Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

التعاونيات التي تديرها النساء تعزّز القدرة على الصمود في خضمّ المحنة التي تعيشها تركيا


التعاونيات توفّر للنساء طريقًا نحو الاستقلالي الاقتصادي وإعادة بناء حياتهنّ في أعقاب الزلزال

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

تنتج السيدة Çiğdem Kudret، باعتبارها عضوًا في تعاونية بلدة سمعان داغ النسائية، مجموعة من الأطباق المحلية من أجل بيعها في الأسواق المحلية وعبر الإنترنت. وتعمل التعاونيات في تركيا، بدعم من منظمة الأغذية والزراعة، على تعزيز ريادة الأعمال والاكتفاء الذاتي الاقتصادي لدى النساء. ‎©FAO/Bradley Secker

06/03/2024

في عام 2019، أدركت السيدة Çiğdem Kudret لأول مرة أن المهارات التي تمتلكها - مثل صنع المربيات والمخللات وخلطات التوابل ومعجون الطماطم - يمكن تحويلها إلى مصدرٍ للدخل. وقد برز هذا الاكتشاف نتيجة حضورها حصّة تدريبية في تعاونية سمعان داغ النسائية المحلية، ما بثّ فيها الشغف بريادة الأعمال والاكتفاء الذاتي الاقتصادي.

وترعرعت السيدة Çiğdem في أسرة لا تشجّع النساء على العمل خارج المنزل، وهي لم تختبر أبدًا الاستقلال المالي. وبعد زواجها، أصبحت ربّة منزل وأمًّا تعتني بأطفالها الثلاثة.

وتقول السيدة Çiğdem متأملة "لقد أصبح لدي مال بحوزتي لأول مرة من خلال التعاونية، ولم يكن والدي يرغب في أن تعمل بناته ... لكني كنت أرغب دائمًا في العمل والمساهمة. وأنا لدي الإمكانات، ولكن في ظلّ غياب الدعم من حولي، بقينا منغلقات، كصندوق مغلق".

كما أن دورة إنتاج المربّيات في التعاونية، التي تأسّست في عام 2019 بالتعاون مع وكالة التوظيف التركية ومركز التعليم العام، شكّلت منصة لتنمية المهارات. وقد استقطب الإعلان المنشور في الصحافة المحلية 25 امرأة، من بينهن السيدة Çiğdem. وبعد قضاء ستة أشهر من التدريب المكثف، انضمّت إلى فريق الإنتاج.

وكانت التعاونية، التي تعمل منذ عام 2020، قد تأسست على يد عضو في مجلس المدينة المحلي هي السيدة Atiye Sönmez Erdoğdu. وبالنسبة إلى النساء في المجتمع المحلي، لم تقدّم التعاونية مصدرًا للدخل فقط، بل أتاحت أيضًا إحساسًا بالانتماء إلى المجتمع وفرصة للتمكين. وكانت هذه التعاونية أوّل تعاونية نسائية يتم إنشاؤها في محافظة هاتاي الواقعة في جنوب تركيا.

بالنسبة إلى النساء الأعضاء في التعاونية، شكّل التمكين الاقتصادي أيضًا تحديًا للأدوار التقليدية للجنسين داخل الأسر المعيشية. ‎©FAO/Bradley Secker

وتقول السيدة Atiye "كان هدفنا أن نكون قدوة وأن نمهّد الطريق".

وعلى خطى هذه التعاونية، أُنشئت سبع تعاونيات أخرى في بلدة سمعان داغ، وجرى تأسيس ثلاثين تعاونية في محافظة هاتاي. كما أن السيدة Atiye، وهي مستشارة مالية، تعمل في التعاونية بالمجان وتدير حساباتها وتقدّم المساعدة القانونية.

وتقول السيدة Çiğdem "لقد ساعدتني السيدة Atiye في أن أصبح متدرّبة. وما أن عبرت هذا الباب، اشتعل نور أنار لي حياتي. ولم أرغب في إطفاء هذا النور."

"وعندما آتي إلى هنا، أشعر بالسلام الذي يشعر به المرء عند عودته إلى المنزل. هذا ما شعرت به هنا."

وعندما ضرب الزلزال المدمّر في عام 2023، شكّل تهديدًا محدقًا بسبيل العيش الجديد لدى السيدة Çiğdem. فقد ضرب زلزال تركيا محافظة جنوب شرق الأناضول في البلاد وتضرّرت 11 محافظة، وكانت من بينها محافظة هاتاي حيث تعيش السيدتان Çiğdem وAtiye.

وتكبّدت التعاونية خسائر كبيرة، إذا لم يتبقَّ سوى 10 في المائة من المنتجات التي يمكن إنقاذها.

وكان للزلزال أثر عميق على المنطقة، إذ خلّف آلاف الأشخاص دون الضروريات الأساسية وغير قادرين على استعادة سُبل عيشهم.

وتقول السيدة Atiye إن 90 في المائة من بلدة سمعان داغ قد دُمّرت، وفقد الجميع تقريبًا أحباء لهم. وقد أصبحت هي أيضًا بلا مأوى واضطرّت إلى العيش في سيارتها في العراء لبعض الوقت.

