Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

المياه الآمنة تؤدي إلى توفير المياه


كيف يمكن للخطوط التوجيهية الجديدة للدستور الغذائي أن تعزز الحفاظ على المياه

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

تمثل تلبية الاحتياجات المتضاربة من المياه للأغراض الصناعية والأسرية والزراعية تحدّيًا للكثير من البلدان. ©FAO/ Fredrik Lerneryd

14/12/2023

في تيغوسيغالبا، عاصمة هندوراس، يشكّل نقص المياه واقعًا حقيقيًا. إذ لا تملك أسر معيشية عديدة مياهًا آمنة للشرب، بينما لا تنفك مصادر المياه، كطبقات المياه الجوفية والبحيرات، تتضاءل. وفي غضون ذلك، تتّسع دائرة الاحتياجات أكثر فأكثر. إذ يؤدي تزايد عدد السكان وتنامي الصناعة وتوسّع نطاق الزراعة إلى انحسار الموارد المائية إلى مستويات مقلقة للغاية. 

وتقول السيدة Mirian Bueno، المديرة الفنية لسلامة الأغذية في الهيئة الوطنية المعنية بسلامة الأغذية والزراعة وجودتها في حكومة هندوراس (SENASA)، "ثمة نوع من المنافسة القائمة بين الزراعة وإطعام السكان وتزويد الأسر المعيشية بمياه الشرب".

وأوضحت قائلة "في ظلّ استمرار نمو الزراعة، ماذا سيحدث للسكان في هذه المناطق الحضرية؟ ففي العاصمة مثلًا، باتت المياه الصالحة للشرب ولتلبية الاحتياجات الأساسية نادرة جدًا".

وإنّ التعامل مع التوازن الدقيق بين الاحتياجات من المياه للأغراض الصناعية والأسرية والزراعية يمثل تحديًا مشتركًا للكثير من البلدان.

فالمياه مورد لا يقدر بثمن، ليس لحياتنا اليومية فحسب، وإنّما أيضًا لإنتاج الأغذية وتجهيزها. غير أنّ الضغوط التي يتعرّض لها هذا المورد الحيوي تتزايد يومًا بعد يوم.

وفي ظلّ الافتقار إلى بديل حقيقي للمياه، أصبحت طريقة استخدام المياه أو إعادة استخدامها تكتسي أهمية متزايدة في البحث عن حلول لندرتها. 

وقد بدأت هيئة الدستور الغذائي، وهي الجهاز المعني بوضع المواصفات الغذائية المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) ومنظمة الصحة العالمية، بالنظر في مختلف أنواع المياه ومدى ملاءمتها لمختلف أوجه الاستخدام في إنتاج الأغذية وتجهيزها، باعتبار ذلك وسيلةً للحفاظ على مياه الشرب.

وفي السابق، كان النص الأساسي للدستور الغذائي، أي المبادئ العامة لنظافة الأغذية، يوصي باستخدام مياه الشرب أو المياه النظيفة لإنتاج الأغذية وتجهيزها. غير أنّ الخبراء في جميع أنحاء العالم بدأوا يبحثون في التطبيق العملي لهذه التوصية ومدى استدامتها.

وقالت السيدة Sarah Cahill، كبيرة الموظفين المسؤولين عن المواصفات الغذائية في أمانة الدستور الغذائي، "لقد أشار بعض [البلدان] إلى التحديات المرتبطة بالحصول على مياه الشرب، سواء بسبب توافرها أو تكلفتها، التي تستوفي المعايير الصارمة المحددة في الخطوط التوجيهية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بشأن مياه الشرب. وطلبت هذه البلدان بأن يجري النظر في هذه المسألة بقدر أكبر، مع الإشارة إلى أنّ المياه الجيدة لأغراض الشرب قد لا تكون دومًا ضرورية".

ووضع الدستور الغذائي، في معرض استجابته لهذه الطلبات، مجموعة جديدة من الخطوط التوجيهية التي تتناول المصادر الآمنة للمياه واستخدامها وإعادة استخدامها في كل مراحل سلسلة إنتاج الأغذية وتجهيزها، مع التأكيد على أنّه ينبغي للمياه أن تكون مناسبة للغرض المتوخى منها.  

وفي إنتاج الأغذية، يمكن أن يتسبب استخدام المياه بمخاطر صحية متعددة. وكانت هذه مهمة اجتماعات الخبراء المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية بشأن تقييم المخاطر الميكروبيولوجية (الاجتماعات)، فهدفت إلى تقدير هذه المخاطر وتقييم تأثيرها المحتمل على صحة المستهلك. وقد بحثت هذه الاجتماعات في السبل الكفيلة بالتوفيق بين مختلف أنواع المياه، مثل المياه المستصلحة، أو المعاد تدويرها، أو المياه المعاد توزيعها، أو المياه العادمة، والغرض الذي تستخدم من أجله، لضمان سلامة الأغذية. وتم إدراج ما توصلت إليه هذه الاجتماعات من نتائج في الخطوط التوجيهية الجديدة للدستور الغذائي الخاصة بالمياه.

يسلّم النهج القائم على "الوفاء بالغرض المنشود" بأنّ متطلبات جودة المياه تختلف بناءً على السيناريو. ويمكن لهذا أن يساعد في الحفاظ على مياه الشرب. الصورة على اليسار: ©Patrick Zachmann/Magnum Photos for FAO الصورة على اليمين: ©FAO/Isak Amin/WFP

وانطلاقًا من هذا المنظور القائم على "الوفاء بالغرض المنشود"، تسلّم الخطوط التوجيهية بأن متطلبات جودة المياه تختلف من منتج غذائي إلى آخر ومن سيناريو إلى آخر.  

