Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

التعايش مع تغير المناخ في ساحل شيلي


يضطر صيادو الأسماك الحرفيون وصغار مستزرعي الأحياء المائية في شيلي إلى تكييف سبل كسب معيشتهم.

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

تؤثر تغييرات بيئية كبرى على إتاحة أنواع الأسماك ووفرتها، الأمر الذي يضطر الصيادين الحرفيين وصغار مستزرعي الأحياء المائية على امتداد ساحل شيلي الواسع، إلى تعديل سبل معيشتهم. ©FAO/Max Valencia

05/11/2021

في مجتمع إل مانزانو الواقع جنوب شيلي، يواجه الصيادون الحرفيون أزمة المناخ بشكل مباشر. فإن معظم الأشخاص الأربعمائة الذين يعيشون في هذه البلدة الجميلة، يعتمدون على صيد الأسماك الصغير النطاق أو على جمع الأسماك الصدفية والأعشاب البحرية لكسب معيشتهم.

بيد أن التغيرات البيئية الكبرى ترغم الصيادين الحرفيين وصغار مستزرعي الأحياء المائية على امتداد ساحل البلاد البالغ طوله 400 6 كلم، على تعديل أنشطتهم أو تكميلها بأنشطة أخرى، نظرًا إلى تأثر أنواع الأسماك بتلك التغييرات من حيث إتاحتها ووفرتها.

ويقول السيد Alejandro Naiman، وهو صيّاد لسمك النازلي وزعيم محلي في إل مانزانو: "نشهد حاليًا تغيرّات لم نشهدها قطـ كالأمطار الغزيرة، وأشياء أخرى يصعب تفسيرها."

ويشكّل صيد الأسماك أحد القطاعات الزراعية الرئيسية في شيلي. فقد بلغ المصيد الإجمالي من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية نحو 3.4 ملايين طن في عام 2019، ويعتمد أكثر من 200 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر على هذا القطاع في عملهم.

ويقول السيد Alejandro إنه وغيره من الصيادين الحرفيين قد أرغموا على أن يجرّبوا العمل في صيد بلح البحر حين أدركوا انخفاض أعداد سمك النازلي، وهو من الأسماك الأكثر شعبية في شيلي.

ولعله من غير المستغرب أن تعتبر هيئة الأمم المتحدة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن المناطق الساحلية في البلاد تعاني زيادات في درجة الحرارة، وانخفاضًا في معدل تساقط الأمطار، وارتفاعًا في مستوى البحار، وتحمض البحار، والأحداث المناخية المتكررة والقصوى.

ويقول السيد José Aguilar-Manjarrez، مسؤول تربية الأحياء المائية لمنظمة الأغذية والزراعة في شيلي: "تهدد هذه التغييرات مستقبل المصايد وتربية الأحياء المائية في شيلي إذ تؤثر على نمو الكائنات المائية وتكاثرها، وفي نهاية المطاف، على وفرة الموارد البحرية وتوزيعها".

تحوّل صيادو الأسماك الحرفيون إلى صيد بلح البحر كبديل عن أنشطتهم الاعتيادية حين أدركوا تراجع أعداد النازلي، أحد الأسماك الأكثر شعبية في شيلي. ©FAO/Max Valencia

ومنذ أن صادقت شيلي على اتفاق باريس في عام 2017، سعت الحكومة إلى خفض الانبعاثات وتحسين قدرة البلاد على التكيف مع تغير المناخ.

ووضعت منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع شيلي مبادرةً محددة لمساعدة البلاد على تبسيط عملياتها الحكومية في هذا القطاع، مع توفير التدريب للصيادين الحرفيين والمجتمعات المحلية من أجل تحسين قدراتهم وتنويع أنشطتهم استجابةً لتغير المناخ.

وبفضل تمويل من مرفق البيئة العالمية، قامت المنظمة، والوكالة الوزارية المعنية بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في شيلي ووزارة البيئة، بتنفيذ مشروع خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2121 بعنوان "تعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، للمساعدة في الحد من انكشاف أربعة خلجان صغيرة ومجتمعاتها."

وقال السيد Aguilar-Manjarrez الذي أشرف على تنفيذ المشروع لصالح المنظمة: "أردنا أن نجعل الصيادين الحرفيين وصغار مستزرعي الأحياء المائية أفضل استعدادًا بحيث يجدون فرص عمل أخرى في حال ألفوا أنفسهم في أوضاع عسيرة نتيجة لتغيّر المناخ."  

وقد شارك في المشروع التجريبي الذي تضمن دورةً تدريبية للمجتمعات الساحلية وحلقات عمل مدرسية، أكثر من 140 شخصًا - موزعين بالتساوي بين رجال ونساء - من خلجان ريكيلمي وتونغوي وكوليومو وإل منزانو-هوالايوي. وشارك في البرنامج أيضًا أكثر من 400 موظف من القطاع العام وخبراء وطنيون وصانعو قرارات في المجتمع المحلي.

