Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

الحراجة المجتمعية في إندونيسيا تُحوُّل الأراضي القاحلة إلى مناظر طبيعية خصبة


المجتمعات المحلية تأخذ على عاتقها إدارة غاباتها وعكس مسار إزالة الغابات وتأمين سبل العيش

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

نجح برنامج الحراجة المجتمعية في إندونيسيا، المدعوم حاليًّا من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تحويل أراضٍ كانت في السابق قاحلة وغير منتجة إلى غابات خصبة تتخلّلها حقول زراعية. UNEP/Taufany Eriz©

28/08/2023

عند التأمل في فسيفساء الغابات الخضراء الخصبة التي تتخلّلها حقول مزروعة، يصعُب على السيد Pendi، القائد في مجتمعه المحلي والبالغ من العمر 49 عامًا، أن يتذكَّر ما كانت تبدو عليه أرضه الحرجية المجتمعية في عام 2005.

فآنذاك، كانت الأرض ذاتها الواقعة في مقاطعة سيويدي (Ciwidey)، على بعد 200 كيلومتر جنوب شرق العاصمة الإندونيسية جاكارتا، قاحلةً وغير منتجة وبدون أي غطاء نباتي يُذكر. وفي ذلك الوقت، في ظلِّ الحقوق غير المأمونة لحيازة الأراضي وضعف الشعور بملكية الأراضي، كانت إزالة الغابات ممارسةً متفشّية في إندونيسيا. وتُقدِّر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) أنَّ البلاد كانت تخسر متوسطًا قدره 000 580 هكتار من الغابات سنويًّا، في الفترة بين 2000 و2010. ولم تُهدّد هذه الخسارة التنوع البيولوجي في البلاد فحسب، وإنما أيضًا سبل عيش المجتمعات المحلية، إذ يعتمد حوالي 40 مليون إندونيسيّ على الغابات لكسب عيشهم. 

ويقول السيد Pendi "من دون الغابات، نكابد لكسب رزقنا".

وعندما رأى السيد Pendi ومجتمعه المحلي التأثيرات التي رتّبتها خسارة الغابات على طريقة عيشهم التقليدية، عقدوا العزم على عكس اتجاه إزالة الغابات واستصلاح الأراضي القاحلة.

فبدأوا بزراعة الأشجار وشتّى أنواع المحاصيل لكسب عيشهم، إلّا أنه في غياب الملكية القانونية للأراضي، كانوا معرضين لتحديات عديدة مثل عمليات الإخلاء وسرقة المحاصيل بشكل متكرّر.

وفي الوقت الحاضر، تتلقى جهود المجتمعات المحلية هذه دعمًا من برنامج الحراجة المجتمعية في إندونيسيا، وهو مبادرة يعززها دعم المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وشركاء آخرون من خلال برنامج الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية.

على غرار السيد Pendi (إلى اليمين)، يعتمد حوالي 40 مليون إندونيسيّ على الغابات لكسب عيشهم. ويعزز برنامج الحراجة المجتمعية في إندونيسيا، بدعم من مبادرة الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية، حقوق ا

الحراجة المجتمعية

انتقل برنامج الحراجة المجتمعية في إندونيسيا الذي اعتُمد في 2016، بالمجتمعات المحلية إلى عهد جديد من إدارة الغابات. فقد صُمِّم هذا البرنامج لتعزيز حقوق الحصول على الأراضي، وتزويد المجتمعات المحلية بمقومات التمكين ودعم ممارسات صون الغابات. وتهدف الحكومة إلى إعادة تخصيص مساحة إجمالية تبلغ 12.7 ملايين هكتار من الغابات الحكومية، وهو ما يعادل مساحة جزيرة جاوة الرئيسية في إندونيسيا، إلى المجتمعات المحلية لتمكينهم من إدارة غاباتهم لفترات تصل إلى عقود في بعض الأحيان. وحتّى اليوم، منح البرنامج سندات ملكية لما مساحته 5.6 ملايين هكتار من الغابات الحكومية لمليون (1) أسرة معيشية.

وفي عام 2018، مُنح السيد Pendi وأفراد مجتمعه المحلي حقوقًا لحيازة مساحة توازي تقريبًا 160 1 هكتارًا من الأراضي لمدة 35 عامًا.

وقد أفضى منح حقوق طويلة الأمد لإدارة الأراضي للمجتمعات المحلية إلى منافع عظيمة؛ فقد بدأ توسُّع الغطاء النباتي يحل محل المساحات الجرداء غير المنتجة.

