الفاو في سورية

في يوم الشباب الدولي - برنامج نبتة من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة يشجّع الزراعة لكلّ الأعمار

11/08/2022

يصادف يوم 12 آب / أغسطس يوم الشباب الدولي، حيث يحتفل المجتمع الدولي بموضوع العام الحالي: "التضامن بين الأجيال: خلق عالم لكافة الأعمار" احتفاءً بدور الشباب ولإيصال الرسالة إلى المسامع تأكيداً على الحاجة للعمل عبر الأجيال من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والحرص على ألا يتخلف أحد عن الركب.

انطلاقاً من إيمانها الراسخ بدور الشباب السوري في بناء مستقبل القطاع الزراعي في بلدهم، تعمل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لدعم المشاركة الشابة في القطاع الزراعي من خلال برنامجها المتخصّص في ريادة الأعمال الزراعي بعنوان "نبتة". يروّج البرنامج لمفاهيم ريادة الأعمال والابتكار والتحوّل الرقمي للزراعة، كما يدعم الأفراد الطموحين من فئة الشباب لتأسيس أعمالهم الزراعية تحقيقاً للهدف الأكبر للبرنامج وهو تجديد اهتمام الشباب في مجال الزراعة.

عقب انضمامهم لبرنامج "نبتة"، يمرّ المشاركون في ثلاثة مراحل رئيسية، تبدأ بحضورهم ورشات عمل حول توليد الأفكار، ثمّ يتأهل أبرز المتدربين إلى ورشة تطوير الأعمال، حيث تتاح لهم الفرصة لتطوير مقترحاتٍ لأعمالهم. تخضع هذه المقترحات للتقييم من قبل لجنة فنية لاختيار المشاريع الأفضل والتي ستتلقّى منحةً وإرشاداً تقنياً لدعم أصحاب الأعمال لإطلاق مشاريعهم.

تحفيز الحوار عبر الأجيال لتشجيع الممارسات الحديثة

استطاعت المنظمة أن تحثّ أشكالاً متنوعةً من الحوار ما بين فئة الشباب والأجيال الأكبر سناً ذات الخبرة في مجال الزراعة. الشابة رؤى حميد هي خير مثال عن ذلك، فهي المهندسة الزراعية من ريف الحسكة والمستفيدة من منحة نبتة، والتي أخذت زمام المبادرة لتساعد مزارعي قريتها عبر تنظيم ورشات عمل لبناء القدرات. فازت رؤى ذات 27 عاماً، إلى جانب 22 متدرب آخرين في محافظة الحسكة، بمنحة " نبتة" وتلقّت الدعم لتأسيس مشروعٍها الخاص بصناعة الكومبوست، حيث نجحت بمضاعفة إنتاج مشروعها من الكومبوست الجاف وتوسيع مجاله ليشمل صناعة "شاي" الكومبوست السائل.

لم يكن الجيل الأكبر سناً في قرية رؤى متحمساً لاستخدام منتجها لأنه لم يكن مألوفاً لهم، الأمر الذي دفعها إلى استخدام وسيلةٍ غير تقليدية لترويج منتجها، حيث قامت بتنظيم ورشاتٍ أسبوعية لشرح فوائد استخدام الكومبوست في دعم نموّ المزروعات. فأثبتت هذه الورشات نجاحها بعد أن وصل عدد الحضور إلى 25 مزارع، كما أقيمت الورشات في خمس قرى مختلفة حتى الآن.

تشرح رؤى هدفها من تلك الورشات بقولها: "أردت المبادرة بشرح أفضلية هذه الممارسة الزراعية المفيدة لمساعدة المزارعين على تحسين إنتاجهم الغذائي من خلال استخدام سماد الكومبوست العضوي صديق البيئة"، كما وترى أن هذه الورشات هي منصة تبادل للخبرات والأفكار للمزارعين الشباب المتحمسين ليستفيدوا من خبرة الكبار فيما يخصّ أمراض النباتات والتحكم بالآفات، وبالمقابل أن يعرّفوا المزارعين الأكبر سناً على الممارسات الزراعية الحديثة كاستخدام الصواني لإنماء الشتول واستخدام سماد الكومبوست العضوي.

التحوّل الرقميّ للزراعة في سوريا

تلعب التقنيات الرقمية دوراً هاماً في جعل العالم أكثر قرباً من أي وقت مضى، ولهذا فقد سعت منظمة الأغذية والزراعة للاستفادة من الإمكانيات الواسعة للتقنيات الرقمية في مجال الزراعة، وتوسيع برنامج "نبتة" من خلال إجراء تدريب متخصص في مجال الزراعة الرقمية، حيث يهدف التدريب إلى تعريف الشباب من مختلف المجالات بهذا المفهوم الحديث.

وفاز أحد الفرق المشاركة في الدورة الأولى من التدريب بجائزة لقاءَ تصميم أفراده مقترح مشروع حظيرة خراف مؤتمتة بالكامل. تراقب أنظمة هذه الحظيرة وضع الخراف وترعاها منذ ولادتها إلى أن تصبح جاهزةً للاستهلاك، ولاقى هذا المقترح منذ تصميمه اهتماماً من جهاتٍ دوليةٍ رائدةٍ في مجال الأعمال الزراعية.

وأوضحت إسراء جداع، إحدى أعضاء هذا الفريق، أهمية دعم الابتكار في مجال الزراعة لدوره الإيجابيّ والمديد على كافة الأجيال، وتقول: "سيكون لاستخدام الحلول الذكية في مجال الزراعة أثرٌ في تخفيض تكاليف الإنتاج للمزارعين ومربّي المواشي من حيث الوقت والجهد والمال. كما سيشجّع ذلك المزيدَ من الأشخاص لإيجاد حلول مبتكرة في مجال الزراعة".

إمكانيات وفيرة

رصد برنامج "نبتة" نجاحاتٍ ملحوظةً تعبّر عن إمكانيات أصحاب المشاريع ومثابرتهم، ومنها قصة ماهر دلله، النجار البسيط من مدينة الرستن في ريف حمص والذي تلقى الدعمَ من برنامج "نبتة" ليبدأ بتصنيع خلايا النحل. ومع تنامي إنتاج المشروع استفاد ماهر من فرصة قدّمها له أحد التجّار لمقايضة عدد من الخلايا مقابل حصوله على النحل، مما أتاح له تأسيس مشروعه الخاص بتربية النحل إلى جانب ورشة النجارة.

يرى ماهر أن تجربته مع "نبتة" غيّرت من طريقة تفكيره، ويستذكر شعوره في الماضي بالإحباط من قلّة الفرص، شأنه شأن أقرانه. أدرك ماهر منذ تلقّيه تدريب نبتة أن هنالك أملٌ للشباب ليتمكّنوا من التعلم وتحقيق إمكانياتهم، حيث يقول: "كنت خائفاً من الفشل، إلا أن تدريب نبتة ساعدني أن أدرك أن بإمكاني النجاح والمضيّ في طريقي الخاص".

قدّم برنامج " نبتة" حتى اليوم الدعم لأكثر من 100 مشروعٍ بناءً على تقييم لجنة التحكيم، ويستمرّ في تقديم الأمثلة حول الإمكانيات والأفكار التي يقدّمها جيل الشباب لإيجاد حلولٍ للتحديات المستمرّة. تعدّ مشاركة جميع الأجيال فرصةً مثاليةً لتحقيق الفائدة القصوى من إمكانيات الفئات العمريّة كافة، وتساهم اليوم في رسم ملامح مستقبل كوكبنا من خلال اتّباع نهج شاملٍ من شأنه أن يحقّق التضامن بين الأجيال.