Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

سحر أشجار المنغروف


تعمل مبادرة مصايد الأسماك الساحلية على إصلاح النظم الإيكولوجية الغنية بالأنواع دعمًا للمجتمعات المحلية في السنغال

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin
24/05/2021

"نذهب للبحث عن المحار في غابات المنغروف لتوفير الغذاء لأسرنا ولأعمالنا. هكذا أجني عيشي. وإن عملت بين يومين وثلاثة أيام، يمكنني كسب ما يكفي من المال لتغطية نفقاتي" على حدّ قول السيدة Fatou Sarr رئيسة مجموعة التحويل النسائية في مدينة ديامنياديو، وهي تعاونية ومنظمة للمنتجين تدعم صغار منتجي المحار.

ويسعى أصحاب المشاريع مثل Fatou إلى إنقاذ الموائل الطبيعية مثل غابات المنغروف الغنية بالأنواع الواقعة في دلتا سيني سالوم - وهو موقع للتراث العالمي بحسب اليونيسكو - في وسط السنغال. وتشكل هذه البيئات الغنية بالتنوع البيولوجي مناطق لتكاثر الأسماك والأنواع البحرية التي تعتمد المجتمعات المحلية عليها.

وتقول Fatou: "في غابات المنغروف، نجد العديد من أصناف الأسماك. ونحن، جماعة النيومينكا، ندرك أهمية أشجار المنغروف، ولهذا السبب لا ندمرها" وهي تعني بذلك مجموعتها المحلية المعنية بصيد الأسماك والتي تتألف من أشخاص ينتمون إلى ثالث أكبر مجموعة أصلية في السنغال، تدعى النيومينكا. وهم يعتبرون أشجار المنغروف مقدسة ويلتزمون بحماية تراثهم لأسباب اجتماعية ومالية على حدٍّ سواء.

وإلى الجنوب من الدلتا، تحظى أشجار المنغروف بالأهمية نفسها في نظر السيد Birama Diouf من فونديونيا، وهي مركز رئيسي على نهر سيني سالوم، فيقول:

"في الليل أصيد أسماك الجمبري؛ وفي النهار أصيد أنواعًا أخرى من الأسماك. يجري صيد الجمبري على ما يرام، خاصة في هذا الوقت من السنة الذي تكون فيه أعداده وافرة. وسوف تجد الأسماك دومًا ملاذًا بين أشجار المنغروف. كما يلجأ القريدس إلى هنا." ويضيف: "إن الجمبري يتغذى من لحاء أشجار المنغروف وأوراقها."

فمن دون أشجار المنغروف - الموجودة في أكثر من 100 بلد حول العالم، والتي توجد جميعها في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية - سيتغير النظام الإيكولوجي بالكامل وسوف تختفي سبل معيشة هذه المجتمعات. وتشكل غابات المنغروف بالنسبة إلى الأسماك موائل للتفريخ والنمو والملاذ بفضل المياه الباردة، ومحتوى الأكسجين العالي، والجذور المترامية الأطراف التي تؤدي دور الملجأ من الفرائس الأكبر حجمًا. أما بالنسبة إلى البيئة، فتشكل غابات المنغروف مكانًا تتقاطع فيه النظم الإيكولوجية المحيطية والقارية وتلك الموجودة في المجاري المائية.

ومع ذلك فإن غابات المنغروف في وضع خطر في دلتا سالوم، حيث تسبب ارتفاع مستويات مياه البحر بتأثير غير مباشر على هذه النظم الإيكولوجية، ما جعل مياه المستنقعات أكثر ملوحة مما ينبغي. كما أن الطلب المتزايد على المنتجات السمكية المدخنة يفاقم الضغط.

والآن، بدعم مالي من مرفق البيئة العالمية، بدأت المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وغيرهما من الشركاء الدوليين في مجال صون البيئة، بحماية هذه الأنواع وإعادتها إلى حالتها الأصلية والحفاظ على سبل معيشة المجتمعات التي تعتمد على الأسماك في دلتا سيني سالوم وحولها. ويستثمر البرنامج المعروف باسم مبادرة مصايد الأسماك الساحلية، في إصلاح غابات المنغروف المتدهورة لكي يتسنى الحفاظ على دورها الهام في موازنة النظم الإيكولوجية. وتعمل المبادرة على تجديد الأراضي وإعادة زراعة مساحات كبيرة من أشجار المنغروف، في حين تعمل أيضًا مع المجتمعات المحلية على إعادة النظر في كيفية استخدامها لها وصونها. 

