Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

نبتة مقدسة تساعد على رسم مستقبل يراعي المناخ في باراغواي


باستخدام معارف الأسلاف وزراعة أشجار يربا ماتي من أجل تسريع وتيرة العمل المناخي

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

منذ زمن طويل وشعب آفا غواراني، وهو أحد الشعوب الأصلية في شرق باراغواي، يدأب على حصاد أوراق أشجار "يربا ماتي" لتحضير المشروب الأثير لديهم الذي يحتوي على الكافيين. ومع ازدياد ندرة أشجار "يربا ماتي" البرية، يعمل هذا المجتمع بمساعدة من منظمة الأغذية والزراعة على غرس أشجار جديدة لدعم البيئة وسبل عيش أفراده. ©FAO/Cristian Palacios

15/02/2024

جيلًا بعد جيل، ظلّ أسلاف السيد Ariel Benitez الذين ينتمون إلى شعب آفا غواراني، وهو أحد الشعوب الأصلية التي تقطن شرق باراغواي، يحصدون الأوراق الخضراء لأشجار "يريا ماتي" لصنع مشروب مُرٍّ ويحتوي على الكافيين، ويحظى بشعبية في أمريكا الجنوبية وخارجها. ولكنّ التغير الذي حدث هو أن الأوراق التي اعتادوا جمعها من البريّة باتت تزداد ندرة ويعزى ذلك جزئيًّا إلى تغير المناخ. ولذلك، أصبح السيد Ariel ورفاقه من أعضاء المجتمع المحلي في كايتيميري سان فرانسيسكو على بُعد 230 كيلومترًا تقريبًا من العاصمة أسونسيون، يغرسون الآن شتلات لزراعة هذا المحصول.

وقد غرسوا أكثر من 500 1 شتلة إلى جانب عدة أنواع من الأشجار المحلية التي تعدُّ مهمة بالنسبة إلى النظام الإيكولوجي المحلي والموارد التقليدية للأغذية والأدوية على حدٍ سواء.

ويعلق السيد Ariel قائلًا: "إنها [أي الأشجار] تتكيّف وتنمو على نحوٍ جيد جدًّا. وبإمكانكم أن تروا أنها في أرض ليست غريبة عليها".

ويندرج كلّ هذا في إطار مشروع "الحد من الفقر وإعادة التحريج والطاقة والتصدي لتغير المناخ - PROEZA"، الذي تنفذه حكومة باراغواي بدعم من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) والصندوق الأخضر للمناخ.

ويسعى المشروع، الذي يهدف إلى احتجاز الكربون، إلى المساعدة على إعادة تشجير المنطقة وتعزيز تغذية مجتمعات الشعوب الأصلية وزيادة دخلها. ويمدّ الأسر باللوازم والآليات والمساعدة الفنية التي تساعدها على غرس الأشجار والعناية بالمحاصيل.

ويشرح السيد Ariel قيمة هذه النبتة بالنسبة إليه وإلى مجتمعه المحلي الذي يضم نحو 25 أسرة، فيقول: "تُعدُّ يربا ماتي نبتة مقدسة نستخدمها لاستهلاكنا الخاص وللعلاج الطبيعي. وهي حاضرة دومًا في الطقوس الدينية".

والسيد Ariel، الذي هو حاليًا قائد مجتمعه المحلي، كان لا يزال رضيعًا عندما استقرّت أسرته في قلب 600 هكتار من الغابات والمناطق التي تتسم بوفرة أشجار الماتي (yerbales) في مقاطعة كابيباري في إقليم سان بيدرو.

وظل المجتمع المحلي منذ أمدٍ بعيد يُعيد تطبيق الأساليب التي مارسها أسلافه من شعب آفا غواراني الأصلي قبل وصول الإسبان إلى البلاد. وتتسم هذه الأساليب، التي تستخدم المعارف بشأن الدورات القمرية لتحديد مواعيد التقليم والحصاد والطرق الطبيعية لمكافحة الآفات والأمراض وصون التربة، بكونها موثوقة ومراعية للبيئة على حدٍ سواء.

وستصبح شتلات يربا ماتي التي تمّ غرسها في مايو/ أيار 2022 جاهزة للحصاد بدءًا من السنة الرابعة بعد غرسها. وحينما تصل إلى هذه المرحلة، سيكون أمامها أكثر من 60 عامًا من الإنتاجية استنادًا إلى تجارب سابقة في أماكن أخرى في البلاد. ويبلغ متوسط الإنتاجية للهكتار الواحد في باراغواي 000 5 كيلوغرام/ هكتار، ما يحقق دخلًا إجماليًا يبلغ في
المتوسط 110 1 دولارات أمريكية من الهكتار الواحد سنويًّا، وهو مبلغ مهم بالنسبة إلى أسرة عادية في هذا المجتمع المحلي.

