Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

العسل اليمني: إرث عظيم


الارتقاء بالإنتاجية والتقنيات المستخدمة في خضم ظروف صعبة للغاية

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

لإنتاج العسل، الذي يعتبر أحد التقاليد التي يفتخر بها الناس في اليمن، مكانة خاصة في قلوب اليمنيين، ولكنَّه يواجه مجموعة من التحديات. ©FAO

29/06/2023

للعسل اليمني تاريخ ضارب في القدم ترجع أصوله إلى القرن العاشر قبل الميلاد ويحظى بشهرة عالمية لما يتسم به من جودة. ولا عجب في أنَّ هذا السائل الذهبي موجود في كلِّ منزل يمني تقريبًا. فهو يساعد على تلطيف أجواء مناسبات اجتماعية عديدة، ولا يحظى بالتقدير لمزاياه التغذوية والاجتماعية فحسب، بل يرى اليمنيون أنَّ له فوائد طبية أيضًا. فهو أول ما تتناوله المرأة بعد أن تضع مولودها، بينما عادة ما يلعق المرضى العسل قبل زيارتهم الطبيب.

ولكنَّ إنتاج العسل اليمني يواجه تحديات جسيمة. فبالإضافة إلى الأضرار التي أحدثها الصراع المسلح الدائر في البلاد منذ أمد طويل، ينبغي لمنتجي العسل، مثل السيد سالم الديوالي، أن يتعاملوا مع الظروف المناخية التي يتعذر التنبؤ بها. فخلال موسم الجفاف، تتعرض المراعي للاستنزاف. ولذلك، يجب على مربِّي النحل أن يشتروا حبوب اللقاح التي تعدُّ المصدر الرئيسي لتغذية النحل. وعندما يتعذر على مربي النحل تحمُّل التكاليف الباهظة لنقل هذه الحبوب، يتم في بعض الأحيان التخلي عن خلايا النحل.

وعلى الرغم من أنَّ سالم، البالغ من العمر 41 عامًا، يعمل في تربية النحل في قرية عبدان في محافظة شبوة منذ أكثر من 15 عامًا، فإنَّه غيَّر في الآونة الأخيرة النهج الذي يتبعه، بعد أن شارك في دورات تدريبية نُظِّمت في إطار مشروع استعادة وتحسين الإنتاج الزراعي لأصحاب الحيازات الصغيرة المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) والبنك الدولي. ويعد هذا المشروع جزءًا من البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي الأوسع نطاقًا للبنك الدولي.

وقد ساعد هذا المشروع مربي النحل في مختلف أرجاء اليمن على زيادة إنتاجيتهم وتغذيتهم بفضل ممارسات أفضل لتربية النحل. وشملت هذه الممارسات طرقًا أكثر فعالية في التعامل مع النحل وتقنيات استخلاص العسل.

وزوّدت هذه المبادرة مربي النحل المشاركين بخلايا نحل وأدوات حديثة، تُتيح لهم زيادة إنتاجهم، كمًا ونوعًا، وكسب دخل أكبر لتحسين الأمن الغذائي لأسرهم.

تعمل منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع البنك الدولي لمساعدة مربي النحل في اليمن على زيادة إنتاجهم، كمًا ونوعًا، وتحسين سبل عيشهم. ©FAO

مشروع تجاري حلو

بالنسبة إلى سالم، يقتضي تحقيق أقصى استفادة من مشروعه التجاري في مجال تربية النحل عملًا يوميًا كبيرًا. فهو يتفقَّد الخلايا، ويراقب حركة النحل وكمية العسل داخل الخلايا. ومن المسائل الحاسمة الأخرى التي يتفقَّدها مخزون حبوب اللقاح والرحيق وحالة ملكات النحل. فمراقبة نشاط الملكات، تُمكِّنه من أن يتخذ قرارًا بشأن نقل الملكات إلى خلايا أخرى لزيادة الإنتاج.

