الفاو في سورية

النساء الريفيات تعملن على تمكين مجتمعاتهنّ من خلال جلسات رديفة لمدارس المزارعين الحقلية

FAO/Odai Heddawi
21/07/2024

أسفرت الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من أربعة عشر عاماً عن نظم إنتاج هشة وغير مستدامة، ما جعل عملية تحويل الممارسات الزراعية في الجمهورية العربية السورية وتعزيز صمود الأسر الزراعية على المدى الطويل تحدياً لا يستهان به، إلا أن العمل يداً بيد مع المجتمعات النشيطة والمستعدة للعمل وإمدادها بالمعارف اللازمة من شأنه أن يجعل هذا الهدف واقعياً وقابلاً للتحقيق.

شكّلت مجموعة من النساء ضمن أحد هذه المجتمعات في محافظة دير الزور مثالاً يحتذى به في تقوية التماسك المجتمعي وتعزيز المشاركة المجتمعية وسبل العيش في المجتمعات الزراعية من خلال نشر المعلومات والتقنيات العملية والعلمية التي من شأنها تحسين مستويات الإنتاج، والتي تعلّمنها بعد مشاركتهنّ في مدارس المزارعين الحقلية التي تنفذها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في إطار المرحلة الأولى من مشروع بناء الصمود المحلي في سورية بتمويل من المملكة المتحدة.

تعلّمت النساء البالغ عددهنّ خمساً وعشرين إمرأة بعد حضورهنّ مدرسة المزارعين الحقلية في قرية تشرين التابعة لمحافظة دير الزور كيفية إنتاج علف السيلاج الغني بالعناصر المغذية، والسماد العضويّ السائل، إلى جانب كيفية حساب الحاجات الغذائية الضرورية لمواشيهنّ بدقّة. كان لهذه الممارسات الجديدة أثراً إيجابياً فورياً، اندفعت السيدات على إثره لإجراء جلساتهنّ الخاصة على التوازي مع جلسات المدارس الحقلية بهدف تعليم هذه المعارف لجاراتهنّ المربيات.

حقّقت الجلسة الرديفة الأولى نجاحاً باهراً وضمّت اثنتي عشرة سيّدة من المدرسة الحقلية بالإضافة إلى خمسة نساء لم يتمكّن من الانضمام للمدرسة لعدم توفّر أماكن شاغرة، حيث تعمّقت السيدات في منهج المدرسة وتشاركن المعلومات والتجارب العملية بحماسٍ وحيوية.

كان لهذه الجلسات أثراً فورياً، حيث اجتمعت النساء الخمس اللواتي حضرن الجلسة الرديفة بجاراتهنّ المربيات ومنتجات الحليب، ونقلن إليهنّ منهج مدرسة المزارعين الحقلية. وسرعان ما نظّمن جلسة رديفة ثانية استقطبت هذه المرّة خمس عشرة إمرأة من خارج المدرسة الحقلية ممّن دفعهنّ نشاطهنّ لتعلّم هذه المعلومات الجديدة.

تقول منى الحمادة ميسّرة مدرسة المزارعين الحقلية في قرية تشرين: "لقد حقّقت هذه الجلسات الرديفة نقلةً نوعيةً في مجتمعنا، إذ اعتمدت المربيات منهجية مدرسة المزارعين الحقلية وبدأن بتمكين بعضهنّ البعض من خلال اعتماد هذه الممارسات الزراعية الجديدة والمفيدة".

بيّن نجاح الجلسات الرديفة مدى تأثير عامل التعلّم من مزارع إلى مزارع والذي يمكن تحقيقه عند مشاركة المعلومات بحرّية ونشاط. يأتي هذا النجاح كدليل على قدرة منهجية مدارس المزارعين الحقلية في تحويل الممارسات الزراعية من خلال رعاية ثقافة التعاون والتشارك في المعرفة، حيث تمكّنت المدرسة الحقلية في قرية تشرين من تمكين المربّين المحلّيين على صعيد الفرد، كما تمكّنت سيّدات المجتمع المحليّ من تطوير ممارساتهنّ الزراعية والارتقاء بقريتهنّ، فضلاً عن إلهام غيرهنّ لاعتمد ممارسات زراعية مفيدة ومستدامة وذكية مناخياً.

تعتبر مدرسة المزارعين الحقلية في قرية تشرين واحدة من المدارس الحقلية التي تنفّذها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والبالغ عددها 390 مدرسة، والتي تساهم في نشر الممارسات الزراعية الجيدة والذكية مناخياً في خمس محافظات سورية وهي: حلب ودير الزور وحماة وحمص وريف دمشق. تستهدف هذه المدارس الحقلية أكثر من 9 آلاف مزارع لدعم قدرتهم على الإنتاج والصمود ومعرفتهم بأفضل الممارسات الزراعية المراعية للمناخ.