ومن المهمّ أيضًا ملاحظة أن أشجار يربا ماتي، التي تزرع بالقرب من أشجار أخرى وتحت ظلها، تُعتبر موردًا قيّمًا للحفاظ على الغابات المحلية. 

توفر الغابات للمجتمع الأصلي الأغذية والأدوية وسبل العيش. ولكنّ ظاهرة تغير المناخ والأنشطة البشرية تعرضان هذه الغابات للخطر. ويسعى مشروع "الحد من الفقر وإعادة التحريج والطاقة والتصدي لتغير المناخ" إلى إعادة تشجير هذه المنطقة وتنفيذ أنشطة حرجية مستدامة لزيادة مداخيل الأسر. ©FAO/Cristian Palacios

متجر الطبيعة

في البلدان التي تتأثر بثقافة شعب غواراني، كما في باراغواي، يشكل شرب منقوع يربا ماتي في الماء الساخن أو البارد جزءًا من الحياة اليومية. وتُصدَّر هذه النبتة، واسمها العلمي Ilex paraguariensis، بوتيرة متزايدة إلى بلدان العالم حيث تباع غالبًا كشاي يحفز الطاقة.

ولكنها أبعد ما تكون عن كونها المورد الوحيد في مجتمع السيد Ariel. ووفقًا للسيدة Treli Gabriela Fernández، وهي شريكة السيد Ariel، "الغابة هي متجرنا. ففيها كل ما نحتاج إليه من أدوية وأغذية وحيوانات برية وفاكهة". وتضيف بالقول إنّ لديهما عزمًا كبيرًا على حماية ما تبقى من الغابة وتعزيزه عن طريق الممارسات التقليدية المتوارثة عبر الأجيال، والتي سيعلمانها لأطفالهما الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات واثنتا عشرة سنة.

وتواصل السيدة Treli، فتقول: "حاليَّا، قد تكون الحرارة والرياح شديدتين للغاية، ولكننا لا نشعر بهما كثيرًا لأن قطعة صغيرة من الغابة لا تزال موجودة. لكننا نشعر بالأسف بسبب تغير المناخ لأن الأشجار بدأت بالزوال".

ويقدم مشروع "الحد من الفقر وإعادة التحريج والطاقة والتصدي لتغير المناخ" فوائد بيئية واقتصادية وثقافية متعددة للشعوب الأصلية وللطبيعة، تتراوح من فرص تحقيق الدخل والحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى إعادة إحياء الغابات وتعزيز الممارسات الروحية.

يقوم المشروع على المعارف والتقنيات التي توارثها شعب آفا غواراني، وهو أحد الشعوب الأصلية، لحصاد المحاصيل بطريقة مستدامة وسليمة بيئيًّا من شأنها حماية الغابة وسكانها في المستقبل. ©FAO/Cristian Palacios

وفي مجتمع آفا غواراني الذي يقطن في كاتيميري سان فرانسيسكو، يتشارك الأفراد نساءً ورجالًا المهام الزراعية. ويقولون إنّ أصعب الأوقات بالنسبة إليهم هي تلك التي يكون فيها إنتاج الأغذية غير كافٍ في بعض دورات السنة أو بسبب تأثيرات الطقس. وتلبية لهذه الحاجة، يعمل مشروع "الحد من الفقر وإعادة التحريج والطاقة والتصدي لتغير المناخ" أيضًا على تعزيز إنتاج الأغذية مثل الفاصولياء والذرة والبطيخ والشمام والكسافا لأغراض الاستهلاك وتحقيق الدخل للأسر.

ولا يزال ينبغي عمل الكثير لتوسيع رقعة الغطاء الحرجي، بما في ذلك تعزيز إنفاذ التشريعات البيئية، ولكنّ المجتمعات المحلية بدأت تلمس أثرًا إيجابيًّا بفضل المشروع.

ويظهر من نجاح مجتمع الشعب الأصلي في كاتيميري سان فرانسيسكو وجهوده الجارية لصون نبتة يربا ماتي كيف أن الزراعة، إلى جانب المعارف المتوارثة، يمكن أن تسير جنبًا إلى جنب مع الطبيعة لشق الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة ومراعاة للبيئة.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الأخضر للمناخ

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: باراغواي