وتوضّح السيدة Cahill قائلة "المياه المناسبة لزراعة أو غسل الخسّ الذي سيتم تناوله نيئًا تختلف عن تلك المستخدمة في الزراعة أو لتنظيف البطاطا التي سيتم طهيها قبل تناولها. إذ يمكِّن الطهي من التخلّص من الملوثات الميكروبيولوجية مثل البكتيريا، ولكن بالنسبة إلى أغذية، مثل الخسّ الذي يتم تناوله نيئًا، من المهم استخدام المياه التي لن تجعل الغذاء غير آمن من الناحية الميكروبيولوجية".

التطبيق العملي

في أكتوبر/تشرين الأول 2022، كانت هندوراس، وبدعم من أمانة اجتماعات الخبراء المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية بشأن تقييم المخاطر الميكروبيولوجية، متحمسة لاستضافة حلقة عمل تم خلالها اختبار أدوات لاتخاذ القرار بشأن استخدام المياه وضعتها الاجتماعات المشتركة، واُقترح إدراجها في الخطوط التوجيهية للدستور الغذائي.

وقد استخدم المشاركون من هذا القطاع والحكومة من جميع أنحاء أمريكا اللاتينية المخططات الانسيابية لسلسلة القرارات هذه وغيرها من الأدوات لتقييم مصادر المياه في مجالات إنتاج الأغذية وتجهيزها ونقلها وتحديد مستويات المخاطر المتصلة بها. وتمثل الهدف من ذلك في ضمان أن تتيح الخطوط التوجيهية للدستور الغذائي نهجًا عمليًا في بيئات الأغذية والزراعة.

وفي عام 2023، نظمت الهيئة الوطنية المعنية بسلامة الأغذية والزراعة وجودتها في حكومة هندوراس (SENASA)، حلقة عمل وطنية لمساعدة المسؤولين الحكوميين والعاملين في القطاع والأوساط الأكاديمية على الإلمام بالنصّ والأدوات الواردة في الخطوط التوجيهية.

وقالت السيدة Bueno "لقد قدّمنا للمشاركين في حلقة العمل مخططًا بيانيًا انسيابيًا بسيطًا عن نبتة تم اختراعها استنادًا إلى عمل الاجتماعات المشتركة، وطلبنا منهم تقييم مخاطر المياه المتأتية من مصادر مختلفة مع أخذ الاستخدام المقصود منها في الحسبان، وتحديد نوع المعالجة الذي سيطبقونه لضمان الحفاظ على سلامة الأغذية".

وتمثّل الهدف الأساسي في تحدّي النموذج السائد الذي يؤيد حصريًا استخدام مياه الشرب. وقد رأت السيدة Bueno كيف أنّ النهج العملي لحلقة العمل، مثلًا من خلال تحليل دراسات الحالة، قد ساعد المشاركين على فهم هذه المبادئ.

وقالت "لقد كان تغيير مواقف الناس صعبًا، ولكن هذا ما أردنا فعله، أن نجعل المشاركين يفكرون "خارج الإطار النمطي" في الطرق المختلفة التي يمكن استخدامها لمختلف مصادر المياه، بالاستعانة بأدوات عملية من شأنها المساعدة على تقييم سلامة المياه."

في ظلّ تزايد ندرة المياه وجودتها، تؤكّد الخطوط التوجيهية الجديدة للدستور الغذائي ضرورة إدارة هذا المورد بطريقة تضمن سلامة الأغذية، بموازاة تفادي هدر المياه. ©FAO

وتشير التعقيبات التي تلقتها السيدة Bueno، منذ انعقاد حلقة العمل، إلى أنّ القطاعات حريصة على إعادة استخدام المياه عقب تحليل لنسبة التكاليف إلى المنافع الناشئة عنها.

وقال السيدة Bueno "إن المياه الجديدة باهظة الثمن.ولقد رأت القطاعات أنه من الأفضل لها وللبيئة لو استطاعت إعادة استخدام المياه وخفض تكاليفها". وهذا صحيح في جميع القطاعات، وإنّ إمكانات توفير المياه والمال هائلة. ومع أنّ الخطوط التوجيهية الراهنة تركّز بوجه خاص على إنتاج الخضروات والفواكه، فهي ستغطي في العام المقبل قطاع الألبان ومصايد الأسماك أيضًا.

وفي ظلّ تزايد ندرة المياه وأوجه التفاوت العالمية في توافر المياه وجودتها، تؤكّد الخطوط التوجيهية للدستور الغذائي على ضرورة إدارة المياه بطريقة تضمن سلامة الأغذية مع التخفيف في الوقت نفسه من الاستهلاك غير الضروري للمياه وهدرها.

ومع أنّ الخطوط التوجيهية للدستور الغذائي طوعية، فإن بلدانًا مثل هندوراس، حريصة على الحصول على توجيهات في مجال العمل الذي من شأنه المساعدة في التخفيف من حدة الإجهاد الذي تتعرض له المياه في الوقت الراهن. وفي ظلّ تعاظم التحديات، تعمل هذه الخطوط التوجيهية كأداة إضافية لإيجاد حلول للحفاظ على المياه.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: هيئة الدستور الغذائي

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة وسلامة الأغذية وجودتها

مطبوع: المبادئ العامة لنظافة الأغذية

مطبوع: سلامة وجودة المياه المستخدمة في إنتاج الأغذية وتجهيزها