Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

لا تسير الأمور على النهج المعتاد في أكبر ميناء صيد في أوروبا


فيغو، إسبانيا تعمل على الحفاظ على سلسلة قيمة مصايد الأسماك مستمرة في زمن جائحة فيروس كورونا المستجدّ

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

أكبر ميناء صيد في أوروبا، فيغو، إسبانيا، الذي عادةً يصخب نشاطاً، هو الآن هادئ، هادئ بصورة غير معتادة. لا يزال الميناء مفتوحا، لكنه يكافح من أجل مواصلة عملياته في ظروف جائحة فيروس كورونا المستجدّ. ©الفاو/ميغيل ريوبا

03/04/2020

على الساعة الرابعة والنصف صباحا، في أي يوم من الأيام أويكاد، حين يكون معظم الناس نائمين، يكون أكبر ميناء صيد في أوروبا في فيغو، إسبانيا خائضاً في العمل.

وفي أوقات التشغيل العادية، تُسمَع صيحات أعداد العمال الذين يفرغون حاويات الأسماك من السفن الراسية في المرسى. يشحنون  مجموعة واسعة من الأسماك إلى عدد من قاعات المعالجة في الموقع، حيث تكدّس الحاوياتواحدة فوق الأخرى.و يستخدم العمال المهرة سكاكين حادة في محطات عملهم، حيث يقومون بقطع وإعداد شرائح الأسماك بسرعة قياسية.

وفي قاعات الميناء، تضاف إلى كل صندوق ملصقات للتتبع بواسطة رموز شريطية، مما يشير بوضوح إلى أنواع الأسماك وطريقة صيدها ومنطقة الصيد التابعة لمنظمة الفاو التي تم فيها الحصاد.

على الرغم من ظلام الليل الذي يلقي بصمته على هذه المدينة الساحلية الغاليكية، تمتلئ القاعات الكبرى للميناء على آخرها وتتحول إلى مساحات صاخبة بينما يصرخ منظمو المزادات المتنافسون في الأبواق. وهم يغنّون الأسعار بالغتين الإسبانية والغاليسية، سعياًإلى لإغراء العملاء في شراء الأسماك المكدسة في صناديقوُضعت على بعضها البعض. كلماتهم تضيع في نشاز العطاءات التي يتردد صداها في جميع أنحاء القاعات وتشقّ الحشود طريقها بين الحاويات  المحملة بخيرات البحر".

"تعيش مدينة فيغو  لأجل ميناءها"، تقول كورينا بورو، نائبة فيغو، في الحكومة الإقليمية لغاليسيا، إسبانيا." اليل في فيغو يشمل العمل في أسواق الأسماك... وهذه هي حياة فيغو، مدينتنا."

لكن هذه ليست أوقات عادية. 

في هذا العصر الجديد، زمن فيروس كورونا المستجدّ، وضرورة الابتعاد الجسدي، ماذا يحدث لهذه الخلية من خلايا النشاط اليومي – من مشاهد وروائح وأصوات وحركة بلا هوادة - التي تمثل أكبر ميناء صيد في أوروبا؟

إن إسبانيا هي أحد البلدان الأكثر تضررا من وباء فيروس كورونا المستجدّ، وهي البلد الذي يستهلك أكبر كميات من الأسماك والمأكولات البحرية في أوروبا، بنحو 42,8 كيلوغرام للفرد سنوياً.

إسبانيا تستهلك أكبر كميات من الأسماك والمأكولات البحرية مقارنة بجميع البلدان الأوروبية. لكن في أوقات الأزمات يتغير سلوك المستهلكين وتتأثر سلاسل القيمة. وقد تأثر سوق الأسماك الطازجة تأثرا شديداً. ©الفاو/ميغيل ريوبا

 الحفاظ على استمرارية العمل

لضمان وصول الأغذية إلى المستهلكين، الذين يعيشون في معظمهم في الحجر الصحي في منازلهم، يجب الحفاظ على سلاسل الإمداد.  لذلك، لا يزال ميناء فيغو يعمل، مع حماية صحة ورفاه عماله في الوقت نفسه على طول سلسلة القيمة السمكية. وهذا ليس بالأمر الهين."

