Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

النساء القيّمات على محمية إيماتاكا الحرجية في فنزويلا


تتولى هؤلاء النساء من الشعوب الأصلية قيادة مشروع مشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومرفق البيئة العالمية لصون الغابات

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin
06/08/2021

عند الساعة الخامسة صباحًا تصدح أصوات نساء الكارينيا في أرجاء محمية إيماتاكا الحرجية. يتقدمن باتجاه وسط الأدغال لبلوغ نهر بوتانامو من أجل جمع الماء لليوم، ومن ثم يقمن بإعداد الـ "كاسابي" وهي عبارة عن فطيرة مستديرة من طحين الكسافا ليأكلنها مع الغنائم التي أحضرها أفراد القبيلة الآخرون من صيدهم. وبعد الفطور، ينصرفن إلى المهمة الرئيسية لليوم: أي إدارة الغابة وصونها.

وتقول Cecilia Rivas "عميدة" المجموعة: "لم أر قط أخواتي في مجتمعنا الأصلي بهذا العزم والحماسة لعملهن...
فعلى الرغم من جميع المشاكل التي يعانيها بلدنا، تبادر تلك النساء إلى تحسين مجتمعهن."

و"العميدة" هو لقب الزعيمة المنتخبة للجماعة. وتشرح لنا Cecilia أنه: "لطالما هيمن الرجال على جماعة الكارينيا. وكنساء، لم يكن في الماضي بوسعنا التعبير عن رأينا أو التصويت." وهكذا كان انتخاب Cecilia في عام 2013 بمثابة بداية للتحول. وقد أسهم المشروع المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومرفق البيئة العالمية، الذي يهدف أيضًا إلى زيادة المساواة بين الجنسين في قطاع الغابات، في مواصلة هذا التغيير للذهنية، من خلال دعمه لنساء الكارينيا في قيادتهن النشطة لتنمية أراضيهن وصون التنوع البيولوجي للمنطقة.

الإدارة المجتمعية للغابات

إن إيماتاكا هي غابة استوائية رطبة واسعة المساحة وفائقة التنوع، تقع في جنوب شرق فنزويلا. والحقيقة أن التنوع البيولوجي لهذه المحمية الطبيعية غير اعتيادي، حيث أن الحياة تعشعش في كل ركن من أركانها. فيمكن رؤية عدد كبير
من الثدييات، مثل نمور الجاغوار وحيوانات التابير والغزلان والقردة النابحة، وسط غطائها النباتي الخصب. وتشكل طيورها أكثر مناظرها روعةً: فهي منطقة تقليدية لأعشاش نسور "هاربي" المهيبة، أكبر الطيور الجوارح في العالم.

ويعيش الكارينيا في مجموعات صغيرة من الأسر الممتدة في قلب المحمية الحرجية. بيد أن العديد من الناس والشركات
لم يعترفوا قط بهذه المحمية على أنها أرض الكارينيا، فعمدوا إلى قطع الأشجار أو العمل فيها من دون الحصول
على إذن أو موافقة منهم، مستخدمين تلك الموارد من دون أن تدرّ بأي نفع على المجتمعات المحلية. وقد كانت شركات التعدين مدمرة بشكل خاص.

وتقول Cecilia: "رحنا نتساءل، إن كانت تلك الشركات الغريبة عن مجتمعنا تأبى مساعدتنا، فلماذا لا نطلق أعمالنا التجارية الخاصة بنا؟" فنظمت سيدات مجتمعنا أنفسهن وبدأن ببناء المشاتل لأشجارنا.  

وذهبت نساء الكارينيا إلى تأسيس شركة بالتنسيق مع الحكومة الفنزويلية والمنظمة.  وقد أطلق على هذه الشركة اسم "توكوبو" تكريمًا لأسماك صغيرة مخططة أصلية في هذه الغابة، أمست معرضة للانقراض للأسف بسبب أنشطة التعدين وقطع الأشجار العشوائي، وممارسات الحراجة الضارة.

وتقول Cecilia: "كانت أسماك التوكوبو وافرة جدًا في نهر بوتانامو. وأتحدث عمدًا بصيغة الماضي لأن مياهنا اليوم تكاد تنضب... كل شيء يجف بسبب التعدين وغيره من الأنشطة غير المسؤولة التي تدمر غاباتنا."

