التسبيخ: لنعطي التربة شيئاً في المقابل
تُهدر المحاصيل الناتجة عن 28 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم.
ويكمن أحد أهداف السنة الدولية للتربة في رفع درجة الوعي بشأن أهمية التربة للأمن الغذائي والتغذية. ولكن ما هي التدابير التي يمكن أن نتخذها من أجل حماية تربتنا وضمان مستقبل مفعم بالاستدامة والأمن الغذائي؟
يهدر كل سنة ثلث الأغذية المنتجة. ولا يؤدي ذلك إلى خسائر اقتصادية كبيرة فحسب، بل يعني أيضاً هدر الموارد الطبيعية المستخدمة لزراعة أغذيتنا وتجهيزها وتعبئتها ونقلها وتسويقها، مع ازدياد انبعاثات غازات الدفيئة دون جدوى.
كيف يؤثر هدر الأغذية على التربة والاستدامة؟
تُمارس ضغوط كبيرة على التربة بفعل تزايد عدد السكان في العالم، وازدياد إنتاج الأغذية، والتنافس على موارد الأرض والمياه والآثار الناجمة عن تغيّر المناخ. وينطوي عدم استخدام ما يقارب ثلث الأغذية المنتجة على المستوى العالمي على إساءة استخدام مواردنا الطبيعية بما في ذلك التربة دون أي سبب. ويؤدي تدهور صحة التربة إلى مواصلة استخدام المواد الاصطناعية التي قد تسبب، في حال استخدامها بشكل مفرط، التلوّث وفي نهاية المطاف خسارة التنوّع البيولوجي والأراضي القابلة للزراعة.
وتشير التقديرات إلى أن 28 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم تنتج محاصيل يتم هدرها. وخلال العملية هذه، يُهدر 250 كيلومتراً مكعباً من المياه، في حين تقدّر بصمة الكربون للأغذية التي أُنتجت من غير أن تؤكل
بـ 3.3 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. ومع تدهور 33 في المائة من التربة في العالم، حان الوقت للقضاء على هدر الأغذية والبدء بإعطاء التربة شيئاً في المقابل.
كيف يمكننا أن نحد من الفاقد والمهدر من الأغذية؟
تضطلع كل جهة فاعلة على طول سلسلة الأغذية بدور مهم في الحد من بصمة هدر الأغذية. ويمكن لمنتجي الأغذية أن يستثمروا في تكنولوجيات أفضل للحصاد والتخزين بهدف الحؤول دون فقدان الأغذية. ويمكن لبائعي الأغذية بالتجزئة خفض أسعار الخضراوات ذات الشوائب الشكلية والتبرع للمحتاجين بالمأكولات غير السليمة من حيث الشكل والقابلة للأكل. وأخيراً، يمكن لصانعي السياسات أن يعززوا قدرة المنتجين والبائعين بالتجزئة والمستهلكين على الحد من هدر الأغذية. ويشكّل الاستثمار في التجهيز في مرحلة ما بعد الحصاد، وتنقيح قوانين "التواريخ القصوى للبيع"، وإطلاق حملات توعية لحث المستهلكين على إيلاء اهتمام أكبر لمسألة الهدر، أموراً تتسم بنفس القدر من الأهمية.
ويمثّل الحد من مكبّات النفايات من خلال الاستثمار في تحويل الأغذية المهدرة المناسبة إلى كمر وغاز بيولوجي، أمراً محورياً من أجل تحسين التربة.