ويجب عليه أيضًا أن يوازن بين مسؤولياته كرجل متزوج لديه سبعة أطفال ونمط حياة، حاله حال الكثير من مربي النحل اليمنيين، قائم جزئيًّا على الترحال. إذ يقضي جزءًا من وقته في قيادة شاحنة محمّلة بخلايا النحل بحثًا عن أفضل مراعي النحل، وتفاديًا لأسوأ الظروف المناخية القاسية في البلاد. وبمجرد ما أن يجد مكانًا مناسبًا، يضع خلايا النحل التي يمتلكها بعيدًا عن الحقول التي يستخدم فيها المزارعون مبيدات الآفات. ولكنه كثيرًا ما يلتمس مساعدة القرويين لضمان سلامة نحله؛ جاعلًا، بذلك، عملية إنتاج العسل "جهدًا جماعيًّا".

وقد تمكَّن سالم أيضًا من توسيع عملياته، إلّا أنَّه يعترف أنَّه بذل في سبيل ذلك جهدًا كبيرًا. ويقول إنَّه استفاد كثيرًا من دورة منظمة الأغذية والزراعة التدريبية على كيفية استخراج الشمع الخام ومراقبة إنتاج اللقاح والكهرمان بصورة أفضل.

وحصل سالم، بصفته أحد المستفيدين من مشروع استعادة وتحسين الإنتاج الزراعي لأصحاب الحيازات الصغيرة، على ثماني خلايا نحل وخزَّان مياه وعلى جهاز لفصل العسل عن الشمع وصفائح من الشمع التي يمكن للنحل أن يبدأ بناء أقراص عسل عليها. وقد مكَّنه ذلك من تحسين خلايا النحل وزيادة عددها إلى 30 خلية، وبالتالي زيادة إنتاجه من العسل والشمع.

ومع ذلك، يرى سالم أنَّه رغم المكانة التي يحتلها العسل في قلوب اليمنيين، فإن عدم وجود أسواق له في البلاد لا يعكس الجودة العالية التي يتسم بها هذا المنتج. وفي الواقع، يحتفظ سالم في بيته ببعض العسل الذي يجمعه، وذلك بسبب الركود الذي تشهده السوق المحلية.

رغم التحديات الهائلة التي يتغلّب عليها غالبية مربي النحل، من قبيل الصراع وقلّة تساقط الأمطار والآفات، تنطوي سلسلة قيمة العسل على إمكانات تطوير هائلة. ©FAO

مواجهة التحديات

لا عجب في أنَّ الصراع هو أحد العوامل الأساسية التي تؤثر على كلٍّ من العرض والطلب، إذ أسفرت الانفجارات عن تدمير العديد من خلايا النحل في اليمن، لا سيما عندما بدأت أعمال العنف في عام 2015. ويرتبط بالصراع الدائر الكثير من العقبات التي تعترض مربي النحل، مثل الطرق الوعرة، مما يجعل نقل العسل وخلايا النحل وحبوب اللقاح أمرًا صعبًا للغاية. وعلاوة على ذلك، توجد تحديات إضافية تتمثل في قلّة تساقط الأمطار، والآفات بما يشمل ذباب النحل وآكلات النحل والدبابير، وسوء حالة أشجار السدر التي تُعطي العسل اليمني مذاقًا فريدًا. 

ورغم هذه العوائق، تؤدي سلسلة قيمة العسل دورًا أساسيًّا في الأمن الغذائي والتغذوي في اليمن، وتُدرُّ الدخل على حوالي 000 100 مربي نحل في البلاد. وهناك إمكانات هائلة لمزيد من التطوير. وفي إطار مشروع الاستجابة في مجال الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في اليمن، تُشجِّع المنظمة والبنك الدولي المزارعين على مزاولة تربية النحل كنشاط بديل مدرٍّ للدخل.

وبفضل مثل هذه المبادرات، بات صغار مربي النحل، مثل سالم، قادرين بشكل متزايد على مواجهة بعض التحديات، ومواصلة إنتاج العسل اليمني ذي الصيت العالمي، وربما التطلّع إلى أوقات أكثر حلاوة في المستقبل.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات:

الموقع الإلكتروني: الخطة العالمية لمنظمة الأغذية والزراعة بشأن خدمات التلقيح من أجل زراعة مستدامة

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: اليمن

الموقع الإلكتروني: مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود التابع لمنظمة الأغذية والزراعة

الموقع الإلكتروني: منصة التكنولوجيات والممارسات لصغار المنتجين الزراعيين [باللغة الإنكليزية]

المنشور: أهمية النحل كملقحات