Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

رجل سوري يمدّ يد العون لمجتمعه بطريقة غير تقليدية


أدى اختراع أحد مربي الماشية السوريين إلى مساعدة جيرانه في الحفاظ على دخلهم أثناء أشهر الشتاء.

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

أتى عبد الله بلال طوبال بفكرة ابتكارية بعد التحاقه بمدرسة حقلية للمزارعين تابعة لمنظمة الأغذية والزراعة تمثلت في صنع مكبس للأعلاف من شأنه أن يحدّ من خسائر المحاصيل ويحافظ على إنتاجية قطيعه طوال السنة ويحسّن في نهاية المطاف سبل عيشه. ©FAO/Andrea Thiodour

26/01/2022

وقال عبد الله بلال طوبال، وهو أحد صغار مربي الماشية في منطقة تل حاصل في محافظة حلب في شمال شرقي سورية: "إني أعرض استخدام مكبسي للأعلاف من دون مقابل لأي شخص يحتاجه. وإذا احتاج أي من جيراني آلة كهذه، فسيكون من دواعي سروري أن أصنعها لهم."

وقد خطرت هذه الفكرة الابتكارية لعبد الله بعد التحاقه بإحدى المدارس الحقلية للمزارعين التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة، حيث تعلم هو ومربو الماشية الآخرون كيف يُكبس البرسيم الجاف على شكل حزم من أجل حفظه كي يتسنى لهم علف أبقارهم في الشتاء.

"لقد اعتدنا تقديم البرسيم الأخضر لماشيتنا في الصيف، وكنا نتخلص من الفائض عند انتهاء فصل الصيف. لكننا تعلمنا في المدرسة [الحقلية للمزارعين] كيف نتفادى هذه الخسارة عن طريق حصد البرسيم كل 20 إلى 30 يومًا، وتجفيفه ومن ثم كبسه على شكل حزم باستخدام صندوق يُحمل باليد بغية تخزين العلف إلى حين حلول فصل الشتاء."

وكانت هذه التجربة هي ما ألهمت عبد الله تصميم أداة من أجل كبس الأعلاف. فصنع نموذجًا أوليًا بسيطًا للكبس اليدوي كطريقة من أجل تحسين عملية حفظ الأعلاف التي تعلّمها في المدرسة الحقلية للمزارعين. وتستخدم تقنية صنع الحزم التي ابتكرها عبد الله آلة كبس خشبية عوضًا عن كبس البرسيم بيديه وقدميه، مما جعل هذه العملية أسهل من الناحية الجسدية وأقل استهلاكًا للوقت.

وقد أدرك عبد الله، بسبب وجود أعلاف أقلّ جودة في الأسواق، أنّ مكبسه أتاح له فرصة تحسين مصدر رزقه والحد من خسارة محصول البرسيم والحفاظ على إنتاجية قطيعه على مدار السنة.

ويستخدم برنامج دعم أصحاب الحيازات الصغيرة التابع لمنظمة الأغذية والزراعة المدارس الحقلية للمزارعين من أجل الوصول إلى أصحاب الحيازات الصغيرة في جميع أنحاء محافظات الحسكة وحلب ودير الزور وصقل مهاراتهم، عن طريق تمكينهم من الوصول إلى المعلومات، بالإضافة إلى دعم تعلمهم عن طريق الممارسة المباشرة (التعلم عن طريق التنفيذ). ويعدّ مكبس الأعلاف الذي ابتكره عبد الله مثالًا واحدًا فحسب على قدرة المدارس الحقلية للمزارعين على تحرير العقول من أجل تقبّل سبل زراعة جديدة والمساعدة على تحسين سبل العيش.

كان على مربي الماشية العمل سويًا من أجل تعبئة البرسيم وكبسه وربطه على شكل حزم قبل أن يأتي عبد الله بمكبس الأعلاف (الصورة إلى اليسار). ©FAO/Andrea Thiodour

لم يكن مُقنعًا في بادئ الأمر

مع أن البرسيم الجاف كان واعدًا في البداية، إلا أن بعض السكان المحليين كانوا لا يزالون غير مقتنعين به. وكانوا يعتقدون أنه يتطلب الكثير من العمل وأصروا على استخدام الأعلاف الخضراء، لكنّ عبد الله أظهر النتائج من حيث إنتاج الحليب بفضل تقنية الحفظ التي تعلّمها في المدرسة الحقلية للمزارعين. وبعد أن بيّن لهم أيضًا حجم التوفير في الوقت والكلفة، كان ذلك كفيلًا بتغيير رأيهم.

