الشراكة العالمية من أجل التربة

الأيدي التي تُداوي تربتنا. يقوم برنامج أطباء التربة العالمي التابع لمنظمة الأغذية والزراعة بتلقين العلاجات اللازمة لإعادة إحياء التربة والإنتاج الزراعي

التربة هي المكان الذي يبدأ فيه مسار أغذيتنا. ومن دون تربة سليمة، تستحيل تقريبًا زراعة منتجات غذائية مغذّية. ويمكن أن تتسبّب مشاكل، مثل تآكل التربة، بخسائر قد تصل إلى 50 في المائة من غلّات المحاصيل، ممّا يؤثر على سُبل عيش المزارعين وبيئتنا والزراعة والأغذية. كما أن سلامة التربة تؤثر علينا جميعًا.

ويواجه المزارعون في جميع أنحاء العالم تحديات مختلفة. ومن بين هذه التحديات سوء استخدام الأسمدة ومبيدات الآفات ونقص المعرفة بأوضاع التربة

29/04/2024

الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، بتهيئة مجموعة من "أطباء التربة"، المتعلمين والمدربين لدعم المزارعين في ممارسات الإدارة المستدامة للتربة. ويوفّر هذا البرنامج، وهو مبادرة رئيسية للشراكة العالمية من أجل التربة، قدرًا كبيرًا من الموارد التعليمية لدعم الأطباء والمزارعين لكي يعلّموا ويتعلّموا من بعضهم البعض.

وترد في ما يلي أربعة بلدان يقوم فيها أطباء التربة الذين درّبتهم المنظمة بمداواة المزارع وتحسين ممارسات إدارة التربة:

طاجيكستان

إنّ الأراضي الصالحة للزراعة في طاجيكستان نادرة ولا تتجاوز نسبة سبعة في المائة. وحتى في الأراضي الصالحة للزراعة، تفرض مشاكل مثل تآكل التربة وتدهور الأراضي تهديدات للزراعة المستدامة. وللتخفيف من حدة هذه المشاكل، نفّذت البلاد برنامج أطباء التربة العالمي في منطقتين معرضتين لفقدان الخصوبة. ويقوم البرنامج بتدريب المزارعين الرائدين ومنحهم شهادات باعتبارهم "أطباء" لكي يساعدوا بدورهم المزارعين الآخرين في مجتمعاتهم المحلية على إدارة التربة بشكل مستدام.

وفي الدورة التدريبية، تعلّم أطباء التربة كيفية إجراء عمليات التقييم الميدانية واتخاذ قرارات مستنيرة لمعالجة مختلف مشاكل التربة. وباستخدام مجموعات الأدوات التعليمية لاختبار التربة - وهي أدوات لتقييم أوضاع التربة - التي وزّعها البرنامج، تمكّن المتدربون من معالجة مشاكل خصوبة التربة وتحسين سلامة التربة.

والسيدة Davlatova Farishta هي إحدى أطباء التربة المعتمدين. وبحسب ما تذكر، فإن الصعوبات الرئيسية التي يواجهها المزارعون في منطقتها هي تأخّر الحصول على الأسمدة وارتفاع كلفتها.

وتوضح قائلة "يعلّم برنامج أطباء التربة العالمي المزارعين الطرق الأخرى المتاحة لتغذية النباتات من دون الاعتماد على الأسمدة وحسب".

ومن خلال التعليم والأدوات التي يوفرها البرنامج، تساعد السيدة Davlatova الآن المزارعين الآخرين على تشخيص تربتهم بصريًا وتعلّم كيفية تطبيق التناوب في المحاصيل مع أنواع البقوليات واستخدام مخلّفات النباتات لزيادة المادة العضوية في التربة عوضًا عن استخدام الأسمدة الاصطناعية فقط.

جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية

في محاولة لمعالجة مسألة عدم خصوبة التربة - وهي مصدر قلق رئيسي في مقاطعة سافانخت في جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية - قدّمت المنظمة تدريبًا على تحسين المادة العضوية في التربة، وفهم درجة حموضة التربة، والتعرّف إلى وجود الرماد البركاني، وهي عوامل حاسمة تؤثر على إمدادات المغذيات في النباتات. كما أنّ اكتساب هذه المعارف يعني أنّه بإمكان المزارعين تشخيص مشاكل التربة في أراضيهم ومعالجتها بشكل صحيح.