 كما دمّر الزلزال منزل السيدة Çiğdem.

وتقول "بعد الزلزال، دخلنا في حالة من الكآبة الحادة. وضغط علينا الأطفال لمغادرة المدينة. ولولا ذلك، لم أكن لأرغب في مغادرة هذا المكان. وبعد ذلك شعرت بالفراغ، كما لو كانت [التعاونية] بمثابة منزل ثانٍ تركته. وشعرت أنه يتعين عليّ العودة إليه".

وعلى الرغم من الخسارة الشخصية، كانت السيدة Atiye مصمّمة على الحفاظ على عمل التعاونية. فحصلت، بدعم من المنظمة، على حاسوب محمول جديد وأعادت إطلاق جهود التجارة الإلكترونية للتعاونية. وحشدت طاقات الأعضاء الأخريات في التعاونية وشجّعت من غادر منهن المنطقة على العودة واستئناف الإنتاج على الرغم من التحديات.

وتدخّلت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، التي كانت تدعم التعاونية حتى قبل وقوع الزلزال، لكي تساعد التعاونية على استئناف نشاطها من جديد. ومن خلال توفير الآلات والمعدات، ضمنت المنظمة حصول التعاونيات التي تديرها النساء على المساعدة التي تحتاج إليها من أجل إعادة البناء والتعافي.

وتتوافق مثل هذه المبادرات مع التزام المنظمة بالاستثمار في المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في النظم الزراعية والغذائية. وتقطع هذه التعاونيات شوطًا طويلًا في تعزيز التقدم وتحسين القدرة على الصمود والأمن الغذائي للأسر والمجتمعات المحلية.

بذلت السيدة Atiye Sönmez Erdoğdu، رئيسة التعاونية، بمساعدة المنظمة، جهودًا حثيثة لإعادة الموظفات وبدء الإنتاج مرة أخرى بعد الزلزال المدمر الذي حدث عام 2023. ‎©FAO/Bradley Secker

وعادت السيدة Çiğdem أيضًا إلى بلدة سمعان داغ واستأنفت عملها في التعاونية، مع أنها لا تزال تعيش في خيمة.

وتؤكّد السيدة Atiye على أهمية هذه التعاونيات في التعافي بعد الكوارث.

وتقول "تأتي النساء إلى التعاونية من هذه الخيام ويتعافين عندما يتحدثن مع بعضهن البعض ويشاركن في الإنتاج. وفي المساء، عندما يغادرن التعاونية، يأخذن أجورهن اليومية ويساهمن في اقتصاداتهن ... وبالتالي، نحن نساهم في شفائهن اقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا".

وتؤكّد السيدة Neşe Çakır Sayran، الأخصائية في قضايا المساواة بين الجنسين في المنظمة، على أهمية الاستثمار في قدرات المرأة ومعارفها.

وتقول موضحةً "إن تمكين المرأة لا يكون من الناحية الاقتصادية فحسب، بل هو اجتماعي وثقافي أيضًا ... ويؤدي هذا التمكين إلى مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار، وهو أمر مهم بشكل خاص."

وفي الواقع، لم توفّر التعاونية مصدرًا للدخل فحسب، بل تحدّت أيضًا الأدوار التقليدية للجنسين داخل الأسر المعيشية.

وتقول السيدة Atiye "عندما تقول النساء إنهن سيخرجن من المنزل لجني المال، فإنهن يحظين باحترام أكبر من قبل أزواجهن. وعندما يعدن إلى بيوتهن، تصبح مسألة تشاطر العمل المنزلي أسهل."

وترى السيدة Atiye أن التعاونيات أدّت دورًا حاسمًا في سدّ الفجوة بين العمل غير المأجور والتمكين الاقتصادي. "إن أحد الأشياء التي حققناها بشكل ملموس في هذه التعاونية هو إيجاد رؤية للعمالة المنزلية غير المرئية وغير المأجورة. فقد أسّسنا علامة تجارية لها، ووضّبناها وطرحناها في السوق."

وترى السيدة Çiğdem أن هذا ينعكس في حياتها اليومية.

"أنا وزوجي قادران على التواصل الجيد [و]تقاسم العمل. وهو يرى الآن كيف أُتعب نفسي وأُجهدها - من أجل الأطفال والمساهمة في ميزانية الأسرة."

ومع إعادة بناء تركيا في أعقاب الزلازل، تعمل التعاونيات التي تديرها النساء على تمكين المرأة لتكون قادرة على الصمود.

وتقول السيدة Çiğdem "نأمل أن نتغلب على هذه المشكلة معًا وأن نحرز تقدمًا بدعم من فريق المنظمة."

"وفي المستقبل، أريد أن أكون أقوى وأن أساهم بشكل أكبر في الاقتصاد. وأريد تهيئة مستقبل أكثر إشراقًا لأطفالي ... ولهذا السبب، فإن هدفي هو أن أفعل كل ما في وسعي للعمل وكسب أكبر قدر ممكن من المال."

روابط تتعلق بالموضوع

للاطلاع على المزيد

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: تركيا

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والمساواة بين الجنسين