الصراع بين جزر مارشال وخنفساء وحيد القرن الآسيوية

21/06/2024

يقف نخيل جوز الهند شامخًا كشعار حيوي للقوت ورمز ثقافي كبير في جزر مارشال، حيث تلتقي مياه المحيط الهادئ الفيروزية النابضة بالحياة بالجزر المرجانية المتناثرة.

ويتكامل نخيل جوز الهند تمامًا مع أسلوب حياة جزر مارشال، الملقب تحببًا بــ" شجرة الحياة "، ويلهم الأساطير ويخدم مجموعة متنوعة من الأغراض العملية.

وتروي إحدى تلك الأساطير قصة شجرة جوز الهند العملاقة التي كانت قد خرجت من قبر زعيم موقّر. ويُقال إن سعفها كانت تمتد نحو السماء في حين أنّ جذورها كانت ضاربة إلى أعماق العالم السُفلي، لترمز إلى الجسر المقدس بين العالمين الروحي والإنساني.

وتُجسد هذه الرواية العلاقة الروحية العميقة بين شعب جزر مارشال والطبيعة.

وفي الحياة اليومية، يتم استخدام كل جزء من النخيل باحترام شديد: فتُنسج السعف لتُصبح أسقف مصنوعة من القش وحصائر؛ وتتحوّل الجذوع إلى زوارق متينة؛ أما ثمار جوز الهند نفسه فتوفر التغذية الأساسية.

وفي ما عدا تلك الاستخدامات، يرمز النخيل إلى الصمود والاستمرارية، ويُذكّر المجتمع بترابط الحياة.

غير أن خنفساء وحيد القرن الآسيوية (Oryctes rhinoceros) تهدد اليوم ذلك العنصر الأساسي الثقافي والبيئي البالغ الأهمية. وقد انتشرت هذه الآفة، التي يعود موطنها الأصلي إلى البلدان الآسيوية، في أجزاء متنوعة من المحيط الهادئ، حيث تُشكل تهديدًا خطيرًا على الزراعة والنظم الإيكولوجية المحلية.

واستجابت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) عبر تقييم أثر هذه الخنفساء وقيادة التدخلات الاستراتيجية لمكافحة انتشارها. 

ويمكن أن يصل قياس خنفساء وحيد القرن الآسيوية البالغة، التي بالإمكان تمييزها من خلال القرن البارز الذي يستخدمه الذكر في معارك التزاوج، إلى ما بين 35 و50 ملم من حيث الطول.

وفي البدء، تم اكتشاف هذه الآفة قرب مطار أماتا كابوا الدولي، الواقع في الجزء الغربي من رايروك في الجانب الجنوبي من جزيرة ماجورو، عاصمة جزر مارشال. ومن شدّة اعتبار هذا الاكتشاف خطيرًا، قامت حكومة جزر مارشال بإعلان حالة الطوارئ في البلاد بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتتضمن دورة حياة خنفساء وحيد القرن الآسيوي التحوّل الشامل والتطور من البيضة إلى اليرقة والخادرة والخنفساء البالغة. وتضع الإناث البيض في المخلفات العضوية المتحللة كجذوع شجرة جوز الهند وأكوام الأوراق، حيث تتغذى اليرقة – وهي عبارة عن دودة بيضاء بنيّة الرأس – وتكبر، وقد يصل حجمها إلى 60 ملم من حيث الطول.

وقد تمتد هذه المرحلة إلى أشهر عدة بحسب الظروف البيئية، قبل أن تخدر في خلايا ترابية وتخرج كخنفساء بالغة خلال 20 إلى 25 يومًا.

وتُعدّ الخنافس البالغة مُدمرة على وجه الخصوص، حيث تحفر في الأوراق الرمحية غير المفتوحة للنخيل وطلعها، لتتغذى على الأنسجة الأساسية، وتلحق الأضرار بالطلع، فيؤدي ذلك إلى فقدان عناقيد الجوز. وتقلل هذه الأضرار من غلّة جوز الهند، وهي صادرات حيوية بالنسبة إلى الجزر، تُقدّر قيمتها بحوالي 15 مليون دولار أمريكي سنويًا، ينتجها بشكل أساسي صغار المزارعين.

