Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

مدارس بلا جدران


قوة مدارس المزارعين الحقلية

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

المدارس الحقلية للمزارعين هي مدارس بدون جدران يكون المزارعون فيها خبراء. وتهدف المدارس إلى تعزيز مهارات المزارعين من خلال التعلم العملي. © الفاو / ريكاردو غانغال

14/02/2018

تعيش كريستين، المرأة المبتسمة والمليئة بالحيوية، في منطقة كاراموجا شبه القاحلة في شمال شرق أوغندا. توفي زوجها منذ بعض الوقت وهي تقوم الآن برعاية أطفالها الستة بمفردها. وقد كافحت كريستين في إدارة أسرتها وتأمين الاحتياجات الأساسية لأطفالها. وهي تقول: "كنت دائما أطلب شيئا ما من شخص ما".

لقد كانت الزراعة دائما المصدر الرئيسي لدخلها المحدود. وهي تقول: "كانت الزراعة صعبة. وفي بعض الأحيان كنت أجد نفسي دون بذور عندما تأتي الأمطار. ولم يكن الناس راغبين كثيرا في دعمي لأنني سأواجه صعوبات في التسديد".

انضمت كريستين إلى مجموعة مدرسة المزارعين الحقلية في عام 2011. وهي تقول: "من خلال مدرسة المزارعين الحقلية، لم أتعلم فقط كيفية إدارة أنشطتي بشكل أفضل، ولكن أيضا كيفية فهم التوقيت المناسب للزراعة، وكيفية استخدام بذور أقل للحصول على نفس النتيجة النهائية، وكيفية وضع استراتيجية للتسويق." 

Christine

أصبحت كريستين، وهي مشارك في مدرسة المزارعين الحقلية في كاراموجا بأوغندا، الآن مصدرا للمعرفة لأشخاص آخرين في قريتها. © الفاو / لوسي تشوكولاتا

مدارس المزارعين الحقلية هي مدارس بلا جدران. وهي ترتكز على مفهوم التعلم العملي بهدف البناء على مهارات المزارعين وتعزيز قدرتهم على التحليل النقدي، وإيجاد حلول للتحديات الزراعية المحلية. وفي مدارس المزارعين الحقلية، المزارعون هم الخبراء. وهم الذين يقررون ما هو المناسب بالنسبة لهم، وما يريدون لمدارس المزارعين الحقلية معالجته في مناهجهم الدراسية. وهذا يضمن أن تكون المعلومات ذات صلة ومصممة خصيصا للاحتياجات الفعلية للمشاركين. وتروج مدارس المزارعين الحقلية لفكرة أن عملية التعلم فريدة بالنسبة لكل شخص، وأنه من أجل تعزيز التعلم الجديد، يجب أن تؤخذ الخبرة السابقة في الاعتبار.

وتوضح كريستين قائلة: "ليس لدينا فقط حديقة خضروات تؤمن دخلا كبيرا لنا، ولكننا نستخدم أيضا نظاما تناوبيا بحيث تعمل المجموعة معا في حقل شخص ما، ثم تنتقل إلى حقل شخص آخر."

الحقل أو القطيع أو المشهد الطبيعي هي ميادين التعلم الرئيسية، التي تُنظم أنشطة مدارس المزارعين الحقلية حولها. ويتعلم المزارعون بشكل مباشر مما يلاحظونه ويجمعونه ويجرّبونه في محيطهم. وهم ينتجون موادهم التعليمية الخاصة بهم (الرسومات، وغيرها) على أساس ما يلاحظون ويختبرون.

ومن خلال معرفتها ونجاحها، أصبحت كريستين جهة مرجعية لأشخاص آخرين في القرية: "يأتون إلي لطلب المشورة حول كيفية القيام بهذا الشيء أو ذاك. وهم يصغون إلى ما أقوله الآن، وهناك فرق كبير بالمقارنة مع الماضي."

