Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

القدرة على الصمود لدى الشباب من الشعوب الأصلية


سنتعرّف في ما يلي على كيفية تعامل الشباب من الشعوب الأصلية مع تغيّر المناخ وكوفيد-19، وتحديات أخرى بواسطة الحلول المبتكرة

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

يقود الشباب من الشعوب الأصلية عملية الانتقال من المعارف التقليدية إلى الاتجاهات الحديثة بهدف إيجاد حلول لتحديات كانعدام الأمن الغذائي وكوفيد-19 وتغيّر المناخ. ©FAO/Rubí López

14/07/2022

صحيح أنّ الأطفال والشباب هم مستقبلنا، ولكنّهم أيضًا حاضرنا. فالشباب بطبيعتهم يتّسمون بحس الابتكار وبسهولة التكيّف، وهم في الكثير من الأحيان أولّ من يتبنى التكنولوجيات الجديدة لمعالجة التحديات أو لإيجاد الحلول. ويبرز هذا الأمر بشكل خاص في مجتمعات الشعوب الأصلية التي غالبًا ما تعاني التهميش المنهجي وحرمانها من حقوقها وتدمير أراضيها.

والشعوب الأصلية هي من أكثر الشعوب تأثًرا بتغير المناخ مع أنّها الأقل إسهامًا في هذه الظاهرة. والواقع أن النظم الغذائية للشعوب الأصلية تعزز التنوع البيولوجي وتخفف من التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ.

ولمئات السنين، استحدثت الشعوب الأصلية سبلاً للعيش ونظمًا غذائية تقوم على مراقبة التغيّرات البيئية والتكيّف معها، الأمر الذي أوجد مجتمعات ذات قدرة استثنائية على الصمود.

وفي مختلف أنحاء العالم، يقود الشباب من الشعوب الأصلية مبادرات لمعالجة التحديات، من خلال المزج بين معارف الشعوب الأصلية وممارساتها وبين التكنولوجيات الجديدة والشبكات الغنية بالموارد. وبهذه الطريقة، يستطيع الشباب من الشعوب الأصلية أن يتنقلوا بين الثقافات التقليدية والاتجاهات الحديثة وأن يدمجوا بينها. وقد كان هذا واضحًا بشكل خاص خلال جائحة كوفيد-19 التي أنشأوا أثناءها خدمات للتوزيع، وكيّفوا أدوات الاتصال لمساعدة مجتمعاتهم في الحفاظ على سلامتهم والبقاء على بيّنة من التطورات.

ويسلّط مطبوع منظمة الأغذية والزراعة بعنوان "الشباب من الشعوب الأصلية بوصفهم عوامل للتغيير" الضوء على ست حالات ملهمة تتناول إجراءات يقودها شباب من أجل التغلب على جائحة كوفيد-19 والتحديات المناخية.

وترد في ما يلي ثلاثة أمثلة فقط على هذه الحلول التي يقودها شباب من الشعوب الأصلية:

إنشاء شبكة رقمية محلية

إن Kipkandule Code Area (KCA) مجموعة شبابية مكوّنة من 58 عضوًا، تأسست في كينيا في عام 2018. وينتمي أعضاؤها إلى مجموعة الإندورويس الأصلية التي يعتمد نظامها الغذائي وسبل معيشتها على الرعي وتربية النحل والزراعة وصيد الأسماك.

وبالإضافة إلى التحديات التي تفرضها تأثيرات تغير المناخ كالفيضانات الشديدة والجفاف الطويل الأمد، فرضت جائحة كوفيد-19 تحديات جديدة. فاستجابت مجموعة KCA لذلك الوضع عبر إنشاء شبكة رقمية لأعضاء مجموعة الإندورويس في مناطق مختلفة لضمان وصول المجموعة بأسرها إلى معلومات محدثة عن كوفيد-19 بلغة المونتشوغوي التي تنطق بها. ويشكل هذا الحل مثالًا عن الفوائد التي يمكن أن تعود بها تكنولوجيات الاتصال على المجتمعات المحلية، من حيث تمكينها من تنظيم الاحتياجات المشتركة والعناية بها أثناء حالات الطوارئ في مجال الصحة العامة. كما قامت هذه المجموعة الشبابية بجمع أموال لإصلاح الطرقات التي دُمّرت أثناء هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات. وقد أتاح ذلك للمجتمع المحلي إمكانية الحصول على معدات طبية ومنتجات للنظافة الصحية خلال فترة تفشي الجائحة، وكفل توافر الأغذية في الأسواق.