وبمجرد إنشاء الكارينيا لشركتهم التجارية الخاصة بهم، منحتهم الحكومة الفنزويلية سبعة آلاف هكتار من أراضي محمية إيماتاكا الحرجية كي يشتركوا في إدارتها. وقد أصبحت هذه الأراضي مركز أنشطة للتدريب والإصلاح من أجل تنشيط المناطق التي تدهورت بسبب التعدين. ويجري حاليًا بناء مئات المشاتل لزراعة النباتات التي ستستخدم في إعادة التشجير. كما تعمل الشركة على تحسين التربة والأنهار للمساعدة في إنعاش مجموعة أسماك التوكوبو.

وكان الحصول على الأرض أحد الإنجازات الرئيسية للمشروع.ولكن بالنسبة إلى Cecilia فإن التغيير في الذهنية داخل مجتمعها أهمّ بعد: "أظهرنا أن شعب الكارينيا قادر على تنفيذ المشروع بنجاح". ويشكل هذا الاعتراف أهمية قصوى بالنسبة إلى Cecilia لأنها تعتقد أن الكارينيا هم "القيّمون الحقيقيون على الغابة".

كما يساعد المشروع المجتمعات المحلية في إيجاد طرق جديدة لجني عيشهم من الغابات، ليس من خلال تسويق الأخشاب، بل أيضًا من خلال المنتجات غير الخشبية. فإن تربية النحل ضئيل الإبرة لإنتاج العسل هي من الابتكارات الجديدة التي أنتجها المشروع. ومن المساعي الأخرى إنشاء سوق محلية في توميريمو، وهي بلدة تقع في الجزء الجنوبي من البلاد، لبيع العسل ومنتجاتهم الأخرى، مثل الكسافا وخبز الكسافا.

وCecilia متفائلة بشأن المستقبل. "أفراد جماعتنا سعداء للغاية بهذا المشروع... فإذا ثابرنا على هذا النحو، سيتوفر
لنا قريبًا ما يكفي من المال لشراء الصابون والملح، وغير ذلك من الأشياء التي نحتاج إليها في حياتنا اليومية. وفي الوقت الحالي، نعيش أصعب الفترات جراء تأثير الجائحة. إنها مرحلة "تناول الثمر غير الناضج" على حد تعبيرنا المحلي، ولكننا سنتمكن عمّا قريب من الاستمتاع بالثمار الحقيقية لعملنا".

والسكان الأصليون في مختلف أنحاء العالم قيّمون على ثمانين في المائة من التنوع البيولوجي على كوكب الأرض، كما أن الغابات الواقعة في الأراضي التي ورثوها عن أسلافهم تؤدي أدوارًا حيوية في العمل المناخي على المستويين العالمي والإقليمي وفي مكافحة الفقر والجوع وسوء التغذية. وتحتوي أراضيهم حوالي ثلث كمية الكربون الإجمالية المخزنة في غابات أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي و14 في المائة من الكربون المحزن في الغابات الاستوائية حول العالم.

وقد عانت غاباتهم على مرّ التاريخ من إزالة الغابات والتدهور بنسبة أقل مما عانته سائر الغابات في الإقليم. غير أن هذا الوضع يتبدل بسرعة وثمة ضرورة ملحة إلى اتخاذ إجراءات لعكس مسار هذه الاتجاهات الجديدة. أما المطبوع الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة بعنوان "حوكمة الغابات من قبل الشعوب الأصلية والقبلية"فيدل على أهمية العمل المناخي وضرورته الملحة من حيث حماية الغابات في أراضي الشعوب الأصلية والقبلية في أمريكا اللاتينية وكذلك حماية الأشخاص الذين يشرفون عليها.

وبفضل المعارف الوافرة للشعوب الأصلية المتوارثة من أسلافها حول العيش المستدام مع الأرض، يعتبرون شركاء أساسيين في صون التنوع البيولوجي، حيث يحمون مواردنا الطبيعية ويحوّلون نظمنا الغذائية. وتلتزم منظمة الأغذية والزراعة بالعمل مع الشعوب الأصلية لضمان أن تلقى أصواتهم آذانًا صاغية وليتمكنوا من مشاركة معارفهم مع العالم.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

موقع إلكتروني: الملامح القطرية: فنزويلا

موقع إلكتروني:عمل المنظمة في مجال الحراجة

موقع إلكتروني:الشعوب الأصلية

مطبوع: حوكمة الغابات من قبل الشعوب الأصلية والقبلية: فرصة للعمل المناخي في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي

* هذه القصة هي تحديث لقصة نُشرت لأول مرة في 27 /10/ 2020