وأضاف عبد الله: "خلال وقت قصير من استخدام هذا المكبس، استطعتُ أن أحفظ ما يكفي كي أوفر ربع الكلفة التي كنت سأتكبدها من أجل شراء الأعلاف، لكن في المستقبل، سيكون لدي الوقت كي أحفظ كمية أكبر وأوفر المزيد.

لقد بات لديّ الآن ما يزيد بقليل عن طنّ واحد من البرسيم الجاف المخزّن من أجل الشتاء. وأستخدمه بخلطه مع أعلاف أخرى، مما ساعدني على توفير كلفة شراء التبن كما أنه أفضل من الناحية التغذوية بالنسبة إلى الأبقار."

وعلاوة على ذلك، فإن نجاح آلة عبد الله يشجعه على العمل على تحسينها لفائدة مجتمعه. وأضاف موضحًا: "أراد بعض الناس امتلاك مكبسهم الخاص لكن لم يكن بمقدورهم شراء المواد اللازمة لصنعه، لذلك سمحت لهم باستخدام مكبسي من دون مقابل. ولدي خبرة قديمة في التعامل مع الأخشاب وهذا ما جعلني أفكر بصنعه من الخشب، لكنه لا يزال بحاجة إلى بعض التحسينات. ويمكن صنعه بشكل أمتن وأسهل استخدامًا بواسطة معدن خفيف الوزن مثل الألومينيوم، ومن الممكن صنع نسخة آلية منه باستخدام محرّك، مما سيحسن إنتاجيته بشكل كبير."

وبالإجمال، طلب ما يزيد على 15 أسرة معيشية من قرية عبد الله ومحيطها منه أن يسمح لها باستخدام مكبسه خلال الفصل الماضي، وهو يتوقع أن يزيد عدد الأشخاص المهتمين به في المستقبل.

تجمع المدارس الحقلية للمزارعين التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة بين الابتكار وأفضل الممارسات من أجل تحسين إنتاج المزارعين وزيادة دخلهم من الزراعة. ©FAO/Andrea Thiodour

ويقول Alfredo Impiglia، كبير المستشارين الفنيين في المنظمة في برنامج دعم أصحاب الحيازات الصغيرة "يمكن أن تدعم المساهمات والمِنح المزارعين المتضررين من الأزمة في سورية؛ بيد أن المزارعين بحاجة إلى أكثر من ذلك من أجل استدامة سبل عيشهم وتحديث ممارسات إنتاجهم الزراعي. وتسعى منظمة الأغذية والزراعة قبل كل شيء إلى تشجيع وتطوير سلوكيات المجتمعات المحلية الزراعية كي تنتج منتجات تنافسية تلبي حاجة السوق."

وتعدّ المدارس الحقلية للمزارعين طريقة فعالة من أجل سد الثغرة في المهارات والوصول إلى الفئات السكانية المهمشة والمحرومة، مثل الشباب والنساء، في المجتمعات المحلية الريفية. وهي تساعد السكان الريفيين على تنمية إمكاناتهم بشأن توليد الدخل وإنشاء أعمال تجارية متصلة بالزراعة. وهذا ما يدعم الاعتماد على الذات ويزيد فرص العمل.

ويوفر البرنامج أيضًا فرص التدريب على إنشاء الأعمال التجارية الزراعية وإدارتها. وهذا ما يتيح أمام المزارعين ومربي الماشية فرصة تأدية دور رئيسي في تعافي القطاع الزراعي في سورية عن طريق اكتساب المهارات ووضع استراتيجيات التعايش الابتكارية التي تساعد على اكتساب قدرة أكبر على الصمود في أوقات الأزمات.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات:

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: الجمهورية العربية السورية

الموقع الإلكتروني: منصة مدارس المزارعين الحقلية العالمية

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في حالات الطوارئ: الأزمة في الجمهورية العربية السورية

قصة: إخلاص امرأة سورية لأحفادها وموطِنها ومزرعتها