ويستخدم طبيب التربة السيد Sisavath Keochaleunsouk، نظام تعاقب المحاصيل في مزرعته لإنتاج المحاصيل على مدار السنة. ويقول "نقوم بزراعة البطيخ في الموسم الجاف والأرزّ في موسم الأمطار. وأصبحنا ندرك الآن أنّنا بحاجة إلى ممارسة التعاقب في محاصيلنا لأنّ تربتنا القديمة تفقد إنتاجيتها مع مرور الوقت." ومن خلال المعارف والمهارات المكتسبة من الدورة التدريبية، يتعلّم الآن كيفية تحسين توافر المغذيات في التربة على نحو أفضل. وبالإضافة إلى البطيح، سوف يضيف من الآن فصاعدًا أنواعًا أخرى من المحاصيل وسوف يستخدم الأسمدة العضوية.

وهناك مائة طبيب للتربة تلقوا التدريب بالفعل ويشاركون الآن معارفهم، ومن المتوقع أن يستفيد من البرنامج في جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية 000 1 مزارع في 50 قرية إضافية.

المكسيك

في كزوشيملكو في المكسيك، شهد المزارعون تدهورًا تدريجيًا للتربة. وعندما يتمّ ري التربة بمياه الصرف الصحي، يعني ذلك تراكم الأملاح في التربة وتدهور تركيبتها. ويؤدي هذا إلى جعل الأراضي غير خصبة وإلى إلحاق الضرر بسبل العيش.

وقد شارك السيد Macrina والسيدة Lourdes Dehesa في برنامج أطباء التربة العالمي لفهم هذه المشاكل الأساسية. ومن خلال الخبرة العملية في هذا المجال المصحوبة بمجموعات الأدوات التعليمية عن التربة، قام السيد Macrina والسيدة Lourdes بتدريب 45 مزارعًا للتعرّف على ملوحة التربة التي يتسبب بها استخدام مياه الصرف في المدن. وقام أربع وعشرون من المزارعين الذين استفادوا من التدريب بتطبيق ممارسات إدارة ملوحة التربة المكتسبة خلال الدورات العملية لأطباء التربة في كزوشيملكو. وقد سمحت هذه الممارسات، على غرار ترشيح مياه المدن قبل الريّ، وتنظيم رطوبة التربة، واستخدام السماد العضوي، بتحسين درجة حموضة التربة، ما أفضى إلى تحسين نمو المحاصيل.

وبات الآن بإمكان هؤلاء المزارعين إنتاج كمية أكبر من الخضروات والمشروبات العشبية والذرة لبيعها إلى السياح، ما يعزز بالتالي سبل عيشهم. والعمل جارٍ حاليًا على نشر البرنامج في مختلف أرجاء البلاد، بفضل تدريب أكثر من 800 من أطباء التربة والدعم المتواصل من جانب الحكومة.

توغو

في توغو، ومنذ فترة طويلة، كانت طريقة غير مستدامة للزراعة تنطوي على حرق المناطق الحرجية وإزالتها من أجل زراعة المحاصيل بشكل مستمر، ممّا يؤدي في النهاية إلى انخفاض إنتاجية التربة مع مرور الوقت وارتفاع معدلات تدهور الأراضي. ولا يضرّ هذا بالبيئة فحسب، بل يؤثّر أيضًا على الكربون العضوي في التربة الذي يؤدي دورًا حاسمًا في قدرة التربة على الحفاظ على نمو النباتات.

وعندما التحق السيد Anaming Essoyéké ببرنامج أطباء التربة العالمي، تعلّم هو وغيره من المزارعين في مجتمعه المحلي في توغو كيفية تقييم تربتهم وإدارتها بشكل أفضل. وقام خبراء التربة في البرنامج بتعليمهم كيفية الحفاظ على المواد العضوية في التربة.

وتُعدّ مراقبة الجذور وتقييم نسيج التربة من الطرق المهمة الأخرى لكي يراقب المزارعون تركيبة التربة وتوافر المغذيات واحتجاز المياه فيها. وتسمح هذه الممارسات المستدامة للتربة بأن تكون منتجة لفترة أطول، ولم يعد المزارعون مضطرين إلى اللجوء إلى حرق الغابات.

وعلى مستوى العالم، ينشط برنامج أطباء التربة العالمي في 21 بلدًا، ويوجد حاليًا 832 1 طبيبًا للتربة، وما زال هذا العدد في ازدياد. وقد وصل هؤلاء الأطباء إلى ما يقدّر بحوالي 545 11 مزارعًا إضافيًا ومكّنوا المزارعين من الحفاظ على التربة واستخدام أساليب الزراعة المستدامة.

ومن خلال نشر الدراية لمعالجة التهديدات المحدقة بالتربة والحفاظ على الأراضي الزراعية، يعمل هذا البرنامج على مداواة التربة، طبيبًا تلو الآخر.

للمزيد من المعلومات