عُيّنت مواقع تراث زراعي ذات أهمية، من المناطق المهمة لموارد النخيل الجينية، ولنظم ري "الأفلاج" القديمة التي سمحت بإنتاجها في ظروف بيئية صعبة. ويتكون نظام الأفلاج القديم من قنوات من صنع الإنسان فوق وتحت الأرض تستخدم لجمع المياه الجوفية، ومياه الينابيع، والمياه السطحية ونقلها بقوة الجاذبية إلى منطقة معينة. ومصدر المياه هو البئر الأم، الذي يغذي القناة الرئيسية عن طريق الجاذبية. غير أنه يتم الآن رفد نظم أفلاج العين إلى حد كبير بالمياه الجوفية التي يتم ضخها.   

هناك حوالي 200 صنف من أشجار النخيل في الإمارات العربية المتحدة، وهي سابع أكبر بلد منتج للتمور في العالم، حيث تمثل 6 في المائة من إجمالي إنتاج التمور في العالم. وتقع العين وليوا في قلب منطقة إنتاج التمور في البلد.

وتعترف منظمة الفاو بهذه الواحات وغيرها لأنها ساعدت في تشكيل المناظر الطبيعية للمناطق الصحراوية، مما سمح بأول عملية استقرار للمجتمعات المحلية. وتلعب أشجار النخيل، تاريخيا وحاليا، دورا هاما في سبل العيش والثقافات في هذه البلدان. وقد تم الاعتراف بواحات فريدة أخرى كنظم تراث زراعي ذات أهمية عالمية مثل: نظام الواحات الباردة في جبال الأطلس في المغرب، ونظام واحة غوت في الجزائر، وواحة قفصة في تونس، بالإضافة إلى نظام إنتاج التمور في واحة سيوة في مصر.  

حول العالم

روابط تتعلق بالموضوع

من خلال الحفاظ على الممارسات والثقافات التقليدية، نقوم أيضا بحماية التنوع البيولوجي، والاعتراف ببعض المواقع المدهشة التي استمرت على الرغم من الظروف القاسية، وتغير المناخات، والتحديث. ويعترف البرنامج بالتقاليد، والثقافات، والتنوع الإيكولوجي مع دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى سبل عيش مستقرة وكريمة. 

لمعرفة المزيد:

نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية

5 مناظر طبيعية وأنماط حياة رائعة قد لا تعرف أنها موجودة    

تكيف الري مع تغير المناخ