ما سبب أهمية المنغروف؟

إن سحر أشجار المنغروف متعدد الأبعاد. فهي تمثل مكانًا لتكاثر الأسماك، وتؤدي دور الحواجز بوجه العواصف، وتوفر مصادر الخشب للبناء والطهي. وإن الشبكة الملفتة لجذورها تعمل أيضًا كمرشح للرواسب، فتنظف المجاري المائية فيما تعمل أيضًا على تثبيت التربة.

ويشرح السيد Yacoub Issola، منسق المشاريع لاتفاقية برنامج الأمم المتحدة للبيئة/أبيدجان: "إذا لم نقم اليوم بإعادة تشجير غابات المنغروف، ستؤدي الأمطار والأنشطة المختلفة إلى تآكل قواعدها. وإن ذهبت هذه القواعد، أصبحت هذه التربة عقيمة، بحيث لا يمكن أن ينمو أي شيء فيها".

كما تؤدي أشجار المنغروف دورًا محوريًا في مكافحة تغير المناخ؛ حيث أنّ تربتها تعمل كبالوعات فعّالة للكربون تحتجز كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون فتمنع دخوله إلى الغلاف الجوي.

ويعني هذا، بالإضافة إلى كونها موئلًا لعدد لا يحصى من الأنواع، أن غابات المنغروف تساعد العديد من الكائنات الحية في البقاء على قيد الحياة. وإنّ الجذور السميكة لهذه الغابات المالحة توفّر السلامة للمخلوقات المائية وللمجتمعات الساحلية على حدٍّ سواء.

دعم مصايد الأسماك المستدامة

صيادو الأسماك ليسوا الوحيدين الذين يدعمون أشجار المنغروف ومصايد الأسماك المستدامة في المنطقة. فإن السيدة Fatou Ndong Sarr، رئيسة الاتحاد المحلي لمجموعات المصلحة الاقتصادية، تشجع هي أيضًا على تحقيق أهداف المبادرة. ويستثمر هذا الاتحاد في ضمان تمكّن النساء من كسب عيشهنّ من المنغروف ومن الأسماك الموجودة في نظمها الإيكولوجية.

"لدينا وحدة لمعالجة منتجات المحار. ونحن ندير عملية الإنتاج بأسرها هنا، بدءًا من تلقي المواد الخام إلى معالجتها وتعبئتها، وتتعاون معنا عشرون امرأة تقريبًا".

وإن مبادرة مصايد الأسماك الساحلية هي مبادرة تعاونية تعمل على تعزيز الأنشطة المراعية للمناخ، في حين تقوّي سلاسل قيمة مصايد الأسماك عبر التعاون مع السكان المحليين لتعزيز المناظر الطبيعية المحلية. ومن خلال المبادرة - التي تعمل في ست دول عبر ثلاث قارات - نجحت المجتمعات المحلية في إصلاح 175 هكتارًا من النظم الإيكولوجية لغابات المنغروف وإدارتها على نحو مستدام في السنغال عام 2020، فضلًا عن كمية مماثلة في كوت ديفوار.

وقد أصبحت أهمية المنغروف والنظم الإيكولوجية المحلية موضع تقدير أوسع مع مبادرات مثل مبادرة مصايد الأسماك الساحلية واتفاقية أبيدجان، التي تشكل إطارًا هامًا يساعد واضعي السياسات على المستوى الوطني والقيّمون على إدارة الموارد على تنفيذ تدابير للحماية في سياق تنمية البيئات البحرية والساحلية في غرب ووسط أفريقيا.

ومع انطلاق عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية (2021-2030)، تعمل المبادرة ومنظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها على تعزيز النظم الإيكولوجية السليمة لغابات المنغروف وقدراتها الإنتاجية، وعلى إصلاح الموائل المحلية لصالح المجتمعات والكوكب.

روابط تتعلق بالموضوع

لمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: مبادرة مصايد الأسماك الساحلية

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: السنغال

الموقع الإلكتروني: مرفق البيئة العالمية

الموقع الإلكتروني: عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية