Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

تقييد الإنتاج المحلي للأغذية يفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة


لقد أدى تصاعد الأعمال العدائية، والقيود المفروضة على إمكانية الوصول، والأضرار التي لحقت بالزراعة، إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحاد لدى سكان غزة

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

ألحق النزاع أضرارًا بمعظم الأراضي الزراعية في قطاع غزة. وبات المزارعون يعتمدون بشكل متزايد على المعونة الإنسانية والأغذية المعلّبة. ‎©FAO/Yousef Alrozzi

05/08/2024

يتذكّر السيد محمد الياطي الفترة التي سبقت 7 أكتوبر/تشرين الأول بحنين وحرقة.

ويقول المزارع البالغ من العمر 39 عامًا من دير البلح في القسم الأوسط من قطاع غزة "كنّا نستيقظ في السادسة صباحًا، وننتهي من العمل عند الظهيرة، ثم نعود مع صلاة العصر تقريبًا، حوالي الساعة الرابعة، إلى أن يحين موعد صلاة المغرب. وكنّا نعمل من دون انقطاع".

وقد فقد السيد محمد 22 فردًا من أفراد عائلته في النزاع الدائر. ودمّرت أعمال التجريف والقصف العنيف أرضه التي تبلغ مساحتها 13 دنمًا (000 13 متر مربع)، والتي كانت مكتظّة بالدفيئات الزراعية. وينطبق هذا الأمر على معظم الأراضي الزراعية في غزة.

ولم يعد بإمكان السيد محمد الآن أن يزرع إلّا نصف أرضه، ممّا أدى إلى تقليص إنتاجه من الباذنجان والخيار والفلفل والطماطم بشكل كبير.

وكانت غزة في السابق مكتفية ذاتيًا إلى حد كبير في إنتاج الخضروات ومنتجات الألبان والدواجن والأسماك. كما كانت تنتج جزءًا كبيرًا من اللحوم الحمراء والفاكهة التي يستهلكها سكانها. ولكنّ الأعمال العدائية الأخيرة ألحقت الدمار بأراضي غزة، ممّا أدى فعليًا إلى القضاء على النظام الزراعي والغذائي في القطاع وتسبّب في إيقاف الأنشطة الزراعية بشكل شبه كامل. كما تردّت ظروف الأمن الغذائي والتغذية بدرجة كبيرة.

وبات النظام الغذائي للسيد محمد يتكوّن الآن في المقام الأول من الأغذية المعلّبة.

ويقول "قبل الحرب، كان لدينا طعام - كان متاحًا وفي المتناول. وكانت اللحوم والخضروات وسائر العناصر الأخرى متاحة. وأقصد بذلك الأغذية الجيدة. أما اليوم، فكل شيء معلّب".

دمّر القصف منزل السيد يوسف المصري. وهو الآن ينقذ الحصاد المتبقي في دفيئته المتضررة. ‎©FAO/Yousef Alrozzi

وفي الجزء الجنوبي من غزة، في مدينة خانيونس، دُمّر منزل السيد يوسف المصري، ما اضطرّه إلى الانتقال إلى منطقة أكثر أمانًا، على بعد ثلاثة كيلومترات من منزله ومزرعته.

ويقول "كان منزلي في مزرعتي. وفي الصباح، كنت أنا وعمالي نقوم بالحصاد والزرع، وكنا سعداء 100 في المائة".

وقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان هذا المزارع البالغ من العمر 53 عامًا يزرع الفلفل والباذنجان والملفوف والطماطم والذرة في مزرعته. وكانت الزراعة مصدر رزقه ودخله، وفي كثير من النواحي، كرامته. وقد وفّر إنتاجه، إلى جانب إنتاج المزارعين المحليين الآخرين، غذاءً مغذّيًا للعديد من الأشخاص في غزة.

ويشير تحليل أخير لصور الأقمار الاصطناعية أجرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) إلى الأضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية الزراعية في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بأكثر من 57 في المائة من مجمل الأراضي الزراعية، وتدمير 33 في المائة من الدفيئات، ووقوع خسائر كبيرة في الآبار والألواح الشمسية.

وقد أدّى النقص الحاد في الأعلاف والمياه إلى نفوق حوالي 70 في المائة من الماشية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وإضافة إلى ذلك، دُمّر حوالي 70 في المائة من أسطول الصيد في قطاع غزة. وفي مجالات الزراعة والثروة الحيوانية وصيد الأسماك، تتواصل فقط الأنشطة الصغيرة النطاق عندما تسمح الأوضاع الأمنية بذلك.

ويؤدي المزارعون، مثل السيد يوسف والسيد محمد، دورًا أساسيًا في الإمدادات الغذائية في غزة. ومع ذلك، فإن السيد يوسف وغيره من المزارعين والرعاة والصيادين في قطاع غزة يكافحون للحفاظ على أصولهم الزراعية ومصادر التغذية والدخل بسبب تصعيد الأعمال العدائية والنقص في توافر المدخلات الزراعية الحاسمة الأهمية وإمكانية الحصول عليها.

ويقول السيد يوسف "لا توجد أدوات ولا معدات ولا مياه... كل شيء مكلف للغاية. ولا توجد مبيدات للآفات، ولا أسمدة، ولا مواد بلاستيكية".

ويقول أيضًا "لقد كانت ساعة واحدة من المياه تكلفني 2.5 إلى 3 شيكل قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول. [واليوم] تكلفني ما بين 70 إلى 90 شيكل في الساعة".

ويضيف قائلًا "أوضاعنا صعبة للغاية في كل المجالات: الكهرباء والمياه والسكن. الكلام غير مجدٍ... لن نجد طعامًا – لقد قُضي على هذا الموسم الزراعي. ولن نجد ما نزرعه في الموسم المقبل".

البيانات: انعدام غير مسبوق في الأمن الغذائي في جميع أنحاء القطاع

استنادًا إلى البيانات التي نشرتها المبادرة العالمية للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي والحالة الإنسانية في 25 يونيو/حزيران 2024، فإن 96 في المائة من سكان قطاع غزة سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2024. وفي ظل الظروف الحالية، يواجه ما يقارب نصف مليون شخص خطر المجاعة. وتعني هذه الإحصائية المذهلة أن واحدًا من كل خمسة أشخاص من سكان غزة يواجه الجوع الحاد، وأن أكثر من 20 في المائة من سكان القطاع يقضون أيامًا وليالٍ كاملة من دون تناول أي طعام.

قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان إنتاج السيد محمد الياطي من الخضراوات، وكذلك إنتاج مزارعين محليين آخرين، يوفر أغذية مغذية لمجتمعاتهم المحلية في غزة. ‎©FAO/Yousef Alrozzi

كما أن كميات المعونة الغذائية الإنسانية الدولية، التي تتكوّن في الغالب من أغذية معلّبة غير قابلة للتلف، لا تكفي بسبب الحصار. وعلاوة على ذلك، ومع أن الأغذية المعلّبة والمغلفة لا غنى عنها وتحافظ على حياة الأشخاص، فإن هذه العناصر لا يمكنها أن تحلّ محلّ الأغذية المغذية الطازجة مثل الحليب واللحوم الحمراء والخضروات.

وإدراكًا لهذه الفجوة التغذوية، تعمل المنظمة، بدعم من حكومات إيطاليا وبلجيكا والنرويج، على توفير علف الشعير في غزة لحماية ما تبقى من حيوانات وزيادة إنتاج الحليب من المجترات الصغيرة.

فحليب الأغنام والماعز مفيد بشكل خاص للأطفال بسبب سهولة هضمه وانخفاض نسبة اللاكتوز فيه ومحتواه التغذوي الغني، بما في ذلك البروتينات العالية الجودة والأحماض الدهنية المفيدة. وتعتبر منتجات الألبان هذه ضرورية لبقاء الأطفال واحتياجاتهم التغذوية.

وتساعد المنظمة المزارعين أيضًا في الحصول على الإمدادات الأساسية مثل مركزات الأعلاف، والأغطية البلاستيكية للدفيئات الزراعية، وخزانات المياه، ولقاحات الحيوانات، والمستلزمات البيطرية، وغيرها من المدخلات الضرورية لاستعادة سُبل عيشهم وضمان الأمن الغذائي.

ومع ذلك، فإن قدرة المنظمة والأمم المتحدة وسائر المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدات المنقذة للحياة لسكان غزة تعتمد على عوامل حاسمة، ألا وهي وقف دائم لإطلاق النار وتأمين الوصول من دون عوائق إلى المعونة الإنسانية.

كما أن الاستثمار الفوري أمر بالغ الأهمية أيضًا من أجل حماية الماشية والمزارع المتبقية ودعم التعافي السريع للبنية التحتية للزراعة والنظام الغذائي، التي تضررت بفعل النزاع.

ورغم كلّ هذه التحديات المتزايدة، يتكيّف السيد محمد مع دفيئاته المتضررة ومع الزراعة في الهواء الطلق. ويقول "كان عليّ أن أزرع الباذنجان في الهواء الطلق بعدما تعذّرت زراعته داخل الدفيئات الزراعية - إذ لا توجد أغلفة ولا أغطية بلاستيكية ولا شيء. وبالطبع، انخفض إنتاجنا بنسبة 50 في المائة".

وقد يبذل سكان غزة كل ما في وسعهم، بالاعتماد على قدرتهم على الصمود، للحصول على الطعام والعمل والبقاء على قيد الحياة، بانتظار انتهاء النزاع لإعادة بناء سُبل عيشهم.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: استجابة المنظمة لتحديات الأمن الغذائي العالمي: في الميدان في غزة

الموقع الإلكتروني: التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي والحالة الإنسانية في قطاع غزة، 25 يونيو/حزيران 2024

نشرة صحفية فيديوية: خطر المجاعة لا يزال قائمًا في غزة

جلسة إحاطة فنية: حماية الحق في الغذاء الكافي وإنقاذ الأرواح في قطاع غزة