ما هو التسبيخ؟ وهل يشكل تسبيخ الأغذية المهدرة المناسبة إجراءً مجديا؟
ربما تتمثل إحدى الطرق الأكثر فعالية لاستخدام الأغذية المهدرة في تكريرها عبر التسبيخ. فعن طريق تحويل المهدر من الأغذية إلى كمر، يمكننا إعادة مغذيات ثمينة إلى التربة بموازاة الحد من الأغذية المهدرة في المنزل وبشكل جماعي، وإعادة استخدامها من خلال مكبّات النفايات. ويتمثّل التسبيخ في عملية التعفّن الطبيعية أو تحلل المادة العضوية على غرار البقايا ومخلفات الحيوانات والنفايات من الأغذية بفعل الكائنات الدقيقة في ظل شروط معيّنة. ويتسم الكمر بالأهمية لأنه يعزز الصحة العامة للتربة وقدرتها على مقاومة الصدمات مثل الجفاف، بما في ذلك التكيّف مع تغيّر المناخ.
ويشكّل الكمر مصدراً غنياً بالمادة العضوية، وهي مادة أساسية لاحتباس الهواء والرطوبة والمغذيات. وتلعب المادة العضوية للتربة دوراً مهماً للحفاظ على خصوبة التربة وبالتالي للإنتاج الزراعي المستدام. وفضلاً عن كون الكمر مصدراً للمغذيات النباتية على غرار النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، فهو يحسّن الخصائص الفيزيائية والكيماوية والبيولوجية للتربة. ومن ضمن مزاياه الخاصة بالتربة ما يلي:
1- تحسين الخصائص الفيزيائية عن طريق:
- تسهيل إدارة المزارع في مجال البذر
- زيادة قدرة التربة على احتجاز الرطوبة
- الحد من مخاطر تآكل التربة
- تنظيم حرارة التربة
- تخفيض مدى تبخر الماء وتعديل مستوى الرطوبة
2- تحسين الخصائص الكيمياوية عن طريق:
- توفير المغذيات الكبيرة على غرار النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم والمغذيات الدقيقة.
- تحسين قدرة التربة على استيعاب الكاتيونات
3- تحسين النشاط البيولوجي عن طريق:
- توفير الكائنات (مثل الباكتيريا والفطريات) التي تحلل المواد المؤذية وتحوّل المواد غير القابلة للتحلل إلى مغذيات للنبات في التربة
- تحسين حالة التربة وإضافة الكربون لصون التنوّع البيولوجي والمجموعات الحيوانية المِجهريّة والعيانية (ديدان الأرض).
وتتجلى هذه المزايا في الحد من المخاطر المرتبطة بزراعة المحاصيل وزيادة الغلات والحد من التعويل على الأسمدة غير العضوية، والكميات التكميلية من المياه، ومبيدات الآفات للمزارعين. ويساعد الكمر التربة، من خلال تعزيزها وإعادة إثرائها، على مقاومة التآكل الناجم عن الرياح والأمطار عبر تمكين المياه من دخول التربة على نحو أفضل، مما يحول دون تحوّل الزخّات إلى فيضانات. ويحد ذلك أيضاً من تآكل التربة. والكمر مجدٍ من الناحية الاقتصادية ويساعد المزارعين على تحسين إنتاجية تربتهم ومداخيلهم.
للجميع دور يؤديه
يشكل التسبيخ أسلوباً بسيطاً، ولكن غالباً ما يتم التغاضي عنه، لمراعاة صحة التربة. ولا شك من أن المزارعين يؤدون دوراً محورياً في حماية التربة، غير أنه بإمكان الجميع المساهمة بأسلوبه الخاص. فأنت أيضاً قد تحدث فارقاً عن طريق تسبيخ مخلفاتك العضوية مضيفاً الكمر إلى الحديقة التي تزرع فيها الفواكه أو الخضراوات، أو إلى النباتات الموجودة في منزلك أو من خلال المساهمة في حدائق الكمر المجاورة لك.
علّم أطفالك بشأن التسبيخ والحد من هدر الأغذية، فصون تربتنا يتطلّب التزام أجيال المستقبل!
المطبوعات
بصمة هدر الأغذية، الآثار على الموارد الطبيعية
شريط مصوّر
الفاو 2013 كيف يتم صنع الكمر واستخدامه