ويقول السيد Alessandro Lovatelli، مسؤول تربية الأحياء المائية في المنظمة الذي أطلق المشروع المعني بتغيّر المناخ، إنّ المشروع قد برهن عن الحاجة إلى المرونة من جانب الحكومة والصيادين. فحين ظهرت أسماك التونة في المناطق الجنوبية مثل لوس لاغوس، على سبيل المثال، لم يُسمح للصيادين المتأثرين بتضاؤل كميات المصيد، بأن يصطادوا التونة لأنها ليست من الأنواع المسموح بصيدها في منطقتهم.

ويقول Lovatelli: "إذا أردنا لهم البقاء، فلا بد أنّ نكون أكثر مرونة. لقد قمنا بتدريب الصيادين الحرفيين على الاستفادة من مصادر دخل بديلة، كتربية الأحياء المائية الصغيرة النطاق، وسعينا إلى الترويج لاستهلاك المأكولات البحرية. وهناك إمكانات هائلة للاستزراع باستخدام الأنواع المناسبة إذا ما وفرنا التكنولوجيا المطلوبة وعلّمنا الناس كيفية القيام بذلك".

ساعد مرفق البيئة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة وحكومة شيلي على الحد من انكشاف المجتمعات الساحلية لتغير المناخ عبر تنويع سبل معيشتها وتلقينها سبلًا جديدة لإضافة قيمة إلى منتجاتها. ©FAO/Max Valencia

وبفضل مساهمة المنظمة في هذا الصدد، تعلم الصيادون الحرفيون وصغار مستزرعي الأحياء المائية طرقًا جديدة لإضافة قيمة إلى منتجاتهم وتنويع إنتاجهم.

ويقول السيد Luis Valdés الذي يمتهن الغوص لصيد الأسماك الصدفية في ريكيلمي في أقصى الساحل الشمالي لشيلي، إنه اكتسب مهارات جديدة بفضل مشروع المنظمة. فباستخدام البيانات البيئية التي يتم جمعها عبر أجهزة محمولة، أصبح الآن أفضل تجهيزًا لقياس مستويات الملوحة والأكسجين في المياه وقياس الإنتاجية.

ويقول في هذا الشان: "إنّ صيد الأخطبوط والأسماك الأخرى يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتغييرات في مستويات الأكسجين ودرجات الحرارة. فعلى سبيل المثال، عند 14 درجة مئوية تهاجر الأسماك، ولكن عند 18 درجة مئوية تتوفر الحرارة المثالية لممارسة عملنا.  وقد اختبرنا الطحالب كذلك لمعرفة ما إذا كان بالوسع إنتاجها في هذا الموقع".

ويقول السيد Juan Torrejón رئيس جمعية تربية الأحياء المائية المحلية في تونغوي: "يتحدث الناس عن تغير المناخ؛ أما نحن فنعايشه كل يوم. وبفضل دعم المنظمة، أصبحنا لدينا اقتراح بإقامة مصنع للتجهيز، فلا يعود شركاؤنا وتعاونياتنا مجرد منتجين فرديين وإنما يصبح بوسعنا أيضًا عرض المنتجات." 

واكتسب الصيادون أيضًا معارف حول كيفية تثمين الموارد الطبيعية والتراث الثقافي لمنطقتهم والترويج لها، لاستكمال عائدات مواردهم البحرية بواسطة السياحة.

وقد اكتسب السيد Matías Torres، وهو صياد سمك من كوليومو، أفكارًا جديدة لتنمية السياحة المستدامة. فيقول: "تقدم كوليومو أمورًا أخرى غير صيد الأسماك. فهناك الغوص، ومسارات المشي في الطبيعة، ورحلات المغامرة البرية، والمنتجات الغذائية ذات الهوية المحلية. وتتيح كل هذه الأنشطة مجتمعةً لسكان كوليومو بدائل للتكيف بشكل أفضل مع تداعيات تغير المناخ".

مع وجود هذا الكم الهائل من السواحل في شيلي، لا بد لمصايد الأسماك الحرفية وتربية الأحياء المائية الصغيرة النطاق أن تتكيف مع تغير المناخ والحالة الراهنة. ولكن إذا نضبت الموارد البحرية الحيوية، فما العمل؟

هذا سؤال برسم المجتمع العالمي بأسره وليس فقط لسكان شيلي.

Proyecto GEF
روابط تتعلق بالموضوع

لمزيد من المعلومات

موقع إلكتروني:منظمة الأغذية والزراعة ومصايد الأسماك

موقع إلكتروني: ملامح قطرية: شيلي

موقع إلكتروني: السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية 2022

مطبوع: الدروس المستفادة وتوصيات السياسة العامة بشأن التكيف مع تغير المناخ في مصايد الأسماك الحرفية وتربية الأحياء المائية الصغيرة النطاق في شيلي (باللغة الإنكليزية)