"لقد اعتمدنا، قدر الإمكان، تكنولوجيا العمل عن بعد... وبهذه الطريقة، لم نخفض عدد الموظفين، حتى لو قلصنا حضورهم بشكل كبير في مباني الميناء. والعمل جار  بشكل جيد في حدودال معقول"، يصف إنريكي لوبيز-فيغا، رئيس هيئة ميناء فيغو. "هناك عدد قليل جدا من العمال الموجودين في المبنى، وبذلك يتم استيفاء متطلبات المسافة بين الأشخاص.  كما تعدّ عمليات النظافة والتنظيف المستمر من المستلزمات [تماشيا  مع القوانين الجديدة]."

وتتمثل أكبر التحديات في الحفاظ على تشغيل ميناء فيغو بكامل طاقته، خاصة عندما يتعلق الأمر بسوق الأسماك الطازجة.  وهذه عملية يومية، لأن الأسماك المجمدة تعتمد بشكل أقل على التسويق والتخزين يومياً."

 المستهلكون في أزمة

 إن كفاح فيغو ليست فريدة من نوعها. فوهذه الآثار محسوسة في جميع سلاسل القيمة لمصائد الأسماك في جميع أنحاء العالم. فالأسماك توفّر أكثر من 20 في المائة من متوسط نصيب الفرد من البروتين الحيواني لـ 3 بلايين شخص، أي أكثر من 50 في المائة في بعض البلدان الأقل نموا، وهي إحدى أكثر السلع الغذائية تداولا على الصعيد العالمي. وبالتالي، من المتوقع أن يكون الأثر الكبير على سبل عيش مجتمعات الصيادين والأمن الغذائي والتغذية والتجارة، ولا سيما في البلدان التي تعتمد اعتمادا كبيرا على قطاع صيد الأسماك.

 بالإضافة إلى التحديات في قطاع مصائد الأسماك، أثرت الأزمة أيضا على سلوك  المستهلكين وعلى ما يشترونه. و هذا ملحوظ بشكل خاص في بلد مثل إسبانيا التي تعرف مستويات عالية من استهلاك الأسماك.

"بسبب القيود المفروضة على الحركة، لم يعد العملاء يذهبون إلى الأسواقمما يقلل من الطلب على الأسماك الطازجة، ولكن بشكل خاص على المنتجات ذات الأسعار العالية مثل المحار والقشريات. و هذه هي المنتجات التي يتخلى عنها المستهلكون بسرعة في حالات الأزمات"، يقول لوبيز فيغا. " وهذا يؤدي إلى انخفاض عام في الأسعار المدفوعة للمنتجين، ولا سيما لقطاع مصائد الأسماك الحرفية والصغيرة."

ويقول أودون ليم، نائب مدير إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المنظمة: "يسرنا أن نرى جهود فيغو المثيرة للإعجاب للحفاظ على تشغيل سلاسل إمدادات مصايد الأسماك العاملة في هذه الأوقات الصعبة." ثم يضيف "سلاسل القيمة السمكية طويلة للغاية ومعقدة ودولية، حتى في الأوقات العادية.  ونحن نقدر الجهود الاستثنائية التي بذلت في جميع أنحاء العالم خلال الأزمة الحالية للحفاظ على سلاسل التوريد مفتوحة وضمان وصول منتجات الأسماك والمأكولات البحرية الصحية، وهي عنصر رئيسي في الوجبات الغذائية المغذية، إلى المستهلك النهائي".