المزج المتجانس بين الحراجة والزراعة

في ظلِّ الحقوق المأمونة لحيازة الأراضي، شعر السيد Pendi ومجتمعه المحلي بالثقة الكافية لزراعة المحاصيل البينية، مثل حبوب البن، إلى جانب أنواع الأشجار المختلفة.

ويقول السيد Pendi " إنَّ الدخل من محصول البنّ قد ساعد على تحسين سبل عيشنا، ومدَّنا بأموال كافية لاستثمار المزيد في زراعة المحاصيل المختلفة وفي تكنولوجيات لرصد استخدام الأراضي من خلال أحد التطبيقات على الهاتف المحمول".

ولكنًّ تفشِّي جائحة كوفيد-19 في عام 2020 وجّه لهم ضربةً قاسية، إذا عرقلت القيود التي فُرضت آنذاك عمليتي الإنتاج والوصول إلى الأسواق على حدٍّ سواءٍ.

وفي ظلّ تلك الظروف، قامت المنظمة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بإطلاق "مبادرة الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية" في المنطقة دعمًا للمزارعين. وجاءت المبادرة بتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، ونُفِّذت بالشراكة بين المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع أمانة رابطة أمم جنوب شرق آسيا، والمركز الإقليمي للتدريب المعني بالحراجة المجتمعيّة في آسيا والمحيط الهادئ، وشركاء آخرين.

وبناءً على تعزيز أمن حيازة الأراضي الذي أسفر عنه برنامج الحراجة المجتمعية في إندونيسيا، قدَّمت مبادرة الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية دورات تدريبية للسيد Pendi ولأفراد مجتمعه المحلي من أجل مساعدتهم على تحسين مهاراتهم الفنية في مجال الحراجة الزراعية. وكان هذا الدعم بالغ الأهمية في تنشيط سبل عيشهم في أعقاب جائحة كوفيد-19.

حتّى اليوم، مُنحت سندات ملكية لما مساحته 5.6 ملايين هكتار من الغابات الحكومية لمليون (1) أسرة معيشية في إندونيسيا. UNEP/Taufany Eriz©

إطلاق إمكانات الحراجة المجتمعية

تقول السيدة Serena Fortuna، وهي قائدة فريق المنظمة المعني بمبادرة الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية، إنَّ المبادرة تعمل في إندونيسيا وغيرها من الأماكن لكي تنال الحراجة المجتمعية "تقديرًا أكبر بوصفها إجراءات للتخفيف والتكيُّف في مجال الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة". وتضيف أنَّ المبادرة "مهمة أيضًا في فكِّ الارتباط بين الزراعة وإزالة الغابات".

وتتيح المبادرة للمجتمعات المحلية كذلك وصولًا أفضل إلى التمويل والأسواق، ويرى السيد Alexis Corblin، كبير المستشارين الفنيين في مجال المناخ والغابات في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن ذلك "عامل حاسم في إطلاق الإمكانات الكاملة للحراجة المجتمعية في إندونيسيا، إذ تتيح هذه المبادرة طريقةً لتشجيع النتائج البيئية الإيجابية، وتستحدث في الوقت نفسه فرصًا لتطوير حسّ ريادة الأعمال وسبل العيش".

وتُظهر تجربة السيد Pendi أنَّ الحراجة المجتمعية قد تكون نهجًا واعدًا لتحسين سبل عيش المجتمعات المحلية ولصون الغابات والتنوع البيولوجي في الوقت نفسه. فهذه الأراضي التي كانت في ما مضى أراضٍ متدهورة قد تحوَّلت إلى نظم إيكولوجية مزدهرة تُسهم في تخزين الكربون واستقرار المنحدرات وتحسين نوعية المياه والهواء والتربة.

وبالإضافة إلى إندونيسيا، تُنفِّذ مبادرة الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية، أنشطةً في كل من كمبوديا وجمهوريّة لاو الديمقراطية الشعبية. وفي ضوء الدعم المناسب للمجتمعات المحلية، يُمكن لمبادرات الحراجة المجتمعية أن تُطلق الإمكانات الهائلة للغابات فتدعم جهود التخفيف من آثار تغيّر المناخ، وتكفل في الوقت ذاته مستقبلًا أكثر مساواة للجميع.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: إندونيسيا

الموقع الإلكتروني: برنامج الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية

الموقع الإلكتروني: المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والغابات