بغية تحسين الأمن الغذائي داخل المجتمعات المحلية خلال جائحة كوفيد-19، قامت مجموعة شبابية من الشعوب الأصلية في شيكاغو بتوفير أدوات للبستنة لأعضاء المجتمع المحلي كي يزرعوا الخضروات في بيوتهم. © Chi-Nations Youth Council

توزيع أدوات البستنة وتجهيزات طبية

تشكّل "مجلس شباب أمم الشي" في عام 2012 وهو يضم مجموعة منوّعة من الشباب والكبار من الشعوب الأصلية في منطقة شيكاغو الكبرى. وتتمثل مهمته في استخدام التوعية والتثقيف لتهيئة بيئة مفتوحة وداعمة للشباب من الشعوب الأصلية. وخلال جائحة كوفيد-19، فقد كثيرون في مجتمعات الشعوب الأصلية في المناطق الحضرية مصادر دخلهم وواجهوا صعوبات في شراء أطعمة مغذية. فدفع ذلك بالمجلس إلى التركيز على تحسين الأمن الغذائي ورفاه المجتمعات الأصلية الأمريكية في منطقتها. وقدمت المجموعة البذور والتربة وأدوات البستنة إلى 500 شخص من الأمريكيين الأصليين وأفراد المجتمعات المحيطة، فأصبح بوسعهم الآن زراعة الأعشاب والخضروات في حدائقهم المنزلية.

وحين كان هناك نقص في جمع البيانات لتتبع أثر كوفيد-19 على المجتمعات الأمريكية الأصلية في المنطقة، قام المجلس بجمع بياناته الخاصة لتحديد الأحياء التي كانت بحاجة إلى الأدوية والتجهيزات الطبية.

واستنادًا إلى هذه الحلول التي وضعها مجلس الشباب، عملت منظمة الأغذية والزراعة على تعميم أفضل الممارسات هذه على سبل دعم مجتمعات الشعوب الأصلية خلال حالات الطوارئ. فعلى سبيل المثال، يتمثل أحد النُهج في التحقق من أن إمدادات الطوارئ مناسبة ثقافيًا وتحترم العادات الغذائية وتعزز التغذية والصحة في الوقت نفسه.

إنّ الحفاظ على رعي المواشي والخيول يزداد صعوبة بالنسبة إلى شعب الساخا بسبب التغيرات الشديدة في الطقس الناتجة عن تغير المناخ © Kyubeye

توفير الخدمات الغذائية للمسنين

إنّ العيش في سيبيريا يعني مواجهة تغير المناخ بصورة مباشرة. فمعدل ارتفاع درجات الحرارة هنا أعلى منه في مناطق أخرى حول العالم، ونتيجة لذلك، تواجه سيبيريا أحوالًا جوية شديدة مثل حرائق الغابات والعواصف الرملية والفيضانات. ويُعرف السكان الأصليون في قرية أويمياكون باسم شعب الساخا، وهم يقومون تقليديًا برعي قطعان الرنة والخيول. ولكن جرّاء الارتفاع الكبير في درجات الحرارة خلال فصل الربيع، أصبح من الصعب الحفاظ على رعي الماشية والخيول. ولمواجهة هذه التحديات، أنشأت أمهات شابات من السكان الأصليين في أويمياكون مجموعة كيوباي الشبابية عام 2017 لزيادة الوعي بقضايا المجتمع المحلي، وذلك على الصعيدين المجتمعي والحكومي على حد سواء.

وحين تفشت جائحة كوفيد-19 في عام 2020، واجه شعب الساخا صعوبات إضافية كمحدودية الوصول إلى الخدمات الصحية وإلى الإنترنت. وقد عانى المسنون في المجتمعات المحلية بشكل خاص على صعيد الحفاظ على أمنهم الغذائي خلال تلك الفترة. وقد دفع ذلك بالمجموعة الشبابية إلى توفير خدمات تسليم الأغذية وخدمات البقالة للمسنين. كما راح الصيادون الشباب من السكان الأصليين يتقاسمون مصيدهم من الأسماك والبط مع المسنين وكثيرين غيرهم ممن يعانون حالات هشة بغية ضمان أغذية طبيعية ومغذية أثناء الإقفال العام. 

كما قامت مجموعة كيوباي الشبابية بترجمة توصيات منظمة الصحة العالمية إلى لغة الساخا وأبلغت سكان القرية بها. فسلّط ذلك الضوء على ضرورة مساعدة مجتمعات السكان الأصليين في الحصول على التكنولوجيا وترجمة الموارد الأساسية أثناء الطوارئ.

ويقود الشباب من الشعوب الأصلية كذلك مجتمعاتهم المحلية خلال الفترات العصيبة حيث يجدون حلولًا مبتكرة تجمع بين التكنولوجيات الحديثة وبين ممارساتهم الأصلية ونظمهم الغذائية والمعرفية ولغاتهم وقيمهم الثقافية. وباستخدام التكنولوجيا، وجمع الأموال، وخدمات التوزيع، يتمكنون من إيجاد حلول لتعزيز الأمن الغذائي داخل مجتمعاتهم المحلية ومعالجة التحديات المرتبطة بالمناخ. وتعمل منظمة الأغذية والزراعة مع مجتمعات الشعوب الأصلية بهدف الاعتراف بنظمها الغذائية والمعرفية واحترامها وتوثيقها وتعزيزها سعيًا إلى إيجاد حلول لتحديات اليوم، سواء أكانت مرتبطة بتغير المناخ أم بانعدام الأمن الغذائي أم بالأوبئة.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات 

المطبوع: الشباب من السكان الأصليين بوصفهم عوامل للتغيير

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والسكّان الأصليين