ولأن زراعة جوز الهند تغطي معظم الأراضي على نطاق الجزر – باستثناء الجزر المرجانية الأكثر تحضّرًا – لا يُشكل تفشي الخنفساء مجرد مشكلة زراعية بل إنه أزمة تهدد أساس ثقافة الجزر. 

وبناءً على طلب الحكومة، قادت المنظمة جهود إدارة هذه الآفات ومكافحة انتشارها. وتضمنت هذه المساعي تعقيم الأشجار المصابة وتطبيق حلول الإدارة المتكاملة للآفات، المصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات الفريدة للجزر.

وكان الدكتور شوقي الدبعي، قائد الفريق المعني بالجراد الصحراوي والآفات والأمراض النباتية العابرة للحدود، قد شدّد على الطبيعة الحاسمة لتلك الإجراءات، حيث أفاد: "يهدف الدعم العاجل إلى حماية الموارد الحيوية لجوز الهند ورفاهية المجتمعات المحلية في الجزر وتعزيز استجابة الحكومة لتفشي خنفساء وحيد القرن. "

وتهدف استراتيجية المنظمة الأوسع نطاقًا للإدارة المتكاملة للآفات إلى تخفيف الاعتماد على مبيدات الآفات، التي قد تفاقم مشاكل الآفات وتشكل خطرًا على صحة البيئة والإنسان.

ويوازن هذا النهج بين الآفات وأعدائها الطبيعيين، ويدمج ما بين الاستراتيجيات البيولوجية والفيزيائية والثقافية من أجل زراعة محاصيل سليمة والحدّ من استخدام مبيدات الآفات. ويكمن الهدف في الترويج لنهج النظام الإيكولوجي المستدام، وتشجيع آليات المكافحة الطبيعية للآفات، وتعزيز نمو المحاصيل القادرة على الصمود، وتفادي الأساليب الكيميائية بقدر الإمكان.

وكان السيد ماجد الكعكي، المسؤول الزراعي في المنظمة الذي يعمل في مجال الجراد الصحراوي والآفات والأمراض النباتية العابرة للحدود، قد سلّط الضوء أيضًا على أهمية إنفاذ تدابير الصحة النباتية، والتوعية، والرصد المنتظم للآفات النباتية العابرة للحدود مثل خنفساء وحيد القرن من أجل منع إدخالها. ويتيح الكشف المبكر عن خنفساء وحيد القرن والآفات المماثلة العمل المبكر ويعزز فرص احتوائها أو حتى إمكانية استئصالها.

وكانت الجلسات التدريبية الموجهة إلى المسؤولين الميدانيين والمسؤولين عن وقاية النباتات قد أدّت دورًا حاسمًا بغية تعزيز القدرة المحلية على الإدارة الفعالة لهذه الآفة. وعلاوة على ذلك، تم وضع خطة عمل وطنية لتحسين المراقبة والتنسيق بين أصحاب المصلحة، للوقاية من انتشار الخنفساء في مناطق جديدة والتوعية بشأن الاستراتيجيات الفعالة لإدارة الآفات في جميع الجزر.

وكان الدكتور Hemant Nitturkar، مسؤول المنظمة الزراعي في ساموا، قد شدّد على أهمية زيادة توعية المجتمع المحلي ومشاركته في الوقاية من الآفات العابرة للحدود واحتوائها وإدارتها، إلى جانب الترويج للتكنولوجيات المتاحة والملائمة للسياق.

ونجحت المساعي المنسقة في منع انتشار الآفة خارج ماجورو المرجانية، ممّا يعكس وجود عملية ديناميكية متجذرة في المبادئ الإيكولوجية، تهدف إلى استدامة وظائف النظام الإيكولوجي وصون تراث جزر مارشال و"شجرة الحياة" المحببة لديها. 

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة وإنتاج النباتات ووقايتها

الموقع الإلكتروني: الآفات والأمراض النباتية العابرة للحدود

الموقع الإلكتروني: الإدارة المتكاملة للآفات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية في منظمة الأغذية والزراعة: جزر مارشال