ما فتئ ميناء فيغو يعمل مع منظمة الفاو لكي يصبح "ميناء أزرق"، أحد الموانئ في جميع أنحاء العالم التي تركز على الاستدامة البيئية مع الحفاظ على سبل عيش العاملين في هذا القطاع. ©الفاو/ميغيل ريوبا

مستدام وداعم

 وقد نشط فيغو، وهو من أشد المؤيدين لمصائد الأسماك الصغيرة النطاق، في السنوات الأخيرة، في ابتكار وتعزيز دوره بوصفه "ميناء أزرق"، مع التركيز على حفظ البيئة البحرية، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية وظروف العمل لأولئك الذين تعتمد سبل عيشهم على الميناء وأنشطته.

 وبالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة وغيرها من الموانئ في جميع أنحاء العالم لإنشاء شبكة من الموانئ الزرقاء المستدامة، لدعم بعضها البعض في تبادل المعلومات والتدريب الدولي في مجالات مثل عمليات التفتيش على مصائد الأسماك.

وفي زمن جائحة فيروس كورونا المستجدّ، توفر هذه الشبكة وتعاون الموانئ فائدة إضافية تتمثل في تبادل الخبرات في الاستجابة للأزمة، وفي نهاية المطاف، في الانتعاش بمجرد حل الأزمة.

وفقاً للوبيز - فيغا، فإن الميناء يقوم بالفعل بتقييم الدروس المستفادة خلال هذه الأزمة: "نعتقد أن المسار الذي سلكه ميناء فيغو، بشأن الشفافية والتتبع والجودة والاستدامة، والذي ينطوي على درجة عالية من المعلوماتية والسيطرة على النظم - قد يسر تنفيذ التدابير الاستثنائية التي نواجهها الآن. وهذا يؤكد من جديد إيماننا بأنه يجب علينا مواصلة التقدم على هذا الخط في المستقبل".

روابط تتعلق بالموضوع

وسوف يعج أكبر ميناء لصيد الأسماك في أوروبا مرة أخرى بالنشاط والأصوات والحركة التي لا تتوقف، وستساعد فيغو وشبكتها من الموانئ الزرقاء في بناء سلاسل قيمة أقوى وأكثر مرونة في مجال مصائد الأسماك في جميع أنحاء العالم.

وفي خضم أزمة بهذا الحجم، كثيرا ما تبدو المشاكل مستعصية على الحل، ويمكن أن يكون التضامن والشعور بالانتماء إلى المجتمع أمرا حاسما للتغلب على التحديات في ضمان استمرار عمل السلسلة الغذائية. ووفقاً للسيد لوبيز - فيغا، كان الدعم المجتمعي حيوياً لقدرة الميناء على تنفيذ عملياته في هذه الأسابيع الصعبة. "مع مرور الوقت، يزداد إدراك أصحاب المصلحة للحاجة إلى الانضباط الذاتي والتضامن.  وبهذا المعنى، قد نكون في فيغو فخورين بكيفية تطور الأمور في مجتمع الموانئ، مما يعكس ما يحدث في جميع أنحاء البلاد."

 وتساعد منظمة الأغذية والزراعة في دعم البلدان أثناء وباء فيروس كورونا المستجدّ هذا. ومن خلال تقديم توصيات بشأن السياسات بشأن مجموعة متنوعة من المجالات المتصلة بالأغذية والزراعة وتوفير بوابة لتبادل الاستراتيجيات والسياسات الوطنية، تعمل منظمة الأغذية والزراعة حتى لا تمس آثار وباء فيروس كورونا المستجدّ ب قطاعي الأغذية والزراعة فقط أو بصورة لا رجعة فها  على الفقراء وأولائك الذين يعانون منانعدام  الأمن الغذائي. وتحرص منظمة الأغذية والزراعة على سماع هذه الأصوات ووقوفها إلى جانب البلدان في صمودها خلال هذا الوقت العصيب.

للاطّلاع على مزيد من المعلومات:

الموقعالإلكتروني:الفاو وفيروس كورونا المستجد

الموقعالإلكتروني:الفاو والنموّ الأزرق

المنشور:الفاو ومصايد اللأسماك