Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

جنود مسالمون يقاتلون أكوامًا من المُخلّفات الضارة


استخدام مُبتكر لذبابة الجندي الأسود الآكلة للقمامة يكافح مشكلة المخلّفات العضوية في كوت ديفوار

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

دَعَمَ برنامج ELEVATE وهو كناية عن حاضنة تابع لمنظمة الأغذية والزراعة، مشروعًا يستغلّ قدرة ذبابة الجندي الأسود على التهام المخلّفات العضوية، وهو ما يساعد في مكافحة هذه المشكلة المتفاقمة التي تعاني منها أبيدجان ويوفّر نموذجًا يمكن أن تحتذي به مدن أخرى. © FAO/Zinyange Auntony

10/06/2024

واجهت مدينة أبيدجان، عاصمة كوت ديفوار الصاخبة، ظروفًا عصيبة في مطلع عام 2023. وكانت المدينة التي يقطنها ستة ملايين شخص والتي ينمو عدد سكانها بمقدار 000 187 نسمة سنويًا، تنتج كمّيات هائلة من المخلّفات العضوية التي تصل إلى 500 2 طن يوميًا. وتعمل الجهات المسؤولة في المدينة جاهدةً على حلّ مشكلة المخلّفات المتفاقمة.

وكانت هذه المشكلة واضحة للعيان، إذ تتراكم خارج أسواق المدينة أكوام شاهقة من بقايا الأناناس، وقشور البطيخ، والطماطم المُتعفّنة، وقشور الموز، وأوراق الخسّ النتنة، وتُترك لتتحلّل تحت أشعة الشمس، بحيث تنبعث منها روائح كريهة تجذب القوارض.

وأفادت السيدة Isabel Albinelli، وهي متخصصة في الاقتصاد الأحيائي في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) قائلةً إن "سلطات المدينة تواصلت معنا، ولاحظنا وجود فرصة مهمة لاستخدام المخلّفات العضوية استخدامًا مفيدًا."

فبينما كانت المدينة تتخبّط في مشكلة المخلّفات العضوية، كان المزارعون في المناطق الحضرية وشبه الحضرية يعتمدون على الأسمدة المستوردة التي كانت تزداد كلفتها شهريًا، وهو ما أدّى إلى ارتفاع أسعار الأغذية. وكانت مهمّتنا تتمثّل في التخفيف من النفايات الغذائية وتعزيز قدرة القطاع الزراعي المحلي على الصمود.

كان الحلّ مشروع عرضته المنظمة وأطلقت عليه اسم الاقتصاد الأحيائي الدائري في أبيدجان: من المخلّفات الغذائية إلى المائدة أو مشروع BioDAF. ولم يسْعَ هذا المشروع إلى مكافحة هذه المشكلة في محافظة أبيدجان فحسب، إنما قدّم نموذجًا للمدن الأخرى التي تعاني من مشاكل مماثلة في إدارة النفايات والأمن الغذائي والتمكين الاقتصادي.

وكان الحلّ الأساسي يكمن في حشرة ليست صغيرة جدًا تُدعى Hermetia illucens أو ذبابة الجندي الأسود. وتُشبه هذه المخلوقات المُنتشرة بكثافة في النصف الغربي من الكرة الأرضية الدبابير أكثر مما تشبه الذباب. وهي تُصدر طنينًا عاليًا عندما تطير في الجو، وتقرّ السيدة Isabel Albinelli بأن طنينها "قد يبدو مقلقًا إلى حدّ ما". لكنّ هذه المخلوقات في الواقع غير ضارة، وهي تبيض آلاف البيض وتستهلك يرقاتها كمّيات هائلة من المخلّفات العضوية.

وتكمن الفكرة في جعل هذا الذباب يتزاوج وفي إعطاء نسله أطنانًا من النفايات ليقتات منها، ثم تُجفّف اليرقات لاستخدامها إمّا كعلف للمواشي أو كغذاء على شكل مسحوق لمزارع الأسماك. وحاز هذا المشروع على منحة من برنامج حاضنة ELEVATE لريادة الأعمال التابع للمنظمة. ويموّل هذا البرنامج المشاريع المبتكرة التي توفّر حلولًا عملية للتحديات الزراعية الحرجة.

وباشر المشروع بدايةً عقد سلسلة من حلقات العمل الأوليّة التي خُصصت لتوضيح أفكار فريق مشروع BioDAF. وتقول السيدة Isabel Albinelli إن فريق برنامج ELEVATE "ساعدنا في طرح أفكار خلّاقة وفي إنجاح مشروعنا. فقد كان حاضرًا من أجل طرح حلول لتلك التحديات الناشئة لم نكن لنفكّر فيها."