وتقوم كريستين حاليا بزراعة الذرة الرفيعة، والفول السوداني، واللوبياء، ودوّار الشمس، والخضروات. وهي تخزن جزءا من إنتاجها وتبيع ما تبقى. وهي تقول: "أولويتي الآن هي الاستثمار في تعليم أطفالي."

وجميع أطفال كريستين الستة هم في مدارس داخلية في مناطق قريبة.

وتقول كريستين ضاحكة: "من وقت لآخر، ما يزال البعض يسألني لماذا أرسل بناتي إلى المدرسة، ولماذا لا أزوجهنّ. التعليم مهم جدا. وأطفالي يريدون الدراسة، ولذلك يدرسون. وعندما تكون متعلما، دائما ما تجد وظيفة ما."

اليسار: بعد ثلاث سنوات من المشاركة في مدارس المزارعين الحقلية في صافي، الأردن، أصبحت أسماء (الوسط) ميسرة لهذه المدارس. مع تشجيع أسماء، انضمت أخواتها أيضا إلى مدارس المزارعين الحقلية. © الفاو / لوسي تشوكولاتا اليمين: ويتم تنفيذ مدارس المزارعي

الغرض من مدارس المزارعين الحقلية ليس فقط بناء القدرة التقنية للمزارعين، ولكن أيضا المساهمة في تنمية المجتمع المحلي، بما في ذلك المساواة بين الجنسين والإدماج الاجتماعي.

تأتي أسماء من بلدة الصافي، جنوب البحر الميت، في الأردن حيث تعيش مع أسرتها.

كان عمر أسماء 24 عاما عندما دُعيت مع أخيها للانضمام إلى مجموعة مدرسة المزارعين الحقلية المعنية بإنتاج البندورة. وكانت واحدة من بين امرأتين في تلك المجموعة.

وتحسنت مهارات أسماء بسرعة، ووجدت أنه يمكنها أن تعبر عن آرائها بشكل أكثر وضوحا والتواصل بشكل أكثر انفتاحا مع أعضاء المجموعة الآخرين، الذين كان معظمهم من الرجال. وبعد ثلاث سنوات من المشاركة في مدرسة المزارعين الحقلية، أصبحت أسماء ميسّرة لمدرسة المزارعين الحقلية. وهناك سبع مزارعات أخريات بدأن أنشطة زراعية بمساعدة أسماء. وقد أصبحت أسماء مثالا يحتذى بالنسبة لهن. كما انضمت أختاها زينب ووصال أيضا إلى هذه المجموعة النسائية لمدرسة المزارعين الحقلية.

لم تقم مدارس المزارعين الحقلية ببناء القدرات التقنية للمزارعين فحسب، بل أسهمت أيضا في تحقيق المساواة بين الجنسين والإدماج الاجتماعي في المجتمع المحلي. © الفاو / أوليفير أسيلين

ومن خلال بناء ثقة النساء والرجال على حد سواء، تعزز عملية مدارس المزارعين الحقلية التمكين والتماسك الفردي، والأسري، والمجتمعي. وهناك أيضا مدارس المزارعين الشباب الحقلية التي تقوم بتدريب الجيل القادم على الأساليب الزراعية المستدامة، لتعزيز سبل عيشهم وأمنهم الغذائي في المستقبل. وتساعد هذه المدارس على منح الشباب الضعفاء مجتمعا يستفيدون منه وقاعدة من المهارات الحياتية التي لا تُقدر بثمن من أجل مستقبل أفضل.

وتشمل كل مدرسة مزارعين حقلية ثلاثة أنشطة على الأقل: تحليل النظم الإيكولوجية الزراعية، و"نشاط ديناميكي جماعي"، و"موضوع اليوم". ويركز النشاط الديناميكي الجماعي على بناء الفريق، والمهارات التنظيمية، في حين يشمل "موضوع اليوم" في العادة المعلومات التقنية التي تتعلق عادة بالزراعة، ولكن يمكن أن يعالج أيضا أي موضوع آخر يهم أعضاء المجموعة.

