الخسائر على طول الطريق

26/09/2024

إنها صورة مليئة بالتناقضات الصادمة. ففي بعض أنحاء العالم، ثمة شاحنات نقل مبرّدة حديثة تتلألأ كالمرآة ومليئة بالفواكه مركونة في ساحات التحميل في المتاجر الكبيرة. بينما، في أماكن أخرى، يقوم المزارعون الذين يزرعون الحقول على سفوح التلال، بملء السلال بمحاصيلهم وحملها على رؤوسهم لإيصالها إلى الطريق الوحيد المؤدي إلى أقرب محطة تجارية أو سوق.

فعملية النقل، التي تمثل نقطة حاسمة في سلاسل إمداد الخضار والفواكه الطازجة، تساهم بشكل كبير في الفاقد من الأغذية الذي تبلغ نسبته 13 في المائة حول العالم والذي ينشأ بين مرحلتي الحصاد والبيع بالتجزئة. وإذا أردنا مواجهة هذا التحدي، لا بدّ لنا من النظر في نظام النقل بأكمله ووضع نُهج مصمّمة خصيصًا بما يتلاءم مع كل حالة على حدة.

وإليكم أربعة اعتبارات تتعلق بالنقل وحلول يمكن تنفيذها من أجل الحد من الفاقد من الأغذية:

1-    النظر في مرحلة التعبئة وما بعدها

إنّ طريقة تعبئة المحاصيل هي دون شك عنصر هام في الحد من الفاقد من الأغذية. وقد بذلت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) جهودًا عظيمة في تدريب المنتجين على طرق تعبئة أفضل، على سبيل المثال، باستخدام صناديق بلاستيكية صلبة وقابلة لإعادة الاستخدام لتقليل الأضرار الميكانيكية أثناء التكديس والنقل.

ولكن ثمة متطلبات أخرى على القدر نفسه من الأهمية، مثل إدارة درجة الحرارة وتدفق الهواء. فالفترة المثلى لنقل المحاصيل هي خلال الجزء الأدنى حرارة من النهار، باستخدام مركبات لها صندوق مفتوح. كما ينبغي أن تكون محمية من أشعة الشمس والجفاف. وقد موّلت مبادرات المنظمة شراء الأقمشة المشمعة ذات الألوان الفاتحة لتغطية الشاحنات بصورة فضفاضة وحماية المنتجات من العوامل الجوية. كما دعمت المنظمة صناعة صناديق الشاحنات المستخدمة في نظم النقل من أجل تحسين ظروفه.

2-    اقتراح طرق نقل بديلة

في العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، عادةً ما يجري استخدام نظم النقل المصمّمة لنقل الركاب أو العربات والشاحنات الصغيرة من أجل نقل المنتجات الطازجة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعرض المنتجات لدرجات حرارة عالية والإجهاد الحراري وفقدان محتواها من المياه والتلف السريع.

وبالإضافة إلى ذلك، تفرض أنواع التضاريس المختلفة مشاكل شتّى. فعلى سبيل المثال، غالبًا ما تفتقر المناطق الجبلية إلى طرق فرعية من أجل نقل المنتجات. وهذا يعني أن كل شيء يجب حمله - في العديد من الأماكن على رؤوس الأشخاص أو على ظهور الأحصنة - إلى أقرب طريق رئيسي يمكن منه نقلها إلى السوق.

وتكتسي هذه المسألة أهمية بالغة في البلدان الاستوائية، حيث تكون المناطق المرتفعة مناسبة لإنتاج محاصيل عالية القيمة ومغذية، مثل البروكولي والجزر والفراولة والملفوف الصيني والأعشاب الطازجة. وفي هذه السياقات، تكون نظم النقل البديلة المبتكرة، مثل حبال الانزلاق أو خطوط الترام أو الطرق السلكية، منطقية ومناسبة، ما يسهّل النقل إلى مواقع مثل المحطات التجارية أو الأسواق.

3-    التدريب من أجل تلافي الأخطاء البشرية

يتسم التدريب المناسب بأهمية بالغة لأنّ الخطأ البشري يساهم أيضًا في حدوث أضرار ميكانيكية أثناء تحميل المنتجات الطازجة ونقلها وتفريغها عبر نظم النقل. إذ يمكن أن يتسبب القائمون على مناولة المحاصيل في خسائر كبيرة إذا قاموا بتفريغ صناديق الفواكه برعونة أو كدسوها بشكل غير صحي. وبالنسبة إلى الفواكه سريعة التلف على وجه الخصوص مثل الموز والمانغو، يمكن للكدمات أو الرضوض أو الخدوش أن تجعل المنتج غير قابل للبيع أو حتى للأكل.

وبالإضافة إلى ذلك أسفر عمل المنظمة في الفلبين، على سبيل المثال، عن خفض الفاقد من الأغذية في سلاسل إمداد المنتجات الطازجة بنسبة 38 في المائة من خلال إلغاء مرحلة إعادة التعبئة قبل وصول المنتجات إلى المتاجر الكبيرة في مانيلا.

وتقوم المنظمة بتدريب العاملين في جميع مراحل سلسلة الإمداد على اعتماد ممارسات المناولة الجيدة أثناء تحميل المحاصيل المعبأة وتفريغها، مشدّدة على الفوائد الاقتصادية التي يمكن جنيها.

4-    الشراكات يمكن أن تشكِّل وسيلة أساسية

يمكن للشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تساعد في كثير من الأحيان على توفير حلول للتحديات المرتبطة بعملية النقل. فعلى سبيل المثال، بادرت المنظمة، سعيًا منها إلى تسهيل التجارة عبر الحدود في المحاصيل البستانية العالية القيمة بين جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وتايلند، إلى دعم إنشاء مركز لتعبئة المنتجات الطازجة على أرض تبرعت بها حكومة لاو.

وأدى نجاح التجارة الأولية عبر الحدود إلى إبرام شراكة بين القطاعين العام والخاص بين حكومة لاو وشركة تايلندية من أجل تشغيل مركز التعبئة وسلسلة تبريد لشحن المحاصيل إلى تايلند. ومن المقدّر أنّ نسبة 40 في المائة من غلات المحاصيل الطازجة تفي بمعايير الجودة في سوق التصدير، في حين جرى استهلاك نسبة 60 في المائة المتبقية محليًا، وبالدرجة الأولى من قبل قطاع الضيافة.

وتعمل المنظمة على زيادة تطوير نظم النقل المتسمة بالتنظيم، التي تكتسي أهمية حاسمة في ضمان الكفاءة في نقل المنتجات الطازجة القابلة للتلف من المزارع إلى الأسواق مع أقل قدر من الفاقد من الأغذية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. 

وتشكِّل نظم النقل غير الفعالة عاملًا رئيسيًا يؤدي إلى مستويات غير مقبولة من الفاقد من الأغذية، لا سيما من الأغذية الغنية بالفيتامينات والمغذيات الأخرى. وبالتالي، فإنّ التصدي لهذا التحدي بأسلوب متكامل هو أحد المجالات الحاسمة لعمل المنظمة وشركائها - لما فيه صالح الناس والكوكب.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: المنصة الفنية لقياس الفاقد والمهدر من الأغذية والحد منهما

قصة: إليكم الخبر: التقليل من الفاقد من الأغذية أسهل ممّا تظنون