وجهّز مشروع BioDAF ما أسماه "أكواخ الحب" لتمكين ذباب الجندي الأسود من التكاثر. وتقوم اليرقات الناشئة من بعدها بالتهام المخلّفات العضوية. وبعد ذلك تُجفف اليرقات وتُستخدم كعلف للمواشي أو كغذاء لمزارع الأسماك. © FAO/Isabel Albinelli

إن عملية تمكين ذباب الجندي الأسود من التزاوج ليست بالمهمة السهلة. وقد تعيّن على المشروع بداية تجهيز "أكواخ الحب" لتزاوج الذباب. لذا أُنشئت حظيرة تساوي مساحتها مرآب سيارة واحدة تحتوي على الكثير من النباتات والأنسجة المبللة بالمياه لتمكين الذباب من الشرب. ووُضعت أيضًا قطعٌ صغيرةٌ من الخشب حيث يمكن للذباب وضع بيضه بمئات الآلاف.

وتتأمّل السيدة Isabel Albinelli قائلةً "غريبٌ أن نعمل مع تلك الحشرات الصغيرة وأن نُفكّر في قدرتها على تحقيق هذا الأثر الرائع بمجرّد قيامها بمهمتها الطبيعية."

وما إن يوضع البيض وتفقس اليرقات، تُنقل إلى أحواض مصنوعة من الإسمنت ومملؤة بالفواكه والخضروات المتعفّنة المطحونة. ولتحقيق أكبر قدر ممكن من الفعالية، يجب سحق جحافل اليرقات يدويًا في القمامة العضوية. ومع أن هذه العملية قد لا تكون أكثر الأنشطة استحسانًا في العالم، إلا أنّ منافعها من حيث التخفيف من المخلّفات وتوفير الأسمدة تستحق العناء.

وبعد 14 يومًا، تنمو اليرقة ويزداد حجمها 000 10 ضعف حجم البيضة. عندئذ تُفصل اليرقات عن إفرازاتها، التي تُستخدم كأسمدة، وتُجفف ليُعاد استعمال هذه اليرقات المجففة كعلف للحيوانات. 

أصبحت إدارة النفايات تمثّل مصدر قلق متزايد في معظم المدن الكُبرى خاصةً مع انتقال المزيد من السكان للعيش في المدن. وتساعد مثل هذه الحلول المبتكرة في التصدّي لهذه التحديات المستجدّة. © FAO/Max Roland

وعمل فريق المنظمة في كوت ديفوار مع المسؤولين الحكوميين، ومعهد الاقتصاد الدائري في أبيدجان، وشركة BioANI الناشئة المحلية، على تدريب المزارعين المحليين، ولا سيّما النساء، على كيفية تجميع الذباب وإنتاج الأسمدة والأعلاف. وكان فريق المنظمة شديد القلق بشأن ما إذا كان المزارعون المحليون سيتقبّلون فكرة إطعام حيواناتهم من يرقات ذباب الجندي الأسود الميتة أو استخدام مخلّفاتها كأسمدة. وقالت السيدة Isabel Albinelli "إنّنا كنّا نتوقّع أن يرفض المزارعون هذه الفكرة، لأن تلك الأسمدة العضوية هي في الواقع براز بعض اليرقات التي تقتات من المخلّفات. لكنّ هذه الأسمدة فعّالة للغاية وزهيدة الثمن ومتوفّرة محلّيًا، وهو ما شجّع المزارعون على شرائها أكثر فأكثر.

وفي الواقع حقّق هذا المشروع نجاحًا باهرًا، لدرجة أنه لم يستطع تلبية الطلب المحلي، ولسبب وجيه. فقد بيعت اليرقات والأسمدة العضوية بحوالي نصف سعر الأسمدة المستوردة وضَاهتها فعاليةً. لذا يسعى المشروع هذا العام إلى توسيع نطاق أنشطته إلى عدد من الأسواق الأخرى في منطقة أبيدجان.

وعلاوة على ذلك، يأمل المشروع بتزويد سلاسل قيمة السمك البلطي بالطعام، فضلًا عن إنتاج أعلاف الحيوانات والأسمدة. وتستهلك كوت ديفوار كمّيات كبيرة من تلك الأسماك، وقد أبدت رغبتها في استعمال يرقات ذباب الجندي الأسود كغذاء لتلك الأسماك نظرًا إلى كلفة أطعمتها الباهظة.

وأشار السيد Vincent Martin، مدير مكتب الابتكار في المنظمة إلى أن "هذا المشروع يجسّد مزيجًا منقطع النظير من الحلول التي تندرج في صلب الابتكار الزراعي المنشود. فهو يلبي احتياجات فعلية تتمثل في الإدارة المستدامة للنفايات وإنتاج الموارد الزراعية المحلية، وتمكين الاقتصاد. وهذا هو الابتكار الفعلي في هذا المجال."

ويعمل حاليًا برنامج ELEVATE الذي ينفّذه مكتب الابتكار في المنظمة، مع ثمانية مشاريع أخرى من أجل تحفيز الابتكار في السياقات الزراعية.

روابط تتعلق بالموضوع

للاطلاع على المزيد

المطبوع: الاقتصاد الأحيائي الدائري في أبيدجان: من المخلّفات الغذائية إلى المائدة

الموقع الإلكتروني: مكتب الابتكار في منظمة الأغذية والزراعة

الموقع الإلكتروني: الملامح القُطرية: كوت ديفوار