Arouna

وجد هارون، من جنوب شرق السنغال، أن مدارس المزارعين الحقلية تؤكد مزايا العمل معا. بناء مجتمعات أقوى هو هدف مهم من مدارس المزارعين الحقلية. © الفاو / لوسي تشوكولاتا

يسكن هارون مع أسرته في منطقة تامباكوندا في جنوب شرق السنغال حيث يعيش ثلثا السكان تحت خط الفقر مقارنة بالمتوسط الوطني الذي يقل عن 50 في المائة.

انضم هارون وزوجته إلى مدرسة المزارعين الحقلية المحلية في عام 2015. وهو يوضح أن المدرسة ساعدته على فهم مدى أهمية معرفة الآخرين، والتواصل معهم، والتوصل إلى توافق في الآراء. ويقول هارون: "أحد المبادئ الأساسية للمدرسة هو ضرورة اتخاذ القرار معا". ومبدأ بناء مجتمعات أقوى تعمل معا هو هدف هام لمدارس المزارعين الحقلية.

"رأيت بوضوح أن ما يمكنني القيام به بنفسي ليس كما يمكننا القيام به في مجموعة". - هارون، مزارع سنغالي ومشارك في مدرسة مزارعين حقلية 

ويوضح هارون أنه في الماضي كان يعمل بشكل حصري في حقله، وزوجته في حقلها. "لم أكن أساعد زوجتي أبدا، كما أنها لم تكن تساعدني. ولكننا تغيرنا، فنحن نساعد بعضنا البعض، مما يجعل الأمور أسهل."

ويقوم هارون وزوجته بزراعة القطن، والدُخن، والذرة الرفيعة، والذرة، والفول السوداني، والبامية، والفاصولياء، وبعض الخضروات الأخرى. ويقول: "نحن مكتفون ذاتيا تقريبا من حيث الأغذية". وتساعد مدارس المزارعين الحقلية الناس على أن يصبحوا أكثر استقلالية، وكما في حالة هارون، أكثر ميلا إلى التأمل الذاتي. ويخلص هارون إلى القول: "كما تعلمون، كون الشخص من غير تعليم مثل كونه أعمى. وعندما لا تعرف نفسك، لا يمكنك أن تفهم الآخرين."

روابط تتعلق بالموضوع

في عام 2017، أنشأت منظمة الفاو المنصة العالمية لمدارس المزارعين الحقلية بالتعاون مع أكثر من 15 من الشركاء الخارجيين، لربط الشبكة المتنامية من الممارسين والمنظمات التي تستخدم مدارس المزارعين الحقلية. والهدف من المنصة هو تعزيز جودة مدارس المزارعين الحقلية من خلال تيسير تبادل المعرفة، والخبرة، والابتكار بين مستخدميها. وتشمل المنصة مكتبة تضم أكثر من 300 من موارد مدارس المزارعين الحقلية، وملامح مختصرة على الإنترنت لخبراء مدارس المزارعين الحقلية، ومجموعة مناقشة إلكترونية عالمية تضم أكثر من 900 ممارس من 100 بلد.

ويتم تنفيذ مدارس المزارعين الحقلية اليوم في أكثر من 90 بلدا مختلفا. وقد حسنت هذه المدارس مهارات أكثر من 4 ملايين من المزارعين، والرعاة، وصيادي الأسماك حول العالم، الذين يعتبرون أبطالنا في خلق عالم خال من الجوع. ولا يمكننا أن نأمل في تحقيق عالم متحرر من الجوع دون دعم أولئك الذين ينتجون أغذيتنا.

لمعرفة المزيد

مدارس المزارعين الحقلية لدى المنظمة

كم تعرف عن مدارس المزارعين الحقلية

مطبوعة: دليل تنفيذ مدارس المزارعين الحقلية